إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سعاده في المغترب القسري 1938-1947

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2015-09-08

إقرأ ايضاً


كان سعاده قد قرر، بعد طرح فكرته على اعضاء المجلس الاعلى، القيام بجولة على عدد من المهاجر يتفقد فيها احوال القوميين الاجتماعيين وينشر دعوته القومية الاجتماعية في اوساط المهاجرين من ابناء شعبنا.

في 11 حزيران 1938 غادر بيروت متوجهاً اولاً الى دمشق، فعمان، طبريا، وصولاً الى حيفا بعد ظهر الثلثاء 21 حزيران ليغادرها مساء اليوم التالي، تمكن خلال ذلك أن يجتمع بمنفذها العام الرفيق كميل جدع (منح لاحقاً رتبة الأمانة) وبالقوميين الاجتماعيين، ثم استقلّ الباخرة إلى قبرص، حيث استقر فيها ما يزيد على الشهر قبل ان يغادرها إلى أوروبا، فالبرازيل، ليستقر بعد ذلك في الارجنتين في واقع من الاغتراب القسري بعد ان كانت السلطات الفرنسية اصدرت حكمها عليه بتاريخ 20 آب 1940، ونشوب الحرب العالمية الثانية، الى حين تمكنه من العودة الى وطنه فيصله في 2 آذار 1947.

عن تلك المرحلة نعرض شريطاً لابرز ما حصل في كل من قبرص، ايطاليا، المانيا، البرازيل والارجنتين نقلاً عن مصادر عديدة، آملين من كل رفيق يمتلك اي ملاحظة ان يزودنا بها.

في قبرص

- وصل سعاده إلى جزيرة قبرص في 22 حزيران 1938 فحلّ في فندق Petit palais في . Platres منها راح يوجه رسائل إلى مسؤولين في المغتربات، وفي الوطن إلى المجلس الأعلى في بيروت، وإلى رئيسه الأمين فخري معلوف يشرح له فيها المهمات التي عليه القيام بها .

- تسنى لسعاده وهو في قبرص أن يطلع على أحوال شعبها وعاداته، على تاريخها كما على جغرافيتها فتولّدت لديه القناعة أنها قطعة من الوطن السوري، إلا أن ذلك لم يُعرف ويعمّم إلا بعد عودته إلى الوطن عام 1947 عندما ثبّت ذلك في المبدأ الأساسي الخامس(1).

في توطئة الطبعة الرابعة من كتاب التعاليم، الصادرة في 18 أيلول 1947، يقول سعاده: " ولما كانت القضية قد أصبحت تقتضي اكتمال كليتها بسرعة كي لا تبقى أية ناحية من نواحيها ناقصة أو غير واضحة كل الوضوح انتهزت سانحة إعادة طبع التعاليم (المبادئ والشرح) للمرة الرابعة لأنقحها وأكملها على أساس الطبعة الثالثة المنقحة في الأرجنتين " .

ومن المواضيع الأربعة التي يشملها التنقيح، يعرض سعاده في البند الثاني، التالي:

إكمال توضيح الحدود الشمالية الغربية التي تشمل جزيرة قبرص التي هي جزء من الأرض السورية.

- من الرسائل الموجهة إلى رئيس المجلس الأعلى تلك الصادرة بتاريخ 2/7/1938 وفيها يتحدث سعاده عن صلاحيات المجلس الأعلى، فيقول: أوافق على اجتهاد المجلس في تعيين صلاحياته التطبيقية. أما الإبهام في المرجع التنفيذي الأعلى عندما لا يمكن الاتصال بالزعيم فلا يمكن أن يكون هنالك ما يدعو إليه، لأن التنفيذ يكون تنفيذ سياسة وتنفيذ تشريع وهو من صلاحية مجلس وكلاء العمد(2) ويكون من صلاحية المجلس الأعلى تقرير السياسة وتقرير التشريع واتخاذ التدابير اللازمة لمراقبة التنفيذ والتثبّت من صحته عملياً. أما إذا كان القصد من الإبهام في القرارات السياسية والتشريعية، فحين تعرض قضايا خطيرة مستعجلة لا تتمكن من انتظار الاتصال بالزعيم فالمجلس الأعلى يتخذ صلاحية التقرير النهائي ويحمل مسؤولية ذلك. وإني أعطي المجلس الأعلى صلاحية واسعة من هذا القبيل في كل الظروف التي لا يمكن معها انتظار الاتصال بي. وفي كل مقررات المجلس الأعلى يخضع المجلس للاتجاه السياسي – الإداري العام ولتوجيهات الزعيم ".

- قبل يوم من مغادرته قبرص في 28 تموز 1938 أصدر سعاده مرسوماً يقضي بأن يحيي الحزب بتاريخ 28 تموز من كل عام "يوم المهاجر" تكريماً للمهاجرين السوريين المنتشرين في العالم(3).

إلا أن الأمين جبران جريج يفيد " أن المجلس الأعلى بدأ يعقد جلساته ويمارس الصلاحيات الممنوحة له من الزعيم فكان أول قرار اتخذه هو اعتبار تاريخ 28 تموز 1938 ذكرى يوم المهاجر وذلك تسجيلاً لمغادرة الزعيم أرض الوطن من قبرص في التاريخ المذكور للقيام برحلته الميمونة "(4) .

في إيطاليا

- انتقل سعاده من قبرص إلى إيطاليا بواسطة باخرة إيطالية أقلّته إلى مرفأ أوستيا، ومنها توجه إلى روما وحلّ في أحد فنادقها. اتصل سعاده بالرفقاء أعضاء مفوضية روما المركزية وكانوا طلاباً يدرسون في جامعات روما، وعقد معهم عدة اجتماعات. كذلك اتصل بصديق قديم له يدعى ديتشكو، وهو أديب كان قد تعرّف إليه سعاده في البرازيل في زيارته الأولى إليها، فسهل له الاتصال ببعض الصحف، منها مجلة Omnibus الواسعة الانتشار فأدلى بأحاديث هامة لها(5) .

- أثناء وجود سعاده في روما حدثت أزمة تشيكوسلوفاكيا التي كادت من جرائها ان تنشب الحرب العالمية الثانية، فرأى سعاده أن يمدد إقامته في روما بانتظار ما ستؤول إليه الأزمة حتى إذا نشبت الحرب عدل عن متابعة سفره إلى أميركا وعاد إلى الوطن ليكون مع حزبه(6) .

- أمضى سعاده في روما شهري آب وأيلول وأكثر من نصف شهر تشرين أول. أثناء ذلك وجه إلى المجلس الأعلى في الوطن رسالتين (في 22 آب و 29 آب) ورسالة إلى الأمين فؤاد أبو عجرم وكان يتولى مسؤولية المعتمد المركزي في الولايات المتحدة في 30 أيلول (أما رسالته الثانية إلى الأمين أبو عجرم فقد أرسلها سعاده من برلين بتاريخ 16 تشرين أول 1938) كما اغتنم فرصة إقامته في روما فزار مكتبة الفاتيكان ومتحفه وأماكن أثرية عديدة، وأغنى لغته الإيطالية التي كان قد مضت عليه سنوات دون أن يتحدث بها.

سعاده ينتقل إلى ألمانيا

عندما انقشعت غيوم الحرب بانعقاد "مؤتمر ميونيخ" عزم سعاده على السير في الخطة المرسومة، فغادر روما إلى برلين ملبياً دعوة مديرية الحزب لزيارتها وحضور احتفالها بمضي سنة على تأسيسها، فاستقبله الرفقاء بترحاب وأحلوه ضيفاً في فندق "كايزر هوف" .

