يرد اسم الرفيق وديع الأشقر كثيراً في أدبيات الحزب وفي وثائقه . فهو تولى أكثر من مسؤولية مركزية ، منها وكيل عميد الإذاعة ، ومشرفاً على تحرير النشرة الرسمية (1) .
كان خطيباً مفوهاً ، ومثقفاً قومياً اجتماعياً ويمتلك عصبية هائلة للحزب . هذا ما كان يحدثني عنه الأمين نواف حردان ، ويضيف أن شقيقه المرحوم الرفيق قيصر الأشقر كان من رفقائنا الناشطين في مديرية الريو دي جانيرو ، وتولى فيها مسؤوليات محلية إلى جانب الرفقاء المرحومين جورج دده، جورج غازي وجورج حداد .
قريبه الرفيق حميد النبوت ، يفيد عنه بما يلي :
- ولد الرفيق وديع في قرية كفرقاهل ، الكورة ، عام 1924 .
- والده : الرفيق اسحق الأشقر .
- والدته : سلمى نقولا النبوت .
- أشقاؤه : جرجس ، الرفيق قيصر ، الرفيق نقولا .
- شقيقاته : لبيبة – وداد – الرفيقة لور – الرفيقة يمنى – عفاف .
- تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة عابا ، الكورة ثم انتقل إلى المدرسة الإنجيلية (المعروفة بمدرسة الأميركان) في طرابلس حيث أكمل دروسه الثانوية ، لينتقل بعدها إلى حلب فيلتحق بالكلية الأميركية وينال شهادتي " الفرشمن " و " السوفومور " ، وأخيراً انتقل إلى بيروت ليلتحق بالجامعة الأميركية ويحصل على شهادة BA ثم MA .
- انتمى في بيروت في أوائل الأربعينات وعندما عاد سعاده من المغترب القسري في 2/3/1947 وراح يبحث عن العناصر الشابة ، اختار من بينها الرفيق وديع الأشقر (2) وأسند إليه مهمات مركزية في الشأنين الإذاعي والثقافي .
- رافق الزعيم الخالد الذي احتضنه وكلّفه بعدة مهمات قام بها على أكمل وجه ، وكان يحبه كثيراً مستشرفاً فيه قومياً مثالياً .
- بعد حادثة الاعتداء الذي تعرّضت له مطبعة الجميزة ، وكان الرفيق وديع الأشقر متواجداً فيها بحكم مسؤوليته كرئيس لتحرير " الجيل الجديد " ، انتقل الرفيق وديع إلى الشوف مع قيادات حزبية أخرى ، ومنها اتصل بعمّ له ميسور مالياً ، في نيويورك ، فأمن له مبلغ سبعة آلاف ليرة تمكن بها من أن يؤمن عدم توقيفه ، أو محاكمته فالحكم عليه .
- في أوائل صيف العام 1949 ، انتقل الرفيق الأشقر إلى دمشق ، متولياً المسؤوليات في مركز الحزب (3) وعام 1951 غادرها إلى ليبيا بسبب خلافه مع رئيس الحزب آنذاك الرفيق جورج عبد المسيح ، ليعمل مديراً في مؤسسة النقطة الرابعة الأميركية . وفيها اقترن من سكرتيرته الأميركية بربرة ، وأنجب منها صبياً ، سليم ، وأربعة بنات .
- في أوائل الستينات كان الرفيق وديع قد أصبح متمولاً كبيراً ، يملك شركة مقاولات معروفة ، وله حضوره اللافت في ليبيا على مستوى رجال الحكم ، الجيش والأمن العام ، مما جعله ينخرط مع عدد من الضباط الكبار في قيادة انقلاب فاشل على الملك .
- فيما اعتقل المشاركون في الانقلاب ، تمكن الرفيق الأشقر من الفرار إلى الجزائر ، بمساعدة عمه المذكور أنفاً ، فإلى لبنان ، إنما بعد أن أصبح خالي الوفاض .
وهكذا بعد أن كان يملك الملايين ، بات لا يملك ثمن علبة دخان .
- بفضل تمتعها بالجنسية الأميركية فإن زوجته لم تتعرّض في ليبيا إلى مساءلة أو اعتقال ، لذا أمكنها أن تلتحق وأولادها بزوجها في لبنان .
بعد سنوات قليلة غادرت العائلة إلى الولايات المتحدة بطلب من والد الزوجة ، وهناك استلم الرفيق وديع وظيفة مهمة في إحدى الشركات الكبرى ، التي انتدبته بعد فترة إلى الشرق الأوسط وكيلاً معتمداً لها .
