من المعروف ان الحزب شهد تأسيسه الاول في رأس بيروت، ثم راح ينتشر فيها ويمتد الى كل احيائها، والى معظم عائلاتها بحيث ندر ان عصت عائلة من مختلف المذاهب والطوائف فلم ينتم احد ابنائها الى الحزب.
والحزب الذي شهد انتماء رفقاء من عائلات عيتاني، شاتيلا، سلام، كريدية، اللاذقي، عبلا، لبابيدي، فاخوري، شهاب الدين، بلطجي، يموت، حمود، قدورة، الناطور، جبلاوي، الصندقلي، ارضروملي، حماصني، الداعوق، الطيارة، بكداش، عجم، سعاده، حنينه، محيو وغيرهم...
شهد أيضاً انتماء رفقاء من عائلات ربيز، بخعازي، حبيب، ريّس، معلوف، ابو رزق، ناصيف، مجدلاني، تويني، صباغة، فياض، الحايك، نمار، ناهض، طراد، حداد، ابو شعر، ملكي، بارودي، جقليس، قباني، تبشراني، سلوم، بردويل، بشور، عازار، عالية، فيعاني ....
واذا كان الرفيق المهندس عزيز ثابت، من بحمدون، هو اول من تولى مسؤولية منفذ عام بيروت في مرحلة العمل السري في اوائل الثلاثينات، فان منفذية بيروت شهدت تعاقب العديد من الامناء والرفقاء من ابنائها على تولي المسؤولية الاولى فيها، والعشرات العشرات غيرهم يتولون المسؤوليات المحلية والمركزية، ومنهم من سقط شهيداً على درب الصراع القومي الاجتماعي.
من مديريات بيروت التي انتشرت في مختلف احيائها، سنحكي اليوم عن مديرية التضامن التي تأسست في منطقة قد تعتبر غريبة على فعل التعاليم القومية الاجتماعية، انما لم تكن كذلك. مثلها مثل كل البلدات والقرى والعشائر والعائلات التي اخترقها الحزب على مدى سنوات نضاله المرير، نعني بها منطقة الجميزة، على ان نضيء في وقت لاحق على وضع "المديرية النقيض"، في منطقة البسطة والتي اخذت لها تسمية "جبل النار"، وكان لها في الحزب دوراً مميّزاً، وبرز فيها رفقاء مناضلون، منهم الامين رضا كبريت، والرفقاء محي الدين كريدية، سعيد شهاب الدين، حسين الشيخ وغيرهم.
ونحكي ايضاً عن مديرية، كان لمديرية التضامن الاثر الكبير في تأسيسها، هي مديرية المسلخ.
الرفيق ادوار توتنجي الذي تولى مسؤولية مديرية التضامن في الجميزة لفترات طويلة، وعرف عنه مثاليته وإيمانه ومناقبه وتفانيه، ويصح ان نذكره بكثير من التقدير، يشير إليه الامين ابرهيم يموت في اكثر من مكان في كتابه "حصاد المر"، فالرفيق ادوارد اعتقل العام 1940 لمدة شهر ونصف، وبعد ان اخلي سبيله، اوقف للمرة الثانية واقتيد كما العشرات من الرفقاء الى معتقل " المية ومية" الذي بقي فيه الى اول العام 1942.
في 14 تموز 1949 اعتقل الرفيق توتنجي، وافرج عنه في 17 آب، وفي 3/1/1962 اعتقل للمرة الرابعة وبقي حتى 31/1/1962 بين ثكنة الامير بشير، والمستشفى العسكري. وهو الذي شارك في نقل رفات الزعيم من حيث دفن في رمل الجناح بالاشتراك مع الامين ولسن مجدلاني وعبده شختورة كما اخبره للرفيق مارون حنينه وكان يحتفظ بالرباط الذي اوثقت به يداه وسن من اسنانه الذي سلمهم الى الامينة الاولى.
لم تكن عقيلة الرفيق ادوار، جوزفين الجلخ، اقل منه ايماناً بالحزب وولاء له، فهي كانت الى جانبه تتحمل معه عبء النضال والملاحقات والسجون، وشاركته في بناء عائلة قومية اجتماعية: شكري، فادي، غازي، ناجي وماري تريز.
