في اطار سلسلة من المحاضرات التي تقيمها عمدة التنمية الادارية ضمن التخصص الاذاعي في منفذية الطلبة في بيروت، نظّمت مساء الاثنين 24/10/2011 لقاءً حوارياً مع عميد الدفاع الامين وائل حسنية، تحت عنوان: "الوضع الامني في الشام ومخططات الغرب"، وشارك فيه عدد لافت من الرفقاء الطلبة، من الكيانين اللبناني والشامي، المتحمسين لمعرفة اوسع واشمل عن هذا الواقع العصيب الذي تمرّ به امتنا.
بداية تحدّث العميد في سرد تاريخي قيّم عن المخطط الصهيوني الذي نسجه اليهود والغرب الاستعماري معاً فتولّد عنه في بال سويسرا عام 1998 اول مؤتمرللحركة الصهيونية، وقامت هذه الحركة على اربع نقاط هي:
- اعداد جيش الدفاع الاسرائيلي وانشاء العصابات اليهودية.
- انشاء الصندوق الوطني.
- انجاز النشيد والعلم الاسرائيليين.
- البحث عن ارض قومية يهودية.
في سنة 1911 دعى باترمن رئيس وزراء بريطانيا الى اجتماع للدول الاستعمارية والقى خطاباً جاء منه: " اني لم ادعوكم لمناقشة امر سياسياً او اقتصادياً او اجتماعياً بل دعوتكم للتفتيش عن طريقة للقضاء على ذاك النمر السوري المتربص بنا في شرق البحر المتوسط الذي لو استفاق سيعيد امجاد قرطاجة".
وكان من مقررات هذا المؤتمر تقطيع اوصال مناطق سورية الطبيعية الى دويلات طائفية منقسمة على ذاتها تتخبّط في مشاكلها، فيسهل بالتالي القضاء عليها.
وتابع الامين حسنية: "في العام 1913 كان اتفاق بين رئيس وزراء بريطانيا آنذاك هانكي الذي حلّ محلّ باترمن واليهود، عُرف "باتفاق السادة" والذي قضى باعطاء اليهود لبريطانيا الدعم المالي مقابل اعطاء بريطانيا وعداً في فلسطين وهذا كان قبل وعد بلفور الذي كان قد سبقه عام 1916 مشروع التقسيم الذي يسمى "سايكس بيكو".
الا ان هذه الاجراءات، امام الحقيقة القومية المتجذّرة في نفوس السوريين، لم تحمِ "اسرائيل" من الاخطار المحدقة بها فعادت احلام مؤتمر باترمن الى الحياة".
من هنا انطلق مشروع الشرق الاوسط الجديد الذي بشّرت بولادته وزيرة خارجية الولايات المتحدة الاميركية كوندوليزا رايس عام 2006، الذي يدعو الى التقسيم مجدداً، على قواعد طائفية والذي بدأ بالهجمة على العراق عام 2003 تحت ذريعة وجود اسلحة الدمار الشامل، مما ادى الى انشاء دستور للعراق قضى بانشاء ثلاث دويلات: كردية في الشمال، سنية في الوسط وشيعية في الجنوب، واحترقت العراق بنيران الطائفية المدمّرة وحصلت شبه ابادة للمسيحيين فيها. والجدير بالذكر ان سعي الشام من خلال وعيها القومي بمحاولة عقد مصالحة بين العشائر في العراق ووأد الفتنة، اربك اليهود الذين اندفعوا بين عامي 2004 (محاولة اغتيال مروان حمادة والقرار 1559) و2005 (اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري) الى بثّ الاقتتال المذهبي – المذهبي في الكيان اللبناني، ومن ثمّ تغذية الصراع الفلسطيني – الفلسطيني، والصراع الاردني – الفلسطيني الذي كان كالنار تحت الرماد ولا يقلّ خطورة عن سائر المخططات.
الا ان الخيبة الغربية – "الاسرائيلية" كانت قاسية على رواد الشرق الاوسط الجديد، فوجدوا انه لا بدّ لشلّ حركة هذا النمر من ضرب القلب - حيث ان ضرب الاطراف عاد عليهم فقط بالخسائر-، والمقصود بالقلب هو الشام.
وهنا انطلق الامين حسنية في عرض وقائع الثورة المزعومة في الشام، فقال: " لقد كان فتيل الثورة مشكلة داخلية في درعا مع مجموعة اطفال تمّ اعتقالهم لكتابتهم على الجدران عبارات مندّدة بالنظام السائد، وذلك للتحقيق معهم والوصول الى المحرضين اذ ليس منطقياً ان يقوم اطفال لم يبلغوا من الثقافة والوعي شيئاً بمثل هذا العمل، واستهلّت وسائل الاعلام اليهودية الصنع حملتها ضد الشام ببثّ اشاعات حول تعذيب هؤلاء الاطفال وجزّ شعرهم واقتلاع اظافرهم وما الى هنالك من اساليب التعذيب في حين لم تظهر صورة واحدة على شاشة الجزيرة و غيرها تؤكد هذا الامر".
