في إطار أنشطتها الثقافية حصراً، تقوم "مؤسسة سعاده للثقافة" بأنشطة تتناول فيها موضوعات في فكر سعاده، ذلك من خلال عقد ندوات تنتخب لكل منها محاضرين، وتشرك بها متابعين إما حضورياً في القاعة أو عبر وسيلة التواصل التي تتيح المشاركة عبر العالم... وكان ٱخر هذه الندوات يوم السبت المنصرم، و كانت بعنوان: "النظم السياسية الجديدة: فكر سعاده وإيجاد المشتركات لتطوير الأنظمة" وكان المحاضرون فيها: د. كميل حبيب، عبر الزوم، وإبراهيم مهنا ونايل قائدبيه في القاعة.
ولمّا أن مشاركة كل من عموم الحضور محدد بدقيقتين إلى ثلاثة، وهي مدة قصيرة للمداخلات الفلسفية والحقوقية... فضلاً عن ما يشوب الإرتجال من قلة التركيز، و لما أن الموضوعات التي قاربها فكر سعاده مثيرة للجدل في غياب مؤسسات مركزية تقوم بالواجب للفصل بالرأي... رأيت أن أسهم بهذا البحث، عله يقدم أفكاراً تخدم الإنحياز الموضوعي الموثّق للرأي.
*
أنطلق من خطاب سعاده في الأول من ٱذار عام 1940 ومما جاء فيه: "... نحن ننهض لنأخذ حقنا ونعطي العالم المفتقر إلى نبوغ أمتنا ومواهب شعبنا... إن نهضتنا القومية هي لإعادة النبوغ السوري إلى عمله في إصلاح المجتمع الإنساني وترقيته... إن الحركة السورية القومية لم تأتٍ إلى سورية بالمبادئ المحيية فقط، بل أتت العالم بالقاعدة التي يمكن عليها استمرار العمران وارتقاء الثقافة. "المرجع: أنطون سعاده، الأعمال الكاملة ج.4 ص.23، منشورات مؤسسة سعاده للثقافة"
وأضيف ما جاء به سعادة في خطاب له في سانتياغو، ونُشٕرَ في سورية الجديدة، العدد 67 تاريخ 25/05/1940 وتضمنه المرجع السابق ص.37 ما يلي:
"... الوجود السوري في العالم ضروري للحضارة والثقافة وترقية النوع البشري، فنحن يجب أن نكون أمة عظيمة حرة، ليس لمصلحتنا فقط، بل لمصلحة الإنسانية كلها..." ويكمل في الصفحة 38: "... إن سورية القومية تضع أمام العالم اليوم فكرة "التعبير عن الإرادة العامة" بدلاً من فكرة "تمثيل الإرادة العامة" التي لم تعد تصلح للأعمال الأساسية لحياة جديدة...
إن الديمقراطية الحاضرة قد استغنت بالشكل عن الأساس، فتحولت إلى نوع من الفوضى لدرجة أن الشعب ذاته بدأ يئنّ من شلل الأشكال التي أخذت على نفسها "تمثيل "الإرادة العامة، و صار ينتظر انقلاباً جديداً، وهذا الإنقلاب الجديد هو ما تجيء به الفلسفة السورية القومية القائلة بالعودة إلى الأساس والتعويل على "التعبير عن الإرادة العامة" بدلاً من "تمثيل الإرادة العامة" الذي هو شكل ظاهري جامد...
فالتفكير السوري القومي الجديد هو إيجاد طريقة جديدة إسمها "التعبير عن إرادة الشعب... و هذه الفكرة الجديدة، أي "التعبير عن إرادة الشعب" هي الإكتشاف السوري الجديد الذي ستمشي البشرية بموجبه فيما بعد، وهو دستورنا في سورية الذي نعمل به لنجعل البلاد دائماً كما تريدها الأمة... فالإرادة العامة، إذا لم تجد "التعبير" الصحيح عنها في فكرة واضحة وقيادة صالحة تصبح عرضة لأن تقع فريسة للمطامع والمٱرب التي تؤمن ب "الديمقراطية التمثيلية"... فالتمثيل هو دائماً أهون من التعبير، لأن التمثيل شيء جامد يتعلق بما قد حصل، و أما التعبير فغرضه الإنشاء وإدراك شيئ جديد يتعلق بما يجب أن يحصل... ".