يروي الامين نواف حردان في كتابه "سعاده في المهجر" التالي:

" في برلين عقد سعاده عدة اجتماعات لأعضاء المديرية، كما التقى أصدقاءهم فكان لتلك الاجتماعات والأحاديث أثر كبير في نمو العمل الحزبي في برلين، مما حدا بسعاده إلى توجيه المسؤولين في المديرية من أجل إصدار مجلة فصلية تحمل أفكار الحزب وتوزع على الرفقاء والمواطنين، وقد تمّ هذا فعلاً بعد مغادرة سعاده لبرلين، وصدرت المجلة باسم "الرسائل" .

اكتشف الزعيم أثناء وجوده في برلين أن علاقة المدير بالسلطات الألمانية كانت من طرف واحد أي أنها كانت تُستثمر لخدمة الجهة الأخرى. قبل ذلك كانت عمدة المالية قد تسلمت من مديرية برلين المستقلة أزراراً مصنوعة بإتقان تحمل رسم الزوبعة بالألوان الثلاثة، وتحمل في الوجه الخلفي اسم المدير "محمد مصون عابدين بك" فطلبت منه العمدة أن يتوقف عن وضع اسمه على الأزرار مبيّنة له الفردية في هذا التصرف.

قبل أن يغادر سعاده برلين أصدر مرسوماً بإقالة المدير محمد مصون عابدين بك وتعيين الرفيق سروري بارودي خلفاً له.

أثناء إقامته في برلين شاء بعض المسؤولين في وزارة الخارجية ودائرة شؤون الشرق الأدنى الألمانيتين أن يتعرفوا على سعاده ويبحثوا معه القضايا التي تهّم بلادنا.

أوضح لهم سعاده في المقابلة حقوق الأمة السورية ووحدتها وسيادتها التامة على أرضها وجميع مرافقها كما شدد على عدم قبول أية إرادة غير إرادة شعبها .

جرت مقابلة أخرى مع فيلسوف المذهب النازي "روزنبرغ" أوضح فيها سعاده أفضلية النظرة القومية الاجتماعية على النظرات الجزئية .

مغادرة ألمانيا

- غادر سعاده برلين بالقطار إلى مرفأ مدينة "بريمرهافن" ومنها أقلته إحدى البواخر المتجهة إلى دكار في السنغال حيث كان الرفيق أسد الأشقر (الأمين – رئيس الحزب لاحقاً) ينتظره في مرفئها. لم يكن الرفيق أسد قد تمكن من الحصول على فيزا لمرافقة سعاده إلى البرازيل، لذلك، صعد إلى الباخرة التي كانت تقلّ الزعيم، وقد بقيت في مرفأ دكار نحو أربع ساعات. يفيد الأمين أسد في العدد 584 تاريخ 20/6/1987 من مجلة "البناء- صباح الخير" أن سعاده قال له وهما يتمشيان على ظهر الباخرة:

" مررت بإيطالية وألمانية، وقدرت أن أطلع على بعض ما يجري هناك، الجماعة مصممون على إشعال حرب عالمية كبيرة، يريدون أن يسيطروا على العالم. إيطالية وألمانية في تحالف مصيري نهائي. ألمانية تنازلت لإيطالية عن كل تدخل في حوض المتوسط، وخصوصاً في سورية الطبيعية والعالم العربي. ولا شك أن انتصار هذين الحليفين سيجعل من سورية "المقاطعة الرومانية الجديدة". فالخطر الكبير الذي يحدق بنا إذن، ليس من الاستعمار الفرنسي- البريطاني، بل من انتصار ألمانية وإيطالية في حرب آتية حتماً.

" الجماعة يستعدون بسرعة، ليفاجئوا فرنسة وبريطانية وأميركا بحرب عالمية فاصلة، لن تقف إلا عندما يصبح العالم كله تحت سيطرة الدولتين المتحالفتين.

" من الصعب علينا، كحزب ثوري أن نتمكن بالتحالف مع بعض فئات من الشعب، أن نصير قوة مسلحة قادرة أن تلعب دوراً كبيراً في هذه الحرب، خصوصاً وأن ما يشيع خصومنا وأعداؤنا عنا، أننا نازيون وفاشيستيون، يخيف السلطة المحلية والاستعمارية المتسلطة على بلادنا، كما يخيف الشعب. والأفضل أن نتريث ونقوم بنشاطنا الحزبي في المهاجر، إلى أن نرى ما سيجد في العالم بالنسبة لبلادنا ".

سعاده في البرازيل

- في 30 تشرين الثاني 1938 وصلت الباخرة التي تقلّ سعاده إلى مرفأ الريو دي جانيرو فوجد الرفيق جورج دده(7) في استقباله مع عدد من المواطنين. بقيت الباخرة يومين في الريو اجتمع سعاده أثناءها بالرفيق دده، وزوّده بالتوجيهات والتعليمات الحزبية اللازمة لبدء العمل الحزبي، ثم تابعت الباخرة طريقها إلى مرفأ السانطوس في ولاية سان باولو حيث كان جمهور كبير من أبناء الجالية السورية ينتظره.

- انتقل سعاده ومستقبلوه إلى مدينة سان باولو (تبعد 64 كيلومترا) حيث حلّ ضيفاً على الجالية في فندق اسبلانادا وراح يستقبل الوافدين من أبناء الجالية للسلام عليه. وكان ذلك بداية تأسيس العمل الحزبي في سان باولو والبرازيل.

- بعد أسبوع تقريباً وصل من أفريقيا الرفيق أسد الأشقر والأمين خالد أديب عبد الواحد (من طرابلس)، وبعد أيام قليلة أصدر سعاده مرسوماً عيّن بموجبه الرفيق أسد ناموساً له والأمين خالد ناموساً ثانياً. وبعد أن أقاما أسبوعاً في فندق اسبلانادا إلى جانب الزعيم انتقلا إلى منزل واسع، فجعلاه مسكناً لهما ومكتباً للحزب، فيه راح سعاده يستقبل المراجعين والزائرين(8).

- بدأ الحزب ينتشر ليس في سان باولو وحدها إنما في ولايات أخرى أبرزها "المثلث الميناوي" من ولاية "ميناس جيرايس" بعد أن كان أقسم الرفيق إبراهيم حبيب طنوس(9) ثم الرفيق وليم بحليس(10).

- إلى جانب اهتمامه بنشر الدعوة القومية الاجتماعية في البرازيل وتوجيه الرفقاء الذين راحوا ينتمون بالعشرات، وتعميق فهمهم للعقيدة وللنظام، راح سعاده منذ أواخر كانون الثاني 1939 يهتم بموضوع إصدار جريدة تنطق باسم الحزب، إلى أن تمّ له ذلك في آذار فصدرت "سورية الجديدة"(11) في الحادي عشر منه، أي بعد ثلاثة أشهر ونيف من وصول سعاده إلى البرازيل.

تعرضه للمؤامرة، فالسجن

- الانتشار الواسع للحزب وصدور جريدته "سورية الجديدة" حرّكا أحقاد الفئات الموتورة في الجالية، الفرنسية الميول، فراحت تدس على سعاده وتنفث أكاذيبها، ولم تكتف بذلك بل هي تقدمت بأكثر من وشاية إلى الأمن العام الفدرالي البرازيلي مدعية أن سعاده عميل فاشيستي نازي(12)، هادفة من وراء ذلك إلى إلقاء القبض على سعاده وتسليمه لفرنسا باعتبارها الدولة المنتدبة على لبنان، لتسلمه بدورها الى السلطات اللبنانية لمحاكمته(13).

