كشف معهد راند كوربوريشين الأميركي عن خطة أميركية لتقسيم سورية في تقرير دعا فيه لتقسيم سورية على قاعدة الأراضي المسيطر عليها حالياً بين الحكومة السورية وباقي الجماعات المسلحة، كما دعا تقرير المعهد الأميركي إلى قيام نظام لامركزي في سورية مع وجود قوات قبعات زرق من قبل الأمم المتحدة مؤلفة من أميركا وحلفائها. وتقول الخطة إنّ المنطقة الغربية من البلد تبقى مع الدولة السورية، بينما تخضع المناطق الشرقية والواقعة بالقرب من الحدود العراقية لسيطرة قوات دولية لحفظ السلام تقودها أميركا وحلفاؤها.
وحسب الخطة الموضوعة لهذا التقسيم المسمّى خطة السلام ، فإنّ الهدف الأساس منه هو قطع التواصل بين إيران ولبنان، وبالتالي عزل حزب الله وإضعافه، وهذا يخدم «إسرائيل» وأميركا بالدرجة الأولى، حيث إنّ «إسرائيل» عملت خلال السنوات الماضية على تقوية «النصرة» في الجنوب السوري وتحديداً في الجولان السوري المحتلّ.
هذا التقرير الأميركي يضع المنطقة كلها في دائرة الصراع بين روسيا وإيران وسورية وحزب الله من جهة وأميركا وإسرائيل وحلفائهما العرب والغربيين من جهة أخرى. وقد عمدت أميركا بعد نشر هذا التقرير إلى تسريب رسالة موقعة من خمسين نائباً في الكونغرس يدعون فيها إدارة أوباما إلى قصف مواقع الجيش السوري، وبالطبع هذه التسريبات لم تخِف الروسي الذي ردّ عليها بالإعلان عن زيارة وزير الدفاع إلى سورية وتسريب مقطع من اجتماعه مع الرئيس السوري بشار الأسد.
التقرير الذي قدّم أربع وجهات نظر لتقسيم سورية إدارياً، أكد الحاجة إلى منطقتين فيدراليتين في الجزيرة وفي عفرين، كما قدّم في المقترح الثالث حلاً يقضي بتوزيع التقسيم طائفياً واثنياً بين سنة وعلويين وعرب وأكراد.
هذه الخطة الأميركية التي نشرها معهد مقرّب من وزارة الدفاع البنتاغون تشير إلى أنّ التحذيرات الإيرانية التي وجهت لموسكو حول نيات أميركا من الهدنات المتكرّرة، كانت سبباً من الأسباب التي جعلت الإيراني يدفع باتجاه عقد اجتماع لوزراء الدفاع في كلّ من سورية وإيران وروسيا في طهران يوم التاسع من شهر حزيران الحالي، ويبدو من الطريقة الأميركية في توزيع مناطق الفدرالية، أنّ مهمة الجيش السوري وحلفائه الروس والإيرانيين وحزب الله سوف تكون في دير الزور، لإعادة فتح طريق العراق لبنان براً، وأيضاً لمنع تنفيذ الخطة باء الأميركية بشأن سورية، وهذا ما تشير إليه المعلومات عن استعدادات تجري لتحرير مدينة دير الزور والتوجّه نحو الحدود العراقية السورية عند معبر القائم، وتشير المعلومات أيضاً إلى أنّ القيادات السورية والإيرانية تعتبر دير الزور أولوية حالياً، خصوصاً بعد تحرير الفلوجة وتوجّه القوات العراقية إلى الموصل، حيث من المتوقع أن يسحب تنظيم داعش قوات من سورية إلى العراق للدفاع عن عاصمته هناك، بينما تعتبر قيادة المقاومة ومعها حلفاؤها الإقليميون أنّ إعادة فتح طريق العراق لبنان عبر دير الزور وبادية حمص يشكل الحماية الكبرى لدمشق ولمنع حصار المقاومة في لبنان، وأيضاً لمنع لعبة التقسيم لسورية التي تمارسها أميركا عسكرياً وسياسياً، خصوصاً أنّ جبهة النصرة وأحرار الشام وغيرهما من الجماعات المسلحة لم تلتزم بكلّ الهدنات التي أعلنتها روسيا تارة بالاتفاق مع أميركا وتارة من تلقاء نفسها.
في النهاية تشير كلّ التحركات السياسية الأخيرة إلى أننا أمام مرحلة كباش دولي سوف تكون مدينة دير الزور وما حولها عنوانه، بينما تبقى الأمور في حلب في حالة ركود ميداني توافق عليه الروس والأميركان حتى لا يسبّب الخلاف على حلب انفجاراً كبيراً يصعب احتواؤه.
|