إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حسبُ سوريا أنها شمسُ الحضارة القاهرة للهمجية

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2013-04-01

إقرأ ايضاً


لا ينتصر في الحرب الا الواثق من نفسه،والمعتمد على ذاته،والمؤمن ايمانا مطلقا بأن لا خيار له الا النصر حتى لو اجتمع العالم كله على هزيمته ، لأن الانتصار الحقيقي والفعـلي هو الانتصار بالقيم الفاضلة والمـُثــُل العليا . ألم ينتصر السيد المسيح على جميع وحشيات وهمجيات المفاهيم التي بادت وتلاشت بمحبته الانسانية ؟

ألم ينتصر النبيّ محمد على جاهلية وحمية وهمجية البداوة البائدة بمكارم أخلاقه ورحمة قرآنه التي شملت العالمين ؟

ألم يغيّر كل واحد منهما تاريخ البشرية بمفاهيم محبته ورحمته وعدالته ؟ أن سوريا تخسر الحرب اذا داخل نفوس أحرارها الشك بأنفسهم وأمتهم ومستقبلهم القريب والمتوسط والبعيد ولو كان مقدار الشك واحدا بالمليار . لكن أحرار سوريا منذ بداية التاريخ ما ارتابوا ولا شكوا باصالة أمتهم يوما، ولا داخلهم الشك أبداً بنفوسهم وعبقريتهم ونبوغهم وابداعهم في مواجهة الأحداث والنكبات منذ آلاف السنين .

والشام هي قلب الأمة الذي يستطيع أن يدرك ويفعـل ما لم تستطع أن تفعـله عقـول جميع المجرمين الفتنوين على وجه البسيطة . ففي اللحظة التي تمكن فيها العـقـل السوري من حشر المعتدين في خانة الارهاب والاجرام والهمجية فقد انتصر.واصبحت الحرب واضحة لكل من له عيون ترى، وضمائر تحس، وعقول تدرك . وهي اليوم معركة بين التوحش والحضارة ، وبين المعرفة والغشم، وبين القضيلة والرذيلة . وهيهات هيهات ان يُكتب الانتصار للتوحش .

والاجرام الذي يقوم به ويرعاه وينفذه ويزيده عنفاً تحالف الصهيونية وحكومة الولايات المتحدة الاميركية ومحافل المنظمات السرية التي تعيش على امتصاص الدماء لا يستطيع ان يصمد طويلا ولو ضُخت في شرايينه دماء همجيات العصور منذ بداية التاريخ الى ما سوف يكون التاريخ .

لقد ارسل التحالف الصهيوني الاميركي الفرنسي الانكليزي معظم كوادره الصهيونية الاميركية الفرنسية الانكليزية الى سوريا مستخدمين العباءة الاسلامية التكفيرية ،والدشداشة الاعرابية الجاهلية ،والطربوش العثماني السلجوقي ، وحقارة مرتزقة قطاع الطرق واللصوص ، وحثالات الشعوب الموبؤة متسلحين بعقيدة الفوضى التي توصل اليها الوجدان المريض الانكلوسكسوني الصهيوني مطلقا عليها مصطلح " الفوضى الخلاقة ". وهي في الحقيقة فوضى توليد متوالدة بالجراثيم الوبائية ، والحشرات المسممة لكي لا ينفضحوا امام العالم بتسويق الوباءت المعدية وتسهيل انتشارها . وهم بالضبط يقومون في سوريا بتفجير الجامعات والمدارس والمستشفيات والكنائس والمساجد وينسبونها الى القاعدة والحركات التكفيرية التي جميعها لا تستطيع ان تصمد يوما واحدا امام جنود وشعب الشام الأبي . وهذه الألوف التي انسحقت تحت أقدام جنود حماة الديار في الشام هي في أغلبها من حثالات الاميركيين والفرنسيين والانكليز والاتراك والاعراب الاغبياء المتصهينين المتهودين . وحكومة الولايات المتحدة الأميركية بعد خساراتها الكبيرة في لبنان والعراق تتحاشى الظهور علنا خوفا على ماء وجهها أمام الأمم . ولذلك تقوم بدور اللص أو الحرامي في ممارسة الارهاب والاجرام ظنا منها بأنها تستطيع اطفاء ضوء الشمس بفحيح أفاعيها ، واخماد نور القمر بلهاث صراصيرها . فالطبيعي هو المقدس الالهي الثابت الذي لا يكون الا مصدر حق وخير وجمال . وكل اصطناعي لا يهدف ولا يسعى الى الحق والخير والجمال هو الى هباء مهما تعاظم غباره. لقد بدأت الولايات المتحدة الأميركية تعود الى حجمها الطبيعي ، وبدأ غبارها الجرثومي يتبدد أمام زوابع النور والفضيلة . وقد سبقتها الى ذلك التراجع والتبدد حكومات الغطرسة الفرنسية والانكليزية . أليس في اعتماد الولايات المتحدة عى أحط الجاهليين في الخليج لتنفيذ اجرامها دليل عجز واضح ؟ اليس في تسكع حكومات الناتو على تركيا وصهاينة بني سعود والخليج وخونة لبنان برهان على ضعفهم وتآكلهم ؟