في رسالته إلى الصديق عبود سعاده في الأرجنتين، بتاريخ 5 أيلول 1941، يقول سعاده: ".. فحدثت وشايات سافلة من بعض السوريين جعلت المفوضين البرازيليين يفتحون تحقيقاً معي ويوقفونني رهن التحقيق مدة نحو شهر استغلها مأجورون لفرنسا لاختلاق الإشاعات في المهجر" .

في موضوع اعتقال سعاده يقول الأمين نواف حردان في الجزء الثاني من كتابه "سعاده في المهجر"، ص. 136: " كان سعاده بدأ يشعر بإرهاق شديد وآلام مبرحة في معدته وأمعائه فأشار إليه الدكتور عبده جزره، وكان انتمى سراً إلى الحزب، بالانتقال من فندق أويستي Oeste (ومعناها "الشرق") الذي كان يقيم فيه(14) إلى منزل شقيقته غريس (كان سعاده يطلق عليها اسم عائدة) التي كانت تزوجت من السيد نحاس، وتقيم في حي "إيبيرينغا" في مدينة سان باولو، فعمل سعاده بمشورة طبيبه. وفيما سعاده في بيت شقيقته عائدة يتعالج معالجة دقيقة بالأشعة فوق البنفسجية لتهدئة آلامه ويتناول الأدوية اللازمة، داهم رجلان من الأمن المنزل وألقيا القبض على سعاده، بالرغم من وضعه الصحي"، كذلك ألقيا القبض على ناموسيه الرفيق أسد الأشقر والأمين خالد أديب(15). جرى ذلك في 23 آذار 1939.

- قوبل خبر القبض على سعاده بامتعاض واستنكار شديدين من قبل القوميين والوطنيين، فتشكل وفد من الصحافيين السوريين(16) وقابلوا رئيس مكتب جمعية الصحافة السانبولية واحتجوا لديه على توقيف زميلهم أنطون سعاده وطلبوا منه السعي للإفراج عنه، إلا أن رئيس المكتب لم يحصل من مدير الأمن السياسي والاجتماعي في سان باولو إلا على جواب مقتضب يفيد فيه " أن الصحافي أنطون سعاده هو في هذه الدائرة موقوف بتهمة القيام بنشاطات غير قانونية تمس بأمن وسلامة الدولة " .

- بالرغم من وضعه الصحي – وهو في أشد حالات الضعف والإرهاق من جراء مرضه – كتب سعاده عدة مقالات إلى جريدة "سورية الجديدة"، ثم وجه أكثر من رسالة إلى مدير الأمن العام يشرح فيها وضعه الصحي السيىء خاصة بعد أن حرم بسبب توقيفه من المعالجة الطبية التي كان يخضع لها.

كان لهذه الرسائل وقعها الإيجابي لدى مدير الأمن الدكتور كارنيرو دا فونتي – وكان رجلاً نبيلاً – فأوعز إلى مدير السجن بنقل سعاده إلى غرفة أفضل وبتوفير اللازم له .

- أثناء ذلك كان يزداد قلق القوميين الاجتماعيين وأصدقاء سعاده في سان باولو على صحته، فقرروا أن يذهب وفد منهم لمقابلة الدكتور ألفريدو أبو عسلي، صديق سعاده في العشرينات، وكان قد اصبح مدير الأمن العام المدني في ولاية سان باولو. فاهتم وأسرع إلى دائرة الأمن العام الفدرالي، يشرح لمديره ما يعرفه عن سعاده، ثم توجه مع مدير الأمن العام المذكور إلى السجن لمقابلة سعاده، فكان للدكتور ألفريدو لقاء مؤثر بالزعيم بعد فراق نيف وثماني سنوات.

- تولى التحقيق مع سعاده مدير الأمن العام الفدرالي بنفسه وتسلّم من سعاده مبادئ الحزب مع شروحات تفصيلية بعد أن عكف خلال يومين على ترجمتها إلى البورتغالية.

كذلك أجرى التحقيق مع الرفيق أسد الأشقر والأمين خالد أديب وكانا يتقاسمان غرفة واحدة في السجن.

- توجه مدير الأمن العام إلى مدينة الريو دي جانيرو (عاصمة البرازيل في ذلك الحين) من أجل إطلاع السلطات العليا للأمن العام الفدرالي على التحقيق الذي أجراه مع سعاده وما وصل إليه من قناعة، وهي أن سعاده رجل واسع الثقافة ومفكر كبير ووطني صادق ولم يحضر إلى البرازيل للقيام بأي نشاط أو عمل له مساس بالبرازيل. في اليوم نفسه الذي عاد فيه من الريو دي جانيرو زاره القنصل الفرنسي في مكتبه يسأله عن "الموقوف" سعاده، "العميل النازي الفاشيستي" ويطلب منه تسليمه لفرنسا لأنه محكوم عليه في لبنان، وهو فار من العدالة(17) جواب مدير الأمن العام كان قاطعاً: " لقد حققت مع أنطون سعاده فلم أقتنع أبداً بأنه عميل نازي أو فاشيستي" وتابع: " إن لك أن تراجع وزارة الخارجية البرازيلية ولا شأن لك معي ".

- في 30 نيسان تمّ الإفراج عن سعاده، بعد ان حصل على البراءة من التهمة المنسوبة إليه، " بل كان حصل أيضاً على اعتذار من الشعبة السياسية في الأمن العام البرازيلي لاعتقاله دون مسوغ قانوني "(18). بدورها رفضت البرازيل طلب فرنسا تسليمها سعاده، وأعطته مهلة بضعة أيام لتسوية شؤونه(19). وكان بلغ من احترام مدير الأمن العام لسعاده أن أمر سائقه بإيصال الزعيم بسيارته الخاصة إلى المكان الذي يريد، " إنما وجد الرفيق جميل صفدي في انتظاره خارج بناية الأمن العام، فرافقه إلى بيته في شارع مايسترو غاردين "، كما يقول الأمين نواف حردان في الجزء الثاني من "سعاده في المهجر"، ص. 168، مضيفاً " ولا يدري أحد حتى اليوم كيف عرف الرفيق جميل صفدي بأمر ذلك الإفراج ". وكان مدير الأمن العام قد أفرج قبل ذلك بأيام عن الرفيق أسد الأشقر والأمين خالد أديب(20).

إلا أن سعاده اتهم لاحقاً جميل الصفدي بالوشاية عليه والخيانة وأصدر قراراً بطرده من الحزب.

- في 13 أيار أصدر سعاده مرسوماً بتعيين الرفيق توما توما(21) مديراً للمديرية رقم1 في سان باولو، والرفيق أديب بندقي(22) ناموساً لها، وتتبع اللجنة المفوضة في سان باولو التي كان أنشأها سابقاً. وأصدر في اليوم نفسه مرسوماً ثانياً يقضي بإنشاء لجنة إذاعية عامة تتبع اللجنة المفوضة وتعيين الرفيق رشيد شكور رئيساً لها والرفيقين جميل صفدي ونديم شحفه عضوين فيها.

