إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

التنسيق الأمني مع الاحتلال ممتاز

نضال حمد

نسخة للطباعة 2011-09-08

إقرأ ايضاً


هل اعتاد السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله على التصريحات التي لا تراعي مشاعر الفلسطينيين وتضحياتهم الجسام، ولا تحترمهم كشعب قدم الغالي والنفيس لأجل تحرير الوطن وطرد الاحتلال الصهيوني من فلسطين المحتلة؟

أبو مازن الذين كان قبل وفاة عرفات بأشهر خارج إطار المنظمة والسلطة وفتح ، وظل خارجها فعلا لمدة أشهر بعد خلافاته العنيفة مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، ووصول تلك الخلافات إلى حد تخوين عباس من قبل جماعة أبو عمار، الذين خرجوا في تظاهرات ضده وخونوه كذلك سواء في الضفة والقطاع ومخيمات لبنان. أبو مازن مهندس أوسلو من الطرف الفلسطيني عاد فور وفاة الأخير ليصبح الآمر الناهي والمسئول الأول للمنظمة والسلطة وفتح، فنفس الذين خونوه وتظاهروا ضده رفعوا صوره وجعلوه منقذ السفينة الفلسطينية من الغرق والوريث الوحيد لعرفات. غريبة هي حركة فتح في عصبويتها وتبعية أعضائها ومنتسبيها للرأس دائما.وهنا ينطبق عليهم أيضا مثل عربي يقول: " مات الملك عاش الملك الجديد". هناك أيضا حكمة عربية أخرى تقول أن السمكة تتلف من رأسها وهذه الحكمة تنطبق على فتح. تلفت سمكة أوسلو أي تلك الحركة التي ظلت طوال عشرات السنين تقود النضال الوطني الفلسطيني ، وقدمت خلالها آلاف الشهداء والجرحى وآلاف الأسرى الذين مازال بعضهم يقبع حتى يومنا هذا في سجون شركاء السلطة الفلسطينية في السلام والمفاوضات والتنسيق الأمني ، الذي يحرص عباس على استمراره ونجاحه ودوامه24 ساعة فقط في اليوم الواحد.

يقول عباس في أحدث تصريحاته والتي أطلقها على مرأى ومسمع وفد من الكتاب والأدباء الصهاينة الذين زاروه في مكتبه بمقاطعة رام الله ، وكرسالة منه لتهدئة الصهاينة دون أن يهدأ شعبه أولا أو يطمئنه على مستقبله في ظل الاحتلال. يقول : إن التنسيق الأمني مع الاحتلال ممتاز وأنه مستمر ليلا ونهاراً وسوف يستمر. وعبر أبو مازن عن ذلك بقوله لزواره : "لدينا تجربة في التعاون ليل نهار مع (إسرائيل) على المستوى الأمني.. هذا التعاون يتواصل 24 ساعة يوميا من أجل الحفاظ على الهدوء.. سوف نواصل الجهود لمنع الإرهاب".

تصوروا يقر عباس بالتعاون والتنسيق ما بين أجهزة أمنه وأجهزة امن الاحتلال التي تروع وتعتقل وتعذب وتهين وتذل شعبه ليلا ونهارا منذ أكثر من 61 عاماً، ويقر أيضا أن التعاون بينهما موجه ضد الإرهاب. استخدم هو الآخر المصطلح الصهيوني الأمريكي " الارهاب " الذي يعني المقاومة ومع هذا فليس هذا الشيء بالجديد على المتابعين ولا على الفلسطينيين ولا حتى على عباس نفسه. إذ سبق لعباس أن ردده كثيرا إبان العمليات الفدائية التي وصفها بالحقيرة. مع أن العمليات كانت تأتي ردا على مجازر الاحتلال واعتداءاته المتكررة على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع. و استهدفت الاحتلال بشكل عام.

مصطلح الإرهاب الذي فرضته الصهيونية العالمية والإدارات الأمريكية على العالم أجمع يعنون به مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال. كلام عباس عن الإرهاب-المقاومة والتنسيق الأمني يعني استمرار شراكة أجهزة امن السلطة الفلسطينية في ملاحقة واعتقال وتسهيل دخول وحدات صهيونية مسلحة إلى مناطق السلطة لاغتيال أو لاعتقال المقاومين الفلسطينيين في الضفة الغربية. وهذا يعني أن هناك شراكة على ما يبدو دائمة بين الطرفين، كما أن هناك تقاسم ادوار بين الاحتلال ووكلاءه في فلسطين المحتلة.

أبو مازن أوضح أيضا انه يسعى للعيش بسلام إلى جانب (إسرائيل). جاء كلامه هذا يوم الاثنين الموافق الخامس من أيلول- سبتمبر الجاري حيث قال للصحافيين: "نحن لا نريد عزل "إسرائيل"، وإنما العيش بسلام إلى جانبها، ونحث الدول العربية على الاعتراف بها ". دعوة واضحة وصريحة من أجل التطبيع والاعتراف بالاحتلال على أرض فلسطين التاريخية.طبعاً على حساب الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حق العودة.

أضاف عباس: " يدعون أننا نريد نزع شرعية "إسرائيل"، وهذا ليس صحيحا، بل نريد أن نمنح الشرعية لأنفسنا للعيش إلى جانبها".

وهل رأيتم احتلالا استئصاليا عنصريا اجتثاثيا قام بمنح الشرعية للقابعين تحت قهره وظلمه وعدوانه وغطرسته؟ وهل رأيتم أوطانا تتحرر دونما مقاومة وكفاح وتضحيات؟

طبعا لا لأن النضال الوطني الطويل الذي تسيل على جوانب دروبه الدماء الزكية هو الذي يعود في نهاية المطاف على الشعوب المؤمنة بحقوقها بالنصر والحرية والعودة والاستقلال.

كل تلك التصريحات للسيد عباس تأتي عقب لقاءات سرية كان أجراها مع بارك و بيريز في عواصم عربية وأجنبية خلال الأسابيع الفائتة. وفي تلك اللقاءات كما في التصريحات والمقابلات الصحفية العديدة حرص ويحرص أبو مازن على تهدئة وطمأنة الصهاينة. و تأتي أيضا بعد قرار من عباس ومن معه بالذهاب إلى الأمم المتحدة لطلب عضوية لما يسميه دولة فلسطين. طبعا هذا الذهاب لم يحضر له لا باستفتاء شعبي فلسطيني ولا باستمزاج واستطلاع رأي الشعب وقواه الوطنية والنقابية وكفاءاته العلمية والسياسية ومثقفوه وكتابه الوطنيون. ولا كذلك الفصائل الفلسطينية المنضوية وغير المنضوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. وكأن الشعب الفلسطيني عبارة عن قطيع من الأغنام والأبقار يقوده راعي واحد هو عباس.

هل اعتاد الشعب الفلسطيني على تقبل تصريحات عباس الذي لعبت أمريكا ودول الغرب والشرق والصدفة كذلك دورا رئيسيا في وصوله إلى سدة الرئاسة الفلسطينية بعد وفاة الرئيس الر احل ياسر عرفات؟.

يمكن القول أن الشعب الفلسطيني اعتاد على التصريحات الخطيرة والمزعجة لعباس لكن لا يجوز القول انه يقبلها ويتقبلها ويتفق معها. ومع هذا نحن بحاجة فعلاً لدارسة ميدانية علمية استطلاعية تعطينا الجواب الشافي. وتؤكد للعالم أجمع الموقف الحقيقي للشعب الفلسطيني من تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024