عرفت الامين يوسف الشامي في ستينات القرن الماضي. كان يتردد الى بيروت في فترة تولي الامين هنري حاماتي لمسؤولية مفوض عام لبنان.
ومنذ ذلك التاريخ تربطني بالامين يوسف صداقة ومودة وثقة. إذ خبرت جيداً كم يملك من اخلاق النهضة، وثقافتها، وكم كان متفانياً في التزامه،
كذلك تعرفت الى شقيقه الامين ساسين، الذي لم يكن اقل منه ثقافة والتزاماً نهضوياً.
ومنذ الستينات لم يعرف الامين يوسف هروباً من مسؤولية او تقاعساً عن واجب، فما من مرّة كانت تطرح الاسماء لعضوية هيئة منفذية طرابلس، الا وللامين يوسف حضوره فيها. ومثله رفقاء عديدون، لعل ابرزهم سليم صافي حرب، زهير الحكم، عصام البابا، زهير الدبوسي، اسماعيل بهجت، اشرف سباعي.
وفي مركز الحزب كان للامين يوسف حضوره في المسؤوليات، عميداً للداخلية، عضواً في لجنة منح رتبة الامانة .
كنت اسمع الاطراء المستمر من زميله في اللجنة الامين انيس جمال مردداً امامي اكثر من مرة ان الامين يوسف كان وجدانياً، وصادقاً، وجريئاً في كل المداولات. كان دائماً يضع مصلحة الحزب فوق اي اعتبار .
ومن جهتي كنت اولي ثقة تامة للامين يوسف وقد خبرته جيداً في المسؤوليات وعرفت كم كان يزن الامور بكثير من الدقة، وبشفافية لافتة.
واشهد اني لم اسمع نقداً من الرفقاء بحق الامين يوسف على الرغم من تباينات قد تحصل في الرأي، اذ كانوا يجمعون على حبه، واحترامه. فهو لم يكن يتوسل اي شيء لنفسه، انما دائماً يطرح المسائل ويناقش ضمن اخلاق النهضة وتبعاً لما يراه صواباً، ولمصلحة الحزب.
على مدى كل تلك السنوات الطوال التي مرّت على علاقتي بالامين يوسف، لم اسجّل عليه يوماً تعاطياً غير قومي اجتماعي.
وعندما وقع فريسة المريض، لم انقطع عن الاتصال به، ومثلي امناء ورفقاء. كنت اتصل به من حين الى آخر، وفي عرس ابنه النقيب نجيب، كنت بين الحضور افرح لفرحه، حتى اذا ودعّته عائداً الى بيروت عبطته بكل الحب الذي أكنّه له، وفي اعماقي حشرجات بكاء. هل ترى كنت اودعه الوداع الاخير ؟
عندما يُحكى تاريخ حزبنا في الشمال، سيحتل الامين يوسف الشامي ـــ كذلك شقيقه الامين ساسين ـــ الحضور الجميل، في "مركبتا" وكان مؤسسا للعمل الحزبي فيها(1) وفي طرابلس وكان دائماً احد الاساس في العمل الحزبي.
أمين يوسف،
كنت َ مميزاً بأخلاقك وثقافتك وحسك القومي الاجتماعي. كنت قدوة في كل تصرفاتك.
اني، وقد شدّتني إليك اواصر المحبة والثقة، اشعر اليوم بكثير من الحزن لفقدانك. اعرف كم هي فادحة خسارة الحزب في الشمال لك، واعرف جيداً كم كنت حاضراً في كل الظروف الصعبة، وكم كنت تبحث عن مصلحة الحزب في كل مواقفك.
اني انضم اليوم الى عائلتك في حزنها الكبير عليك، ونادم اني لم اتمكن من زيارتك كثيراً وان اقعد معك كثيراً، وان اسجل الكثير من الدرر التي تملك.
وحزني اكثر اننا نفقد يوماً بعد يوم رفقاء لنا كانوا مجلّين في وعيهم ومناقبهم واخلاصهم لحزبهم، وصدقهم، وانت منهم:
والبقاء للامة
|