كذلك اصدر مرسوماً تنظيمياً لجريدة "سورية الجديدة"، ومرسوماً آخر بإنشاء وكالة لمكتب عبر الحدود وتعيين الرفيق أسد الأشقر وكيلاً عاماً لها والأمين خالد أديب معاوناً له.

- في 14 أيار 1939 غادر سعاده مرفأ السانطوس يرافقه الرفيق أسد والأمين خالد متوجهين إلى الأرجنتين، بعد أن كان واكبه إلى المدينة الساحلية شقيقه إدوار ورتل من السيارات تقل عدداً كبيراً من رفقاء سان باولو.

في الأرجنتين

-- وصل سعاده وناموساه إلى مرفأ بيونس أيرس مساء 15 أيار 1939. لم يكن أحد في استقبالهم(23)، فتوجهوا إلى فندق طربوش حسبما كان أشار عليهم الرفيق جورج بندقي، لمعرفة سابقة بالفندق.

الفندق المذكور يملكه مواطن سوري من بلدة "النبك"، لذا كان يتردد إليه العديد من السوريين المقيمين في بيونس أيرس، أو في داخلية الأرجنتين للمبيت فيه أو لتناول الطعام.

بفضل ذلك راح سعاده ومرافقاه يتعرفون على السوريين من أبناء الجالية، ولاحقاً يستقبلون الكثيرين ممن تعرفوا على وجود سعاده في العاصمة الأرجنتينية وراحوا يتناقلون الحديث عن عبقريته وشخصيته الآسرة .

المواطن الأول الذي تعرفوا عليه كان "الأمير" سليم علم الدين المعني، الوريث الأخير المتبقي حياً للأمراء المعنيين وسليل الأمير فخر الدين المعني الكبير(24) الذي راح ينشط وكان واسطة اتصال مع المجموعة الأولى من المواطنين، أمثال الياس فاخوري وزوجته مريانا، بهجت بنوت، نعيم دنهش، أوهانس بورساليان، موريس سرياني، أنطون أنطون، حسني عبد الملك، وإميليا يونس، وجميعهم انتموا إلى الحزب.

- وكما الجالية، راحت الصحافة السورية المهجرية تهتم بسعاده وبالحزب الذي ينمو في الأرجنتين.

في 15 حزيران التقى سعاده في فندق "كستيلار" الصحافيين السوريين في بيونس أيرس وأدلى لهم بحديث هام نشرته "سورية الجديدة"، في عدديها 1 و8 تموز 1939. قبل ذلك، وفي 20 أيار، كان سعاده التقى أحد الصحافيين العاملين في جريدة "لاراسون"، وقد نشرت الجريدة الحديث في عددها الصادر في 21 أيار وأعادت نشره "سورية الجديدة" في عددها رقم 13 تاريخ 3 حزيران 1939.

- إلى اهتمامه بتأسيس فروع للحزب في الأرجنتين، كان سعاده يتابع العمل الحزبي في البرازيل بما في ذلك جريدة "سورية الجديدة"، يحرر المقالات فيها ويوجه الرسائل إلى مسؤولين. إلى ذلك كان يتابع أخبار الوطن بما أمكن له وتوفرت لديه من معلومات. في 1 تموز وبعدما بلغه أن الحكومة الفرنسية تدرس مشروعاً يقضي بتجزئة الشام إلى أربع مناطق يديرها مستشارون فرنسيون بواسطة "حكام" سوريين، وجه سعاده نداء إلى الأمة السورية نشرته "سورية الجديدة"، وطبعته القيادة الحزبية في الوطن في كراس صغير، ووزعته على نطاق واسع.

- لم يكن قد مضى على وصول سعاده إلى بيونس أيرس أكثر من شهرين حتى لبى في 16 تموز دعوة أبناء طرابلس إلى مأدبة عشاء تكريمية تقام على شرفه. تصدر الزعيم المائدة يحيط به ناموساه وأعضاء لجنة الاحتفال، وتوزع المدعوون حول أكثر من 20 مائدة. في هذه الحفلة تكلم كل من رئيس جمعية طرابلس السيد عبد الغني شفص، الرفيق حسني عبد الملك، الأديب يوسف عيد، الناموس الثاني الأمين خالد الأديب، زعيم الحزب، واختتم الكلام الرفيق أسد الأشقر بكلمة وداعية للجالية.

- في أواخر تموز 1939 غادر الرفيق أسد الأشقر الأرجنتين عائداً إلى مقر أعماله في الشاطئ الذهبي (غانا) فيما بقي الناموس الثاني الأمين خالد أديب.

- في أيلول 1939 تعرفت المواطنة جولييت المير(25) (الأمينة الأولى لاحقاً) على سعاده عندما قام بزيارة أهلها إذ كان شقيقها الأكبر جورج قد انتمى إلى الحزب. تفيد في مذكراتها ص.39: " لم أكن قد عرفت أو سمعت بوجوده في بيونس أيرس. كان جاء إلى تلك البلاد قبل عودتي من نيويورك وتمّ اتصال بينه وبين عائلتي ".

تركت هذه الزيارة أثراً كبيراً في نفسها. بعد فترة اتصلت بها الرفيقة مريانا فاخوري، وتعددت اللقاءات ثم قدمت لها كراس المبادئ. تضيف الأمينة الأولى في مذكراتها: " وأقسمتُ اليمين. بعد أيام أقسمت اليمين أيضاً شقيقتي كتالينا وكانت تسكن وزوجها وابنها في طابق قريب من بيتنا. وهكذا فعلت شقيقتي ديانا. فأصبحنا نحن الثلاث قوميات حديثات في الحزب ".

- تكاثر عدد الرفقاء في بيونس أيرس حتى فاق الخمسين رفيقاً فنشأت أول مديرية في المدينة وتعين الرفيق إبراهيم النبكي مديراً لها، كما عينت الرفيقة إميليا يونس مفوضة لمفوضية الرفيقات(26)، وعندما نمت المفوضية أنشئت مديرية للسيدات وعينت الرفيقة مريانا فاخوري مديرة لها(27).

في الوقت نفسه كان سعاده يوجه عشرات الرسائل إلى البرازيل، المكسيك، الشاطئ الذهبي والولايات المتحدة، كما يحضر عشرات السهرات في بيونس أيرس ويتكلم فيها، إلى جانب الزيارات العديدة التي كان يقوم بها، فضلاً عن عشرات المقالات التي يكتبها لـ "سورية الجديدة".

- من المناسبات التي راح يدعى إليها سعاده، وقد بات موضع حفاوة السوريين في العاصمة الأرجنتينية، الحفلة السنوية لجمعية "نور الهدى" للسيدات الحمويات التي أقامتها في نادي "شرف ووطن" السوري وحضرها جمهور غفير من سيدات الجالية ورجالها، وقد خصت الجمعية زعيم الحزب ليكون ضيفها الشرفي. وقد استرعى حضور الزعيم اهتمام أوساط الجالية وأحاديثها وتعليقاتها على شخصيته ومقدرته والعمل العظيم الذي يقوم به.

سعاده في التوكومان

- بعد أن كان انتمى جبران مسوح وراح ينشط في أوساط الجالية السورية في مدينة توكومان، فقد عقد بعض وجوه الجالية اجتماعاً قرروا فيه دعوة سعاده لزيارة المدينة فتمّ ذلك في أواسط تشرين أول 1939،

أمضى سعاده في توكومان وفي محيطها – منها بضعة أيام في "ريو أوندو" حيث الحمامات المعدنية طلباً للراحة والمعالجة – ما يقارب الشهر ونيف عاد بعدها إلى بيونس أيرس.

