- الديموقراطية التعبيرية.
15- الرتب المعرفية والنضالية.
16- الهيئة الإنتخابية.
17- دور القانون الإنتخابي.
18- الهيئة الناخبة على الصعيد الإجتماعي.
19- الهيئة المؤهلة للترشح على الصعيد السياسي.
20- المرشح لرئاسة الحزب.
21- المرشح لعضوية المجلس الأعلى.
22- الهيئات القضائية.
23- خاتمة
23 - خاتمة:
أعلن سعاده في خطابه المنهاجي (1935): "منذ تلك الساعة نقضنا بالفعل حكم التاريخ وإبتدأنا تاريخنا الصحيح، تاريخ الحرية والواجب والنظام والقوة، تاريخ الحزب السوري القومي الإجتماعي، تاريخ الأمة السورية الحقيقي". فكان تأسيس الحزب بمثابة النور الذي إنبثق من جديد في سورية. هذا الحزب الذي قام على أسس جديدة تجاري وجود الأحزاب في الدول العريقة بالمدنية، وتتخطاها في أوضاعها وإتجاهاتها الفكرية وغايتها. وهذا ما أعلنته دوائر الإنتداب في سورية بعد إنكشاف أمر الحزب 1935.
فقد قام سعاده منذ تأسيس الحزب وحتى إستشهاده بأعمال عزّ نظيرها، أعمال جليلة جعلت منه قدوة في العمل القومي للقادة في العالم. فهو القائل "بقداسة" العمل القومي الذي يفوق كل قداسة أخرى، وأن أعمالنا وأهدافنا التي نخطط لتحقيقها هي أسمى الفضائل الإنسانية على الإطلاق.
كان جديراً، بأول قيادة حزبية بعيد استشهاد سعاده أن تقتدي بمسيرته القيادية الفذّة والفريدة في آن. لكن ما حصل كان خلاف ذلك.
غاب سعاده عام 1949، فعادت القيادة المنحرفة نفسها الذي كان سعاده قد أدانها لشذوذها العقدي والنظامي بأن أبعدها عن إدارة الحزب عامي 1947-1949. عادت واستلمت كامل السلطات بعده. وأجرت أول عملية تعديل لدستور عهد الزعامة. فكانت كما سبق القول تعديلات مخالفة لفكر سعاده الدستوري.
وتكرر المشهد لدى القوميين الذين سايروا هذه التعديلات المخالفة، - أيضاً – "بحكم النظام"، متناسين كلام سعاده في محاضرته الأولى في الندوة الثقافية، حيث حذرهم من مغبة هذا الأمر، طالباً منهم الالتزام بالتعاقد. في الحقيقة، إن سبب ذلك يعود لقلة ثقافة القوميين بالشأن الدستوري خاصةً، وبالفكر القومي عامةً. واستمر الحال على هذا المنوال وصولاً إلى ما وصلنا إليه من مفاسد وردت في بيانات رئاسة الحزب الواردة أدناه.
واضح أن القوميين، لم يفقهوا تماماً معنى التعاقد، كما لم يفقهوا الشأن الدستوري عامةً. ويمكن أن يعود ذلك إلى أن سعاده لم يستطع تطبيق دستور الحزب وتدريسه للمسؤولين والقوميين على السواء بسبب الضغوطات السياسية التي تعرَّض لها سعاده وحزبه على السواء. فقد غادر سعاده في حزيران 1938 بيروت بعدما علم بملاحقته من قبل سلطات الانتداب الفرنسي. وكان قد صنّف دستوره في أواخر كانون الثاني من العام 1937. ولما عاد عام 1947 إلى الوطن، عمد سعاده إلى إعادة شرح العقيدة والنظام في سلسلة محاضرات في الندوة الثقافية في أول العام 1948، وأكد في هذه المحاضرات على أن العقيدة والنظام هما الحل "الوحيد" لأوضاع بلادنا ولمواجهة كل المخاطر المحدقة به.. وأضاف 4 مراسيم دستورية لم يُعمل بها لتاريخه! كما يجري العمل بالدستور والمراسيم الدستورية السبعة التي صنّفها عام 1937 إسماً لا مضموناً. مما يعني إهمال تدريس دستور الحزب من قبل الإدارات الحزبية المتلاحقة منذ إستشهاد سعاده ولتاريخه. كما كان سبق للقيادة المنحرفة خلال غيابه القسري أن فعلت بعدم تدريس تاريخ سعاده وكيفية تأسيسه الحزب للقوميين الإجتماعيين!!