*
لم يحل انتماء الرفيق مارون حنينه الى حزب الكتائب، وقيامه بنشاطات فيه، دون ان يتعرف على الحزب، اولاً بطريق الصدفة عبر الرفيق اسعد كنعان، ثم عبر زميله في مصلحة مياه عين الدلبة في الشياح، الرفيق موريس الشويري، من مديرية الحدث، ثم لينتمي إليه بعد ان اطّلع ودرس وناقش واقتنع، ولينتظم في اوائل الاربعينات في مديرية الحدث، لمديرها آنذاك الرفيق توفيق ابو خليل(1)، ثم لينتقل الى مديرية الاقدام في الاشرفية، فالى مديرية التضامن حيث كان يسكن في الجميزة. فاستمر على نشاطه، وعلى توليه للمسؤوليات، واعتقل في العام 1962 اثر المحاولة الانقلابية التي قام بها الحزب. وهو اليوم، رغم تقدمه في العمر، ما زال متمتعاً بالذهن الوقاد والذاكرة القوية والايمان الفذ بالحزب.
من رفقاء المديرية، على ما يذكر الرفيق حنينه، الذي تسلّم مهامها لاحقاً:
-جوزف هاروني: من زحلة، وكان خياطاً نسائياً معروفاً في المنطقة. ما زالت ابنته اليسار تتذكر كيف كان يجمع ابناءه الصغار في غرفة، ويمنع عليهم الخروج، عندما يكون الرفقاء في المنزل لاجتماع دوري. وتفيد انه كان مجاهراً بايمانه القومي الاجتماعي في محيطه كما مع زبائنه من السيدات. زوجته، ثريا، كانت مواطنة مؤيدة، وله منها: مود، مارلين، مادونا، اليسار، انطون، وازميرالدا.
-جوزف ابو سمرا: كان يملك محلاً في سوق سرسق(وسط بيروت) لبيع الاقمشة النسائية. من مواليد دير القمرعام 1912. اقترن من السيدة لوريس بولس وانجب منها الدكتور انطون (طبيب امراض صدرية في باريس)، الدكتور مارون (طبيب اسنان) وليلى.
توفي الرفيق جوزف في 28/12/ ؟
-هنري نادر: كان موظفاً في شركة طيران الشرق الاوسط. بعد طلاقه، اقترن ثانية من سيدة من اصل يوناني. لم يرزق باولاد.
-جورج مجاعص: من ضهور الشوير وكان بدوره موظفاً في طيران الشرق الاوسط.
-انيس طرابلسي: من مشغرة. كان رفيقاً مؤمناً ومثقفاً حزبياً. كان يعمل محاسباً، وتولى مسؤولية ناموس للمديرية..
-جورج مصري: كان عضواً نشيطاً في المديرية ومواظباً على الاجتماعات الدورية. غادر الوطن وتوفي في المغترب.
-جورج ابو عراج: من مشغرة وكان مدرباً للمديرية، قوي البنية، مؤمناً، مخلصاً، ومواظباً على الاجتماعات.
-فرج الله خوري: من اقدم رفقاء المديرية. لم يكن متعلماً بما فيه الكفاية انما كان مثقفاً اجتماعياً وعقائدياً، ومحدثاً بارعاً عن الحزب وتاريخ نضالاته. كان يملك معملاً للزجاج في جوار مطابع فضول حيث كانت تطبع جريدة "الجيل الجديد".
-الياس الحاصباني: كان يملك مطعماً صغيراً متواضعاً بالقرب من طلعة العكاوي في محلة الجميزة. كان يحضر الاجتماعات بانتظام، وصادقاً بالتزامه. غادر الوطن مع عائلته ابان الاحداث اللبنانية الدامية.
-فيليب كلاب: يفيد عنه الامين جبران جريج في الجزء الاول من "من الجعبة" انه انتمى في فترة العمل السري (1932-1935) وفي الوقت نفسه انتمت والدته الرفيقة ادال باسيل كلاب دون ان يدري، او تدري هي، الى ان التقيا في احد الاجتماعات الحزبية فتعارفا حزبياً. اساساً من منطقة جبيل.
-انطون انجليل: كان يملك متجراً في منطقة العكاوي/الجميزة ويعمل في تصليح وبيع الادوات الكهربائية.
كان مؤمناً بالحزب ومناضلاً وعصامياً. نجح في محله وفتح محلات منها هوم الكتريك في منطقة بدارو. اقترن من سيدة من آل نادر من طرابلس الميناء وانجب منها ثلاثة ابناء. توفي بالسكتة القلبية اثناء الاحداث الدامية.
-سمير مسلم: من مرجعيون، الحق بالمديرية. ناضل في "لجنة كل مواطن خفير" كاشفاً عملاء "اسرائيل"، الى ان اغتيل على يد احدى العميلات. كتب عنه عملاق الادب الرفيق سعيد تقي الدين. سنعمم عنه نبذة تعريفية في وقت قريب.