قبل مغادرة سعاده مدينة التوكومان في 22 تشرين الثاني أصدر مرسوماً يقضي بإنشاء مديرية وتعيين الرفيق كامل عواد مديراً لها. كانت الجالية قد أولمت له مساء 21 تشرين الثاني في "بلاسا أوتيل" أعظم فنادق هذه المدينة(28).

- وكما في التوكومان فقد بدا الاهتمام بالحزب ينتشر في مدينة سانتياغو خصوصاً بعد سفر الرفيق ميخائيل ملحم إليها في جولة تجارية، فتسلم سعاده دعوة من بعض أوساط الجالية لزيارتها. (تحققت لاحقاً في أيار 1940) .

دحض لشائعات وجوده في برلين

- في هذه الأثناء كان سعاده قد تسلم رسالة من الرفيق بهيج فاخوري من طرابلس (شقيق الأمين أنيس فاخوري) يطرح فيها ضرورة " الحصول على شهادة من قنصلية فرنسية تفيد أن سعاده، مقيم في مكان كذا من دولة كذا وإرسال هذه الشهادة بسرعة ليستفيد منها التحقيق لمصلحة الموقوفين من القوميين وبينهم الأمين أنيس فاخوري(29) لذلك ما إن وصل سعاده إلى بيونس أيرس حتى توجه في اليوم التالي إلى السفارة الفرنسية حيث حصل منها على شهادة متوّجة باسم السفارة وممهورة بختمها تعلن أنه موجود في بيونس أيرس منذ 15 أيار 1939، وأرسلها إلى الرفيق بهيج فاخوري في طرابلس.

كان من المنتظر أن تصدر بحق القوميين المعتقلين أحكام قاسية جداً تبلغ حد الحكم بالإعدام بتهمة التعاون مع ألمانية التي هي في حالة حرب مع فرنسا، وكون زعيم الحزب مزعوم الوجود في برلين، لذلك كان الرفقاء المعتقلون يعلقون أهمية كبيرة على وصول شهادة السفارة الفرنسية في بيونس أيرس.

في هذا الوقت كانت الصحف الأجيرة في لبنان تكيل التهم للحزب ولسعاده "المقيم في برلين"، فأصدر ناموس المجلس الأعلى الأمين مأمون أياس بتاريخ 8 تشرين الثاني 1939 بياناً نشرته بعض الصحف برغم المراقبة المفروضة عليها، يؤكد فيه أن سعاده مقيم في بيونس أيرس ويمكن للحكومة أن تتأكد، لو شاءت ذلك، بواسطة قنصلها في العاصمة المذكورة فيخبرها ولا شك، عن رقم المنزل الذي يقيم فيه زعيم النهضة"(30) .

- في 24 تشرين الثاني توجه الزعيم إلى دائرة الأمن العام مع خالد أديب وحصلا منه على تمديد لإقامتهما في الأرجنتين لمدة ستة أشهر إضافية بسبب صعوبة السفر والعودة إلى الوطن بداعي الحرب.

- في 23 كانون أول وبدعوة من إدارة نادي "شرف ووطن" ألقى سعاده محاضرة في موضوع "تأثير السوريين في أميركا". يقول مراسل "سورية الجديدة": " كانت المحاضرة بدعوات، وكان بهو النادي مهيئاً للمدعوين فامتلأت كلها وظل فريق واقفاً في المؤخرة وإلى الجانبين، وكان عدد الوقوف يزداد بين آونة وأخرى ".

احتفال الأول من آذار

- مع بدء العام 1940، أي بعد مضي نيف وسبعة أشهر على وصول سعاده إلى بيونس أيرس، كان الحزب قد انتشر في بيونس أيرس انتشاراً كبيراً. لذا قرر الرفقاء إقامة احتفال كبير بمناسبة الأول من آذار، فتشكلت لهذه الغاية لجنتان، أولى من الرفيقات برئاسة الرفيقة كاتالينا مسوح(31)، والثانية من الرجال برئاسة الرفيق حسني عبد الملك.

أقيمت الحفلة في فندق "جوستين" (Joustin) الفخم وشهدت قاعته الفسيحة حضوراً بالمئات وتنظيماً رائعاً أوردت تفاصيله جريدة "سورية الجديدة" في عددها 56 تاريخ 9 آذار 1940.

في هذا الاحتفال الضخم الذي لم تشهد الجالية السورية في بيونس أيرس مثيلاً له، تكلم كل من: الأمين خالد أديب، الرفيقة مريانا دعبول فاخوري، الشاعر زكي قنصل، ألفريدو شاكر، فيليب شديد الذي ألقى كلمة الرفيق جبران مسوح، والمحامي أنور عبيد(32). ثم تليت برقيات التهنئة الواردة من أنحاء الأرجنتين ومن المهجرين البرازيلي والمكسيكي، والمهاجر الأخرى، وقد أكتفي بإعلان أسماء مرسليها نظراً لكثرتها. وكانت كلمة الختام لزعيم الحزب وفيها يتحدث سعاده لأول مرة عن المدرحية إذ يقول: لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما العالم يكاد يهلك في صراع مميت بين مبدأ الترجمة المادية للحياة البشرية ومبدأ الترجمة الروحية لأعمال الإنسانية. إن الحركة السورية القومية الاجتماعية ترفض الإقرار باتخاذ قاعدة الصراع بين المبدأ المادي والمبدأ الروحي أساساً للحياة والأعمال الإنسانية ولا تقف الحركة السورية القومية الاجتماعية عند هذا الحد بل هي تعلن للعالم مبدأ الأساس المادي – الروحي للحياة الإنسانية ". (يمكن مراجعة الجزء السابع من الآثار الكاملة، ص.15).

الزعيم ينتقل إلى تلال كوردوبا

- بسبب انكباب سعاده على العمل المتواصل (الكتابة إلى "سورية الجديدة" وإلى المسؤولين في البرازيل وغيرها من المهاجر، عقد الاجتماعات المتتالية للرفقاء في بيونس أيرس، استقبال الزائرين والمراجعين ورد الزيارات العديدة)، فقد عاودته الآلام في معدته وأمعائه وساءت صحته وأدى ذلك إلى ضعف عام وهزال في جسمه، فانتقل إلى تلال كوردوبا(33) حيث كانت ذهبت إليها الرفيقة جولييت المير مع والدتها وشقيقتيها الرفيقتين كتالينا وديانا، ورامز ابن كتالينا الذي كان في التاسعة من عمره.

في الفندق الذي جمع سعاده بالرفيقة جولييت، وفي النزهات التي شرحت عنها الأمينة الأولى تفصيلاً في مذكراتها (ص.51-55) أمكن لسعاده أن يتعرف أكثر على الرفيقة جولييت المير وأن يجد فيها المرأة الذكية الكفوءة السامية بنفسيتها لأن تكون شريكة حياته. وفيما عادت الرفيقة جولييت وأهلها إلى بيونس أيرس، بقي سعاده في المنطقة المذكورة حتى 31 آذار وقد تحسنت صحته تحسناً محسوساً. " إنما لم تكن المدة التي صرفتها في الراحة كافية لإبلاغي الدرجة المتوخاة من العافية وسأحتاج للحصول على فرصة أخرى قريباً(34).