إذن كان أول تعديل للدستور عام 1951، فكان تعديلاً مخالفاً للمواد الانتقالية الواردة في الدستور الأساسي لسعاده، وبالتالي مخالف لفكر سعاده الدستوري، ولكل المنحى القانوني لدستور سعاده.
ذلك أن هذا الفكر الدستوري هو جزء متمم لعقيدتنا القومية (فكر ونهج ومؤسسات) وبالتالي جزء أساسي من مذهبنا القومي الاجتماعي. وفكرنا الدستوري هو الخطة العملية النظامية والدقيقة لتحقيق مبادئنا، ولطالما ألمح سعاده إلى وحدة العقيدة والنظام.
وتتالت التعديلات للدستور بعد أول تعديل. وما يُبنى على خطأ خطأ. فكانت تعلو شكاوى "المسؤولين" من الخلل الحاصل في الأعمال الحزبية، وأوضاعنا الداخلية، وأزماتنا الحزبية المتتالية، وإن علة العلل في وضعنا الداخلي المضطرب هو من التعديلات السابقة وإن الأمر يقتضي إجراء تعديلات جديدة نتيجة التطورات "العلمية" و"التكنولوجية" و"الحقوقية" في العالم. وإن دستور الحزب كما وضعه سعاده أضحى من "الزمن البائد". وهكذا تتالت التعديلات.
هذا الدستور الذي صاغه سعاده، في منطلقاته وقواعده الفلسفية والاجتماعية والسياسية، لا يكتفي هذا الدستور بوصف آلة الحكم والصلاحيات المعطاة لكافة السلطات، إنما يعين الاتجاه الذي يجب أن تسير فيه وتعمل بموجبه، إنه يعين هدفاً للسلطات التي أقامها: تحقيق غاية الحزب. وأساليب العمل المؤسساتي الحديثة المستوحاة من نظام الحزب ومن شروحات سعاده وقدوته العملية كلها يطلق عليها بعض "تلامذة" سعاده أنها أضحت من الماضي، وأن الضرورة تقضي أن نرافق "الثورات" الفكرية والصناعية والتكنولوجية الحديثة تماشياً مع الظروف الجديدة في العالم الحديث!؟
فلجأت – نتيجة ذلك – القيادات الحزبية المتتالية إلى "الاستعارة" و"الاستعانة" بالتجارب "الديمقراطية" في العالم الاشتراكي، والعالم "المتمدن" في أوروبة. فأخذت هذه القيادات ببعض النظريات التي اعتبرتها متقدمة وجديدة. كما استهواها التجارب الوطنية للشعوب التي كانت رازحة تحت الاستعمار. كما عمدت إلى استنساخ دساتير وأنظمة ومعادلات اجتماعية أو اقتصادية، وطرحوا بعضها في مقالاتهم وبثوا "أفكارهم الجديدة" بين القوميين. وعمد بعض "الحقوقيين" القوميين إلى إجراء تسويات بين كل هذه "الأفكار الجديدة".
وعقدت عدة مؤتمرات كانت بمثابة "مؤامرات" على كل قواعدنا الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، وكل ذلك تحت حجج واهية تدّعي نقصاً في فكر سعاده، إن لهذه الناحية أو تلك. فنشأت نزاعات داخلية "فكرية" و"نظامية"... وخير مثال ما جرى في مؤتمر ملكارت ودوفيل و... أوائل السبعينات. ولم تعقد مؤتمرات اختصاصية لهذا الشأن الخطير في حياة الأمة السورية!
ونتيجة ذلك، تتالت ردود الفعل على كل "المستحدثات الغريبة" عن فكرنا ونظامنا ومقاصدنا الكبرى من قبل القوميين الواعين. كما شاركت بعض الشخصيات القيادية الحزبية في توجيه انتقادات قاسية إلى المسيرة الحزبية بعد استشهاد سعاده.
