إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل مازالت صبرا هوية عصرنا حتى الأبد؟

نضال حمد

نسخة للطباعة 2011-09-15

إقرأ ايضاً


صبرا هوية عصرنا حتى الأبد... هذه الكلمات جاءت في القصيدة الملحمة"مديح الظل العالي" للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. والتي كتبها بعد الرحيل الفلسطيني المرّ عن بيروت سنة 1982 وفي أعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا ، التي ارتكبتها عصابات القوات الفاشية اللبنانية بقيادة سمير جعجع وإلي حبيقة وسعد حداد وآخرين ، بإشراف ورعاية وحماية وإسناد الجيش الصهيوني بقيادة شارون. والتي حصدت أرواح آلاف الفلسطينيين في المخيمين.

القتلة الإرهابيين لم يفرقوا بين الأطفال والنساء والرجال والعجائز والمعوقين ، ولا بين لبناني وسوري ومصري وحتى بنغلادشي من سكان حارات البؤس والفقر في المخيمين. كانوا يسحلونهم ويقتلونهم بالفؤوس والرصاص الحي وبكواتم الصوت وبالدفن وهم أحياء. كل أصناف البشاعة استخدمت في المذبحة، التي أذهلت العالم وهزت لبنان. المجزرة في المخيمين أكدت على أن السلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان ضمانة لحماية المخيمات وسكانها خاصة أن هذا البلد الصغير كان ومازال مثل غابة من البنادق. وبالذات لأن المخميات مستهدفة من كل أصحاب المآرب والمؤامرات. وأي حديث عن سحب السلاح الفلسطيني لن يصب إلا في مصلحة المتربصين بالمخيمات المحاصرة والمعزولة والمغلقة. وفي مصلحة الذين يرفضون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية والمدنية منذ63 عاماً.

مقبرة شهداء صبرا وشاتيلا بقيت لسنوات عديدة مهملة ومهجورة وتحولت في بعض الأوقات إلى مزبلة. ولم تلق اهتماما لا من منظمة التحرير الفلسطينية ولا من فصائلها الموالية أو المعارضة. ويبدو أن هذا الأمر لم و لا يعني الدولة اللبنانية لا من قريب ولا من بعيد.

عند مدخل المخيم من جهة مستشفى عكا سابقاً تقع المقبرة ويقع النصب التذكاري الذي يعود الفضل في إقامته للمتضامنين الأجانب وبالذات الطليان ، هؤلاء الذي حرصوا ويحرصون على زيارة المخيمين كل عام في ذكرى المذبحة.

في هذه الأيام هناك وفد طلياني يزور صبرا وشاتيلا كما جرت العادة كل سنة، وعادة يتألف الوفد التضامني من مناصرين للقضية الفلسطينية غالبيتهم أو جلهم من اليسار الثوري الطلياني. فهؤلاء هم رفاق الثوار الأممين الراحلين ستيفانو كاريني ، فيتوريو اريغوني و أدريانو ماتسوني وغيرهم.هؤلاء الذين قضوا سنوات حياتهم في النضال لأجل القضية الفلسطينية. جمعتني ببعضهم مناسبات وطنية فلسطينية وأخرى أممية تضامنية عديدة آخرها كانت في مخيم فياريجو الذي يقيمه الاتحاد الديمقراطي العربي الفلسطيني في ايطاليا، وحمل المخيم اسم الراحل فيتوريو اريغوني، حيث كان لي شرف تقديم درع فلسطيني باسم شعب فلسطين لزوجة المناضل الراحل أدريانو ماتسوني. وقبل عامين كانت هناك مخاضرة مشتركة شاركت فيها مع الرفيق الراحل الرائع فيتوريو اريغوني.

بدأت علاقتي مع الرفاق الطليان من حراس ذكرى صبرا وشاتيلا، بعد إصابتي في المجزرة يوم 17 أيلول- سبتمبر 1982 وعلى اثر سفري لتلقي العلاج في مدينة بولونيا الايطالية على نفقة الحزب الشيوعي الايطالي ، حزب المفكر الشيوعي الفذ غرامشي. واستمرت العلاقة إلى يومنا هذا، فبعد أيام وتحديدا يوم الجمعة الموافق 16 الشهر الجاري سوف يحيي هؤلاء في مدينة ميلانو بايطاليا ذكرى المذبحة ، سيتحدث أعضاء الوفد مباشرة عبر الهاتف من المقبرة الجماعية لضحايا المجزرة ، فيما سوف أتحدث أنا كذلك عبر الهاتف مباشرة من أوسلو. وسوف يكون هناك حوار مباشر مع الجمهور حول المجزرة وأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وحق العودة والمقاومة وأمور أخرى.

الرفاق الطليان كما الكثيرين من أبناء شعب فلسطين وبالذات مخيمات لبنان، ابدوا انزعاجهم من لقاء عباس مع جعجع. ولا بد أن بعض الحضور سوف يتطرق للقاء الذي أجراه محمود عباس رئيس سلطة رام الله مؤخراً مع الإرهابي المجرم سمير جعجع قائد مذبحة صبرا وشاتيلا، إذ تم اللقاء على بعد مئات الأمتار من مخيمي صبرا وشاتيلا. فيما عباس الذي لم يقم بزيارة المخيم أو النصب التذكاري للمجزرة بدا في الصورة مسرورا ومبتسماً في حضرة جعجع. بعد هذا اللقاء هل يمكننا القول أن كلام الشاعر الراحل محمود درويش " صبرا هوية عصرنا حتى الأبد" مازال ساري المفعول عند كل الفلسطينيين؟. بالتأكيد لا .. فيكفي أن ننظر لصورة عباس مع جعجع ونضع في الخلفية صورة نساء وأطفال وعجزة المخيم، الذي لا يعرف (رئيس المنظمة والسلطة) كيف شكله بعد 29 سنة من المذبحة. حتى نتأكد من ان هناك خلل جسيم في جسم القضية الفلسطينية. فرئيس الشعب الفلسطيني لا يعرف أين يقع النصب التذكاري لضحايا المذبحة. ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح والسلطة الفلسطينية لم يتحف الشعب والأمة بأسباب اللقاء مع جعجع ونحن على أعتاب الذكرى ال 29 للمذبحة.

في ذكرى صبرا وشاتيلا لا أملك إلا أن أجدد العهد لرفيقي محمد علي أبو الفداء الذي استشهد بقربي بعدما أُصبنا معا ثاني أيام المجزرة. أجدد له ولكل ضحايا المذبحة ولشهداء شعب فلسطين العهد على مواصلة المسيرة حتى تحرير كامل تراب وطننا المحتل فلسطين.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024