من الامناء الذين كان لهم حضورهم الناشط في كل من منفذيات صافيتا، الكورة وليبيريا، نذكر بتقدير الامين الراحل ابراهيم محمد سليمان، الذي نجد واجباً ان نعرّف اجيالنا الجديدة عليه.
*
ولد الامين ابراهيم محمد سليمان في بلدة "بعمرة" (صافيتا) عام 1934
اقترن من السيدة خديجة سليمان ورزق منها: نعمى، نسرين، نازك، نادين، ربى، رلا، عُلا وعلي.
انتمى الى الحزب في بلدته "بعمرة"(1) عام 1947
تولى مسؤوليات حزبية عديدة منها:
• مذيع في مديرية بعمرة
• مسؤول تدريبي في المرحلة التي اعقبت اغتيال العقيد عدنان المالكي.
• سجن ولوحق مما اضطره لمغادرة الشام الى لبنان فتولى المسؤوليات التالية:
o مدرب في مخيم للحزب في عالية
o مسؤول تدريبي في بيروت
o مدير مديرية في كل من "التبانة" و "الزاهرية" في طرابلس.
o آمر مخيم في الكورة عام 1958
o شارك في الثورة الانقلابية وبعد ان خرج مع العفو في شباط 1969، خضع لقرار الدولة اللبنانية بابعا الرفقاء "غير اللبنانيين" الى الخارج، فغادر الى ليبيريا، متولياً فيها مسؤولية ناموس منفذية، فمنفذاً عاماً.
o بعد عودته الى الوطن، تولى مسؤولية ناموس منفذية الكورة، فمنفذاً عاماً.
o منح رتبة الامانة عام 1978.
*
وفاته
في 26 شباط 2003 وافت المنيّة الامين ابراهيم سليمان بعد صراع مرير مع الداء العضال فشيّعه حزبه بمأتم حاشد ومهيب في بلدته بعمره (صافيتا) تمثل فيه رئيس الحزب بمنفذ عام عكار الرفيق رياض نسيم(2) الى جانب وفد مركزي ضم عضوي المجلس الاعلى الامينين حسن عزالدين وانطون اسبر، ومنفذ عام طرابلس الامين زهير الحكم،
جاء في تقرير منفذية صافيتا المرفوع بتاريخ 08/03/2003:
"قبل موعد التشييع بساعة غصّت دار حضرة الامين الراحل بالرفقاء والمواطنين فتوزع عدد كبير منهم على الطرقات والساحات العامة القريبة من البيت، وعند خروج النعش من المنزل ادى الرفقاء التحية الرسمية، ومن المنزل سار الموكب المهيب حتى مدافن القرية، يتقدمهم حملة الاكاليل، والوفد المركزي، ورفقاء ومواطنون كثر قدموا من الكيان اللبناني، وخاصة من الكورة التي عرفت الامين ابراهيم منفذاً ناجحاً لها، وشكل الجميع حشداً كبيراً لم تشهد له "بعمرة" مثيلاً منذ سنوات عديدة، وقد عبّـرت البلدة ومحيطها عما تكنّه للامين ابراهيم من تقدير ومحبة.
عند وصول النعش الى المدافن قام عدد من رجال الدين المحمدي بالصلاة على روح الفقيد، وبعد انتهاء مراسم الصلاة القيت عدة كلمات، فقدم ناظر الاذاعة في المنفذية المتكلمين فكانت الكلمة الاولى باسم رفقاء الفقيد في مديرية "بعمرة" القاها الامين سميح ديب، ثم كانت كلمة مركز الحزب القاها منفذ عام عكار الرفيق رياض نسيم.
وفي الختام القت ابنة الامين الراحل، نسرين، كلمة شكرت فيها الذين واسوا العائلة بفقدان الامين ابراهيم سليمان.
*
من كلمة الامين سميح ديب
" ايها الحضور الكريم، يا ابناء قريتي الحبيبة،
أيها الامين الغالي،
يا رفيقي، يا رفيق الدرب الطويلة الشاقة، يا رفيق التشرد والحرمان وكسرة الخبز اليابسة، يا رفيق الغربة الموجعة، يا
رفيق القرية الرائعة بمحبتها وسلامة فطرتها.
حفاة ركضنا على بيادرها فعرفتنا زواريبها وحجارتها وكل حبة تراب فيها.
من على رعاشها سرقنا دفء الشمس وعلى حفافيها استلقينا ننصت بشغف الاطفال الى حكايات شيوخها الذين تأصل فيهم حب الوطن المبكر وانتصر عندهم كبرياء الانتماء. كبار تمتعوا بحق بأصالة فطرة أمتهم فكان منها: عظم المواقف وصدق الحب والقدرة الفائقة على العطاء والزرع والاستنبات.
