في ما رواه الأمين جبران جريج في الجزء الثالث من سلسلة مجلدات "من الجعبة"، أمثولة لكيف يجب أن يكون القومي الاجتماعي في ممارسته لعضويته في الحزب، وعنوانها المناقب، القدوة والتجسيد الصادق لمفاهيم الحزب ولنهجه النهضوي.
" في أقاصي جبال "العلويين" شابّان كانت بينهما في يوم من الأيام صداقة متينة، فاحتاج أحدهما إلى مبلغ ستين ليرة ذهبية، وكان الآخر في يسر فقرضه المبلغ ولم يرضَ رفيقه أن يسلّمه إيصالاً. ومضت الأيام وخرج المدين من ضيق إلى ضيق أشدّ، فاستسهل النكران فأنكر، فأقام الدائن دعوى في المحكمة، ولكن هذه حكمت عليه لا معه، لعدم وجود إيصال بيده.
ووصلت نهضة الحزب إلى تلك القرية واشتغلت بها بقوّة وثبات. وذات مساء دُعي الأعضاء إلى اجتماع، فإذا الخصمان يلتقيان في صفوف السوريين القوميين.
وفي الصباح الباكر، قُرع باب المدير فخرج ليرى من جاء يزعجه في تلك الساعة، فوجد أحد الأعضاء فاستقبله ببشاشة وسأله عن خطبه. وجلس العضو يقصّ على مديره قصّته مع رفيقه إلى أن وصل إلى قوله:
أمّا الآن يا حضرة المدير وقد أصبحنا رفيقَين في الجهاد، والمبدأ الشريف يقضي علينا بالاستقامة والعدل، فإنّني أرجو منك أن تحمل نصف المبلغ إلى رفيقي الآن لأنني لا أستطيع أن أعيده له كلّه، على أن أكتب له سنداً على نفسي بالنصف الآخر.
واستدعى المدير الدائن وقصّ عليه الخبر وسلّمه ثلاثين ليرة ذهبية، فما كان منه إلّا أن قال للمدير: "إنني يا حضرةَ المدير أقدّر في رفيقي عودته إلى الحقّ، وأرجو منه أن يقبل تنازلي عن المبلغ الباقي لي في ذمّته".
هكذا نحن، هكذا يجب ان نكون
|