نشكر الرفيق سيمون حجار الذي عرفته مسؤولاً ناجحاً في السنغال، ورفيقاً مناقبياً، متفانياً، عاملاً لقضية الحزب، نهضة تبني كل جديد في أمتنا.
منه هذه الكلمة الصادقة عن ابن عمته الرفيق الشهيد نصر فرزلي، على ان ننشر بعد حين معلومات اوفى عن المسيرة النضالية للرفيق الشهيد .
ل. ن.
*
" ولد الشهيد نصر فرزلي في بلدة القرعون على كتف الليطاني في العام 1933 من ابوين لبنانيين. والده هو المرحوم فضل فرح فرزلي ووالدته هي مريم سمعان حجار. له أخ توأم هو منصور وشقيق اخر اسمه فرح، جعل من صياغة التاريخ مهنة له، وشقيقة اسمها سهيلة كانت خير شافية للمرضى في مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت. تلقى الرفيق نصر علومه الابتدائية في مدرسة القرعون، انتقل بعدها الى مدرسة الصنايع في "عروس، البقاع زحلة". في هذه الحقبة من عمر الشاب نصر، اُعدم الزعيم سعادة، ودخل على اثر ذلك الامين عساف ابو مراد(1) الى السجن وعند انتهاء محكوميته عاد الى القرعون وفتح محلا تجاريا يعتاش منه. في هذا المحل كان يعمل حزبيا مع رفيقه نصر الى ان استقطبا عدداً لا يستهان به من شباب القرعون من بينهم "حسن شامية"، "احمد يحيا الفرخ"، "وليم حجار"، "خليل عميص"، "انيس صليبا"، طبيب القلب المشهور في مدينة ديلاواير - الولايات المتحدة الاميركية، "محمد سعيد ذيب"، "حليم مسلم"، والشابين "ريمون مسلم" و"انطوان شكيب الفرزلي". هؤلاء انتسبوا بناء على اقتراح الرفيق نصر في العام 1953.
في اواسط الخمسينات من القرن الماضي التحق الرفيق نصر في صفوف الجيش اللبناني (سلاح الطيران)، وكان يتنقل بين القاعدة العسكرية في رياق وقاعدة الطيران الجوية في مطار بيروت، الى ان حدث انقلاب القوميين في عهد الرئيس شهاب فاعتُـقل الرفيق نصر وسرّح من الجيش وكان لا بد ان يجد حلا لحياته الشخصية فاستنجد باحد اخواله، السيد "مخول حجار"، فعمل له واسطة كي يهاجر الى موريتانيا. لم يدم بقاؤه في موريتانيا طويلاً حتى انتقل الى السنغال المجاورة وهنا بدأت مرحلة اخرى من حياته :
افتتح محلاً تجاريا وراح يكسب عيشه الى ان تعرّف على ابنة خاله سعاد، فتزوجها وانجب منها ثلاثة اولاد هم: ندى وليندا وفضل.
كان الرفيق نصر انسانا اجتماعيا يحب الناس كثيراً، والناس تبادله ذلك الى ان كان احد الايام حيث التقى رفيقنا "حسن ابو خليل" من بلدة قانا والرفيق "حسن مروة" من بلدة الزرارية والرفيق "علي سعيد حب الله" من بلدة شقرا واتفقوا على ان يؤسسوا عملاً حزبياً في السنغال فكانت النواة مديرية تسلّم مسؤوليتها الرفيق نصر وراحوا يعملون جميعاً، حتى وصل عدد القوميين في السنغال على ما يربو الاربعين رفيقا في حالة جيدة من التنظيم والاتحاد. في هذه الاثناء القت السلطات السنغالية القبض على عديد من اللبنانيين، من بينهم الرفيق "نصر" لانهم دخلوا السنغال خلسة ولم يكن لديهم اقامة رسمية. بعد ذلك ابعدتهم السلطات الى خارج السنغال، فعاد الرفيق "نصر" مجدداً الى موريتانيا، وهنا بدأت رحلة عذاب جديدة. إذ بعد ان اسس وبنى وفجأة يترك كل شيء ليبدأ من جديد. لم تكن موريتانيا هدفاً للبقاء بالنسبة للرفيق "نصر" وبمعاونة احد الرفقاء، كان يأتي الى السنغال سراً ليبقى فيها بجانب عائلته اشهراً طوال ليعود لسبب او لآخر سراً الى موريتانيا، وهكذا بقي على هذه الحال مدة سنة حتى تسنى لاحد المحبين من رفقائنا ايجاد اقامة رسمية له، وبدأ مجدداً العمل في السنغال، وعاد الى العمل الحزبي وتنظيم الحلقات الاذاعية بكثافة، وعقدها في بيت الرفيقين حسن ابو خليل او يوسف ابو صالح .