أترك هنا ما جاء في خطابات سعاده في سبيل المثال وليس الحصر بشأن "الديمقراطيه التعبيرية" لأتناولها في نصوص كتاب نشوء الأمم، وأعتمد كمرجع نسخة الطبعة الثانية _ دمشق_ 1951.
مع الفصلين الخامس والسادس من الكتاب، يمسك سعادة بيد القارئ لتلقينه، و يقوده خطوة خطوة باتجاه ما يمكن أن نصطلحه ب "الديمقراطية التعبيرية".
هذا المسار الفكري مرجعه، بالنسبة إلى سعادة، ما سجله التاريخ في موضوع انبثاق السلطة وإدارة الشأن العام للجماعات التاريخية... وهذا المسار، وفي إطار مقاربته لشتى شؤون الحياة، فإنه بتتبع تسلسل وتطور ظهور قادة المجتمع وأثر دور هؤلاء القادة في التطورات التفاعلية وفقاً لحتميات سد الحاجات.
ننطلق في تتبعنا من مرحلة سد الحاجة مداورة تاركين مرحلة سد الحاجة مباشرة لأن في هذه الحالة الثانية كان الفرد نقطة في موجة لا تمييز له بين أترابه، ولأن المرحلة الأولى انطلقت مع بروز "الشخصية الفردية" التي اعتبرها سعاده في أول عبارة من مقدمة الكتاب: "أعظم ظاهرة إجتماعية: تمهد للوجدان القومي... وعلى أساس هذه الظاهرة الإجتماعية تظهر شتى الظواهر الإجتماعية، المادية منها والنفسية العقلية كافة.
إلى ذلك، ولمّا كانت حتمية سد الحاجة تتطلب أنشطة متحدية جسدياً، كان من الطبيعي أن يتقدم الذكور على الإناث، و أن يبرز من بين الذكور من هو أقوى من أترابه في أنشطة سد الحاجة... نقرأ في الصفحة 98: "... رويداً، رويداً، نبدأ نلاحظ ظواهر إجتماعية جديدة نشأت مع الإستئثار بالمرأة والبطولة في المعارك والإقدام في الصيد... وهذه الظاهرة هي قيام الرأس أو الشيخ على العشيرة مع ما واكب ذلك لجهة تقبّل الجماعة له والإنصياع الإرادي لأوامره ونواهيه، وقد ساعد في استيلاد الرأس عوامل مضافة ومكملة هي الجنس والسن والشخصية... وهنا نجد صورة الدولة في ما يمكن أن نسميه سلطة او إدارة تنفيذية أو قوة فيزيائية...
يشكل عامل سد الحاجة، إذن، الطبقة الخلفية لاستمرار عيش الكائنات الحيه على كوكب الأرض، وهذا العامل، في ظل بدء عمل العقل وبروز الشخصية الفردية وجه الإرادة البشرية إلى تنظيم شؤونه بابتكارات أرقاها "الدولة".
يذكر سعاده ثلاث أشكال للدولة:
الشكل الديمقراطي، وهو حكم الشعب، والشكل الأوطقراطي وهو حكم الفرد، والشكل الأرستقراطي، وهو حكم الأقلية المفضلة (ص.101)، وفي شرحه لهذه الأشكال يقول عن الشكل الديمقراطي أنه: "... من خصائص الشعوب الفطرية التي لا قياس لها في المجتمعات المرتقية العمرانية (ص.101): "... إن ظهور هذا الشكل كان في أقل الشعوب ثقافة.... إن الدليل الأتنولوجي يعطي الدليل على أسبقية الديمقراطية... إن الشكل الديمقراطي هو من خصائص الجماعات الأولية والشعوب التي لا قابلية لها لإنشاء الدولة الأرضية المنظمة (ص.102).