عمليات تطهير

- بناء للمعلومات التي كانت ترد إلى سعاده، أو من خلال التحقيقات التي أجراها، وللمتابعة التي يقوم بها فقد أصدر سعاده المراسيم التالية:

• في 25 شباط 1940 بطرد رشيد شكور ونديم شحفه (سان باولو) لانفلات الأول من النظام الحزبي وعمله لمآربه الخصوصية، ولخيانة الثاني وحنثه بيمينه كما هو ثابت في التقارير الرسمية.

• في 24 آذار بفصل الأمين خالد أديب عن مرافقة الزعيم وإقالته من وظيفة معاون وكيل مكتب عبر الحدود وإحالته إلى سلك الإذاعة برتبة مذياع عام بدون صلاحية إدارية.

• في 25 نيسان بطرد حسني عبد الملك وجبران سابا لثبوت عمل الأول لمآربه الخصوصية وسوء ائتمانه في المسائل التي عهد بها إليه، ولمشاركة الثاني الأول في التصرفات الخارجة على النظام والمقصود منها التلاعب ببعض الأعمال والنتائج الروحية والمادية.

وقد عممت هذه المراسيم عن مكتب الزعيم بتاريخ 3 أيار عام 1940.

- في 8 أيار 1940 لبى سعاده دعوة الجالية السورية في مدينة "سانتياغو" القريبة من مدينة توكومان، وبقي فيها إلى أول حزيران أمضاها في لقاءات مستمرة مع أبناء الجالية، وتمّ إنشاء مديرية وتعيين الرفيق نسيم خزامة مديراً.

وفي نهاية الزيارة، أي في أول حزيران، وجه سعاده نداءه الشهير إلى الأمة السورية.

- بناء لدعوة تلقاها من مديرية التوكومان لزيارتها، انتقل سعاده إلى المدينة المجاورة التي تبعد ثلاث ساعات بالقطار عن سانتياغو، وبقي فيها ثلاثة أيام أعطى فيها الدروس لهيئة المديرية، في الإدارة والنظام والعقيدة والسلوك، كما الشروح المفيدة للرفقاء، وقد وجد سعاده أن عددهم قد ازداد وروحيتهم تقدمت ...

- عاد سعاده إلى نشاطه المعتاد في بيونس أيرس. في أثناء ذلك كان وصل إليها من الشيلي المواطن السوري أنطون بالش الذي كان صديقاً للدكتور خليل سعاده، وقد بلغه عما يقوم به نجله زعيم الحزب من عمل جبار فرغب زيارته والاستماع إليه ثم دعاه لغداء يقيمه في النادي الحمصي ويدعو إليه الجنرال ايبانس رئيس جمهورية الشيلي السابق الذي، بعد أن تحدث إلى الزعيم في عدة أمور ومنها عن الوضع في الشيلي، صرّح للسيد بالش عن إعجابه الكبير وأن سعاده رجل عظيم وواسع الإطلاع(35).

تأسيس الجمعية السورية الثقافية

- بعد جهود استمرت عدة أشهر أسس الزعيم "الجمعية السورية الثقافية" لتكون المظهر العلني للحزب في الأرجنتين، وقد صدر بيان بذلك هو التالي:

" في 18 حزيران 1940 اجتمع فريق من رجال الجالية السورية في هذه العاصمة (بيونس أيرس) وبعد المداولة في بعض الشؤون العمرانية أجمع رأيهم على تأسيس جمعية ثقافية أطلقوا عليها اسم "الجمعية السورية الثقافية" والغاية منها تسهيل الترقية الثقافية العامة والتفاعل الثقافي بين الشعبين السوري والأرجنتيني. وللحال انتخبوا مجلساً إدارياً قوامه سبعة أعضاء تسلموا إدارة شؤون الجمعية على الترتيب التالي: الرئيس إبراهيم النبكي، الناموس العام فريد الياس نزها، مدير المال علي بوز، مقرر الشؤون الثقافية الياس مرجان، مقرر الشؤون الاجتماعية إميل بندقي، مقرر الشؤون الفنية أوهانس بورساليان، ومقرر الشؤون الرياضية فريد شاكر.

وحول موضوع الجمعية الثقافية السورية يقول سعاده في رسالته إلى الرفيق وليم بحليس في البرازيل، بتاريخ 4 آب 1940، " إني عزمت على تعميم إنشاء الجمعيات السورية الثقافية في جميع المهاجر القومية، إذ أن الثقافة ناحية أساسية من نواحي عملنا، وأنا لا أقصد من ذلك مجرد ستر الحركة ووقايتها، بل تنشيط العمل التثقيفي الذي هو أساس جميع أعمالنا الأخرى ".

ويتابع سعاده، " ولكن الجمعية الثقافية يجب ألا تنشأ إلا بعد نشوء الفروع الحزبية التي تأخذ على عاتقها تنفيذ فكرة الجمعية وفاقاً للتعليمات ".

طرد خالد أديب

- في 18 تموز 1940 وبناء على تمادي خالد أديب في الدس والحنث بقسمه، أصدر سعاده مرسوماً بطرد المذكور، وقد جرت محاكمته في اجتماع علني وعرضت وثائق وشهادات تدينه "بما كان يعمل في الخفاء مع رفقائنا الذين ذهبوا ضحية مآربه، والأموال التي كان يحصل عليها باسم الزعيم"(36). وفي 19 منه وجه إلى جريدة "السلام" السورية الصادرة في بيونس أيرس إيضاحاً كاملاً حول أسباب طرد خالد أديب من الحزب .

- في 26 تموز 1940 وجه سعاده رسالة إلى منفذ عام المكسيك، الأمين عساف أبو مراد، يتأسف فيها عن عدم تمكنه من السفر إلى المكسيك، "والسبب هو ورود خبر من الوطن يفيد أن السلطة العسكرية هناك قد أصدرت مذكرة توقيف بحقي كما بحق الأمين فخري معلوف الموجود في الولايات المتحدة"، وهذا يعني أن اسمه أصبح على لائحة الأعداء وان القنصلية الفرنسية لن تمدد جواز سفره.

الشاعر زكي قنصل

- في 3 آب 1940 نشر سعاده مقالاً شديد اللهجة في "سورية الجديدة" بعنوان "الشهرة على حساب الحزب السوري القومي" تعليقاً على ما كان نشره الشاعر زكي قنصل في جريدة "السلام" من تكذيب لكونه انتمى للحزب السوري القومي "إثباتاً للحقيقة ودفعاً للتضليل" بعد أن كان وصله من أحد الأدباء العروبيين في سان باولو يسأله فيما إذا كان من أعضاء الحزب بعد أن قرأ له قصيدته "بلاد النبوغ" التي كان ألقاها الشاعر قنصل في احتفال الأول من آذار 1940 في بيونس أيرس .

انتماء الرفيق نجيب العسراوي

- في آب 1940 انتمى الرفيق نجيب العسراوي(37) في مدينة بلو أوريزونتي (ومعناها الأفق الجميل) عاصمة ولاية ميناس جبرايس، ولاحقاً – في 14 أيلول 1940 – أنشأ سعاده منفذية في الولاية المذكورة وعين الرفيق العسراوي منفذاً عاماً لها، وبتاريخ 19 أيلول 1940 وجّه له سعاده رسالة توجيهية هامة. بدوره شكل المنفذ العام هيئة منفذية من الرفقاء: أميركو مطر للمالية، وليم بحليس للإذاعة، إبراهيم حبيب طنوس للثقافة وإبراهيم مطر للتدريب.

