إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حكومة المقاومة لديها حساسية من الحريات

نضال حمد

نسخة للطباعة 2011-02-10

إقرأ ايضاً


القمع السلطوي سواء في غزة المحاصرة أو الضفة الغربية المحتلة بحق كل الذين ينتقدون أداء الحكومتين المختلفتين شكلاً ومضمونا يتساوى .. فللحكومتين حساسية مفرطة من النقد والناقدين، سواء كانوا عرباً أو أجانب أو فلسطينيين.واسمحوا لي اليوم أيها القراء أن أتحدث قدر الإمكان فقط عن أداء حكومة حماس أو حكومة المقاومة، لأنها فعلاً تقاد من قبل فصيل فلسطيني مقاوم بامتياز قدم مجموعة ضخمة من قادته وكوادره وعناصره شهداء وأسرى وجرحى وملاحقين ومطاردين ومنفيين على مذبح المقاومة ، ولأجل تحرير فلسطين كل فلسطين.وهي حكومة مقاومة سواء رغب بذلك كل من عباس والصهاينة وأمريكا والغرب وكل أعداء المقاومة في العالم، الذين يصفونها بالحكومة المقالة ، أم لم يرغبوا ، فهي باقية ما بقيت تحترم مقاومتها وشعبها وحريات الناس، أما هم بالطبع الى زوال اسوة بزين العابدين وزميله مبارك الذي سيلحق به قريباً جداً.

حكومة حماس أو المقاومة وكلاهما واحد في زمن ما بعد انقسام الوطن المحتل الى قطعتين جغرافيتين، وانقسام السلطة المنبثقة عن اتفاقيات اوسلو ومشتقاتها الى سلطتين.. تقوم حكومة الشعب المقاوم في غزة تحت شعار الحفاظ على النظام وحماية المقاومة ، ومكافحة وملاحقة العملاء والجواسيس وبقايا الأمن الوقائي والمخابرات العامة الفتحاوية، ومن أجل تحصين وتمتين وتعزيز وتجهيز الجبهة الداخلية الفلسطينية بمحاصرة المقاومين الذين يرفضون قراراتها ومراقبتها اللصيقة والشديدة على اي عمل عسكري يصدر من القطاع ضد الكيان الصهيوني. واعتبار كل من لا يلتزم بتعميمات وقرارات سلطة حماس مخرب ومثير للشغب وغير حريص على الأمن الوطني والمصلحة الوطنية العليا. وأكثر من ذلك تقوم قوات الحكومة (المقاومة) باعتقال وملاحقة الذين لا يلتزمون بقراراتها. فالحكومة تعتبر نفسها المرجعية والسلطة وصاحبة القرار الأول والأخير فيما يخص قطاع غزة وسكانه ومقاومته. هذا الاحتكار للقرار والسيادة والشرعية والسلطة يذكرنا بنفس الاحتكار الذي كان لدى الراحل ياسر عرفات ، والذي يمسك به الآن عباس فيما يخص التمثيل والشرعية والسيادة والسلطة والقرار في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية والضفة الغربية المحتلة. لكن رغم كل شيء يبقى هناك فرق بين حماس وحكومتها وعباس وسلطته، فالأولى وإن منعت المقاومة وصدتها وارادت تكييفها واخضاعها لسياستها وبرامجها إلا أنها مازالت ترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وتتبنى المقاومة ولو حتى وفق مصلحتها الآنية وبسبب طبيعة حكمها في غزة المحاصرة من كل الجهات. فيما أن عباس رفع منذ دخل نفق اوسلو المظلم رايته البيضاء ظناً منه أنه بهذه الطريقة الانبطاحية سوف يسبق كل حمامات السلام اليهودية والصهيونية والشرق اوسطية. لكن لا هذا نفعه ولا ذاك سوف ينفعه،لأنه فقد كل شيء وماعاد يعني للشعب الفلسطيني شيئاً.

حكومة حماس تمارس قمعاً للحريات خاصة حريات من هم في غير قطارها. وتقوم بالتضييق على الناس وحرمانهم من الحياة بشكل طبيعي وعادي. قامت بقمع تظاهرات كثيرة سواء فتحاوية او للجبهة الشعبية.. ولم تتوانى عن الاعتداء على المشاركين والمشاركات في التظاهرات. وسمعت الكثير من الاتهامات الموجهة لعناصر الشرطة في غزة، إذ انهم يوجهون كلمات نابية وجارحة وغير لائقة ضد النسوة والفتيات من غير المحجبات، اللواتي يشاركن في التظاهرات. فمن هو الذي سمح لهؤلاء العناصر الجهلة والمتزمتين بالتطاول على نسوة وفتيات فلسطين؟ ومن هو الذي يحمي هؤلاء الذين ينصبون أنفسهم قضاة على شعبنا وبالذات على طرق حياة ولباس وتصرف نسوتنا وفتياتنا في القطاع؟.. ومن هو الذي يريدهن عبيدات بعدما ولدتهن امهاتهن احرارا؟..