بيانات رئاسية:
فمن بيان رئيس الحزب يوسف الأشقر في كانون الأول عام 1971 الذي أتى فيه على ذكر حالة "الإقطاع" القابضة على خناق الحزب، وإنها تتحكم بكل أعمال الحزب، وذكر العديد من المفاسد التي انتشرت داخل الحزب من جراء هذه الحالة الشاذة. إضافةً إلى المفاسد الناتجة عن المنافسة للترشح للانتخابات النيابية، والمزاحمة الحاصلة بين المرشحين القوميين من أجل فرض ترشيحهم على الإدارة الحزبية. كل ذلك دون الأخذ بعين الاعتبار المزايا التي يجب أن يتمتع بها المرشح للنيابة أو الوزارة أو لأية وظيفة عامة في الكيانات السورية كما أدرجها سعاده في مقالته: "قواعد الترشيح في الحزب القومي الاجتماعي" الواردة في مجموعة الأعمال الرسمية للحركة القومية الاجتماعية – كانون الثاني 1949.
وأيضاً ما ورد في بيان رئيس مجلس العمد مسعد حجل عام 1972. وخطاب الدكتور عبد الله سعاده في مكتب الطلبة في أول آذار 1987 الذي تحدث فيه عن الأمور المعيبة الخارجة عن كل القواعد القومية الاجتماعية في تعيين الأمناء، ومن ثم في "توظيفهم" في مهام حزبية أو وظائف حزبية نتيجة دعم ترشيح لائحة هذا المسؤول أو ذاك.
كما تجدر الإشارة إلى بياني عصام المحايري بمناسبة أول آذار عامي 1986 و1987 حيث ورد فيهما تفنيد مفصل بالمفاسد التي تسربت إلى الجسم الحزبي نتيجة عمل الإدارات الحزبية المتعاقبة، يقول في البيان الداخلي في 30 آذار 1986: "... منذ سنوات وسنوات، نجر خللاً ينخر في بنيتنا الروحية والنفسية، فمؤتمراتنا واجتماعاتنا الحزبية العامة تتحول إلى منابر تنافس وتنابذ، كذلك قامت في صميم بنيتنا تنظيمات سرية تارةً وحركات انشقاقية تارةً أخرى وتسودنا أجواء من التململ تحتدم وتتفجر عند حدوث أية نكسة عامة أو إصابتنا بنكسة حزبية ويسري شعور خانق بالمرارة يطال مستويات عديدة من العاملين، حتى بين من يشغلون أعلى مراتب السلطة، يفيضون بالتذمر والشكوى، الأمر الذي يؤدي إلى نزف متواصل بالعشرات والمئات من الكوادر والأعضاء خارج جسمنا الحزبي، دون أن ندري في أية خانة نضع هذا النزف، أفي خانة الهجرة أم في خانة التهجير؟" (ص. 9).
وأتى في البيان الثاني (عام 1987) على ذكر الخلل في جسم الأمناء بشكل خاص والابتعاد عن النهج الحزبي السليم بشكل عام. وأكد على أن جسم الأمناء غير جدير بإنتاج قيادة حزبية سليمة. وإن الحاجة تدعو لإعادة نظر بكامل مسيرتنا الحزبية...
والحقيقة المُرة، أن ما سبق وأوردناه عن حال الحزب بعد استشهاد سعاده والمفاسد العديدة التي برزت لدى بعض القيادات، لا يختلف عما كان سعاده قد واجهه في حياته الحزبية القصيرة. ويمكن تعداد فصول عديدة مرت على حزبنا تتالت فيها بروز المفاسد في الإدارات الحزبية زمن سعاده. ولطالما أتى هو نفسه على ذكر بعضها، والمشقات التي كان يتكبدها من عمليات تطهير الإدارة الحزبية العليا من مسؤولين تسلَّقوا إلى سدَّة المسؤولية دون أن يكون لديهم المواصفات الدنيا للمسؤول الحزبي، لاسيما خلال فترات سجنه الأول والثاني.
