إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الرفيقان: سمير صيقلي ووليد شفيق عبدالخالق وجانب من العمل الحزبي في الستينات

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2016-01-12

إقرأ ايضاً


عرفتهما طالبين في الصف الرابع تكميلي في مدرسة "التنشئة الوطنية" لصاحبها الرفيق اياد موصلي. كلاهما لفتاني بأخلاقهما، بسوية التزامهما، وبسلوكيتهما. كنت ألتقي بهما من ضمن متابعة الوحدات الحزبية والرفقاء. الى ذلك كنا اعتمدنا في مكتب الشؤون الطلابية تكليف رفيق طالب جامعي بمتابعة العمل الحزبي في ثانوية محددة. ذلك ان الطالب الجامعي أكثر تأثيراً على الطالب الثانوي، من زميله في الصف.

الرفيق جميل عساف (الأمين، عميد المالية لاحقاً) الذي كان مكلّفاً بمدرسة التنشئة، اعتقل بتاريخ 19 نيسان 1967 مع الرفقاء انطون حتّي (الأمين لاحقاً) جان نادر، كمال نادر (الأمين لاحقاً) نقولا نصر(1)، سهيل عبد الملك(2) ومحمد السعدي(3).

في تلك الفترة كان الطالبان سمير صيقلي ووليد عبدالخالق قد تقدما بطلبيّ انتماء، وتمّت الموافقة.

قدرتُ انهما سيتراجعان فور معرفتهما باعتقال الرفيق جميل عساف والرفقاء الطلبة، فهما في عمر السادسة عشرة ولا بد أن يؤثر ذلك على نفسيتهما. فما حصل هو العكس، فقد اتصل بي الطالبان سمير ووليد فور معرفتهما بالإعتقالات التي شملت عدداً من الرفقاء الطلبة مبديان رغبتهما في أداء القسم. وتمّ ذلك في شقة في منطقة الأرلكان (القنطاري) يقيم فيها رفيقان نشطا حزبياً في تلك الفترة. توجهتُ اليها مع عضو مكتب الشؤون الطلابية الرفيق بهيج أبو غانم (الأمين لاحقاً، عضو المجلس الأعلى). تحدثت اليهما عن معنى الانتماء، عن الصعوبات التي ستعترضهما. وشرحت لهما ما كان وصلنا عن تعرّض الرفقاء الذين اعتقلوا الى "حسن ضيافة" في ثكنة الامير بشير.

أصـرّا أكثـر. فأقســـما.

بعد أيام وتحديداً في 25 نيسان 1967 اعتقل الامين عبدالله محسن، اعتقلتُ، واعتقل الرفقاء بهيج أبو غانم، غانم خنيصر، منذ ذلك الحين استمرت علاقتي وطيدة، ثابتة بالرفيقين سمير ووليد، حتى عندما انتقلا الى الجامعة فمغادرتهما الوطن الى ولاية "نورث كارولينا" حيث ما زالا مقيمان.

من بين مآثر العمل الحزبي في الستينات انه أمكن للرفيق سمير أن يصل مع والده سامي صيقلي، صاحب "معهد لبنان"(4)، الى تأمين شهادات بالمحاسبة معترف بها لقاء مبلغ مالي (300 ل.ل) تسدد للجهة (الجهات) في الوزارة المعنية بغية الحصول على التواقيع الرسمية. كثيرون من الرفقاء الذين تابعوا دروس المحاسبة في سجن القلعة على يد رفقاء مختصين، أمكنهم التوظف بفضل هذه الشهادات بعد خروجهم من الأسر.

*

عرفتُ في الأشرفية رفيقاً من الجنوب السوري كان يشعّ مناقبية ووعياً والتزاماً وسلوكية: الرفيق جان خوري. كان يتولى دائماً مسؤوليات محلية في تلك المنطقة من بيروت التي كانت تضم في السبعينات 5-6 مديريات ومئات الرفقاء.

كانت علاقتي بالرفيق جان تسودها المودة والاحترام. كنت أرتاح الى سويته الأخلاقية. هذا الرفيق اقترن من شقيقة الرفيق سمير صيقلي.

في الحرب المجنونة تهجرا من الأشرفية فانتقلا الى رمل الظريف (قرب سجن النساء في ذلك الحين)، الى بيتهما انتقل الأمين الياس جرجي لأشهر، عندما تهجّر من منزله في سن الفيل.