أليس في تودد أردغان الى أبناء أمتنا الأكراد ، بعد عدة عقود من الحروب وجرائم تركيا بحقهم ،برهان على انه بدأ يدب في قلبه اليأس والخوف من المصير الذي جرجر نفسه اليه ؟

أليس في بناء الجدران الآسمنتية حول كيان عصابة اليهود الصهاينة الاشارة الواضحة على خوفهم من المصير الوجودي بعد ان كانوا يخططون لدولة اعلنوها بكل وقاحة من الفرات الى النيل ؟

أليس في تأسيس الولايات المتحدة للمنظمات الاجرامية وحمايتها ورعايتها ودعمها دليلا ناصعاً على سقوطها المدوي في عالم الانسانية والأخلاق الذي استشرفه المعلم انطون سعاده حين كتب في مجلة المجلة في سان باولو عام 1924 مقالته الشهيرة " سقوط الولايات المتحدة الأميركية الأدبي في عالم الانسانية ؟ " والتي قال فيها : " ...وغـداً اذا لاقى الأميركيون من الوطنيين السوريين اعراضاً ونفوراً جزاء اقدامهم على امتهانهم كـرامة سوريا فـقـد لا يمنعهـم شيء عـن أن يتهمـوا السوريـين بالتـوحش والهمجـية وان ينسبوا اليهم كل فرية هم براء منها . من يمنعهم ؟

أضمائرهم وقـد ماتت ؟

أقلوبهم وقد تحجرت ؟

أعواطفهم وقد اضمحلت ؟

أأدمغـتهم وقد نضبت ؟

أانسانيتهم وقد أمحلت ؟

أنوابغهم المصلحون والأرض خلاء منهم الآن ؟

لا. لا شيء ، ولا أحد يمنعهم . وغداً يسجل التاريخ أن الولايات المتحدة العظمى قـد سقطـت من عالـم الانسانية الأدبي كما سقطـت فـرنسا العظمى . "

لقد كانت سوريا دائما قاهرة الغزاة ومدمرة الامبراطوريات وهي اليوم تؤكد من جديد انها منتصرة . والمستقبل الزاهر هو مستقبل الشعوب التي اهتدت برسالاتنا الأرضية الانسانية والسماوية الالهية . وما مضى من الجهالات والغباوات لن يعود . بل الثابت المستمر الدائم الخالد والحي الذي لا يموت هو النفسية المحبة التي تتوسع دوائرها من فضيلة الى فضيلة أكبر ، ومن معرفة الى معرفة أوسع ، ومن علم مفيد الى علم أكثر فائدة . ومن ابداع رائع الى ابداع أعظم روعة . وهل يذكر التاريخ أن حدثاً سيئاً مضى يذكره الناس بخير ؟ أو ان شعباً بربريا همجياً تتخذه الشعوب الواعية قدوة ً ومثالاً يُحتذى به ؟ .

