عندما تتقاطع المصالح تموت المبادئ، توضع في نعش الأنانية، ويصبح الظالم ضحية. تلك هي شريعة الغاب التي تحاول الولايات المتحدة الأميركية إسقاطها على البشرية، تحت ذريعة الحرية ومبادئ الديمقراطية.
ولا نستغرب أنّ شرعة إعلان حقوق الإنسان كانت في العام نفسه الذي أعلنت فيه الدولة المشؤومة فباسم حقوق الإنسان أزالوا شعوباً وأوطاناً.
ومنذ ذلك الحين لا بل منذ وعد بلفور تسارعت وتسابقت الإدارات الأميركية المتوالية لإظهار الدعم ومدّ العون بكل جوانبه لذاك السرطان المستشري في أمتنا السورية.
فإذا ما بدأنا نستذكر ذاك الدعم فإنه وبعد إعلان وعد بلفور المشؤوم في 2 تشرين الثاني 1917 قال الرئيس الأميركي وودرو ويلسن في بيان للشعب الأميركي: «أنا مقتنع بأنّ دول الحلفاء بالاتفاق مع حكوماتها وشعبها قد اتفقت على أن ترسي في فلسطين أسس كومنولث يهودي».
وفي 11 أيلول عام 1922 قرر مجلس الشيوخ والنواب الأميركي في جلسة مشتركة «إظهار العطف في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين».
أما في 11 أيار عام 1942 فقد عقد المؤتمر الصهيوني العالمي في فندق بولتيمور في نيويورك واتخذ قراراً «بتحويل فلسطين إلى دولة يهودية وإجلاء العرب عنها إذا عارضوا ذلك»، وأسرع الرئيس الأميركي «روزفلت» وأعلن تأييده القرار اليهودي.
واجتمع الرئيس الأميركي روزفلت مع الزعيم الصهيوني «د. ستيفن وايز» في 16 مارس 1945 وخوّله أن يقول «أنّ الرئيس قد أوضح موقفه إزاء اليهود في خطاب كتب في تشرين الأول 1944»، وهو البرنامج الذي أيّد حرية الهجرة اليهودية من دون قيد أو شرط إلى فلسطين وإقامة دولة يهودية.
كما أعلن الرئيس الأميركي «ترومان» في مؤتمر صحافي في 16 آب 1945 تأييده السماح بدخول أكبر عدد ممكن من اليهود إلى فلسطين. وفي 31 آب من العام نفسه بعث الرئيس الأميركي ترومان رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني «كلمنت أتلي» يطلب فيها السماح لمئة ألف آخرين من اليهود الناجين من خطة الإبادة النازية المدعاة في أوروبا بدخول فلسطين، وعرض استخدام السفن الأميركية في المساعدة على توفير وسائل الانتقال اللازمة لهم.
ثم أصدر بياناً يدعو إلى «هجرة يهودية كبيرة إلى فلسطين من دون انتظار التوصل إلى تسوية دائمة لمستقبل انتداب فلسطين».
كما بذلت إدارة ترومان جهوداً مكثفة للضغط على عدد من الدول لحملها على التصويت إلى جانب تقسيم فلسطين وخصوصاً مندوبي هايتي وليبريا وسيام، ولولا تحول هذه الدول من الرفض إلى الموافقة لفشل اقتراح التقسيم.
وفي 14 أيار 1948 عند إعلان قيام الدولة المزعومة سارع ترومان خلال عشر دقائق من بدء الإعلان عنها إلى الاعتراف بهذا الكيان وتأييده.
وقرّرت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي عام 1965 خفض ما تسهم به الولايات المتحدة في ميزانية وكالة غوث للاجئين الفلسطينيين بنسبة 5 في المئة.
كما طلبت الحكومة الأميركية عام 1966 من الأمم المتحدة وقف تقديم المساعدات إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون تدريباً عسكرياً وشطب أسمائهم من قائمة الأشخاص الذين يحصلون على مساعدات من وكالة إغاثة اللاجئين.
وفي العام نفسه أعلن الرئيس جونسون أنّ «سياسة الولايات المتحدة تقوم على تأييد أمن إسرائيل والإبقاء على الوضع الراهن في الشرق الأوسط».
وتقدمت إدارة جونسون في العام ذاته بمشروع قرار لمجلس الأمن تدعو فيه كلاً من «إسرائيل» وسورية إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه زيادة حدة التوتر في المنطقة. واستخدم الاتحاد السوفياتي حق الفيتو لنقض القرار.
