إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القلمون: رسالة إلى من يهمّه الأمر

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2015-05-11

إقرأ ايضاً


استحوذت معركة القلمون إعلامياً على مساحة زمنية فاقت المساحات التي احتلتها معارك أخرى. فمنذ استعاد الجيش السوري يبرود، والكلام لم يتوقف عن إمكان استئناف العمليات العسكرية على هذه الجبهة.

بالطبع، لما لهذه المنطقة من أهمية بالغة على مسار الحرب العام في الشام، والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة التي قد تنتج منها على أكثر من صعيد.

وسط هذا الضجيج الإعلامي، وقرقعة السلاح، هناك من يعمل بصمت بالغ على تحقيق أهداف قد تكون غير منظورة، للجماعات المولجة بالتبويق لمصلحة العصابات المسلحة ومن وراءها. فكلما اقترب الحسم العسكري على هذه الجبهة كلما علت أصوات التابعين للمشروع الأميركي ـ الوهابي ـ الصهيوني.

في الواقع، يمكن تفهّم صراخهم وعويلهم ووجعهم. فهذا الحسم سيأتي على موارد رزقهم ومواقعهم وربما إلى حدّ بعيد على مستقبلهم السياسي. هذا واقع باتوا يدركونه جيداً. فليس هناك من قيمة لأحجار الشطرنج بعد انتهاء اللعبة، كش ملك .

بالمعنى الاستراتيجي، تحمل معركة القلمون أبعاداً متعددة على المستوى الآني والمستوى المتوسط كما على المستوى البعيد بغضّ النظر عن انتهاء الحرب أو استمرارها.

فالحسم في القلمون يؤدّي في حدّه الأدنى إلى إقفال جبهة تستنزف الجيش السوري عدة عتاداً وعديداً، كما تشغل المقاومة اللبنانية في خاصرتها الشمالية الشرقية. وبالتالي سيؤدّي إلى تفرّغ قسم كبير من هذه القوى للتعامل مع الجبهات الأخرى.

والحسم في القلمون سيضع حداً لوجود العصابات المسلحة في جرود عرسال وبريتال، وانتفاء التهديد المباشر لمناطق الهرمل، بعلبك، والبقاعين الأوسط والغربي. ويقيّد حركة الخلايا الموجودة في هذه المناطق بإغلاق ممرات تواصلها مع الداخل السوري.

والحسم في القلمون، يعني سقوط خط التقسيم، شرقاً وغرباً، الممتدّ من البادية، الضمير، الغوطة الشرقية حتى البحر الأبيض المتوسط. كما يسقط خط التواصل بين عصابات الجنوب الموجودة تحت الرعاية «الإسرائيلية» المباشرة وعصابات الشمال الموجودة تحت رعاية الخلافة التركية. هذا القطع سيترجم لاحقاً بتضييق الخناق على هذه العصابات جنوباً وشمالاً وانتهاء أحلام المناطق الآمنة.

الحسم في القلمون، واستطراداً الغوطة الشرقية، يعيد تشكيل منطقة آمنة شاسعة الأطراف، تعيد إلى سورية القدرة على تحريك عجلة الإنتاج الاقتصادي بعيداً من التهديدات اليومية. فسورية على رغم الحرب لمدة أربع سنوات تتمتع بحصانة عالية ضدّ الدين الخارجي. فهي الدولة الوحيدة في العالم العربي التي لم ترزح تحت ضغط الدين العام. وربما تكون هذه النقطة الأخيرة أساسية في أسباب الحرب عليها. فالناهب الأميركي وعبر أدواته الاقتصادية، البنك دولي، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية، يخترق البنى الاقتصادية للدول المستقلة ويجعلها تابعة لسياسته انطلاقاً من الإملاءات التي تجرّ اقتصاديات هذه الدول إلى الهاوية.

لا شك في أنّ النتائج التي ستسفر عن الحسم في القلمون، ستثير القوى المعادية وعلى رأسها الولايات المتحدة و«إسرائيل». من هنا يأتي الحشد الكبير لهذه المعركة والتأني المدروس لنمط الهجوم. وهو في الواقع ليس موجهاً فقط إلى العصابات المسلحة. إنما للقوى المحركة التي تقف خلف هذه العصابات والتي تدعمها مادياً بالعتاد والرجال وتقوم بالنيابة عنها بالحرب النفسية.

العدو «الإسرائيلي» تدخل أكثر من مرة وبشكل علني لدعم «جبهة النصرة»، تماماً كما يفعل الأتراك مع «داعش». إنْ كان بالقصف الجوي أو الدعم المدفعي أو حتى بقوى من الوحدات الخاصة. فهل سيتحرك قبل الإجهاز على هذه العصابات؟ هناك بالفعل أكثر من وجهة نظر استناداً إلى ما يصدر عن هذا العدو من تصريحات وأعمال على الأرض. غير أنّ العجز الأميركي المتراكم منذ الحرب على ليبيا يجعل العدو «الاسرائيلي» يقوم بحسابات مغايرة لما يتمناه البعض على الساحة.

إنّ الجيش والقيادة في سورية والمقاومة في لبنان متحسّبة لهذا الموضوع، وإنها تأخذ في الاعتبار المعطيات المتوافرة، وتعدّ العدة لكلّ احتمال مطروح.

فهل يرتدع الذين يحاولون الاتكال على معجن خالتهم؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024