إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الرسالتان المسيحية والمحمدية من نبعٍ واحد هو الحضارة السورية

يوسف المسمار

نسخة للطباعة 2018-10-09

إقرأ ايضاً


المسيح ومحمد من أصل واحد :

الكنعاني- الآرامي- السوري

التفسير الصحيح لتعاليم القرآن هو أن المؤمن برسالة النبيّ محمد لا يمكن له أبداً أن يكون مسلماً مؤمناً اذا لم يؤمن بيسوع ورسالته . وهذا يعني أن المسلم المؤمن الحقيقي هو مسيحي لأن النبيّ محمد كان مؤمناً باخلاص مطلق وتابعاً لتعاليم يسوع مدة الاربعين سنة التي سبقت اعلان رسالته.

والنبيّ محمد المولود في السادس من نيسان هو ابن أبوين مسيحيين من أتباع يسوع . وحتى سن الأربعين من عمره كان يشرب من نبع رسالة يسوع المسيحية ، ولكن ليس " مسيحية الباعة المعاصرين " القدامى أو التلفزونيين" بل من الرسالة المسيحية الحقيقية الأصيلة التي كانت تعلّم تعاليم السلام والمحبة التي أتى بها السيد المسيح .

ولذك فان القرآن الذي هو الكتاب الرئيسي الديني للمسلمين ينص على الحفاظ على حياة المسيحيين ، وعلى مكانة مريم العذراء الطاهرة، وينص أيضاً على واجب احترام شعائر المسيحيين من قبل المسلمين .

وقد ترك النبيّ محمد هذه العبارة ذات المغزى الكبير التي تقول " كل مولود انساني لحظة ولادته يمسّه الشيطان الا اثنان : يسوع وأمه الطاهرة مريم العذراء ".

وقال أيضاً عندما سُئل عن السيد المسيح :"فإني رسول الله بالحق، أؤمن بالله وكتبه ورسله ، وبالمسيح ابن مريم انه كلمة الله، واني اؤمن به أنه رسول الله "

وعلى نهج النبيّ محمد قال تلميذه المؤمن الأول والمسلّم برسالته الحكيم الكبير علي بن أبي طالب ( صهر النبيّ ) بحق يسوع السوري هذا الكلام الذي يدل على أهمية التعاليم المسيحة التي لم تحد عنها تعاليم الاسلام المحمدي ، وهذا ما قاله علي عن يسوع :

"كان سراجه في الليل القمر،و ظلاله في مشارق الأرض ومغاربها. ولم تكن له زوجةٌ تفتنه، ولا ولدٌ يحزنه، ولا مالٌ يلفته، ولا طمعٌ يُذلّه . دابته رجلاه ، وخادمه يداه ، انه ابن الطهر البتول مريم . من اهتدى به أنار له الله الطريق مدى الحياة " .

بالضافة الى ما ورد آنفاً ، فان النبيّ محمد عندما هاجر وتوجه الى المدينة المنورة للتخلص من ملاحقة الذين يريدون القضاء عليه وعلى اهل بيته واتباعه،فانه استقبل في المدينة من قبل المسيحيين بالترحاب هو واهل بيته، وأصحابه التابعين (والأنصارهم انفسهم النصارى المسيحيون) الذين تقاسموا أراضيهم وممتلكاتهم مع أخوتهم الذين جاؤوا الى المدينة مهاجرين فارين من اضطهاد زعماء القبائل الذين كانوا يخافون من نشوء رسالة الاسلام المحمدي .

وبحسب ماوصل الينا من اتباع محمد أنه كان في الأربعين من عمره في كهف جبل حراء يقوم ببعض التأملات والصلوات الروحية عندما زاره الملاك جبرائيل وأمره أن يقرأ بعض الآيات المرسلة من الله ، واخبره بأن الله اختاره ليكون خاتم الأنبياء الى االبشرية .

والحقيقة أن كلمة "خاتم" هنا لاتعني أن الله الخالق توقف عن خلق الناس المتنورين كالأنبياء لهداية البشر بل ان كلمة " خاتم" تعني أن محمد هو المعتمد وله صلاحيات مطلقة كما هو الحال مع كاتب العدل. ومحمد خاتم الأنبياء يعني أن الأمين الذي يصدّق شرعية الرسالات السماوية السابقة ويؤكد ويصدّق أيضاً على رُسل الله السابقين وخصوصاً على يسوع ورسالته المسيحية .