بعد فترة، وعندما انتقل الرفيق وليم بحليس إلى سان باولو لتولي تحرير "سورية الجديدة"، وجد سعاده مناسباً أن ينتقل مركز المنفذية إلى سان باولو وتعيين الرفيق بحليس منفذاً عاماً، على أن تبقى ولاية ميناس جيرايس مفوضية مركزية (إنما، لاحقاً أعيد إنشاء منفذية في ميناس جيرايس وتعيين الرفيق نجيب العسراوي منفذاً، وقد اتبعت لها مديرية الريو دي جانيرو).

المذياع العـام

- قبل ذلك كان سعاده في رسالته إلى الرفيق وليم بحليس بتاريخ 14 آب 1940 أفاده أنه " سينتخب عدداً من المؤهلين ويجعلهم تابعين لسلك الإذاعة ويعينهم برتبة مذياع عام ". وفي رسالته إلى الرفيق إبراهيم حبيب طنوس بتاريخ 21 أيلول 1940 يبلغه سعاده أنه قرر تعيينه، والرفيق وليم بحليس، مذياعين عامين تكون لهما صلاحية الإذاعة العامة للحزب ومبادئه ويكونان تابعين للسلك الإذاعي المتعلق بعمدة الإذاعة رأساً، وأوضح " أن للمذياعين صلاحية الإذاعة الداخلية على الأعضاء، والخارجية على السوريين اللاقوميين وعلى الأجانب، وتكون مهمتكما رفع معنويات الأعضاء في الداخل وتقوية روحيتهم بالخطب والرسائل وغيرها وتهيئة نفسية السوريين لقبول مبادئ النهضة والالتفاف حولها، ويكون كلامكما للأعضاء عن أهمية الحركة ونشأتها وصعوباتها وكيفية التغلب عليها، وعن الزعيم ونظام الحزب والعلم القومي والوطن الخ...".

- في 20 آب 1940 أصدرت المحكمة العسكرية الفرنسية(38) أحكامها بحق سعاده وعدد من مسؤولي الحزب وأعضائه، وقد كان نصيب زعيم الحزب منها 20 سنة سجناً و 20 سنة منع إقامة.

تلك الأحكام، إلى صعوبات السفر حتى الاستحالة عبر المحيطات بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية، جعلت سعاده في واقع الاغتراب القسري في الأرجنتين .

الموقف من "سورية الجديدة" وصدور "الزوبعة"

- في الكثير من رسائل سعاده الموجهة إلى البرازيل عرضُ لوضع جريدة "سورية الجديدة" ومعاناة الزعيم إزاء القائمين عليها الذين لا يتقيدون بتعليماته وتوجيهاته العديدة، ويتحيّزون علناً لدولتي المانيا وإيطاليا في نشرهم أخباراً لمصلحتهما.

لذا قرر سعاده إصدار جريدة في الأرجنتين تقوم بما لا تقوم به "سورية الجديدة" وتعبر عن رأي الحزب الحقيقي، فاتخذ التدابير اللازمة لذلك واتفق مع إحدى المطابع العربية، على أن تصدر الجريدة في البدء نصف شهرية ثم تزداد صفحاتها وتصدر أسبوعياً عندما تسمح الظروف بذلك(39).

في أول آب 1940 صدرت الجريدة باسم "الزوبعة" ثم صدر العدد الثاني في 16 آب، وقد استقبلها القوميون وأصدقاؤهم في الأرجنتين بالتهليل والترحيب وباتت هي جريدة التوجيه القومي.

جنون الخلود

- في الثالث من آب 1940 كانت قد وصلت الزعيم بعض أعداد من جريدة "الرابطة" التي تصدرها "الرابطة الوطنية السورية" في سان باولو تحمل أجزاء من محاضرة كان ألقاها رشيد سليم الخوري المعروف بـ "الشاعر القروي" عن "المسيحية والإسلام"، لفتت نظر الزعيم إليها لما كانت تحويه من تضليل وتشويش. كان أول الذين ردوا عليه من الناحية المذهبية قسيس من آل الراسي، ثم رد عليه الرفيق وليم بحليس بمقال نشرته "سورية الجديدة" بتاريخ 31 آب 1940، بعد أن كان أرسله إلى سعاده للاطلاع والموافقة على نشره، وقد تمّ ذلك.

أرسل سعاده إلى "سورية الجديدة" الحلقتين الأوليين من سلسلة مقالات بعنوان "جنود الخلود" يعالج فيهما مقالات "الشاعر القروي" إلا أن إدارة "سورية الجديدة" لم تنشرهما، وهذا كان سبباً إضافياً لاتخاذ قراره بشأن الجريدة المذكورة.

إلا أنها لاحقاً راحت تنشر حلقات "جنود الخلود" – والبعض منها كانت منقحة من قبل الزعيم – وعندما توقفت "سورية الجديدة" عن الصدور (تمّ ذلك في 30 آب 1941) تابعت "الزوبعة" نشرها.

- نشر سعاده في "الزوبعة" 36 حلقة تحت عنوان "جنون الخلود" وذلك بدءاً من 15 تشرين أول عام 1940 (العدد السادس من "الزوبعة") ولغاية أول أيار 1942 (العدد 43) وقد أصدر الحزب تلك الحلقات، لاحقاً، تحت اسمي "الإسلام في رسالتيه المسيحية والمحمدية" و"جنون الخلود" .

سعاده في تلال كوردوبا، مجدداً

- صحت توقعات سعاده التي كان أفضى بها إلى الرفيق جورج بندقي (3 نيسان 1940) فلقد ساءت صحته خلال شهر أيلول 1940 من جراء الإرهاق الذي أصابه، وبسبب العمل المتواصل، فأشار إليه الطبيب بالسفر مجدداً إلى تلال كوردوبا وأن يلجأ إلى الهدوء والراحة التامة لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور.

قبل مغادرته بيونس أيرس كتب الزعيم إلى الرفيق جبران مسوح كي ينتقل من توكومان إلى بيونس أيرس للإشراف على تحرير جريدة "الزوبعة" التي كانت تواصل صدورها .

وفي 9 تشرين أول 1940(40) استقل سعاده القطار إلى كوردوبا وكان في وداعه في المحطة الرفقاء جبران مسوح، إبراهيم الأفيوني، جواد نادر، جولييت المير وشقيقتها ديانا.

- بعد ما يقارب الشهر من الراحة وتناول الأطعمة الخفيفة وممارسة هوايات ركوب الخيل والسباحة والسير بين التلال والأحراج المجاورة لفندق "لس كوكس" حيث نزل، عاد سعاده لمتابعة تحرير الرسائل إلى الرفقاء، ومقالاته في "الزوبعة"(41).

- في 10 كانون أول انتقل سعاده إلى فندق آخر حيث التقى المواطن عبود سعاده(42) الذي كان صديقاً لوالده الدكتور خليل، فدعاه للإقامة في منزله في مدينة كوردوبا المجاورة، فتمّ ذلك في الخامس عشر منه.

عن هذا المنزل يقول الأمين نواف حردان في الجزء الثاني من "سعاده في المهجر"، الصفحة 447: "كان عبود سعاده قد بلغ في درسه الهندسة والكهرباء درجة عالية إلى أن خطر له أن يبني منزلاً فريداً من نوعه، فتوصل بعد تجارب عديدة إلى بناء منزل كبير ضخم يدور بكل محتوياته على عامود من الفولاذ، فيتعرض أي جانب من جوانبه لنور الشمس أو للظل، وذلك بضغط من زر كهربائي".

