كانت عمدة الثقافة ومنفذية ريف دمشق قد دعتا الى تكريم ثلاثة من الادباء السوريين القوميين الاجتماعيين البارزين، د. كمال فوزي الشرابي، خليل خلايلي ووليد مدفعي يوم الخميس 16/08/2007 في المركز الثقافي العربي، منطقة العدوي – دمشق.
بعد ذلك بما يزيد على العام بقليل (19-11-2008) غيّب الموت الرفيق الاديب والمسرحي وليد مدفعي عن عمر يناهز السادسة والسبعين عاماً.
عنه هذه النبذة .
• ولد الاديب الراحل في دمشق عام 1932، وتلقى تعليمه فيها، وتخرج من جامعة دمشق حاملاً الإجازة في الصيدلة.
• انتمى الى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1953.
• عمل في التدريس، والصيدلة، والصحافة، وهو عضو في جمعية القصة والرواية.
• حاز عددا من الجوائز الادبية كان ابرزها جائزة وزارة الثقافة للمسرح وجائزة المجلس الاعلى لرعاية الآداب والعلوم الاجتماعية.
• ترجمت مسرحيته "البيت الصاخب" الى عدة لغات عالمية من قبل هيئة المسرح العالمي (اليونسكو) كما ترجمت مسرحيته (وبعدين) الى اللغة الرومانية.
• طُبع كتاب عن مسرحه بعنوان (مسرح وليد مدفعي) لعدنان بن ذريل .
• كتب وليد مدفعي نحو عشر مسرحيات، معظمها مثلّها بنفسه وأخرجها بنفسه، كما كتب العديد من المجموعات القصصية، واول رواية كتبها عنوانها "مذكرات منحوس افندي" ساخرة موجعة، يتحدث عن بطلها وهو لا يزال في بطن امه، وخرج الى الحياة مليئا بالامل ليفاجأ بأنه مواطن في هذه الأمة المتخاذلة، والمهزومة، والتي تتلقى الضربات ولا تستطيع الرد عليها. وفي قصصه ايضاً تحدث عن معاناة فلسطين وأهلها بما يشبه الواقع العربي برمته.
• سجن وليد مدفعي مراراً، وتعرض للتعذيب خصوصاً بعد مقتل عدنان المالكي، عندما ألصقت التهمة بالحزب كله، فسجن من سُجن، وغادر من غادر، وقُتل من قُتل.
• عانى وليد مدفعي من جلطة بالدماغ اصابته في الطائرة وهو عائد من زيارة ابنته المتزوجة في اميركا، وقال الاطباء ان سببها جلوسه الطويل على مقعد الطائرة لنحو خمس عشرة ساعة دون ان يتحرك او يتمشى قليلاً. وكان الشلل قد اصابه بجزء من جسمه ويديه وتعثر نطقه الى حد كان من الصعب ان تفهم منه ماذا يريد.. ومع ذلك صار يكتب بالكمبيوتر مستخدما اصبعاً واحداً. ثم تحسنت صحته الى حد صار يستطيع المشي ويقود سيارته ويلعب لعبة الطاولة في المقهى.. وكان يمتلك املاً في الحياة متفوقاً فيه على مأساته، لكن الموت كان له بالمرصاد فرحل ظهر الاربعاء 19/11/2008.
من أعماله:
- مذكرات منحوس افندي : 1960، رواية
- غروب في الفجر: 1961، قصص
- وعلى الارض السلام: 1961، مسرحية
- البيت الصاخب: مسرحية، دمشق 1965
- وبعدين؟ 1970، مسرحية
- غرباء في اوطاننا: 1972، رواية
- اجراس بلا رنين: 1982، مسرحية
- قياديون بلا عقائد: 1992، رواية
- فلسفة القرآن: 1992، دراسة
- من الاسطورة الى التوحيد – دار المختار
*
من حديث اجرته جريدة "البعث" الدمشقية مع الرفيق وليد مدفعي، اوردت تحت عنوان "نص من حديث وليد مدفعي عن ماضيه"، التالي:
حاولت مراراً معرفة اي الطرق هو الافضل للبدء واكتشفت اخيراً انه ليس هناك افضل الطرق وليس هناك اسوأها ما دام هناك كمّ كافٍ من الهدف بيننا.. وبذا قررت ان أبدأ من النهاية:
"ليست عندي ذكريات غنية تفوق الواقع ومهما بلغت الذكريات من أبهتها وعظمتها. انا قضيت السبعين عاماً حراً في حياتي على الطريقة (الرواقية) التي نادى بها الفيلسوف زينون قبل الميلاد وتأصلت باليوغا، وتأثر المسيح بتعاليمها، فكنت امارس عملاً يروق لي حتى اذا تضايقت بدلت عملي مهما كان رحبي وفيراً.
وعملت مستشاراً لرئيس الجمهورية ناظم القدسي واستقلت عندما استلم راشد القطني الشعبة الثانية، استفدنا من وزير الاعلام عبد السلام العجيلي كضابط ارتباط مع مستشارين لرئيس الجمهورية اعطاء رخصة مجلة (ليلى) باسم فاروق الشريف، وجاء الدكتور سامي الجندي كوزير للثقافة واختارني كخبير للوزارة لشهر واحد، وقد اختلفت معه وأُخترت بعد ذلك كوزير للثقافة ولكني رفضت هذا المنصب عام 1968".