ينتقل سعاده بعد هذا التصنيف للدول ليتناول "الدولة التاريخية"، و عنى بها في ظل طرق سد الحاجة: الدولة المتحولة إلى فعالية التنظيم وفقاً لخطط الرأس أو النخب. فنقرأ في الصفحتين 108 و 109: "مثلت الدولة التاريخية المتسعة انتصار فكرة القوة في السياسة على فكرة العدل "التمثيلي" أي انتصار السياسة على الإجتماع... فلقد تخلًت هذه الدولة عن تلك الديمقراطية الأولية الملازمة لحالة كل أشكالها وقواها رهن الضروري الأولي في سد الحاجة، واتخذت من أسباب الثقافة المرتقية في أعمال الخزن وسيلة لتنفيذ إرادتها، أي تحرير اليد العاملة وبروز الرأس المنظّم... وهكذا تمت السيطرة التي أصبحت محور المزاحمة على السلطة بين النخب...
"... كان لتفرد النخبة بالسلطة... الشأن الأعظم في تنظيم الدولة وترتيب شؤونها... وأغلق باب التلاعب بالمقدرات."(ص.110) " ... والحقيقة، إننا نجد جذور الديمقراطية الحديثة (التعبيرية) في سلطة الفرد التي أنقذت السيادة من مطامع الأقلية الممتازة، من جهة، و من عبث الجمهور، من جهة أخرى (ص.110).
"نظمت الدولة المركزية ذات السلطة الفردية الإدارة العامة بكل دقة... فكانت العناية بموظفي الحكومة كبيرة.." (ص.110).
"... السلطة الفردية أنقذت الشعب من استبداد الطبقة وعبث الجمهور..." (ص.112).
وللمزيد في توضيح عظمة وأفضلية فكرة "الفصل بين السياسة والإجتماع " وأهمية دور "النخب"، يقول سعاده في الصفحتين ( 117 ـ 118): "... لم تقع المدينة السورية في ورطة استبداد الجمهور بواسطة تدخل الأفراد، كما حدث في أثينا، المدينة الإغريقية لعهد بركليس، حيث كان يحق لكل فرد من أفراد المدينة المعترف بهم "شريكا" فعلياً في إدارة الدولة... إن العقل السوري العملي لم يكن يميل إلى تخيلات فاسدة من الوجهة العملية، و لذلك فهو قد اكتفى من التجربة الإغريقية للحكم الشعبي بواسطة الشعب أجمع، بالمشاهدة، إنه لخيال بديع في نظر غيري، وسخيف في رأيي، إن المدينة السورية ظلت محافظة على الفرق بين السياسة وهي قيادة وتنظيم الشأن العام، والإجتماع، وهو حقوق المواطنة العامة، واضحاً. وهذا الفرق هو ما مكن الدولة من إضطراد تقدمها... "
لا بد لي من التوقف عن المتابعة لإدخال فكرة تناول سعاده لثلاثية: "المصلحة والإرادة والوعي" وهي مرتكزات سد الحاجات.
في هذا الموضوع، أسجل العناوين التالية كما وردت في سفر نشوء الأمم:
_ يشتمل معنى المصلحة على كل ما تنطوي عليه النفس الإنسانية من علاقات واحتياجات (ص.149)
_ المصلحة هي القطب السلبي، والإرادة هي القطب الإيجابي (ص.149)
_ المصلحة تطلب والإرادة تلبي (ص.149)
_ المصلحة الإجتماعية هي كل ما يولّد عملاً إجتماعياً وبالتالي فإن الرابطة هي رابطة المصلحة العامة (ص.149).
_ كلما نمت الحياة وازدادت أحوالها، ازدادت المصالح التي تولّد قوة روابط الإجتماع وقلّت المصالح الفئوية المفرّقة (ص.150).
ولمّا أن الرابطة الإقتصادية هي مصلحة تأمين حياة الجماعة وارتقائها... فإننا نعد تأمين المصالح المتشابهة الجوهرية من أهم المصالح الأجتماعية (ص.151). وهذه المصالح المتشابهة هي العلم والعمل والسكن والطبابة والأمن الداخلي والخارجي والمساواة...
".. فحيث وُجٕدَ متحد، كانت مصلحة حياة كل فرد من أفراده مصلحة حياة المتحد العامة، بل أول مصالحه... فكل مجتمع لا يؤمن حاجات حياة كل فرد لا يثبت (ص.151).