- أمضى سعاده أياماً في منزل عبود إبراهيم سعاده حيث تسنى له – كما في تلال كوردوبا – أن يمتطي الخيل في مزرعة مضيفه عندما دعاه مع عدد من أبناء الجالية إلى تمضية يوم كامل فيها،

وقد صدف أن بلدية كوردوبا كانت تقيم مباريات كبيرة في القفز والركض والمبارزة بالسيوف وركوب الخيل ورياضات أخرى. رغب سعاده أن يشارك في مباراة سباق الخيل عندما علم أن لا أحد من أبناء الجالية السورية يشارك فيها إلى جانب الأرجنتينيين وأبناء الجاليات الأخرى. تمّ ذلك وحقق سعاده الفوز على الأربعين فارساً المشاركين(43) .

- في اليوم التالي زار وفد من الجمعية الإسلامية في كوردوبا سعاده ودعاه لحضور حفلة مدرسية تقيمها المدرسة السورية لأبناء الفاكهة (البقاع الشمالي) قبل الزعيم تلك الدعوة وحضر تمثيل رواية "فلسطين الشهيدة" ثم لبى رغبة الجمعية والحضور وألقى كلمة في المناسبة .

- في 26 كانون أول 1940 أقامت الجالية السورية في كوردوبا مأدبة كبيرة للزعيم ألقى فيها خطبة استمرت ما يقارب الساعتين(44).

وفي 28 كانون أول غادر سعاده مدينة كوردوبا بعد أن انتمى فيها عدد من الرفقاء، من بينهم نجل عبود سعاده، الشاب خليل.

زواج سعاده

- ليلة رأس السنة (31 كانون أول 1940) وقد وصل سعاده إلى بيونس أيرس جلس يكتب إلى لجنة مفاوضة الرفيقين فؤاد وتوفيق بندقي في سان باولو حول مسألة "سورية الجديدة" من أجل فسخ الشراكة معهما.

- عاد سعاده من كوردوبا ليتابع اتصاله بالرفيقة جولييت المير (راح سعاده يدعوها "ضياء") التي تقول في مذكراتها ص. 64: " لم نخف حبنا لبعضنا ورغبتنا بإنشاء البيت الجديد الذي ساعد أفراد عائلتي جميعهم بتجهيزه خصوصاً شقيقي جورج الذي أراده أن يكون كما نرغب.

- في أوائل سنة 1941(45) تمّ عقد زواج سعاده إلى الرفيقة جولييت وانتقلا للإقامة في منزل في إحدى ضواحي بيونس أيرس، يطلّ على أكبر حديقة عامة في العاصمة الأرجنتينية، هناك بدأت حياتهما سوياً. وكان سعاده قد عقد خطوبته على الرفيقة جولييت المير في 30 أيلول 1940، وهذا ما توضحه الأمينة الأولى في مذكراتها، الصفحة 62.

- كانت الأمينة الأولى تعمل في مستشفى قريب من البيت. العمل فيه ثماني ساعات متواصلة، فيما سعاده أيضاً في عمل متواصل. " كان النهار مليئاً بالأعمال مع الأعضاء والجريدة ومتابعة شراء الورق وتصحيح المقالات في "الزوبعة" وكثير من الاجتماعات الخاصة مع بعض المواطنين فيعود في المساء ليبدأ الكتابة التي كانت تأخذ من وقته ساعات "(46).

- في 17 كانون أول 1941 ولدت الابنة البكر، صفية، وكانت رحلات الزعيم في داخل الأرجنتين لتفقد الفروع تأخذ قسماً كبيراً من وقته، مما يضطره لأن يتغيب لمدة شهر أو أكثر، فكان على الأمينة الأولى أن تهتم بعملها في المستشفى، في البيت، وفي متابعة الأعمال الحزبية التي كان يكلفها بها سعاده، "كارسال "الزوبعة" إلى المشتركين وجمع مجموعات منها، واتصالات"(47) .

- كان الحزب ينمو ويتسع انتشاره، " كانت الفروع في أنحاء كثيرة من بيونس أيرس تزداد نشاطاً وحماساً، وقد شاهدت عائلات كلها منضوية في الحركة وتعمل بنظام وتفهم بديع "(48).

- وراح سعاده يبدي اهتمامه بالشبيبة من أبناء الجالية خاصة بعد أن تمكن من اللغة الإسبانية وبدأ يتحدث بها بطلاقة، كذلك راح العمل في "الجمعية الثقافية السورية" يشهد حركة نامية على صعيد المحاضرات والاتصالات مع شخصيات وصحافيين أرجنتينيين ومع أبناء الجالية(49).

- كما تصدى سعاده للفتنة الطائفية في بيروت عام 1937 عندما وجه فرقاً قومية اجتماعية لكل من أحياء الأشرفية، الجميزة، والبسطة تحول دون تفاقم الفتنة، فقد تصدى في الأرجنتين أيضاً لفتنة دينية عندما راح البعض يعمل لأن يكون لأبناء الجالية المحمديين، حيٌّ خاص بهم في العاصمة بيونس أيرس. وقد نشر سعاده مقالاً على حلقتين في "الزوبعة" بتاريخ 15 كانون الثاني 1942 وأول شباط 1942 .

الأول من آذار 1942

- احتفال الأول من آذار 1942 كان حاشداً ومعبّراً عن اتساع انتشار الحزب في بيونس أيرس، وغيرها من مناطق الأرجنتين، فالبرقيات التي تليت وردت من رفقاء توكومان، سنتياغو، كوردوبا، فرقمينه، سان خوان، كما من مناطق الاغتراب الأخرى، أفريقيا، المكسيك، التشيلي، الولايات المتحدة، البرازيل، جزر الكناري. تكلم في الاحتفال الرفيقان سليم خباز وإبراهيم الأفيوني، الشاعر كامل فضول، واختتم سعاده الاحتفال بخطاب شامل، جاء فيه: " أن الأشخاص يجيئون ويذهبون ويتبدلون ولكن العقيدة هي الأساس الراسخ الثابت على الأيام والسنين والعقود والأجيال. فحين الاختيار بين العقيدة والنظام من جهة وفرد أو أفراد من جهة أخرى نحن لا نتردد في التمسك بالعقيدة والنظام وترك الأفراد لمصيرهم ".

- اعتمد سعاده في الكثير من الفروع الحزبية المنشأة تكليف لجنة إدارية موقتة للفرع الحزبي، حتى إذا انتظم العمل أنشأ مديرية وعين لها مديراً. هذا ما نجده، كمثال، في المرسوم الصادر بتاريخ 24 نيسان 1942 بحل اللجنة الإدارية المؤقتة لفرع الحزب في مدينة كوردوبا، كمادة أولى، أما المادة الثانية فقد نصت على أن "يكتسب فرع الحزب رتبة المديرية"، وقد تعين لها الرفيق يوسف رحمون العيطة مديراً.

- ما تجدر الإشارة إليه هو القرار الذي اتخذه سعاده بشأن عضوية الرفيق كامل عواد الذي كان تعين مديراً لمديرية توكومان، بعد أن أوضح لسعاده في رسالة – وقبل ذلك في لقاء معه – أنه يؤمن بالعقيدة القومية ويود خ

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024