وتورد في مكان آخر عن اعماله كما يلي: "كُتبت عن أعماله دراسات عدة، وطُبع كتاب عن مسرحه بعنوان (مسرح وليد مدفعي) لعدنان بن ذريل. وقد ترجمت مسرحية "البيت الصاخب" الى عدة لغات عالمية من قبل هيئة المسرح العالمي (اليونسكو) كما ترجمت مسرحيته (وبعدين) الى اللغة الرومانية. كان يعمل قبل وفاته بنشر صحيفة على شكل مجلة تحت عنوان (ع المكشوف) بست وثلاثين صفحة من القطع الكبير، يعمل هو كرئيس للتحرير وكمدير للتحرير ومحرر بآن واحد، زد على ذلك انه يعمل ايضا كمنضد ومدقق ومصحح وقد صدر العدد الثاني من هذه النشرة – المجلة. من موضوعات العدد الاخير: مذكراتي بعد الموت، سيرة محمود رياض الذاتية، مع الاديب روحي الفيصل، نقاش في مؤتمرات اتحاد الكتاب، الخامس من حزيران ومؤامرة القنال.. الخ. بقي ان نعرف ان هذه الدورية يرخص كل عدد منها على حدة من وزارة الاعلام.
ويفيد في مكان آخر من الحديث:
"تعرفت على المحامي والسياسي رياض المالكي وزرته في مكتبه واصطحبت معي الصحفي والاديب سعيد الزائري وزرته في بيته في الروضة واصطحبت معي الاديب صميم الشريف وقد اهداني كتابه الصادر في 12/07/1972 واسم هذا الكتاب "ذكريات على درب الكفاح والهزيمة" وعليه توقيعه وقد كتب: الصديق العزيز الاستاذ وليد مدفعي مع خالص التحية والمودة. وكنت انا في الطرف الآخر.
سألت رياض المالكي: انت كاتب في كتابك: ويجيب على الهاتف احد افراد اسرة الضابط ويسأل عن المتكلم فيأتي الجواب من الجهة الثانية "السفارة المصرية يا افندم.. نريد التكلم مع رئيس الشعبة الثالثة". فما الذي كنت تقصده في عبارتك:
اجاب رياض المالكي: انا من رد على الهاتف وبلّغ المكالمة لاخي عدنان، وكان اخي جالساً على الغداء فهرع الضابط السوري لتلقي المخابرة ويحسب ان هناك مسألة هامة ومستعجلة يريد المسؤولون في السفارة بحثها معه.
سألت رياض المالكي: من كان المتكلم من السفارة المصرية؟
اجاب: عندما رجع اخي ليواصل غذاءه، قال: يريدني محمود رياض سفير مصر ان احضر المباراة التي ستجري غداً في الملعب، وانا اعتذرت له ولكنه أصرّ على حضوري".
*
من حفلة التكريم
اوردت مجلة "البناء-صباح الخير" في عددها 1092 (10 تشرين الثاني 2007) تقريراً كاملاً عن حفل التكريم نقتطع منه ما يلي:
جرت برعاية رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور حسين جمعة وحضور لفيف من المثقفين والادباء والمهتمين، وتقدم الحضور رئيس المجلس الاعلى الامين الدكتور نذير العظمة، عميد الثقافة الامين اطون غريب، رئيس المكتب السياسي الفرعي في الشام الامين عصام المحايري،عدد من المسؤولين وجمع من القوميين والاصدقاء.
استهل حفل التكريم بنشيد الحزب السوري القومي الاجتماعي، ونشيد الجمهورية العربية السورية، وبدقيقة صمت، اجلالاً لأرواح شهداء الأمة، ثم رحّب ناظر الاذاعة والإعلام في منفذية ريف دمشق الرفيق مهيار شاهين بالحضور وتكلم في المناسبة كل من منفذ عام منفذية ريف دمشق الامين ايليا المعرّي، رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور حسين جمعة وعميد الثقافة الامين انطون غريب.
من كلمة الدكتور حسين جمعة:
إن حالة التكريم اليوم تستدعي منّا وقفة قصيرة تتميّز بما تعنيه من هذا المزج بين شخصيات أدبية نعتز بانتمائها الى اتحاد الكتّاب العرب، وشخصيات أسهمت بقلمها الرفيع في تتويج المسيرة الثقافية والأدبية، إذ كل واحد منها يمثّل هرماً بحد ذاته في التعامل مع الحرف الذي نقّط بدم النضال والعمل الدؤوب.
وحين أتحدث عن كل المحتفى بهم: الاساتذة الأدباء كمال فوزي الشرابي ووليد مدفعي وخليل خلايلي. فاني أمدّ بصري الى انتمائهم الفكري المؤمن بأن هذه الأمة، أمة حيّة لا تعرف المساومة على قضاياها، ولا تعرف الانصياع الاعمى للافكار العمياء، انها أمة صرفت كل اهتمامها الى بناء ذاتها إجتماعياً وفكرياً ونفسياً لتحقق الوحدة الجامعة لأبنائها.