اذكر ان رئيس مجلس النواب عادل عسيران حضر مرة الى السنغال، فأقامت له الجالية اللبنانية مأدبة عشاء في فندق "نغور"، وكان من اكبر الفنادق في حينه. القى الرفيق "نصر" كلمة بالمناسبة فوقف السيد عسيران وصفق للرفيق نصر وسأل من يكون هذا الرجل ؟
بعد عودته الى السنغال وبدء العمل الشخصي، والحزبي بصورة رسمية، اي ان السلطات السنغالية لم تعد لها عليه اي مأخذ، صدف ان كان قريبه السيد جورج فرزلي قد قرر العودة بشكل نهائي الى لبنان فعرض عليه ان يبيعه محله التجاري، فقبل الشهيد "نصر" بذلك لان المحل الذي كان تأسس منذ 50 عاماً، ذو حركة مثمرة. بعد ان استلم الرفيق "نصر" المحل التجاري ومكث فيه عدة اشهر استغل صاحب المحل الثغرة التي ارتكبها الرفيق نصر وهي انه اشترى المحل من نسيبه دون ان يسجّل ذلك لدى "كاتب العدل" وكأن السنون التي مكث فيها النسيب بالمحل ذهبت ادراج الرياح فلم يعد بامكان الرفيق "نصر" المطالبة بحقوق او التشبث بالمكوث والبقاء بالمحل فاضطر لتسليمه الى صاحبه بموجب قرار قضائي، فقرر العودة مع عائلته بشكل نهائي الى لبنان اواخر العام 1974، (على ما اظن) واستقرّ في شقة في الدكوانة، حيث اشترى سيارة وراح يتنقل بين القرعون وبيروت ليبيع بعض المنتوجات الزراعية كي يؤمن مصروف العائلة، وكانت الحرب اللعينة قد وضعت اوزارها في شباط العام 1975. ذهبتُ الى لبنان لزيارة والدي الذي كان مريضاً فألتقيتُ الرفيق "نصر" بحكم قرابتي به، فهو ابن عمتي وزوجته سعاد هي ابنة عمي ايضاً وكنا نلتقي شبه يومياً تقريباً. كانت المعارك قد احتدمت بين الدكوانة وتل الزعتر فكنا مع اهله واصدقائه ننهيه بألا يغامر، ولكنه كان مصراً ان يذهب الى القرعون ليأتي بالمنتوجات الزراعية، وينزل بها الى بيروت.
في شهر تموز عدتُ الى فرنسا وفي شهر تشرين جائني الخبر اللعين والمؤسف وهو ان الرفيق نصر قتل على جسر البربير مع زوجته الحامل من قبل احد التنظيمات الطائفية، انتقاماً للاشخاص الذين قتلوا اثناء السبت الاسود حسبما روى لي شقيقه "فرح"، او هذا ما رووه له، فترك قتلهم حزناً كبيراً في قلب والده "ابو منصور" ووالدته واهله وذويه وحزبه وقد ترك الرفيق نصر ثلاث ايتام، هم: ندى وليندا وفضل.
ندى تزوجت من السيد بسيم حجار، (توفاه الله)، وليندا تزوجت احد الكنديين من اصل برتغالي، وفضل انخرط في صفوف الجيش الكندي (قسم هندسة الطيران) وكلهم في كندا.
هوامش
(1) عساف ابو مراد : من مؤسسي العمل الحزبي في البقاع الغربي. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى قسم "من تاريخنا" على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
|