ولمزيد من التوضيح، يتناول سعاده بالشرح موضوع المصالح الإجتماعية التي هي مصالح كل متحد، فيقول:
"المصالح الإجتماعية لها خصائص ربط الناس في المتحد، وهي نوعان:
_ المصالح المتشابهة أو الشكلية، وهي لكل فرد، كتحصيل المعاش وتحقيق الطموحات والوصال مع الحبيب...
_ المصالح العامة، وهي مشتركة، ويتوجب الإشتراك من أجل تحقيقها، ويمتد خيرها ليشتمل كل المتحد...
إلى ذلك، قد تتقاطع المصلحة العامة مع المصلحة الفردية فتكون عند ذلك مركبة ومؤقتة بالنسبة إلى الفرد وثابتة ودائمة وبالتالي بسيطة وأولية بالنسبة إلى المتحد. وعلى ضوء ذلك يحصر سعاده في الصفحتين 152 و 153 المصالح الإجتماعية بثلاثة أنواع:
_ النوع الأول، وهو الأساسي ويشتمل على المصالح الجنسية والنفسية:
وهي فردية وعائلية وتسد حاجات الغذاء واللباس والمدرأ...وينتج عنها جمعيات زراعية وصناعية وتجارية وصحية... والمصالح النفسية تتناول العلوم والفلسفة والدين والتهذيب... ومؤسساتها الجمعيات، دور العبادة، المدارس، المعاهد، الجامعات... والمصالح الفنية، وتتناول الرسم والدهان والموسيقى والتمثيل والأدب...
والمصالح الخصوصية وتتناول الطموح الفردي والجاه والسعي إلى السلطة... ومؤسساتها الجمعيات والأندية والأحزاب...
_ النوع الثاني هو المصالح الإقتصادية البحت العامة.
وإهتماماتها إدارة الشأن الإقتصادي العام في المتحد التام وجمعياتها: الوزارات والمصارف، خصوصا المركزية، وشتى السلطات التنفيذية التي يوكل إليها إدارة وتنظيم الأنشطة الإقتصادية العامة والمال العام والتي لها علاقات بتأمين المصالح الأساسية المتشابهة لجماعات المتحد الأتم... يضاف إلى هذه الجمعيات المصارف والشركات المساهمة (التراسط) والإتحادات التجارية الكبرى...
_ والنوع الثالث هي المصالح السياسية، وهي ارقى المصالح وأكثرها خطورة وفعالية، ومظهرها "الدولة" من خلال السلطات التي تمسك دفة إدارة شؤونها كافة.
فالدولة بما فيها من سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تشتمل وتدير جميع مصالح المتحد الأتم (الأمة) وينشأ في كنف الدولة جمعيات محلية تختص بالمتحدات الأصغر فالأصغر... تتمثل بالحكومات المحلية (مجالس البلديات) للمناطق والمدن... كما ينشأ في كنف الدولة الجمعيات السياسية والجمعيات القانونية والقضائية... والجمعيات الترفيهية المخطط لها لتلعب دوراً يؤمن مجالاً للتفاعل الإيجابي والتعارف والسمر والتسلية... في ظل أجواء مفيدة وبريئة...
هذه المصلحة السياسية الخطيرة والراقية لا بد لها من تنظيم لانبثاق سلطاتها، تنظيم يحول دون عبث الجمهور بها... وهذا التنظيم وضعه سعاده في دستور الحزب الذي اعتبره دولة الأمة السورية المستقلة مجسدة بالحزب السوري القومي الاجتماعي، وقد اصطلح عليه,,: "الديمقراطية التعبيرية" ونفذلكه كما يلي:
في المادة الأولى من دستور الحزب، دولة الأمة السورية المستقلة، أي دولة أعضاء الحزب، وعلى ضوء ان عودة الأمة إلى الوجود الفاعل تتحقق بحيويتها فلقد ورد في نص هذه المادة: "... وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها..."
