ضاعت الطاسة. خير مثال يمكن به وصف حالة الحكومة والدولة اللبنانية في ملف العسكريين المحتجزين لدى جبهة النصرة في جرود القلمون المحاذية لعرسال.
والذي ضاع هنا طاسة الدولة بكل حكومتها، فالقضية أصبحت مثل «حارة كل من إيدو إلو». الوزير أبو فاعور يوكل أحمد الفليطي التفاوض مع «داعش» هذه المرة. والوزير لا يعرف حقيقة من يحتجز العسكريين، فضلاً عن أنه لم يقل من أعطاه صلاحية توكيل الفليطي، هل هي الحكومة مجتمعة أم رئيسها منفرداً، أم الطرفان معاً؟ أم أن التوكيل أتى من وليد جنبلاط أم أنه من تلقاء نفسه قام بتوكيل الفليطي؟ وأين هي الأجهزة الأمنية خصوصاً اللواء عباس إبراهيم من توكيلات أبو فاعور هذه؟
هذا التخبط التوكيلي الذي جعل الدولة كلها مكتباً لكاتب عدل فوضوي العمل، زاده تخبط آخر بتسمية الجهة الخاطفة، حيث اعتمدت الدولة والإعلام في الأسبوع الماضي تسمية «داعش» مختطِفاً مؤكَداً للعسكريين مع أنهما يعلمان أن التفاوض يتم مع أبو مالك التلي وهو مسؤول «النصرة» في القلمون، ومن سلم العسكر هو أبو طاقية مصطفى الحجيري مسؤول «النصرة» في كل لبنان. وليست في عنق الطرفين أية بيعة لـ«داعش» ولم يصدر عنهما ما يشير إلى ذلك.
ليس أحمد الفليطي من المؤثرين على التلي والمسلحين حتى يعتمدوه مفاوضاً في قضية العسكر. هو منافس رئيس البلدية في كسب ود تيار المستقبل وأذرعه الأمنية. يمكن التفسير الوحيد أن أبو فاعور يعلم علاقة الفليطي بأذرع تيار المستقبل الأمنية، فأراد العمل من هذه القناة، أو أن المستقبل اختار هذه الطريقة للدخول على خط التفاوض من دون التعرض لانتقاد المناصرين، خصوصاً في عرسال. وفي كل الأحوال تبدو الدولة اللبنانية تائهة لا تعرف مستقراً تركن إليه، بالتالي ليس هناك من أمل جدي في إيجاد حلول لهذه المعضلة في المدى المنظور.
|