ان أمة كأمتنا التي بدأت بتأسيس انسانية الانسان ، ونشر بذور الحضارة ليست بالقاصرة العاجزة عن انتشال نفسها وانتشال الانسانية من أية محنة تحل بها . وهي ليست بالأمة العاقر ، بل هي أمة ولود . وكما انجبت أليسار وإنانا وسميراميس وماري وزنوبيا وحمورابي ونبوخذنصر وأشور بنيبال وهنيبعل والسيد المسيح والنبي محمد وسعاده قادرة دائما ان تنجب مثلهم وتفرض ارادة نبوغها وعبقريتها ومباديء حـِكـمـِتها وفضائلها على الوجود . ولن يكون لشذاذ الآفاق دور الا دور الارهابيين المجرمين السفلة الذين لا مكان لهم الا مزابل التاريخ وقاذوراته ومكبات أوساخه .

ان وعينا لهذه الحقائق لا يسمح لنا أبداً ان نصل الى لحظة القنوط والشك باصالتنا ولو في الحلم ، لأن خيارنا الذي اخترناه لحظة ولادتنا في النهضة هو أننا نحب الحياة ونحب الموت متى كان الموت طريقا الى الحياة لنجعـل من الموت حياة ، ومن الحياة ما هو أسمى من الحياة .

ان الاصلاح الحقيقي هو ان نكون صالحين وعياً ومعرفة وحكمة وفضيلة وأخلاقاً وفكرا وعلما ، ومن ثم ابتكارا وابداعا وتفوقا وتألقا . وهذه هي الرسالة القومية الاجتماعية التي حملناها وعلينا أن نكون أمناء صادقين . ونحن خير من حمل الأمانة وحافظ على وديعة الأمة فينا حتى ولو تراكمت جثثنا الى أعالي السماء ، واستمرت عطاءاتنا وتضحياتنا الى آخر الزمان . ألم يهدنا ويزودنا المعـلم بقوله الحكيم : " انكم ملاقون أعظم انتصار لأعظم صبر في التاريخ " ؟ حسب أمتنا فخرا في الشام والعراق ولبنان وفلسطين انها كانت ولا تزال وستستمر في الجهة المعادية للاجرام والتوحش والهمجية ، وانها كانت ولا تزال وسوف تستمر في الجانب المعتدى عليه ظلماً واجراماً وليس في الجانب المعتدي جوراً وارهاباً . واذا كان أعداؤنا عبيد الخراب والتدمير ، فاننا لن نتنازل عن رسالتنا التي هي رسالة بناء وتعمير . فالمخربون الارهابيون وداعموهم ومسلحوهم وممولوهم يحفرون مقابر تاريخهم بأيدهم وغبائهم وحقدهم ، ونحن نشيد حصون كرامتنا وعزتنا بمقاومتنا وتصدينا ومواقفنا ومواجهتنا وبطولاتنا في تحرير الناس من الخرافات والمفاسد، والظلم والعدوان .

ولا يكتبُ التاريخ ويقوّم مجراه الا الأبطال وأبناء عقيدة الحياة وترقية الحياة واستمرار تحسين الحياة . هؤلاء هم جنود الأمة الميامين الذين وحـَّدت فكرهم العقيدة الصحيحة المحيية ، ووحّد جهودهم نظام بديع فقاموا بسؤولياتهم وواجباتهم أحسن قيام بكل حرية وارادة فكان نهوضهم هو القوة التي تدحر العدوان وتصنع الانتصار .

ولسنا بمتنازلين عن حقنا في الحرية والتقدم والرقيّ ونشر بذور الصلاح والخير من أجل أن يستمر الانسان انسانا والتاريخ مشرقا ، ونثبت للخالق العظيم أننا أهل للامانة التي استودعها فينا وقبلناها بمطلق حريتنا وارادتنا ورفضتها الجبال وأكبر مخلوقات الأرض والسماء . وسنبقى الأمة التي لن تضطرب أمام الخطر مهما اشتد هوله، لأن ايماننا الواعي هو أن الخطر في اضطراب الأعصاب .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024