تحت شعار «مستقبل عادل ومستدام»، تنطلق صباح اليوم في العاصمة الأرجنتينية، بوينس آيرس، القمة الثانية عشرة لمجموعة العشرين، وسط حضور كبار قادة ورؤساء العالم، والذين يقودون الدول صاحبة الاقتصاد الأقوى في العالم.
فيما ستجرى خلف الأبواب المغلقة مناقشات ربما تعلو حدة الصوت كما يعلو سقف «الأنا الأميركية» في كل منبر دولي وسط دعوات تشاركية تتنافى مع مطالب ترامب الحمائية والمصلحية الفردية إنما لن تخلو من محاولات ألمانية وفرنسية للتوصل إلى اتفاقات تعاونية تضمن المصلحة الجماعية وبشكل خاص الأوروبية لبناء توافق في الآراء على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها في 80 اجتماعاً قبل القمة المرتقبة اليوم بهدف الاتفاق على وثيقة نهائية تركز على شعارها في المستقبل العادل والمستدام.
إنما يبدو من صدى انعقادها أنها ستدخل التاريخ كأسوأ القمم وأشدها تناقضاً كأقوال لا تعكس الأفعال، فإذا ما أردنا الإضاءة على ما سبقها من أحداث بانورامية مهزوزة الأسس، ومفتتة المعايير، ومهترئة العلاقات الدولية، التي لا بدّ وأن تنعكس على برنامج وأداء رؤساء وقادة الدول ومحادثاتهم لا بل حتى على بيانها الختامي الذي لن يحمل في طياته جديداً وسيعكس الشرخ الدولي وما يحمله خلف صدعه من تداعيات عكسية للسياسات الخارجية الأميركية الربحية.
كما أنّ للنجاح أسباباً يؤخذ بها كذلك للفشل مسببات لم يتم تجاوزها أو حلّ مشكلاتها فأول الغيث قطرة وأول الفشل سببه الرئيسي مزاجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتقلباته اللحظوية وعقيدته المعنونة بـ«أميركا أولاً» ومن بعده فليكن «الطوفان!
وما يبقيه في الشرق الأوسط بحسب تصريحاته تأمين مصلحة «إسرائيل» لتصبح «أميركا وإسرائيل أولاً»، وهي العقيدة التي تهدد استقرار المنطقة بخاصة عقب حرب اليمن وانتهاك السعودية للقوانين الدولية وارتكابها جرائم حرب ضدّ الشعب اليمني بحسب تقارير أممية، وما تبعها من ملف الصحافي السعودي جمال خاشقجي وكيفية قتله ومحاولات ترامب عدم الإيقاع أو التضحية بولي العهد السعودي لما يشكله من حماية لأمن دولة الاحتلال الإسرائيلي ليصبح الثلاثة أقطاب «أميركا والسعودية وإسرائيل» ثالوث شرٍ يهدّد أمن العالم واستقراره، بما يحمله الثالوث من أساليب إرهابية منافية للشرعة الدولية.
وثاني الفشل وتوالي قطرات الغيث العاصف تهديد بانهيار اقتصادي عالمي عقب الحرب التجارية التي بدأها ترامب ضدّ حلفائه و«أعدائه» وما يفرضه من رسوم جمركية من جهة وعقوبات اقتصادية من جهة أخرى ستؤثر حتماً على الاقتصاد العالمي وتنعكس على الاقتصادات الأوروبية قبل الروسية والصينية ستؤدي إلى أزمة اقتصادية تتمثل بخسارة الأسواق وتكديس البضائع ليصبح العالم بحاجة إلى ثورة اقتصادية تأخذ به نحو بر الأمان من عواصف ترامب الجنونية.
تبدو تصرفات الرئيس ترامب «التهريجية» مشوقة. في هذه القمة سنشهد ذروتها في خطابه أمام قادة الدول ولن يكون بعيداً عن خطابه في القمة السالفة في الأمم المتحدة وبالتالي لن يسجل نجاحاً، بل المزيد من المشاكل والأزمات، فبدا واضحاً أنّ هذا الرجل لا يحب هذا النوع من القمم، الذي يجعله محطة «سخرية» لتناقض أقواله وتضارب تصريحاته، بما يحمله من شعور زائف بـ«العظمة»، ليدفع العالم بأسره نحو الهاوية، هاوية الحروب، وهاوية الانهيار الاقتصادي.
ولربما تتشكل جبهة أوراسية ضدّ «الأنا الأميركية» على الأقل في مواقف ترفض الإجراءات الأميركية، وتتمرّد على قوانينها المتجاهلة للوجود الأوروبي والآسيوي. فالعالم اليوم يشهد إعادة بلورة ورسم استراتيجيات ترفض التبعية وتسعى نحو فرض الوجود في ما يسمى بالتعددية القطبية حتى التصريحات الأوروبية تلاقت مع الروسية والصينية في ضرورة إيجاد مكان في القيادة العالمية.
|