- في إحدى زياراته إلى المنطقة ، وبعد أن نجح في عقد صفقة كبيرة في السعودية ، انتقل الرفيق وديع إلى دمشق ، وفي الفندق حيث كان يبيت ليلته ، زلت به القدم ليلاً فيما كان يعود إلى غرفته بعد تناوله العشاء ، فوقع من مكان مرتفع على رأسه وقضى فوراً .
إلا أن الأمين فايز شهرستان وهو كان على معرفة بالرفيق وديع الأشقر ومطّلع على حادثة وفاته يقول أن الرفيق وديع بعد أن قام بزيارة صديق له في حي المزة بدمشق ، وكان منزله يقع في الطابق الرابع ، صدف أن كان التيار الكهربائي منقطعاً ، ولم يكن المصعد قد ركب وبالتالي ترك مكانه خالياً ، فسقط الرفيق وديع من الفجوة إلى الأسفل ودخلت قضبان الحديد في جسمه مما أدى إلى وفاته فوراً ، إلا أن جثته لم تكتشف إلا بعد مرور 48 ساعة على الحادث .
- اهتمت السفارة الأميركية بالحادث كون الرفيق وديع يحمل الجنسية الأميركية ، وتمّ نقل جثمانه إلى لبنان ليوارى الثرى في بلدته كفرقاهل إلى جانب والده وخاله .
هوامش
ـــــــ
(1) ورد في الصفحة الأولى من عددي النشرة الرسمية للحزب ، مايو (أيار) 1948 ويوليو (تموز) 1948 أن وكيل عميد الإذاعة الرفيق وديع الأشقر يشرف على تحرير النشرة .
(2) منهم أيضاً الرفقاء هشام شرابي ، فؤاد نجار ، جورج عطية ، لبيب زويا ، فوزي معلوف .
(3) في هذه الفترة تعرّف جيداً إلى الأمين نواف حردان وبات من أصدقائه .
إشـارات
ـــــــــ
• نشرت جريدة " صدى النهضة " في الصفحة الأولى من عددها بتاريخ 19 تشرين الثاني 1946 ، تحت صورة لسعاده مكبلاً بالقيود (الاعتقال الأول عام 1935) الأبيات التالية لوكيل عميد الإذاعة الرفيق وديع الأشقر :
" إلى سعاده
أي عهد للظلم ، أي قضاء
تتحدى ، وأي خصم مكابر !
في قيود من الحديد ، وعزم
من حديد ، وطلعة من مفاخر
أنت ، في أمتي ، ضمانة عهد
وغد خصب الأماني زاهـر
خلجة ، أنت في القلوب ودنيا
من فخار ، وثورة في الضمائر "
• وفي عددها بتاريخ 30 آب 1946 نشرت رسالة للرفيق وديع الأشقر موجهة إلى وزير الداخلية يسجل فيها شكواه ، والرفقاء ، من تصرف قائمقام الكورة ، ننشر مقتطفات منها تبياناً للصعوبات التي كان يعاني منها الرفقاء في مواجهة السلطات الحكومية .
" طلب القوميون من سعادة قائمقام الكورة بالطرق القانونية السماح بإقامة اجتماع لممثلي مديريات الحزب القومي في المنطقة لإبلاغهم التعليمات بشأن مهرجان " يوم الإصلاح " في ضهور الشوير أول سبتمبر فماطل كثيراً في الإجابة فسمح به ومانع فيه ثلاث مرات دون أن يقرّ على رأي ثم سمح به في النهاية في بيت من بيوت قرية بترومين بناء على طلب منفذ عام الكورة الأستاذ فؤاد ضاهر ، فشكره المنفذ ودعا الممثلين إلى هذا الاجتماع .
وما وصلت طلائع الممثلين إلى القرية المذكورة حتى أطلعها الدرك المرابطون هناك أن معهم أوامر مشددة من القائمقام بمنع الاجتماع وبإطلاق النار عند الاقتضاء فتبيّن إذ ذاك أن القائمقام سمح بالاجتماع وأوعز سراً إلى قوات الدرك بمنعه بالقوة دون أن يبلغ قراره إلى المسؤولين عن الاجتماع فيلغوه . كان واضحاً وجه المؤامرة التي حاكها سعادته لإيقاع الفتنة بين القوميين والدرك ليحدث الاصطدام إلا أن روية المسؤولين عن الحزب في هذا الاجتماع حالت دون هذا التصادم وأجرت الاجتماع بدون أن يحدث معكر ما .