إياكم أيها الكتاب والمثقفون والمدونون والفيسبوكيون الجدد أن تنتقدوا حكومة الأخ اسماعيل هنية ولا قادة حركة حماس السياسيين أو القساميين. وإياكم أن تتجمعوا وتجتمعوا وتتظاهروا أو تعتصموا في ساحة او ميدان بدون إذن مسبق من الحكومة .. مع أن هذا الإذن لن تحصلوا عليه أبداً من الحكومة المذكورة ، ولأنكم لن تحصلوا عليه فأنا في هذا بالضبط معكم وضد الحكومة.

ايها المثقفون الذين ينعتكم بعض الذين اطالوا لحاهم بالعلمانيين والزنادقة،ممنوع عليكم أن تتجمهروا للتعبير عن عدم رضاكم على اداء الحكومة الحمساوية أو حكومة المقاومة الفلسطينية الاسلامية والوطنية ، مادمنا سلمنا بأن حكومة عباس فياض لم تعد حكومة وطنية.. وممنوع عليكم أيضاً أن تعتصموا في ساحة الجندي المجهول لتعلنوا نصرتكم لشعب مصر الثائر على طغيان حسني مبارك وضد نظام الجنرال عمر سليمان قائد وراعي قطيع أو قطعان الحوار الوطني الفلسطيني منذ سنوات ، ورجل "اسرائيل" المفضل بعد غياب مبارك القسري.

ممنوع أن تتضامنوا مع الشعب المصري الذي هب طوال سنوات احتلال مبارك لمصر والصهاينة لفلسطين للتضامن معكم .. دقيقة واحدة يستمر الاعتصام في عاصمة المقاومة الفلسطينية وحول تمثال الجندي المجهول. ما اسرع تحرككم ايها المخبرون؟ وما انجع وسائلكم في تفريق الناس وترويعهم.. بالله عليكم أين تعلمتم هذه المهنة القذرة، التي لا تليق بالمقاومين والمجاهدين؟ هل تعلمتموها من أرشيف الوقائي والشرطة والمخابرات الذي استوليتم عليه يوم حسمتم أمر القطاع؟ .. ايها الناس! الناس في بلدي تتحدث عنكم ، وتقول لا فرق في القمع بين الوكيل الأمني الحصري للاحتلال في الضفة الجنرال الضميري ولا جنرالاتكم في غزة المحاصرة. هو يعمل في خدمة الاحتلال وانتم تعملون ضد أنفسكم وفي النهاية لن يستفيد من قمعكم سوى الاحتلال.

لماذا تضيقون على الصحافيين والمدونيين والاعلاميين المختلفين معكم سياسياً ؟

كيف ستردون على الذين سوف يسألونكم عن قضية الصحفي الفلسطيني محمود المنيراوي أحدث ضحايا قمع الحريات والكلمة في غزة ، الذي كتب من رفح مقالة بعنوان : - اختلافُ النظرة بين الحكومة والشعبِ الغزيّ، افسدَ للودِ قضية -

جاء فيها : " منذُ البارحة وأنا أحاول أن اكتب شيئاً، إثرَ اعتقال بعض المتظاهرين في غزة، الذين خرجوا ليقولوا “نحنُ معكِ يا مصر، ومع ثورتكِ”، لكنني بالفعل، شعرتُ بالحياء قليلاً وكنتُ اسأل نفسي: ماذا لو قرأَ أحدهم من الخارج أن الحكومة في غزة فضّت تجمعاً سلمياً لبعضِ المتظاهرين؟، وهم فقط تجمعوا ليرفعوا أصواتهم شعارات تطيرُ في الهواء أننا مع كل ثائرٍ يرفض الظلم والاضطهاد !، خاصة أن مجموعة المتظاهرين تلك كانت كُتلةً من الصحفيين والصحفيات والمدونيين والمدونات، أي أنهم الفئةُ الأكثر وعياً في الشعب، وليسوا طلاب دمارٍ وتدمير، ألا أنني في النهاية قررت أن لا أقطف صوتي بيدي وأن أتركه يطيرُ مع شعاراتهم، لعل وعسى من يسمع يتحرك ولو قليلاً عن فراشِهِ الشتائي.".