-اميل هلال: من عيتنيت-البقاع الغربي، وفيها ادى قسم الانتماء 1949. عمل في الصحافة وله العديد من المقالات، كما ترجم الكثير من الدراسات عن الانكليزية. تولى مسؤولية مذيع في المديرية.
-جورج لطوف: مواليد العام 1918. انتمى في الرميل والتحق بمديرية التضامن، متولياً مسؤولية ناموساً مع مديرها الرفيق ادوار توتنجي. كان يملك مكتباً لتخليص البضائع في مرفأ بيروت، وهو عديل الرفيق ادوار توتنجي، وكان شارك في "يوم بكفيا" واشتبك مع الدرك.
كان مثقفاً ومطالعاً جيداً.
-عزت ريحاوي: من الشام اساساً، وكان يملك محلاً لصب الحديد والنحاس والادوات المختلفة في منطقة العكاوي. كان رفيقاً مثالياً، نشيطاً وهادئاً ومواظباً على الاجتماعات الدورية.
ومن الاسماء ايضاً يذكر الرفيق مارون حنينه، الرفقاء: جوزف شلالا، جورج قدسي، رفيق خوري (من صغبين)، هنري حاماتي (الامين لاحقاً)، شوقي فرحات، سعيد البستاني، منيب الحجار وعادل اندراوس.
***
مديرية المسلخ
يروي الرفيق مارون حنينه ان منفذ عام بيروت، الرفيق سعيد تقي الدين دعاه ذات يوم من اوائل الخمسينات وكلّفه بناء عمل حزبي في منطقة المسلخ- بالاضافة الى مهمته كمدير لمديرية التضامن- التي فيها رفيق واحد، هو عارف قاسم(2).
-اتريدني انا المسيحي الماروني ان انشط في منطقة معظم قاطنيها من المذهب السني؟
-نعم. لانك ماروني اريدك ان تجعل من عرب المسلخ، السنّة، قوميين اجتماعيين.
" وباشرتُ. باختيار ثلاثة قبضايات: فوزي صعب، محمد شعبان ومحمد عقاب ممن يعملون قصابين في المسلخ. وطدت معهم علاقة صداقة متينة دون ان يعلموا اني قومي، او اني اسعى لان انقل اليهم الدعوة القومية الاجتماعية. ادخلتهم منزلي، واصبحوا من الذين اترافق معهم يومياً، تقريباً. ادخلتهم الى مدرسة ليلية، او نهارية حسب اوقات عملهم، لتعلم القراءة والكتابة، ولغة اجنبية يختارها كل منهم. بعد ذلك باشرت تعريفهم على العقيدة، فلم تمض سنة حتى تقدموا بطلب الانتماء الى الحزب.
ثم انتمى آخرون، فتأسست مديرية كبيرة، كان هؤلاء الرفقاء الثلاثة اعضاء في هيئتها.
واصبح الحزب مسيطراً في منطقة المسلخ. وتحوّل الذين يقطّعون اللحم ويفتعلون المشاكل، رفقاء يحاضرون اذاعياً وينشرون العقيدة بين اصحابهم واترابهم، في تلك البيوت الخشبية، والحياة القاسية.
واذكر ايضاً من الرفقاء: عثمان عثمان، يحي التنير، محمد الخطيب، وجوزف الشدياق.
اول اذار في المسلخ عام 1956
بعد ان تأسست مديرية للحزب، وبات له مؤيدون كثر، قررت ان نحتفل بالاول من اذار (عام 1956) فاخترت بيتاً محاطاً بحديقة ودعيت مواطنين من مختلف العائلات في منطقة المسلخ-الكرنتينا. فحضره جمهور كبير، من الرفقاء وعائلاتهم ومن المواطنين. كان مقرراً ان يتكلم كل من الامين محمد بعلبكي، والرفيق الصحافي علي هاشم. قبيل الاحتفال بدقائق جاءني مدرب المديرية الرفيق يحيى التنير يقول: "حضرة المسؤول، جاءت شاحنة من الشرطة وانتشرت وطوقت المكان والمفوض يريد الاجتماع بك". فتوجهت الى الخارج لاجد شاحنة ملأى بالشرطيين ومفوض عام على رأس القوة، فتأهلت بهم وحييتهم بأدب مستفسراً حول هذا الاجراء وهذه القوة المنتشرة والمطوقة للمنزل، فقال لي المفوض: " حضرتك المسؤول؟. فأجبته نعم، فقال:" يلا فرطلنا الاجتماع، هذا ممنوع". "فقلت له انه ليس اجتماعاً حزبياً، انه حفلة عيد نقدم فيها المرطبات والحلوى وهل يوجد قانوناً يمنع الاعياد، اننا نعيّد عيد مولد زعيمنا، ليس لشخصه بل عيد بعث حقيقتنا في الوجود على ارضنا فنرجوكم جميعكم مشاركتنا هذه الفرحة". أصر وألح، فرفضت. وكان بجانبه احد الشرطيين من مخفر الجميزة حيث كان يعمل والدي هناك وكان يحضر لعندنا، فحدق بي طويلاً وامسك بيدي جانباً وقال لي: "مش انت مارون ابن ابو مارون؟" فقلت له: نعم. سألني، وهل انت المسؤول؟ نعم، تابع: انا لا أصدق، ماروني ويدعى مارون ومسؤول عن منطقة اغلبها محمديون سنّة؟ فقلت له: أجل، بلّغ رئيسك بأنكم اذا بادرتم الى ألغاء الحفلة فالعملية ستكبر، ولمعلوماتك، انتم تطوقوننا، اما نحن فنطوّقكم، فحذار تضخيم المسألة، وهذا الاجتماع سوف يبدا وبأية وسيلة فالافضل ان تشاركوننا الفرحة والضيافة".
