قال معلمنا العالم الاجتماعي والفيلسوف انطون سعاده " كل ما فينا هو من الأمة السورية ، وكل ما فينا هو للأمة السورية. الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكنا . هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها " . فمن اقتنع بهذا الكلام وآمن به وعمل وجاهد بمقتضاه فهو ابن الأمة البار، والمعلم سعاده كان في طليعة الأبرار البررة. ففكره كان من الأمة وللأمة ، ودماؤه كانت من الأمة وللأمة وجهاده كان من أجل حياة الأمة وكرامتها ورفع شأنها بين الأمم . وبما أن الأمة هي أفرادها في تعاقب الأجيال منذ ابتداء التاريخ في مواضي الدهور ، الى ما سوف يكون التاريخ في آتيات العصور ، فأفكارنا هي بتصرف أبناء الأمة نساء ورجالاً العاملين لحياة الأمة السورية ومجدها وذلك على خط سعاده وخطاه الذي أهدى كتابه نشوء الأمم : " الى رجال النهضة القومية الاجتماعية الجبارة ونسائها العاملين لحياة سورية ومجدها ، أهدي هذا الكتاب ".
فكما كان فكر سعاده وعلمه وفلسفته وابداعه لأبناء الأمة السورية فكل ابداعات تلامذته من فكر وعلم وفلسفة وأدب وفن ومناقب لن تكون الا لبنات وأبناء النهضة السورية القومية الاجتماعية الذين هم طلائع ثقافتها وحضارتها ومدنيتها من أجل غدها الأرقى والأجمل .
فكل ابداع جميل يبدعه العضو القومي الاجتماعي لم يعد ملكاً خاصاً له منذ لحظة ظهوره للناس . بل ليس له فيه أكثر من نصيب الشراكة الى جانب رفقائه في ابداعه وابداع رفقائه ورفيقاته ، لأنه واياهم وحدة حياة شركاء في الألم شراكتهم في الرفاه . وشركاء في الشقاء شراكتهم في السعادة . وشركاء في تحمّل مصائب الويل شراكتهم في التمتع بالنهوض . وكما كان فكر معلمهم سعاده ملكهم جميعاً ، ففكر كل واحد منهم هو ملكهم أيضاً جميعاً ،وبامكان كل عضو عامل من أبناء النهضة أن يتبناه وحتى أن يوقّعه باسمه .لأننا منذ ان ولدنا ولادة جديدة بيقظة الوجدان الاجتماعي فينا أصبحنا انسانا- مجتمعاً مدرحياً لا تنفصل فيه المادة عن الروح ولا تنعزل الروح عن المادة . كما لا تستغني اجتماعيته عن الفرد ولا يدوم للفرد وجود باستقلاله عن الاجتماع .بل هو هو الانسان الكامل الأتم وجوداً فاعلاً شعباً ووطناً ، وحياة نامية انتاجاً وابداعا ،وحضارة منفتحة على الكون لا سقف لها ولا لأبعادها نهايات .
وهذا هو أدب حياتنا الذي هو ادبنا لكل أبناء أمتنا كي يتخلصوا من خرافات عهود الضلال، ويستئصلوا ما بقي في نفوسهم من تقاليد القيود المكبّلة للمواهب ، والمعطّلة للنموّ ، وينتقلوا من حالة ركود وخمول الى حالة يقظة ونهوض . لقد تعلمنا من سعاده ان نعمل للحياة " وسواء أفهمونا أم أساؤوا فهمنا فإننا نعمل للحياة ولن نتخلى عنها " وسوف نستمر نعمل للحياة لتستمر الحياة حياة حق وخير وجمال وحياة رقيّ وابداع وتـألـق .
|