" من على بيادر هذه القرية المدرسة، ومن على حفافيها وتحت اشجارها تعلّمنا سر التثبت بالارض وتقدير الوطن، تعلمنا ان قيمة الانسان بما يهدف وان من يمضي عمره دون ان يفعل خيراً لمجتمعه وأمته يموت مرتين. فليس من اجل الاكل والشرب خلق الانسان، بل لغرض حقيقي هو ان يكون جهداً منتجاً ومفيداً في عملية ارتقاء مجتمعه وأمته.
" على هذا نشأ الامين ابراهيم ككل شباب هذه القرية المسكونين بطموحات التغيير والارتقاء والمبهورين بغنى الحياة والغازها. تحركهم طاقة كبيرة للفعل ونزوع جاد نحو البناء والترقي. شاغلهم ان يكون لوجودهم معنى ودور ومشاركة فعالة في ملاءة الحياة. بوصلتهم اتجاهها واحد وحيد هو محبة الوطن ومصلحة الامة.
هكذا كبر ونمى في اعماق هؤلاء الشباب، والامين ابراهيم واحداً منهم، توق عارم للاستجابة لنداء الحياة الصاعدة. فعاشوا قلقاً جلجامشياً أصيلاً. عاشوا باستمرار ممتطين حقائبهم متأهبين للسفر بالاتجاه الوحيد لبوصلتهم الموجهة بفطرة أمتهم السليمة.
هكذا كان، وهكذا كان الجميع من شباب هذه القرية الى ان جاء من أخرجهم من قلقهم وحيرتهم وحلّ لغز الحياة وحدد معالمها وأهدافها حيث قال: لكل وجود حقيقي دور ورسالة فكيف بالإنسان (الانسان المجتمع) الذي هو الحقيقة الأولى والاساسية.
" وضعنا هذا القادم الجديد امام انفسنا، امام الحقيقة العظمى والقضية الكبرى التي تساوي وجودنا ثم قال: اما دوركم ورسالتكم فتحصلونها من خلال فعلكم وسعيكم لنصرة وارتقاء هذه القضية .
تمعنّا بما طرح وتعمقنا في فهمه واستيعابه، فاستجبنا له، استهوانا سعاده: هذا العظيم الصادق، هذا الامين الواضح، هذا الجذري الثابت. سحرتنا عقيدته القومية الاجتماعية. جذبنا تفكيره ومبادئه وشدنا نظامه وأخلاقه. فكان قراراً اتخذناه بملء ارادتنا ووعينا وعهداً قطعناه بكل ثقة وصدق وايمان وإصرار ومسؤولية وفرح.
" انتمينا الى الحزب السوري القومي الاجتماعي طوعاً ووعياً، رغم كثرة الاحتمالات الآنية والمستقبلية من عذاب وتشرد وحرمان وسجون... و الامين ابراهيم ككل الشباب أينعت في صدره غرسة حب الوطن وكبرت لديه كما كبرت من قبل ومن بعد في صدور رفقائه: حمدان وأبو ظافر وأبو جورج وأبو صراع وأبو أحمد وأبو عيسى ومحمد سلوم وبديع وبدر وعلم وعيسى، وغيرهم كثر. بإرادة الحياة وغنى فطرة هذه الأمة بدأت رحلة هؤلاء الشباب وبدأ مسلسل عذاباتهم ومع ذلك ظلت بوصلتهم باتجاه عز الوطن ونصرة مصالح الامة.
قدوتهم كبار اوائل علموهم أبجدية العز والكرامة فتسابقوا جادين ليستحقوا مجد الكتابة بهذه الابجدية، زادهم صدور الأمهات في هذه القرية يرضعوا منها حب الوطن ويجنون من ايديهن قمح الحنان ومن عجين خبزهن يأكلون رغيف الكبرياء. انتمى الامين ابراهيم الى الحزب السوري القومي الاجتماعي شأنه شأن الجميع طمعاً بالدور والمعنى والرسالة. فعملنا بكل الصدق والامانة لصياغة ذواتنا بالمستوى اللائق والمتميز من خلال انتمائنا الى النهضة السورية القومية الاجتماعية.
" آمن الامين ابراهيم كما آمن الجميع بهذه العقيدة مشروعاً نهضوياً لأمتنا. وكنا مدركين ان الايمان مسؤولية ومقتنعين ان الايمان لا يكون فقط بقرار يتخذه المرء. بل ان الايمان شأن حياتي جاد وتجربة وجودية كيانية هامة، وعلى هذا لم نتردد لحظة في العطاء ودفع ثمن هذا الايمان فأمضينا عمرنا وما زلنا نحيا مشروعنا ونتطلع إليه كهدف اسمى بكل الصدق وكل المسؤولية وكل الفرح.
