إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ماذا تريدون من الجيش؟ ماذا تريدون من الدولة؟

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2014-09-01

إقرأ ايضاً


تتكرر التصريحات عينها، وبيانات الاستنكار نفسها، حين ترتفع وتيرة الأحداث الأمنية على الساحة اللبنانية. وتعود إلى الواجهة الأوراق الصفراء لمشاريع دعم الجيش. هذه المشاريع والخطط تخرج من الأدراج، وكأنها السحر الساحر لتغيّير الواقع، ثم تعود إلى الأدراج ثانية عند إنتاج تسوية ما على حدث ما. ويبقى الجيش على ما هو فقيراً في العديد، مجرداً من السلاح الفعّال، مكشوفاً من دون غطاء سياسي، مرمياً على مذبح النقد والتشكيك.

باختصار، لأن جماعة شعار «العبور إلى الدولة»، مرتبطة بمشروع «الخروج من الدولة» تنفيذاً لرغبات أسيادها بتعميم الفوضى البناءة، بل هي أدوات هذا المشروع واقعياً وعملياً، وشعارها المرفوع ليس أكثر من تضليل إعلامي، وخداع ديماغوجي يُمارس بأعلى مهنية وأدق تزييف ممكن. هؤلاء لا يحملون إلا رغباتهم الذاتية ولو على أنقاض ما تبقى من مؤسسات الدولة. إنهم يجترون حقدهم الدفين على المؤسسة الضامنة لبقاء الوطن واستمراره. هم أو لا أحد، دولتهم العنصرية الشوفينية المتعددة المافيات أو لا دولة.

هؤلاء يعارضون زيادة عديد الجيش بحجتين واهيتين، الأولى تتعلق بالاقتصاد الوطني وكأن الاقتصاد الوطني يتوقف على زيادة عدة مئات أو ربما الآلاف في الجيش، هذه الزيادة التي لا تتعدى مجموع القائمين على حراساتهم الشخصية أو عديد إحدى «شركاتهم الأمنية» أو سكك التهريب، وتجارة الممنوعات وتبييض الأموال التي يملكونها. وكأن الاستثمار في الأمن ليس استثماراً في الاقتصاد. أما الحجة الأخرى التي يسوقونها وتتعلق بالمعايير الدولية للنسب المعتمدة لعديد الجيوش إلى عدد السكان. وهذه المقولة لا أساس لها من الصحة، بل هي إملاءات البنك الدولي المعروف بأنه أحد أدوات السيطرة والهيمنة الأميركية.

هؤلاء يعارضون تسليح الجيش، تحت ذريعة أن اقتصاد الدولة لا يتحمل هذا المجهود المالي. طبعاً، هذه الذريعة سقطت من خلال «المكرمة» السعودية السخية والبالغة أربعة مليارات دولار. هذه المكرمة التي أعطيت في قسمها الأول ثمناً للموقف الفرنسي، وإغراء للتمديد في رئاسة الجمهورية، أما في قسمها الثاني ثمناً للتستر على فضيحة أمنية طاولت ابن أحد القيادات في المملكة. ومع ذلك نقول إنها مكرمة سياسية لن يستفيد منها الجيش بشكل علمي وعملي.

ولكن على هؤلاء الإجابة لماذا تُرفض العروض الإيرانية لتسليح الجيش، مع أنها غير مكلفة لخزينة الدولة؟ ولماذا تُرفض الهبة الروسية المقدّمة لمصلحة الجيش؟ ولماذا عدّلت الهبة البلجيكية في الماضي من أسلحة مقبولة مبدئياً إلى أسلحة قديمة من مخلفات الجيش الأردني والأميركي المعطلة؟ وهل من إجابة لماذا لم تقبل الولايات المتحدة بتسلم الجيش اللبناني للدعم الكويتي من مخلفات الجيش العراقي في الماضي؟ وهل هناك من سبب يمنعنا من الاتجاه نحو مصادر تسليح غير مقيدة لحركة الجيش؟ وأخيراً في هذا السياق، لم نحن ملتزمون بالنصائح التي يقدمها مكتب التنسيق العسكري اللأميركي اللبناني؟ وهل اللأسلحة التي قدمها اللأميركيون أمس هي أسلحة نوعية متطورة كما جاء في بيان السفير الأميركي؟ وهل هي قادرة على مواجهة داعش المدججة بأسلحة أكثر حداثة وأكثر قدرة على التدمير وعلى المناورة؟

نستطيع أن نسوق عشرات الأسئلة من هذا النوع. لكنها صرخات في وادي مقفر. لأن جماعة «العبور إلى الدولة» تستنسخ النهج نفسه في السياسة كما في الأمن كما في الاقتصاد. في الاقتصاد يعطلون مشاريع موازنة الدولة، كي لا تظهر حقائق سرقة 11 مليار دولار التي استخدموها لإعادة إنتاج سلطتهم. وفي السياسة يعطلون إنجاز قانون انتخابي جديد. إنهم جماعة متخصصة في المراوغة للوصول إلى أهداف أسيادها في تعميم الفوضى.

نقول لهؤلاء، إن سيدة نعمتهم في السلطة، أعطت أربيل ما تحتاجه من السلاح والذخيرة من دون مقابل وفي ليلة واحدة. وإنها لن تعطي الجيش إلا خردة الأسلحة والذخيرة المدفوع ثمنها بأضعاف مضاعفة وبالأوقات التي تراها مناسبة لخدمة مصالحها.

يا هؤلاء، أنتم خارج الاهتمام الأميركي، ولستم أصحاب أولوية. لقد سقطتم في الامتحان، لأنكم أضعف من أن يراهن عليكم.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024