هذا الحدث ادى الى انشاء امارة في بانياس، فطرح الامين حسنية سؤالاً: "ما هو الرابط بين ما حدث؟ هل التضامن الاخوي؟ هل الانترنيت؟ وما هي الوسيلة التي تمّ اللجوء اليها للوصول الى الثورة؟ ان فكرة الانترنيت مستحيلة اذ قد يؤثر في آراء بعض الناس الا انه لا يقوم بكذبة "الربيع العربي" كما ان الثورة ابتدأت من اناس لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالانترنيت لذا فلا بدّ من وجود رأس مدبّر يموّل هذه المظاهرات والاحتجاجات واعمال العنف".
ثمّ تابع في طرح الاسئلة: " لماذا بعد اربعين عاماً من القمع الفكري استيقظ هؤلاء، وليس قبل خمس سنوات او سنة حتى او بعد سنة من اليوم، فتزامن ذلك مع ما يشهده العالم العربي من احداث وما يعدّه الغرب من مشاريع تفتيت اسمها الشرق الاوسط الجديد؟ ثم ان فكرة الاصلاح ليست اكثر من تغليف للواقع السياسي المطلوب علماً ان الدولة هي من طرحت وليست المعارضة، ولم تسمع من المعارضة حتى الآن اي فكرة اصلاحية."
وعاد ليسأل: "اي اصلاح يتحدثون عنه ومن هي جماعة الاصلاح؟ هؤلاء الذين يقتلون الضباط ويدخلون المفارز الامنية، ويقتلون المدنيين، حتى باتت افعالهم علنية حين قاموا بقتل ركاب حافلة في طريقها من حمص لادلب، وصولاً الى مجزرة جسر الشغور والتنكيل بالجثث وتشويهها وقطع الرؤوس ورميها في النهر ثم التكبير والمناداة باسم الدين، وهؤلاء المجرمون ينتمون الى ذات المدرسة الاخلاقية التي ينتمي اليها مرتكبو مجزرة حلبا، فهل هذه هي دولة الاصلاح التي تنادي بها الشام؟ ".
ان مشروع الاصلاح ليس حدثاً فجائياً او مجرد قرار بل هو مشروع طويل يبدأ من الفرد "فالفساد هو فساد افراد وليس امراً منظّماً فيتحوّل الى فساد منظّم"، ثم ان احتمال اقامة انتخابات حالية في ظل العشائرية والطائفية وهيمنة وحش رأس المال هو مغامرة خاسرة بمصير البلاد لا بل الامة كلها، مع الاقرار بان الرئيس الاسد خلال سنوات حكمه الـ 11 واجه الكثير من المعارك مع الخارج حالت دون تمكنه من تحقيق الاصلاح الجذري في الحكم.
وختم الامين حسنية حديثه في عرض موقف الحزب الذي كان محور اسئلة العديد من الرفقاء، فقال: " ان الحزب يقف ضد اسقاط النظام وينظر بعين الحكمة والوعي القومي لما يحصل في الشام، وهو مدرك منذ بداية هذه الاحداث للمآرب التي تتربّص بها، وان الحزب في الكيانين اللبناني والشامي كما في كافة الكيانات يدعم النظام الممانع للمشاريع الصهيونية والمقاوم بامتياز ويشجّع على القيام بسلّة اصلاحية متكاملة تبدأ من المواطن وصولاً الى رأس الهرم".
وفي نهاية المحاضرة كانت هناك مداخلات واستفسارات من قبل الطلبة أنمّت عن وعي قومي لدى جيل الشباب، واهتمام بمواجهة اي خطر قادم على الامة، واستوضح احد الرفقاء بشأن المظاهرات التي تحصل، فأجاب الامين: "انها تحصل تحت الضغط والتهديد اكثر مما هي قناعة المتظاهرين كما يقول الاعلام". وحول كذب هذا الاعلام اجاب: "اني اتوجه لكم بعدم تصديق الشائعات التي تبثها المحطات المرتشية التي تهدف الى تضليل الرأي العام".
في هذه المحاضرة، كما في كل محاضرة تنظمها، تضع عمدة التنمية نصب عينيها هدف اعداد قوميين واعين، مدركين للامور السياسية والاعلامية والادارية وغيرها بما يهدف للارتقاء القومي وتحقيق موقع عظيم للحزب على امتداد الامة
|