استمع محمد الى رسالة الملاك وعمل بها ، وبعد موته جمعت آيات رسالته في كتاب القرآن للحفاظ على التعاليم الدينية لكى لا يدخل عليها واليها الفساد والتشويه ولكي لا تُنسى مع الأيام .

ان التدين الحقيقي لا يكون عنصرياً ولا يتعنصر في تمييز الناس على اساس اديانهم . وتعاليم المسيح ومحمد تبشّر بالسلام والوئام والمحبة بن جميع الناس نساءً ورجالاً ،بغض النظر عن العقيدة أو الجنسية أو الجنس أو اللون أو العرق .

ففي القرآن نقرأ أن :" لا إكراه في الدين . وخلق الخالق الناس جميعاً ووهبهم العقل ليميّزوا بين الحقيقة والباطل . وأعطاهم الحرية ليؤمنوا بالله أو لا يؤمنوا . وأن لا أحد أعطي الحق ليجبر أي شخص على الايمان او عدم الايمان " .

أما بالنسبة للصراع المختلق بين المسيحيين والمسلمين ، فيمكننا ان نقرر بكل اطمئنان أن النزاع مفتعل من قبل القوى الاستعمارية وخصوصاً عندما قامت انكلترا وفرنسا بتقسيم سورية بعد الحرب العالمية الأولى وأسست المملكة العربية السعودية تحت رآسة العائلة السعودية الوهابية لتنفيذ مشروع مصطنع يقضي بتقسيم العالم العربي والسيطرة عليه .

وبناء على هذا المشروع التقسيمي أصبحت المملكة العربية السعودية هي الحليف الاساسي لاسرائيل في تمويل المجرمين الارهابيين والمرتزقة الذين يعملون اليوم وينشطون على تدمير سورية . ان الوهابيين الذين يدّعون أنهم مسلمين هم في الحقيقة خونة للاسلام والمسلمين ويعملون في خدمة الصهيونية والقوى الطغيانية ضد الانسانية .

أن المسيحين والمسلمين هم في الحقيقة أخوة منذ فجر التاريخ قبل ان يعتنقوا المسيحية والاسلام ،ولأن كلا الرسالتين: رسالة انجيل يسوع، ورسالة قرآن محمد نشأتا ونمتا في مهد الحضارة الانسانية الذي يحمل اسم : " سورية الجغرافية التاريخية التي عاصمتها دمشق ". والمسيحيون والمسلمون الأوائل هم أخوة سوريون حملوا تعاليم يسوع ومحمد الى جميع أركان العالم ،وبامكاننا أن نؤكد أن القرآن الذي دوّن باللغة العربية لم يكن في الحقيقة الا الانجيل الذي كُتب باللغة الآرامية.لأنه من المستحيل أن يرسل الله الواحد تعاليم متناقضة ورسل متحاربين، واللغة العربية ليست الا اللغة الآرامية المطورة .

فجميع الناس في العالم يعرفون تمام المعرفة ان اختراع الحروف الأبجدية كان اختراع السوريين الحضاريين في سورية وليس اختراع القبائل البدوية الجاهلة المتخلفة في الصحراء التى لاتزال حتى عصرنا هذا جاهلة متخلفة . ان السوريين المسيحيين والمسلمين المتنورين المهتدين الفضائليين دائماً كانت علاقاتهم مع بعضهم علاقات احترام ، ودائماً نشروا تعاليمهم وعملوا ويعملون معاً من أجل بناء عالم أفضل لجميع البشر . وهؤلاء هم المسيحيون والمسلمون الحقيقيون الأصحاء وليس الأميركيون المسيحيون الرهائن لصناعة أسلحة الدمار واستعباد الشعوب ، ولا المسلمون الوهابيون المجرمون الارهابيون.

ان يسوع ومحمد هما من نفس الأصل الواحد : الكنعاني-الآرامي- السوري ، البلاد التي عرفت قديماً " ببلاد السومريين والكنعانيين" الذين هم مؤسسو الحضارة الانسانية.وهذه البلاد بعد نشوء الحضارة فيها أطلق عليها اسم " آرام " الذي يعني المركز الذي تبرعمت فيه جذور الحضارة . وكلمة "آرام" كلمة مشتقة من " الأرومة " ومن " آرمة " والكلمة تعني " الأصل" أو المؤشر" على اعتبار ان تلك المنطقة الجغرافية التي تقع ويحتل مركزها وسط العالم هي مهد الحضارة الانسانية التي شعت على العالم .

