إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لو تجرّأتم ولن...

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2016-11-08

إقرأ ايضاً


يطرح تشكيل الحكومة في لبنان تساؤلات جدّية حول الآلية والعوامل المؤثرة في اختيار الوزراء. ليست تلك المستندة إلى الدستور فقط، إنما ما يستند منها إلى الأعراف السائدة، والتي تكون في أحيان كثيرة أقوى من أحكام الدستور نفسه، تحت عناوين برّاقة، مثل العدالة في توزيع المناصب وتوازنها على قاعدة الطوائف والمناطق والقوى، وطبعاً لن أقول الأحزاب، لأنّ الأحزاب بأكثريتها في لبنان تلوين وطني لحالة طائفية بحتة. وأيضاً مثل «عدالة التمثيل»، التي يعتبرها الجميع انعكاساً لحالة هذه الفئة أو تلك شعبياً. كما يحكمها أيضاً حجم الكتل وعدد النواب القادرين على إعطاء الثقة للتشكيلة الحكومية، بالرغم من الشكّ الطبيعي بصحة تمثيل عدد كبير من هؤلاء، لأنهم أتوا على أساس قانون انتخابات أعرج وأعوج مناقض للعدالة وصحة التمثيل.

وربما هناك تساؤل آخر يطرح نفسه، وهو مسألة التمييز بين الوزارات منها السيادية ومنها الخدمية ومنها «وزارات إثبات وجود» لا أكثر ولا أقلّ. في الواقع لا يعلم المواطن العادي ما هي طبيعة الحقيبة السيادية. هل هي مثلاً تؤمّن السيادة للبنان أو تحافظ عليه على أقلّ تقدير؟

لنأخذ مثلاً وزارة الدفاع، وهي من أهمّ الوزارات ومنوطة بها مهمة الدفاع عن الوطن. هل تأخذ هذه الحقيبة قراراتها من دون العودة إلى مجلس الوزراء؟

وكيف مثلاً نسمّي وزارة المال سيادية، وهي محكومة للخارج بدين عام يقارب الثمانين مليار دولار؟

ولمَ لا نسمّي وزارة الصناعة أو الزراعة سيادية، وهما يشكلان مع وزارة الاقتصاد الشق اللوجستي الأساسي في الاستراتيجية الشاملة للحفاظ على السيادة.

انطلاقاً مما تقدّم، نقول إنّ مفهوم السيادة في لبنان يخضع لاعتبارات أخرى. يخضع لمصالح الطوائف، وللاعتبارات الانتخابية والمحسوبيات المترتبة عليها، كما يخضع لمصالح المتنفذين الباحثين عن مصادر القوة والمال في مغاور الوزارات والإدارات المختلفة.

أيها السياسيون: لو تجرأتم وخرجتم من جحوركم الطائفية إلى رحاب الدولة الواسعة، وعملتم للمصلحة العامة خارج القوقعات المسجونين فيها ولحسابها، ولو ابتعدتم عن الخطاب الطائفي الشعبوي الهادف إلى استقطاب العدد الأكبر من طوائفكم، واقتربتم إلى استقطاب العدد الأكبر من مواطنيكم دون الالتفات إلى الطائفة والمنطقة والعشيرة والمصالح الضيّقة.

لو تجرأتم… وأسميتم وزراء أكفاء من خارج منطق «ما يفيدني وما يضرّني» بدلاً مما يفيد الدولة وما يضرّها.

لو تجرأتم… وخرجتم من منطق تنازع الجبنة وتناتش لقمة الخبز إلى منطق كيف نؤمّن رغيف الخبز والأمن الغذائي للناس. وهذا لا يتمّ برفع الدعم عن زراعة القمح وعن الشمندر السكري وباقي الزراعات الاستراتيجية وعن الصناعات المحلية.

لو تجرأتم… لرفضتم إملاءات البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. واتخذتم السيادة الحقيقية في تعاطيكم مع الخارج قاعدة وأساساً، ومصالح بلدكم وناسكم قاعدة وأساساً، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.

لو تجرأتم… لكن ما بُني على باطل سيبقى باطلاً…

لو تجرأتم… ولن تفعلوها.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024