يذكر سعاده في رسالته إلى إدويك شيبوب (24/1/1938) كم اضطر بين سجن وآخر لإجراء عملية تطهير من الفاسدين، وتثبيت رجال من ذوي المناقب والإيمان العالي، نذكر هذه الحالة للعبرة. لماذا لم تقم الإدارات الحزبية المتعاقبة بعمليات تطهير مماثلة؟
النهج المنحرف:
لذلك لتاريخه، لا يمكننا القول، أن إدارات الحزب المتعاقبة منذ استشهاد سعاده عام 1949، تتابع مسيرة إنشاء الدولة السورية القومية الاجتماعية التي أعلنها زعيم الحزب في خطابه المنهاجي في حزيران 1935، وبالتالي جرى إهمال كلي لغاية الحزب.
فدستور الحزب، هو دستور الدولة السورية النموذج التي ينبغي بنائها. ولتاريخه، لم يجرِ التشريع قدماً على طريق بناء الدولة المتمثلة في الحزب. ولا جرى زرع ثقافة الوحدة القومية والاجتماعية في شعبنا، فمعركتنا هي الوصول للشعب، لنصبح "حركة الشعب العامة"، واضح تخلفنا عن ذلك لتاريخه، فلم يجرِ صياغة قانون عام موحد: شرع قضائي عام، حقوق مدنية عامة لدولة موحدة، وشرع قضائي موحد لتأمين حقوق الأعضاء. ولم يوضع تشريع للزواج المدني (أو الحزبي) لينهج القوميون هذا النهج الذي لو تكاثر وأصبح عدد الرفقاء والمواطنين كبيراً في أي كيان من كيانات وطنا السوري لتحول إلى أزمة للنظام الحاكم الذي يضطر لإيجاد حل وطني عام لهذه المسألة التي تطال عدداً كبيراً من المواطنين.
وكما هو ملاحظ أيضاً مسايرة قيادات الحزب لأنظمة الحكم في الكيانات فيغيب الحزب عن المشاركة في الحراك الاجتماعي، ولا نراه يتصدى لمشاريع حيوية تهم الشعب في كيانات الوطن لاسيما المسألة الاجتماعية التي يتفاقم تسعيرها في كل الوطن بعد حروب "الربيع العربي".
ولطالما برز الحزب أمام الشعب، إنه "ملحق" بسياسات الأحزاب الطائفية أو الكيانية. فلم يظهر كحزب قومي له موقفه الحاسم في سلسلة أمور على الصعيدين السياسي والاجتماعي. مما يؤكد على غيابه التام عن شؤون المجتمع السوري.
وعلى الصعيد السياسي، يشارك الحزب في بعض المناطق في لبنان بالعملية الانتخابية وفقاً لمشيئة الأحزاب السياسية الطائفية الطابع بعدما انحسر وجوده الشعبي في المناطق التي كانت محسوبة أنه يملك الأكثرية فيها. وعلى سبيل المثال، يرفض سعاده – عام 1947 – ترشيح أقل من 4 مرشحين للحزب في المتن الشمالي. أما اليوم فنحن نخضع لمشيئة الأحزاب الطائفية الفاعلة في منطقة المتن الشمالي وغيرها. أما في الشام فالترشيحات هي وفقاً لرغبة النظام.
كما أن النائب أو الوزير القومي، ليس له موقف حاسم تجاه القضايا الكبرى في الوطن وفقاً لما جاء في كتابات سعاده عن دور النائب أو المسؤول الذي يتحمل مسؤولية عامة في أي كيان من كيانات الوطن.
أما على الصعيد الحزبي الداخلي، فنشهد ما يلي:
• عملية تهجير الكوادر المتعلمة والمثقفة، لذا نشهد نفس الأسماء تتكرر في المسؤوليات الحزبية منذ نصف قرن!
• عمليات الانقسام فالوحدة التي كانت تجري خلافاً للتقاليد القومية وما كانت لتكون حالات الإنشقاق هذه لولا وجود خلل في تكوينات الحزب الدستورية. فلم تقدم أمثولة للشعب وللأحزاب الأخرى في هذا المجال.
• إنشاء المنفذيات وفقاً للتقسيمات الإدارية: المحافظة أو القضاء... التي يغلب عليها الطابع الطائفي أو المذهبي أو الأثني... المعمول بها في الكيانات السورية، مما يعيق عملية الاندماج الشعبي، ويحول بالتالي دون عملية الانصهار القومي، فتقل الزيجات بين الطوائف والأثنيات، مما يُبقي شعبنا في حالة انقسام دائمة.
