" وكان يقود سيارتي، الرفيق الهادىء..، هذا الرفيق الهادىء، فايز حلاوي الذي يذكره الامين د. عبد الله سعاده في مذكراته "اوراق قومية"، وافته المنية بعد معاناة وصراع مرير مع الامراض والشيخوخة، وشيّع الى مثواه الاخير في بلدته الباروك نهار السبت 06/06/2015.
*
عرفتُ الرفيق فايز بعد فترة قصيرة من خروجه من الاسر، وقد امضى محكوميته لمدة سنتين، لمشاركته في الثورة الانقلابية. كنت اتولى المسؤولية الادارية لبيروت الكبرى الممتدة من انطلياس الى برج البراجنة صعوداً الى الفياضية – الحازمية – اللويزة.
وكان توظف في "الشركة اللبنانية لتوزيع الصحف"، بفضل مدير التوزيع فيها، الناشط حزبياً آنذاك الرفيق هاني بدوي(1).
كنت التقيهما في تلك الفترة الصعبة، وكان الرفيق فايز يتردد الى منزلنا باستمرار. منذ ذلك الحين وانا على علاقة مستمرة مع الرفيق فايز، عندما اقترن بالرفيقة ادال نصر(2)، عندما غادر الى السعودية، ثم عندما انتقل الى افريقيا(3).
في كتابه "يوميات مناضل" يشرح الرفيق فايز كيف تدهورت احواله المالية بسبب الحرب الاهلية في ليبيريا، حتى اذا عاد نهائيا الى الوطن استقرّ في منزل ابنة شقيقته في ساقية الجنزير، استأجر سيارة اجرة، كان بها يغطي جزءاً من مصروفه، ويلقى عناية رفقاء له، واهتمام ابني شقيقته: الرفيق فؤاد حلاوي والمواطن عاطف.
كان يتردد الى المركز باستمرار. الرفقاء في مكتب الاستعلامات تعرفوا إليه، وباتوا يعرفون فور وصوله، انه سيسأل عن الامين لبيب ناصيف، او عن الرفيقة اروى بو عزالدين التي باتت المرجع بالنسبة لكل ما يحتاج إليه. رفقاء عديدون اهتموا به وشعروا انهم معنيون بتقديم العون لرفيق مناضل، عرفوه في الوطن وفي ليبيريا.
لكل منهم نوجه تحية اكبار، فقد كانوا اوفياء جداً لرفيق مناضل عندما قسا عليه الدهر وبات، وقد اقترب من المرحلة الاخيرة من شيخوخته، والامراض تقتات من عافيته بحاجة لمن يقترب منه، لا من يبتعد، اذ يلمحه.
*
وداعاً يا رفيق فايز حلاوي. لقد تركتَ بصمات عديدة من النضال القومي الاجتماعي في مسيرتك الحزبية، وتركتَ لنا كتابك "يوميات مناضل" مرجعاً نقرأه بتمتع، فنقرأ فيه مزايا الالتزام القومي الاجتماعي.
لعلني الاكثر معرفة بك ومتابعة لاوضاعك. لذا فاني الاكثر حزناً على رحيلك. سأذكرك دائماً بحنين واسكب دمعة اسى. لقد عرفتَ النضال القومي الاجتماعي صمتاً وبطولة وهدوءاً وتواضعاً وأنفة وترفعاً والتزاماً بكل جميل.
سكنتَ تاريخنا عبر وقفاتك الصلبة، في التحقيق، في قفص المحكمة، في الاسر، وما بعده في سنوات العمل السري.
امثالك باقون في ذاكرتنا، في وجداننا، وفي تاريخ هذا الحزب العظيم الذي كنت فيه، من ابناء الوفاء.
*
• ".. وعندما وصلنا امام مخفر كفرذبيان، لاحظت ان حاجزاً هناك يقطع الطريق، فأمرت السائق بان يتجاوز الحاجز بسيارته ويمر سريعاً دون توقف، وبالفعل، نفذ الامر بمهارة مميّزة. وكان الضباب كثيفاً نسبياً.
• " ..تابع السائق السير في الضباب بمهارة ملحوظة وبسرعة لا تخلو من بعض المغامرة.. غير ان سرعة سيارتي مكنتنا من الابتعاد والافلات (من سيارة الدرك التي كانت تلاحق سيارة الامين الدكتور سعاده) .
"اوراق قومية" صفحة 125
هوامش
1. من حاصبيا. مقيم فيها بعد ان كان بلغ سن التقاعد مغادراً عمله في ادارة التوزيع، في الشركة اللبنانية لتوزيع الصحف والمطبوعات.
2. مراجعة النبذة المعممة عنها في ارشيف تاريخ الحزب على الموقع التالي: www.ssnp.info
3. غادر الى ليبيريا اولاً، ثم انتقل الى نيجيريا، بسبب الاحداث الدامية التي عصفت بليبيريا. كان للامين سامي مداح الذي كان يتولى المسؤولية الحزبية في مدينة ايبادان، ثم على مستوى نيجيريا، اليد الطولى في العناية بالرفيق فايز بعد ان علم بوجوده في المدينة المذكورة.
|