تخوننا الكلمات، تخيّبنا المفردات، نهرع إلى قواميس اللغة لننتقي كلماتنا… لنصوغ جملنا وأفكارنا بما يليق بالمضمون ويرقى بالمعنى، نحاول تطويع النص ليشبه آهاتنا وآلامنا، أحلامنا وذكرياتنا… هذا هو حالنا اليوم ونحن نقف في حضرة الأمين المؤتمن على مسيرة حزب ونهضة وفداء… نكاد لا نصدّق أنّ سنديانة متجذّرة مورفة الأوراق تتناثر أوراقها ذات خريف… لا… بالطبع لا… فالسنديانة العتيقة، جذورها تضرب عميقاً في الأرض، توغل في أعماق التراب والأشياء والمعاني، وغصونها تزداد تألقاً واخضراراً مع كلّ ربيع آتٍ… انها سنديانة النهضة لا تشيخ ولا تكبر ولا تموت… فقط تتحوّل طيفاً يسكن الأرواح والنفوس ويحفزها على الحياة… ويمدّها بأكسير الأمل…
محمود عبد الخالق… كبيرٌ في شموخه، لطيفٌ في تواضعه، مناضلٌ في ساحاته، لا يهدأ ولا يستكين… حركةٌ دائمة، صولاتٌ وجولات، دفء وذكرياتٌ وحنين…
محمود عبد الخالق هامةٌ كبرى، قامةٌ رفيعة من قامات الوطن، شخصيةٌ مميّزة ومتعدّدة الأبعاد… لعبت دوراً محورياً على مستوى الوطن والأمة والحزب في مراحل عصيبة، وشكلتَ صمّام أمان في الزمن الصعب…
مسيرة نضالية طويلة زاخرة بالعطاء، وسيرة ريادية عطرة، ومسلكية نهضوية ارتكزت على دعائم الأخلاق والصدق والبطولة الحقيقية في أكثر الأوقات شدّة وحراجة…
عرفته منذ أواخر الثمانينيات، ورافقناه في مسيرته النضالية المميّزة في الحزب وفي كلّ مواقع الإدارة التي تولاها، فكان القدوة والأب والرفيق والصديق وأميناً على النهضة حماها بمهج العين، وتلقّى الضربات بصدره دفاعاً عن وحدتها، ورفعتها… حمّلناه همومنا… هرعنا إليه في لحظات ضعفنا… نستمدّ منه القوة ونستلهم من وقفاته البطولة المقرونة بوقفات العز… خالفناه الرأي في بعض المسائل ووافقناه وجهة النظر في أغلب وأعمق الأمور التي تتطلب وعياً وحكمة… وفي كلتا الحالتين كان الحاضن لأحلامنا والمثال في تقدير المواقف والحكمة في اتخاذ القرارات الجريئة التي حمت حزبنا عند أكثر المفترقات خطورة… وتمكّن برؤيته الحادّة من إبعاد الحزب عن الكثير من المنزلقات…
الأمين محمود عبد الخالق… أمثالك لا يموتون… باقِ أنت في ضمائرنا وفي ذاكرتنا نبراس حق وحقيقة ونضال…
|