هذه هي المؤامرة وإننا نتهم القائمقام بتشكيلها ونطلب تحقيقاً سريعاً معه وإننا مستعدون لإثبات هذه التهمة بالأدلة والوقائع والدرك شاهدون على ذلك " .
• نشر الأمين جبران جريج في الجزء الثاني من مجلده " من الجعبة " هذه القطعة الأدبية التي " كان نشرها الرفيق وديع الأشقر في ذكرى تأسيس الحزب في 16 تشرين الثاني 1935 " ، إلا أنه لم يشر أين تمّ نشر هذه القطعة ، وهي التالية :
" وكانت فاتحة عهد جديد وبوادر ثورة .
فاتحة عهد اعتقال وسجن وتشريد .
يوم فتح المستبد عينيه ليرى أن للعقيدة قوى .
انّى مثلها للنار والسلاسل والحديد !
وإن في الأمة فرداً تمثلت فيه قوى الأمة .
دماغ جبار يخلق فكرة ، فكرة بعث وانطلاق وشمول .
وريّع المستبد وقضّ مضجعه ، تقلقل عرشه .
فإذا للسلاسل عهد ، وللسجن عهد ، وعهد فشل .
كأني بالعاتي كمن يحاول إغراق البدر من كوة . ولف النور بالظلمة ، وخنق العاصفة في إناء ! وإذا بالسلاسل طوع في يديه وزينة مجد ، ورمز واجب .
تنكّر للظلم وهزءٌ ، ووفاء للعهد وثبات في الوعد " .
• من قصائده :
من ترى نحن ؟
( أول مارس 1949 )
من ترى نحن ؟ نحن أول من فضّ عن الفكر مسدلات الستائر
وحملناه للورى أملاً بكراً ودنيا من المنى والبشائر
راودت عقل أمة فرمتها في كتابٍ وزورق ومغامر.
* * *
زورق روّض العصيّ من الموج ، فأمسى ، وللفتوح معابر
ودروب بيض الجوانب للمجد وللفتح دونها البحر غائر
هزّه منعة تزول وسرّ وفتى يدفع السفينة ساخر
زحم الريح والعواصف والموج فكرّت عليه كرة خاسر
تتعالى من الشراع هُتافاً خنقته فيه إرادة قادر
وارتمت تغسل الهزيمة والذل ببحرٍ وهن العزيمة خائر
فإذا الألب يخفض الهام قسراً لحني بعل في خشوع المقابر
وترامى للأرض روما لتبكي ما تبقى من عزها والعساكر !
* * *
وغفا غفوة المظفر ، ما ضر ، غداً يستفيق للفتح باكر !
ويشد الركاب للمجد دفقاً من عنادٍ وحومة من مفاخر
وغد دونه البطولة والجد ، وغضب ، عند الشدائد ، باتر
وغد مبعد الصباح لمن يغفو ، على النصر ، موهن العزم فاتر
وتمر الأجيال مراً حثيثاً وابن هذا الشاطي المروع سادر
فاته الصبح والفتوحات والمجد ! فهلا استفاق للفتح ظافر !
* * *
وتضج العواصف الهوج قصفاً من رعود ، وثورة من أعاصر
ملصت دونها المعاقل والحجب وشدت على صدور المغاور
وتشق الليالي السود بالنور فيهوي صواعقاً وخناجر
خضبتها من الجراح دماء ، فوق صدر السماء ، حمر المعابر
* * *
وتهادى مارس على جبهة الكون عتياً مهند الحق شاهر
وانجلت صفحة السماء ودوّت في هدوء الصباح صيحة ثائر
فإذا في المهد المضمّخ بالطيب وبالهدي طلعة الحق سافر
بدء عهد الحياة في سوريانا ، والبطولات والهدى والمآثر
عندها ينتهي الفخار ويجثو كل طاغ معفر الوجه صاغر !
**8888.
* * *
إلى سعاده
نشرت تحت صورة سعاده مكبلاً بالقيود إثر الاعتقال الأول عام 1935 ، في الصفحة الأولى من العدد 184 من صحيفة " صدى النهضة " في 19 تشرين الثاني 1946 :
" أي عهد للظلم ، أي قضاء
تتحدى ، وأي خصم مكابر !
في قيود من الحديد ، وعزم
من حديد ، وطلعة من مفاخر
أنت ، في أمتي ، ضمانة عهد
وغد خصب الأماني زاهر
خلجة ، أنت في القلوب ودنيا
من فخار ، وثورة في الضمائر "
وكيل عميد الإذاعة وديع الأشقر
|