إنني إذ أقرأ نتاج كل واحد منهم، اراني أتوقف أمام تلك الافكار الجميلة والرائعة التي أثاروها في كتاباتهم. فقد كانت بوصلتها تتجه الى مرتكزات الحرّية والسيادة والعدل الحقوقي والإجتماعي التي تنتفي فيها التسويات الطائفية والفئوية والشخصية.
إننا حين نحتفل بكم ايها الادباء الكبار، فإنما نحتفل بقيمة الكلمة الأدبية والفكرية الأصيلة التي ناضلتم من أجلها، فكنتم الهداة لنا، والقدوة الحسنة لعقولنا لكي تظل يقظة بالمعرفة، فالمعرفة قوة والسعادة معرفة.
أخيرا، لا يسعنا إلا ان نحني هاماتنا إكباراً لكم، ونزهو شامخين بما قدمتم لوطنكم وأمتكم، إذ حزتم مناقبية عالية في أفكاركم وسلوككم.. كنتم مثالاً لكل عضو ينتسب الى اتحاد الكتّاب العرب، حين آمنتم بأن الحياة مشروطة بالعمل الجاد والمخلص، بالثقافة الحرّة المستندة الى التجانس والعقل، وقضيتم ريعان عمركم في العطاء والإبداع، وانتم تحملون منارة اتحادكم أمانة في أعناقكم.
لذلك نفخر بكم ونعتزّ، ونتمنى لكم حياة مديدة تملؤها الصحة والسلامة.
من كلمة عميد الثاقة الامين انطون غريّب:
في البدء، لا بد من الشكر لكم جميعاً، ودون تمييز او استثناء لمشاركتنا في هذا الاحتفال التكريمي لثلاثي نهضوي أثرى ثقافتنا القومية الاجتماعية بفيض من العطاء.
اهلا بكم في محراب الثقافة النهضوية لنبدأ وياكم سلسلة محطات تكريم لأدباء وفنانين ما بخلوا يوما بومضات اشراقية أمتعتنا فنياً وفكراً وأغنتنا ثقافة ومعرفة.
ولكي لا تحسب مكرمة لغير صاحبها ومستحقيها، اتوجه بالشكر لمنفذية ريف دمشق في الحزب السوري القومي الاجتماعي، بشخص منفذها العام الامين ايليا المعري، والى كل من اسهم في احياء هذه المناسبة الثقافية الرائدة.
شام الحبيبة، يا عاصمة التاريخ الذي لم يكن له الاك يتحدى عقم الجهالة بنشر العلم والمعرفة والثقافة في ارجائه الواسعة. شآم المجد، جئتك اليوم من بيروت عاصمة المقاومة ومرمح وقفات العز الاستشهادية التي غيرت وجه التاريخ. اضفر على هامتك السامقة أكليل النصر العظيم، ومن غيرك اجدر بغار هذا المجد التليد وانت وحدك الشريكة التي منحت دون حساب وتحملت معنا بكبر وعنفوان.
معاً، يا شآم الاباء زرعنا في النفوس ثقافة المقاومة ننشيء بها اجيال الفداء القومي لنحصد معاً للامة مواسم العطاء السخي ونعيد الى جبين العالم مجداً لم يغب يوماً عن أمة رفضت ان تكون مقبرة التاريخ مكاناً لها.
ليس غريباً علينا ان نلتقي اليوم في كنف هذا الصرح الثقافي لننطلق في مسيرة تكريم ثقافية لرواد من هذه النهضة العظيمة، فنحن ابناء مدرسة منحت الثقافة، في عقيدتها، حيزاً واسعاً، بما هي نمط حياة لمجتمع مهمتنا ان نبنيه جديداً معطاء موحداً كالبنيان المرصوص، أجيالاً تتتالى في تكامل متناغم، كل جيل يكمل ما بدأه السلف ويحقق ما عجز عن تحقيقه.
ربما فاتنا في حمأة النضال المضني الطويل ان نكرم مبدعي النهضة القومية الاجتماعية وهم احياء بيننا يواصلون العطاء، ولكن كما يقول المثل، من الافضل ان تبدأ متأخراً من ان لا تبدأ ابداً. وها نحن اليوم نغتنم هذه المناسبة الثقافية لتكريم ثلاثة من مبدعي الحزب السوري القومي الاجتماعي الرفقاء كمال فوزي الشرابي، خليل خلايلي ووليد مدفعي. وأعلن عميد الثقافة والفنون الجميلة ان العمدة ستعتني بتكريم مبدعي النهضة فكراً وفناً وأدباً وثقافة. "من غاب منهم ومن لا يزال حياً يرزق بيننا، هنا في الشام، بالتنسيق المباشر مع منفذياتنا في معظم المحافظات، كما في لبنان حيث نحن في صدد إنشاء لجنة خاصة لترتيب احتفالات التكريم وقد وضعنا بتصرفها قاعة الشهيد خالد علوان (النهضة سابقاً) بعد ان اجرينا تحسينات تجميلية عليها".
|