ولأن الموقع الطبيعي لتلك المنطقة في وسط العالم فقد جذبت اليها جميع الشعوب من كل أركان الأرض ولم تزل حتى أيامنا تدل على الطريق الصحيح الى جميع نواحي كوكب الأرض لجميع الأمم التي تتكون منها الانسانية . و " آرام " نفسها أطلق عليها فيما بعد الاسم الذي تحمله اليوم أي " سورية" ،وذلك بعد ظهور السيد المسيح وهي الكلمة التي تعني " النور " . و" الآراميون " يعنون " السوريون " أي " المتنورون أو المستنيرون " أي الناس الذين استرشدوا ويسترشدون بتعاليم المسيح السوري أي "النوراني"الذي جاء برسالة سورية نورانية فضائلية ليرسّخ في العالم المحبة والسلام وكل فضائل الحق والخير والجمال. والحقيقة ان المسيح ومحمد لم يكن همهم الدعاية لأنفسهم وخلق تيارين من المسيحيين والمحمديين، بل كانت الرسالتان من أجل نشوء مواكب من " سوريين أي مهتدين"في دين واحد قوامه النور ومكارم الأخلاق .

فمنذ بداية التاريخ الجلي ، وقبل أن يظهر السيد المسيح بآلاف السنين كان السوريون القدماء يقولون " أنه لا يوجد سوى خالق واحد للوجود والكون والحياة ، وكانوا يعتبرون أن " الحياة هي أم جميع الكائنات الحيّة بما في ذلك البشر " ولم يقولوا أبداً بوجود أكثر من خالق ، ولم يقبلوا مطلقاً بالهٍ خاصٍ بشعبٍ من الشعوب بل آمنوا وقالوا بالخالق الواحد الذي هو الـه الكل والجميع ومحبّ رحيم لجميع مخلوقاته .

فيسوع و محمد الذي اتبعه هما من أصل واحد : الكنعاني- الآرامي - السوري . والرسالتان : المسيحية والمحمدية انبثقتا من نفس المصدر الذي هو دين الحضارة السورية والذي يهدف الى خير وتحسين حال الناس جميعاً ، وغايته في رسالتيهما أيضاً خير جميع الشعوب . وكلمة " اسلام " العربية التي تعود الى الأصل الآرامي لا يمكن ترجمتها بكلمة واحدة بل يجب تعريفها ترجمتها وتفسيرها بتعبير أي بعبارة أو جملة لاعطائها معناها الحقيقي لتصبح " الاسلام لرب العالمين" .

فكلمة " الاسلام لرب العالمين" هي تعبير يقوم على ركيزتين : الأولى هي حياة روحية مجازية ، والثانية عملية حياتية . والاسلام بهذا المفهوم يعني الايمان بخالقٍ واحد أحد روحياً من ناحية ويعني من الناحية الأخرى ممارسة حياة الفضائل في هذا العالم من الناحية الثانية . فاذا كان الانسان يؤمن بالخالق الواحد ولا يمارس الفضائل الانسانية العليا فلا يمكنه أن يكون بالفعل مسلماً مؤمنا حقاً .

ومن تفاعل الايمان مع الفضائل، وحصول وحدة العقيدة والممارسة، تقل المسافة وتضيق بين الخالق والانسان . وهذه هي رسالة المسيح ورسالة محمد .رسالة إسلامٍ واحد يقوم على النور والاخلاق .

ولكن للأسف ، فان الرومان رومنوا رسالة السيد المسيح مهدد امبراطورية روما فأصبحت المسيحية بعد يسوع رسالة اسلامية مسيحية رومانية وليست رسالة اسلامية مسيحية يسوعية منيرة.

ومثلما حصل لرسالة يسوع حصل لرسالة محمد فقامت القبائل الجاهلية البدوية المتخلفة في شبه جزيرة الأعراب وطبعتها بطابعها الاعرابي المتخلف فانحجبت حقيقتها وأصبحت رسالة إسلامية اعرابية متخلفة وليست رسالة اسلامية محمدية فضائلية .

وبدلاً من نشر وتعميم رسالة المحبة والرحمة الحضارية السورية التي هي رسالة المسيح ورسالة محمد في جميع أنحاء العالم لخير البشرية ، فقد انتشرت أفكار الحقد والانتقام والعدوان والطغيان في غالبية اتباع الرسالتين . وأفكار الحقد والعدوان لا تقود البشرية الا في طريق الدمار والتلاشي .

** ترجمة المقال الذي نشرالبرتغالية **


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024