وفي المادة الخامسة من الدستور عينه جاء نصها: "نظام الحزب مركزي تسلسلي حسب الرتب والوظائف التي تنشأ بمراسيم يصدرها الزعيم".
وجاء في المادة الأولى من المرسوم عدد 2: "يقسم الحزب إلى مناطق إدارية وفرق نظامية..." فكل عضو في حزب سعاده هو إمكانية مجتمعية نظامية يحمل رتبة ومُعد للوظيفة المناسبة..
وجاء في المرسوم عدد 7 الذي يتناول رتبة الأمانة، في المادة الأولى منه: "رتبة الأمانة رتبة عليا، هذا يعني حتماً وجوب وجود رتب أدنى تعد الأعضاء لإشغال وظائف حزبية، وقد أشار إليها الزعيم في المادة الخامسة من الدستور المذكورة أعلاه.
في المادة الثانية من المرسوم عدد 7 ترد شروط نيل رتية الأمانة العليا وهي: انقضاء مدة خمس سنوات على إنتماء العضو القومي الإجتماعي إلى حزبه يكون خلالها قد أظهر فهماً صحيحاً للعقيدة وإيماناً بالزعيم ونزيهاً ومحافظاً على سلامة الحزب ونظامه تحت كل الظروف وان يكون مناضلاً ممتازاً فكرياً وعملياً ومجاهراً بانتمائه مضحياً مؤمناً، مظهراً تفوقاً في الإيمان والإدراك والشجاعة والإقدام والحنكة في سبيل النهضة واهدافها...
إلى ذلك، فإن حاملي رتبة الأمانة العليا مؤهلين، حسب المادة الخامسة من هذا المرسوم للإئتمان على أسرار الحزب الخطيرة وللإنتداب للأعمال التي تقتضي صفات ممتازة...
إلى ما تقدم بالنسبة إلى رتبة الأمانة، و لما أن نظام الحزب مركزي تسلسلي، و لما أن المجلس الأعلى الذي أنشأه سعاده، ولو كان دوره محصوراً بالإستشاري ٱنذاك، لأن إعطاءه صلاحيات تتعارض مع دور الزعامة. فإن العضوية فيه مشروطة بحاملي رتبة الأمانة فقط، فإن سلطات الحزب في مؤسساته العليا هي حتماً مشغولة من جسم الأمناء وعلى عاتقهم تقع ٱلية هذا الإشغال... فالأمناء، حسب شروط نيلهم للرتبة العليا، كل واحد منهم يتمتع بالمؤهلات التخصصية والقيمية للقيام بواجبه القومي مجسدا تطبيق المبدأ الأساسي الثامن القائل: "مصلحة سورية فوق كل مصلحة" فهذا المبدأ في ما شرحه سعاده انه يلغي الحوم في أين يجب على القومي الإجتماعي ان يوظف جهاده النضالي... ففي ظل الهم الدائم للأمين فإنه دائب على إعمال العقل في العقيدة والدستور لإنتخاب مجالس عليا جديرة ومتناسبة مع ضرورات المرحلة، وقادرة على وضع الخطط التي تحافظ على استقلال قرار الحزب وتجعل من قراره هذا مرجعا لجميع الإرادات الساعية للخير العام والتي لها الحق في التدخل فيه... وحيث يتحول باقي الأمناء، بعد انتخاب المجلس الأعلى منهم، إلى مؤتمر دائم يراقب اعمال السلطتين التشريعية والتنفيذية.
إن مؤسسات سعاده التي اعتبرها أعظم أعماله بعد وضعه لفلسفة النهضة قد لحظ في وضعه لها الفصل التام بين السياسة والإجتماع، فممارسة السياسة بغاياتها العامة هي مركزية عليا وهي من مسؤوليات الزعامة والمجالس العليا والمكاتب السياسية المركزية...
كما أن إدارة شؤون متحدات المناطق الإدارية في الحزب تديرها هيئات المنفذيات وهيئات المديريات ولجان المديريات ومجالس المنفذيات. ويتم لها ذلك على ضوء الإرشاد المركزي وتحت إشراف المجالس العليا... فاهتمامات المجالس العليا هي السياسية وإهتمامات المجالس المحلية هي الإجتماع.
|