فذهب الى المفوض وحادثه جانباً وإذا بهما يحضران معاً وقد وافقا على عقد الاجتماع، وعلى ان يحفظ افراد الشرطة الامن، فشكرنهما وأوعزت الى الرفيق يحيى التنير أن يباشر بتقديم الضيافة الى المفوض ومن معه من شرطة من حلويات (كاتو) عليها زوابع، ومرطبات، فاعتذروا وهم يقولون: وزوابع كمان؟ أصريت عليهم، الى ان تناولوا "حلويات الزوابع". استمر الاحتفال وكان ناجحاً.
•من انجازات مديرية المسلخ انها اسست مدرسة فيها لمحو الامية، من الذين درّسوا فيها الرفيقة ليلى بربر حريق(3).
**
الرفيق انطون انجليل:
نشرت "صوت الاجيال" في عددها الصادر بتاريخ 15 شباط 1956 الخبر الذي نقتطع منه ما يلي:
"اقام يوم السبت الماضي لفيف من اصدقاء "صوت الاجيال" حفلة ساهرة في منزل السيد انطون انجليل وذلك بمناسبة "ولادة" مجلة "صوت الاجيال" وصدور المجموعة الشعرية "جرحوا حتى القمر" للشاعر المبدع نذير العظمة(4) ..
وقد حضر هذه الحفلة كثير من الصحفيين والادباء والعديد من المواطنين.. وعلى انغام الموسيقى الشجية وبين التصفيق والإعجاب وقف الصديق الاستاذ اميل رعد(5) فالقى كلمة رحب فيها بالذين لبوا الدعوة ورحب بولادة المجلة الادبية التي اطلقت صوت الاجيال وعيا وعلما ومعرفة تنير السبيل امام شبيبة امتنا كما زف بشرى صدور المجموعة الشعرية الجميلة "جرحوا حتى القمر" وقد تحدث عما يفيه الفكر المتحرر المنفلت من قيود التقاليد...
وعقبه الاستاذ جبران حايك(6) فالقى كلمة جميلة قومية قوطعت بالتصفيق.. وقد رد صاحب "جرحوا حتى القمر" بقصيدة شعرية جميلة عبر فيها عن النفس التي تأبى الذل وشكر الاصدقاء على روحهم ومحبتهم قوطعت بالتصفيق، وتبعه الاستاذ وفاء نصر فالقى كلمة باسم "صوت الاجيال" قوطعت بالتصفيق، شكر فيها الذين اقاموا الحفلة والذين تحدثوا عن "صوت الاجال" ... وأعلن ان صوت الاجيال، ان هي الا الصوت الذي تحرر من الخنوع ومن وطأة الجهالة" .
هوامش:
(1)كان نقابياً معروفاً.
(2)كان تاجر علف، رزين، محترم، وكان ايمانه بالحزب مطلقاً.
(3)عقيلة الرفيق فهد حريق. كان خياطاً رجالياً معروفاً. وشقيقة الرفيقة نازك بربر صوايا، اطال الله بعمرها.
(4)شاعر معروف له الكثير من الدواوين. منح رتبة الامانة. انتخب عضواً فرئيساً للمجلس الاعلى. يتولى حالياً رئاسة المكتب السياسي في الشام، نائباً لرئيس الحزب فيها.
(5)منح رتبة الامانة وتولى في الحزب مسؤوليات قيادية. لمن يرغب الاطلاع على النبذة المعدة عنه، الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(6)تولى مسؤولية عميد الاذاعة. ملِك ورأس تحرير جريدة "لسان الحال" لمن يرغب الاطلاع على النبذة المعدة عنه، الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
|