مع الفصل الأخير من فصول الحرب على سورية لا يمكنك أن تقف في أعلى الشجرة مكتفياً بالتفرّج، كما فعل خادم الأمير وفي التفاصيل «أنّ أحد الأمراء خرج للصيد مع خادم له، وبينما هما يقطعان إحدى الغابات، إذا بنمر يعترض طريقهما. صعد الخادم في الحال إلى رأس شجرة ولبث هناك. أما الأمير فلاقى النمر بقلب من صخر، وقتله، فيما كان خادمه يرفض النزول عن الشجرة مكتفياً بمراقبة ما يحدث. فقال له الأمير: يا جبان، إني سأقتلك، لماذا لم تنزل عن الشجرة حين طلبت منك ذلك؟ فأجاب الخادم: يا مولاي، رأيت أسداً يصارع نمراً، ومن واجبات الكلاب أن تقف على الحياد. فأشفق عليه الأمير وعفا عنه».
في القضايا الوطنية الكبيرة لا مكان لمثل هذا الخادم في صفوفنا، فالحياد يتحوّل حتماً إلى خيانة، أو إلى خوف، أو إلى كليهما معاً، ويدمّر صاحبهما! لنتذكّر كيف اجتاح هتلر بلجيكا «المحايدة» ليصل إلى باريس. ولنتذكر أنّ من الشروط الأساس التي وضعها المنتصرون في الحرب العالمية الثانية لقبول الدول في هيئة الأمم المتحدة، أن تعلن الحرب على دول المحور، ولو بالشكل، في إشارة بالغة الوضوح إلى أن لا حياد في لعبة الأمم. أسود أو أبيض، ولا مكان للرمادية.. تلك هي الحقيقة.
|