امضت الامينة اخلاص نواف حردان سنوات الى جانب الرفيق زكريا لبابيدي(1) في جريدة الحزب "البناء". ذات يوم وكادت تهوي ارضاً صدرت عنها بعفوية كلمة "يا عذرا" فاقترب منها الرفيق زكريا يسألها: درست عند الراهبات رفيقة اخلاص ؟
اومأت بنعم، وسألته لماذا سؤاله، اجاب ان المدارس المسيحية تنشيء تلاميذها من غير الطائفة المسيحية، على غير عاداتهم.
- ليش انا شو رفيق زكريا ؟
عندها اكتشف الرفيق زكريا لبابيدي، ان الموظفة معه في "البناء" منذ سنوات، ليست على مذهب الموحدين الدروز كما كان يعتقد. فالاب: نواف، والام: عليا، وهي: اخلاص، والبلدة: راشيا. اذ، لا شيء يمكن ان يشير الى الطائفة.
اسوق هذه الحادثة التي قفزت الى ذاكرتي عندما علمت ان الرفيق ادونيس نصر ليس على مذهب التوحيد، عكس ما كنت اعتقد، وقد عرفت والده الرفيق اسعد نصر ناشطاً في مواقع الحزب العسكرية، "ابو صنين" كما عرفه جميع الرفقاء وعرفوا تفانيه في تلك السنوات المجنونة من الحرب اللبنانية.
هكذا حزبنا. نترافق. نلتقي. نصرف السنوات معاً، ولا احد يعرف هوية رفيقه الطائفية الا صدفة، او عند وفاته.
*
بتاريخ 15/01/2015 نشرت نبذة عن رفيق شاعر، كان تبوأ مسؤولية منفذ عام الغرب الساحلي في الثلاثينات من القرن الماضي: طنوس نصر.
لم يكن يعرف الرفيق ادونيس اي شيء عنه، وطبعاً لم اسأله عن هويته الطائفية وان كنت قدّرت انه قد يكون من الطائفة المسيحية. ولم يدهشني ذلك فالشويفات عرفت الحزب منذ بدايات التأسيس، وكان منها "الرفيق" شارل سعد مؤسس المدرسة الشهيرة باسمه، وتولى في تلك المرحلة مسؤولية منفذ عام بيروت، قبل ان ينحرف فيُطرد. ومنها الامين بدري جريديني الذي، بعد ان حاز على شهادة الصيدلة، انتقل الى حماة بتوجيه من سعادة، متولياً مسؤولية منفذ عام، مؤسساً صيدلية، وحضوراً حزبياً مشعاً بفضائل النهضة، ومنهم ايضاً الرفقاء رافع، ظافر، وامين جريديني.
وعرفت شخصياً الرفيق سليم خيرالله الذي تولى مسؤوليات محلية في كل من منفذيتي الغرب وبيروت، ومركزية منها مسؤولية خازن عام، وكان الرفيق سليم اسس داراً للنشر باسم "دار الحضارة" وله العديد من الروايات. وعرفت ايضاً الرفيق عيسى جريديني وشقيقتيه الرفيقتين ماري وازدهار.
*
عرفت الرفيق ادونيس جيداً منذ سنوات. ناشطاً في مخيمات الاشبال، ثم في مسؤوليات عديدة، في المركز وفي "دار فكر" .
كان مركز الحزب بيته، وكل حياته. لقد التزم بالحزب بكل وعيه، ووجدانه، وكان مشروع شهيد كل يوم، بل كل ساعة، وكل ثانية. دائماً كان يخطو نحو الشهادة بفرح، بعشق وبابتسامة عريضة.
كنت ارتاح إليه واعرف صلابة نفسيته وصفاء انتمائه، كما طيبة قلبه والتزامه المطلق بالحزب. لا شيء عنده غير سعادة.
وكان طبيعياً جداً ان احبه، ان اثق به، وان انظر إليه رفيقاً يعد بالكثير.
*
سيمضي وقت طويل قبل ان نعتاد في مركز الحزب على غياب الرفيق ادونيس. كان حاضراً بكل عفويته ودماثته واخلاصه وحيويته وضحكاته، والاهم بحبه لكل رفقائه، ولو قسا احياناً على قلّة منهم.
اني حزين جداً يا رفيق ادونيس لفراقك، انما انا سعيد وفرح، لاني اعرف انك اخترت الشهادة بكل وعيك وارادتك وقرارك، وسعيتَ إليها كل يوم.
لقد بت مثالاً للقومي الاجتماعي المندمج بحزبه حتى الثمالة، كما رفقاء رائعين عرفهم الحزب في تاريخه الصراعي الطويل،
لذلك صعب ان ننساك .
هوامش:
(1) زكريا لبابيدي: من مناضلي الحزب. تولى مسؤوليات عديدة، محلية ومركزية. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى قسم ارشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
|