وفي العام 1968 استثنى الكونغرس الأميركي «إسرائيل» من الإجراءات النامية التي ستتخذ للحدّ من المساعدات العسكرية والاقتصادية للدول التي تستخدم المساعدات في شراء الأسلحة الحديثة.
أما في العام 1972 اعترف مساعد وزير الدفاع الأميركي أنّ «هناك اعتبارات استراتيجية هي التي دعت إلى اختيار اليونان كقاعدة للأسطول السادس، وأنه من دون ذلك ستتعرّض إسرائيل لخطر بالغ».
وفي العام نفسه أقر المؤتمر القومي للحزب الديمقراطي البرنامج السياسي للحزب وقد تضمن «التعهد بإمداد إسرائيل بالطائرات والمعدات العسكرية الأخرى التي تحتاج إليها للمحافظة على قوتها الرادعة وتعهد الحزب في برنامجه بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل».
وفي العام 1972 وجّه الرئيس نيكسون رسالة إلى المنظمة الصهيونية الأميركية قال فيها «إنه أشار بوضوح خلال محادثاته مع القادة السوفيات إلى التزام الشعب الأميركي بضمان بقاء اسرائيل».
كما أكد البيان السياسي للحزب الجمهوري الأميركي في 17 آب عام 1972 «أنّ الحزب يؤيد حق اسرائيل وشعبها في الحياة»، وتعهّد الحزب بأنّ «الولايات المتحدة ستواصل العمل من أجل الحيلولة دون قيام عدم توازن عسكري يعرض السلام للخطر في المنطقة، وذلك عن طريق تزويد اسرائيل بالمساعدات الضرورية لأمنها».
وفي 7 شباط 1973 وافق 80 في المئة من أعضاء الكونغرس الأميركي على «مشروع قانون يقضي بحرمان الاتحاد السوفياتي من التمتع بحقوق الدولة الأكثر رعاية إلا في حالة إلغاء الضرائب على هجرة اليهود السوفيات لإسرائيل».
وافق مجلس النواب الأميركي عام 1975 بأغلبية 21 صوتاً ضدّ 8 أصوات على تعديل يلغي بمقتضاه «اعتماد مبلغ 322 مليون دولار من المخصصات الأميركية التي تقدم لمنظمة العمل الدولية»، وذلك بعد القرار الذي اتخذته المنظمة «بتخصيص مقعد لمنظمة التحرير الفلسطينية واحتجاجها على التحرك المضاد لإسرائيل الذي تقوم به المنظمة الدولية».
كما وافق مجلس الشيوخ الأميركي في العام نفسه، على مشروع قرار «ينتقد بشدة الجهود التي تبذل من جانب بعض الدوائر لطرد إسرائيل من الأمم المتحدة».
وقدّم 50 عضواً من الكونغرس الأميركي في العام نفسه أيضاً، مذكرة يعلنون فيها «معارضتهم لطرد أو وقف عضوية إسرائيل في الجمعية العامة».
وفي العام 1976 أرسلت الحكومة الأميركية إلى الكونغرس مشروع قانون «يحظر على جميع الشركات التي تعمل في الولايات المتحدة الاشتراك في مقاطعة إسرائيل».
وفي العام نفسه أعلن هنري كيسنجر «أنّ الولايات المتحدة تؤيد شرعية الغارة الإسرائيلية على مطار عنتيبي لإنقاذ الرهائن المحتجزين».
وفي 1978 صرّح المسؤولون في وزراة الخارجية الأميركية بأنّ «معدل هجرة اليهود السوفيات خلال هذا العام ارتفع إلى 20 ألف يهودي سنوياً في أعقاب التعديل في اتفاقيات التجارة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة والذي ربط بين الهجرة لليهود السوفيات إلى فلسطين المحتلة وحصول الاتحاد السوفياتي على تسهيلات تجارية».
أما في العام 1979 فنشرت الحكومة البريطانية الوثائق السرية الخاصة بانتهاء فترة الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1948. وقد أوضحت «اضطرارها إلى التخلي عن فلسطين بسبب فشلها في إثبات سياسة مؤيدة للعرب في مواجهة الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين».
وأكد الرئيس الأميركي في العام نفسه أثناء اجتماع مع زعماء الطائفة اليهودية الأميركية «أنّ الولايات المتحدة لا تزال على رفضها إجراء أي اتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية».
هذا غيض من فيض وللحديث كما الدعم تتمة…
يتبع…
|