كنت أزور الرفيق جان، ثم أتردد إليه بعد أن عاد من النمسا، حيث كان يعمل مفتشاً مالياً في الأونروا ( ومثله كان يعمل الرفيق حنا الياس الشيتي(5)) حاملاً الداء الذي راح يقتات من عافيته.

حدثني عن قريته في فلسطين، وعن أحداث حزبية يا ليتني دوّنتها وسجلّتها في حينه. كنت أحرّضه كي يتوجه الى المركز في الروشة سيراً على الأقدام. فيفعل أحياناً. وأزوره كلما تسنى لي ذلك. القعود معه كان فرحاً لي. نستعيد الذكريات. أطمئن من عقيلته على شقيقها الرفيق سمير الذي سكن ذاكرتي واحفظ له الكثير من الحب.

وغلبه الداء.

كنت مع عدد من الرفقاء ممن يعرفونه، في كنيسة "نياح السيدة" في شارع المكحول. فوجئت بصيدلي صديق في المصيطبة، سمير حداد (والد مقدم البرامج المعروف هشام)، بادرته: شو جابك لهون؟

ابتسم. لقد عقد ابن الرفيق جان خطوبته على ابنته، بعد فترة تمّ القران وغادرا الى النمسا.

كلما التقيت الصديق سمير، يكون الرفيق جان ثالثنا، وأسأله عن عقيلته شقيقة الرفيق سمير صيقلي، وتعود بي الذكريات، والحنين الى رفقاء عرفتهم في مسيرتي الحزبية، وما زلت أذكرهم واحداً واحداً.

*

وتعرفتُ الى والد الرفيق وليد، الرفيق المناضل شفيق صدقة عبدالخالق الموظف المرموق في مصلحة الليطاني وكان واسطة التعارف الأمين القدوة عاصم الداعوق(6)، وعرفت رفقاء آخرين في المصلحة.

عندما توليت مسؤولية وكيل عميد الداخلية في أوائل سبعينات القرن الماضي اخترت الرفيق شفيق لتولي مسؤولية مندوب اداري لمندوبية المتن الأوسط التي تضم مديريتي العبادية وشويت ورفقاء في حارة حمزة، عاريا، وغيرهما.

في تلك الفترة عرفت الرفيق شفيق أكثر، بتميّزه الأخلاقي، والتزامه الصادق، ووعيه القومي الاجتماعي.

وغادر الى ولاية "نورث كارولينا". فكنت كلما التقيت قريبه الرفيق جهاد توفيق عبدالخالق اسأل عنه. عندما حضر الى الوطن ليرمم منزله في عين الرمانة، التقيت به وفرحت. إلا أن فرحي لم يطل فالرفيق شفيق كان فريسة داء السرطان الذي لم يمهله كثيراً. فرحل باكراً.

كم أرجو أن تبقى لي عافية وذاكرة، فأتكلم عن جميع الرفقاء المميّزين الذين عرفتهم في حياتي الحزبية، وكم أرجو لو يفعل أيضاً أمناء ورفقاء يملكون ايضاً ما يسطرونه، وفاءً لتاريخ حزبنا، فنحفظه لأجيال الحزب والأمة.

هوامش

(1) نقولا نصر: من منطقة بعلبك. تعيّن مديراً عاماً لوزارة النفط.

(2) سهيل عبد الملك: من بتاتر، ومن الرفقاء الذين نشطوا حزبياً على مدى سنوات طوال، متولياً في الحزب مسؤوليات محلية ومركزية. يصح ان نكتب عنه.

(3) محمد السعدي: من كفرنبرخ. كان يعمل ناطوراً لبناية في عين الرمانة. في منزله كانت تعقد الحلقات الاذاعية لطلبة ثانوية "فرن الشباك" وغيرها.

(4) معهد لبنان: كان من أهم المعاهد التي تدرّس مادة المحاسبة. تقع مكاتبها في بناية اللعازارية، وسط بيروت.

(5) حنا الشيتي: والده، الرفيق الشهيد الياس الشيتي الذي سنورد النبذة عنه في مرحلة شهداء الحرب اللبنانية.

(6) عاصم الداعوق: منفذ، عميد، عضو مجلس اعلى، الخ... عرف باسم عصمت شاتيلا. مراجعة قسم أرشيف الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024