إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قـُل ولا تقـُل.. قـُل صَمَدنا ولا تقـُل انتصَرنـا !

د. وسام جواد

نسخة للطباعة 2008-03-19

إقرأ ايضاً


الصمود هو احد وسائل تحقيق الغاية المتمثلة في النصر. واذا كانت الميكافيلية تبررالوسيلة لبلوغ الغاية, فان الاختلاف في الوسائل لتحقيق الغايات يظل باقيا, طالما بقيت تناقضات المصالح بين طبقات المجتمع الواحد وبين الدول المعتدية والمعتدى عليها في عالم باتت تهدد حضاراته, همجية شريعة الغاب وقوانينها التي يفرضها القوي على الضعيف, وحيث تنقلب المفاهيم الانسانية و الاخلاقية راسا على عقب .

إن من بين الوسائل,التي يتبعها الطرف القوي والطبقة المُستغِلة لتحقيق الغاية هو الكذب. واذا تذكرنا ما قاله الفيلسوف اليوناني افلاطون عن ان النبلاء يكذبون ولكن بـِنُبُل " اكاذيب نبيلة " , وما يقال عن ان " الحرب خدعة " ففي هذا ما يكفي لتفسير اساليب الكذب والنفاق,التي يتبعها قادة احتلال العراق واعوانه في جعل الاحتلال "تحريرا" والمقاومة المشروعة ارهابا, ولتوضيح اسباب اصابة معظم القيادات العسكرية والسياسية في عالمنا العربي بوباء الكذب المزمن والمعروف باعراضه الخبيثة : اكذب,اكذب حتى يصدقك الناس ..

لا احد في انظمتنا العربية يعترف بالهزيمة, ومعظم قياداتنا لا تقبل بغير الحديث عن انتصارات مزعومة, بعد كل كارثة تلحقها بشعوبنا المظلومة. ونحمد الله على غياب هذه القيادات " الحكيمة " وجيوشها في جنوب لبنان, وعلى اخذ ابطال المقاومة لزمام المبادرة, وقيامهم لوحدهم بـ "المغامرة" التي لولاها, لتم تمرير المؤامرة, وربح العدو المقامرة, على ارض لبنان الطاهرة ..

قد يطيب لبعض الاخوة المناضلين ومؤيديهم في حركات التحرر الوطنية في عراقنا الشامخ ولبنان الكرامة وفلسطين الصمود الحديث عن النجاحات الملموسة في النضال ضد قوات الاحتلال, وهو امر طبيعي لكونه حقيقة واقعة. ولكن لا بد من التأني وعدم الاسراف والمبالغة في اعتبار هذه النجاحات والصمود انتصارا, وذلك لان المسافة بين الصمود وتحقيق النصر يحددها حالة الطرف الآخر. ولطالما بقي هذا الطرف قويا وقادرا على انزال ضربات قاسية وموجعة فهذا يعني ان الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن الوصول الى الهدف, وان ما قطِعَ من مسافة سيحتاج الى المزيد من الجهود لتحقيق الوصول الى الغاية .

بُعيد العدوان الاسرائيلي الاخيرعلى غزة, تحدث الاخ المناضل اسماعيل هنية عن تحقيق الانتصار في معارك الصمود ضد الاحتلال . ولا شك في ان صخرة المقاومة الفلسطينية الصلدة قد خدشت كبرياء وارادة القيادة الاسرائيلية,الا انها لم تكسرها, وبالتالي فان الحديث عن النصر يصبح غير واقعيا وفاقدا لمصداقيته امام الاعداد الهائلة من الشهداء والجرحى والدمار,وفي ظل ظروف معيشية خانقة, ومع وجود ماكنة الدمار الاسرائيلية الضخمة, التي يمكن تشغيلها عند الحاجة .

ان النصر الحقيقي هو ذلك, الذي تحققه وحدة القوى الوطنية وصمودها في وجه الطغاة وقوى الشر, حين تتعرض سيادة الوطن الى الخطر وتمس كرامة الشعب. ولا خير في قوى وطنية ينهشها الصراع الداخلي وتتقاتل من اجل تحقيق مصالحها الذاتية على حساب المصلحة العامة.

وان ما يحصل في العراق ولبنان وفلسطين هو الصمود البطولي لشعوبنا الابية و للمقاومة الوطنية الباسلة ضد اعتى واقذر قوتين عدوانيتين في العالم تقودهما الصهيونية والامبريالية الامريكية وهو ليس بنصر, لكنة احد الوسائل الفعالة لتحقيقه اذا ما توحدت القوى الوطنية .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024