كيف بالله تتصرف حكومة تقول انها حكومة مقاومة مع صحافي ، مدون يقول كلمته ويعبر عن موقفه عبر مدونة او موقع الكتروني أو في الفيس البوك موقع التواصل الاجتماعي العالمي، الذي غير مجرى التاريخ في تونس ومصر.. أتخاف حكومة المقاومة من صحافي يقول كلمته أو من آخر يلتقط صورة هنا وأخرى هناك.. يبدو الأمركذلك فقد سلم جهاز الأمن الداخلي في وزارة الداخلية في الحكومة بقطاع غزة، يوم السبت الماضي، استدعاء للتحقيق، للصحفي والشاعر والمدون محمود المنيراوي، طالب في جامعة الأزهر من مدينة رفح، وذلك بتهمة "نشر العلمانية من خلال قصائده ومقالاته" على حد قول مقربين من المنيراوي.

هل العلمانية تهمة ايها القائمون على حكومة غزة؟ وهل تريدون من كل الفلسطينيين أن يصبحوا اخوان مسلمين؟ وماذا ستفعلون بالمسيحيين الفلسطينيين؟ وباليسارييين والاشتراكيين والقومييين والشيوعيين واللادينيين؟ هل تبيدونهم كما الصراصير؟ وهل من حقكم منع أي فلسطيني أن يكون علمانيا في وطنه فلسطين، الوطن الذي اتسع على مر التاريخ لكل الناس بغض النظر عن دياناتهم وأفكارهم؟ لا ، لا يمكنكم ذلك فشعب فلسطين لن يسمح لكم ولا لغيركم القيام بذلك. وعلى عقلائكم أن يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان فهم يعلمون جيداً كيف فازت حماس بالانتخابات وما هو وكيف كان تأثير ودورالعلمانيين والثوريين الفلسطينيين واليساريين وغير المسلمين في فوزها بالانتخابات والفشل والسقوط المدوي لفتح واخواتها.

قال قريب للمنيراوي قبل أن يتوجه الأخير الى التحقيق في مركز تابع لأمن حكومة حماس: "لقد أتوا قبل يومين إلى بيته، وسلموه ورقة استدعاء للتحقيق لم يذكروا فيها السبب، لكن أعتقد أنهم ينسبون إليه تهمة نشر العلمانية وتحريف القرآن، والتحريض ضد الحكومة وانتقادها من خلال مدونته المستقلة ومقالاته كما فهمت"، وأضاف: "في اعتقادي، فإنه سوف يتم اعتقاله بعد التحقيق معه، لأنهم يصعدون مؤخرا من ملاحقتهم لنا، فهم يراقبون الشباب وصفحاتهم الاجتماعية على الانترنت، وكل من ينتقد حكومة حماس."

جاء أيضاً في مقالة المنيراوي : " في تمام الساعةِ الثانية عشر والنصف بتوقيت العاصمة القدس من بعدِ ظهرِ الاثنين الموافق 31-1-2011، شهدَ الجندي المجهول في غزةِ المدينة اعتصاماً سلمياً للتضامن مع مصر، لم يَدُم إلا دقيقة أو أقل قليلاً، والحقيقة أن الاعتصام كان يجدر بهِ أن يكون أكبرُ عمراً حسبَ ما تم الاتفاق عليه بين المتظاهرين أثناءَ تحضيرهم للاعتصام، لكن الحكومة في غزة قامت بفض الاعتصام واعتقال كل من تواجد، وكان من بينهم صحفيين وصحفيات ومدونين ومدونات، أبرزهم الزميلة الصحفية أسماء الغول.".

وهناك اشياء كثيرة وردت في مقالة المنيراوي لكنها اشياء عادية يقول الناس اقوى منها بكثير في حق كل حكومة وكل سلطة ترتكب الأخطاء. فهل ترقى مقالة المنيراوي التي عبر فيها عن رأيه بما حصل يوم 31-01-2011 الى استدعائه واعتقاله والتحقيق معه؟

هذا الاستدعاء يذكرني بالاستدعاءات التي كانت تتعرض لها كوادر حركة حماس والمعارضة والمقاومة الفلسطينية في زمن حكم الوقائي والمخابرات العامة وشرطة فتح في قطاع غزة. أما بالنسبة لي فلا فرق بين هذا وذاك الاستدعاء فكلاهما باطل وكلاهما قمع للحريات وقتل للأمل في فلسطين المستقبل.

على حكومة حماس في غزة أن تفرج عن محمود المنيراوي واسماء الغول وكل معتقلي الرأي هناك. فمن العار على المقاومة أن تعتقل ابناءها ولو كانوا حتى من المختلفين معها.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024