" من خلاله كسبنا المعنى والدور ومن خلاله تغلبنا على قلق الحياة وحللنا الغازها بإرادة مستوعبة آمنا بالعقيدة القومية الاجتماعية وجعلناها إيماناً لنا ولعائلاتنا وشعاراً لبيوتنا كبرنا بها ومعها نضجنا في رحابها لم نتكبر عليها لحظة ولم نمرّ فوقها يوماً. بل حملناها باستمرار في الموقع الأكثر أمناً وأماناً من القلب، قضية تساوي وجودنا ومعنى هو الاغنى والاسمى.
" أبا علي، يا رفيق الدرب، ايها الامين الراحل: ماذا اقول فيك ؟ ماذا اقول عنك بعدما قلت ؟ هل اعرفك ؟ لست بحاجة الى تعريف او براءة من احد. فلست انت إلا ما فعلت: شاب في مقتبل العمر بغنى الفطرة وإيجابيتها وعمق الإدارة وفاعليتها وبعيداً كل البعد عن سماسرة التجارة والمنافع الشخصية آمنت بالعقيدة القومية الاجتماعية واعتبرتها قضية حياتك. ساويتها بوجودك وعشت من أجلها حتى آخر لحظة. أعطيتها عمرك دون منة فوفيتها حقها.
هكذا كنت ايها الغالي وهكذا انت، وهذه هي اعمالك ثمرة من ثمارك.
أيها الأمين الحبيب:
نستودعك ونؤكد لك دوام موقعك المميز وحضورك الدائم بيننا ".
*
ومن كلمة الامين رياض نسيم
" نلتقي اليوم لنودع الامين ابراهيم سليمان، واحداً من الذين آمنوا بقيم النهضة السورية القومية الاجتماعية، فأعطاها من عرقه، وجهده، وحياته الكثير الكثير... بقي على ايمانه هو..هو..، فرغم الاضطهاد والملاحقات والسجن والفرار، بقي الامين سليمان سورياً قومياً اجتماعياً، يمارس الحزب بأخلاقه العالية، بنموذجيته البديعة وألقه الفكري...
الامين ابراهيم سليمان أحبّه كلُ من عرفه بتواضعه وروحيته المفعمة بأريج الارض، وعطائه السخي من اجل الحياة.
أقبل الى الحزب يوم كان الانتماء يقود الى السجن او الى الاعدام، فكان انتماؤه انتماءً حقيقياً ليس فيه لبساً او غموضاً..
" عرفته الكورة، في عز ازمتها رجل حوار، وتواصل، يدافع عن الناس وحقهم في الحياة...، فأحبه الكورانيون، وأحبه رفقاؤه في الكورة، وأجمعوا عليه منفذاً عاماً للحزب، فكان خير مسؤول، وخير رفيق وخير أمين.
" وعرفه المغتربون في أفريقيا، رجلاً يتمتع بموهبة القيادة، كما يتمتع بموهبة العطاء والتضحية، فكان لهم مثلاً وقدوة، وترك فيهم اثراً نهضوياً وروحاً فكرية لا تمحى.
ان يغيب اليوم الامين ابراهيم سليمان، يبرز في غيابه مرحلة، وزمن، مليئان بالتضحية والنضال، كان خلالها الامين الراحل في قلب الحدث، يمارس دوره في طليعة العاملين من اجل نصر سورية، وعزة سورية.
" يغيب اليوم الامين ابراهيم ونحن بأمس الحاجة لصلابته وعنفوانه والقه في التضحية والعطاء.
ايها الامين الراحل
سنشتاق إليك، في غيبتك الابدية، ستشتاق اليك ارض الكورة، وكل سهول وهضاب أمتنا، كيف لا وكنت واحداً من الذين وطأتها ارضها وقممها، حاملاً مشعلها دون تراجع او انكفاء.
وسيشتاق اليك رفقاؤك وحزبك ومحبوك، وسيتفقدون في غيابك، رفيقاً نموذجاً ومسؤولاً متألقاً، وانساناً متواضعاً، وأباً حنوناً رؤوف.
هوامش:
(1) بعمرة: بلدة عرفت الحزب منذ الثلاثينات وبرز من الرفقاء فيها، الرفيق الشيخ ابراهيم عبد الرحيم، والد رفقاء، منهم: الشهيد يونس عبد الرحيم، الامين ياسين والرفيق حسن.
(2) رياض نسيم: منح رتبة الامانة. تعين عميداً، وانتخب عضواً في المجلس الاعلى. محام وشريك في مكتب محاماة في طرابلس.
|