• إهمال تطبيق المرسوم الرابع، فبقيت المؤسسات القديمة فاعلة في النفوس والنصوص. ولم يُضف نشوء وحدة حزبية على المنطقة أي تغيير سوى وجود مركز إضافي لمكتب مديرية أو منفدية، دون أي تأثير يذكر.
وقد تناسى القوميون، تطبيق المرسوم الرابع الذي يتيح إنشاء، مؤسسات جديدة ضرورية للمنطقة بعد درس حالة المنطقة ودراسة الأولويات المطلوبة التي تؤمن تطور الحالة الاجتماعية والاقتصادية لأبناء المنطقة، لتحويلها إلى متحد، يحيا كل أبناؤه حياة واحدة. وهذا ما أراده سعاده هو أن تساهم المديرية أو المنفذية في بناء "متحدات" في المناطق التي تعمل لإجراء التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والأمني. والمتحد هو واقع اجتماعي، فالمنطقة هي حيز جغرافي يحيا ضمنه جماعةً من البشر، تعمل المديرية على توليد المؤسسات الضرورية نتيجة الحياة المشتركة للجماعة مما يساهم في توالد هذه المؤسسات الجديدة وفقاً لمبادئ الحياة القومية الجديدة. فالمؤسسات هي نتاج مجتمعي في الأساس، فإذا كانت المنطقة خالية من وجود مدرسة، فتعمل هذه الجماعة على تأمين هذه الحاجة من خلال عملها المجتمعي. وبمعنى آخر، إن مجلس المنفذية يفرض ضريبة على أبناء المنطقة لإقامة هكذا مشروع، وكل مشروع حيوي آخر للمنطقة. وبالتالي تتأمن موارد مالية لإقامة المشاريع تؤمن الخير والبحبوحة للناس، فيبقون فيها للدفاع عنها زمن الخطر.
إن عدم تطبيق المرسوم الرابع لتاريخه يُبقي المنطقة خالية من مؤسسات الحياة الجديدة التي يعمل الحزب لإقامتها في كل أنحاء الوطن السوري. مما يُبقي الحزب في حالة عزلة عن مجتمعه وعن شعبه، وبالتالي نعصى كلام سعاده الذي تعاقدنا معه على أن نكون حركة الشعب العامة. وتعقيباً على أهمية هذا المرسوم أورد التالي: إن سعاده كان قد كتب رسالتين إلى منفذ عام المكسيك (كانون الثاني وآب عام 1941) يطلب منه فيهما تطبيق المرسوم الرابع لأنه "يُكسب الحزب حيوية"، ولأنه يود تقديم نموذج جديد للعالم: هكذا تُبنى المناطق وبالتالي المجتمعات المتجددة.
وربطاً بما سبق، العمل في المناطق لإنشاء ثقافة جديدة تقضي رويداً رويداً على حالة الانقسام والعزلة لدى شعبنا، عبر إعطاء المثل الصالح بالزيجات بين الطوائف والمذاهب والأثنيات و... وبناء ثقافة قومية اجتماعية والعمل لخلق أوساط ثقافية، وأندية ثقافية تساهم في خلق وحدة اجتماعية متينة.
إن عوامل الفرقة المتفشية بين أبناء شعبنا، تدفعنا لإنشاء عوامل مولدة لوحدة الحياة بفعل نشر الوعي القومي والمجتمعي لنقله من حالة الشرذمة الذي تفعل فيها أدوات سرطانية خبيثة، ونقله رويداً رويداً بعامل الصيرورة الحياتية والمجتمعية عبر إنشاء حلقات عديدة من متحدات حقيقية تؤكد على وحدة الحياة، وهكذا يكون فكرنا فاعلاً في قلب المجتمع، ولا نتوهم إطلاقاً أن مجرد إنشاء مكتب حزبي في منطقة هو تحقيق لكل المهام الملقاة على عاتقنا!
القبول بالمفاسد:
• السكوت من قبل القوميين على نشوء "الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية". وحزب آخر أقدم على تعيين مكتب سياسي خاص بالشام. كما فعل الشيء نفسه في الكيان الأردني... وعمليات إجراء تعيينات لوكلاء عُمد لبعض العمدات: الداخلية، الإذاعة، المالية... وزاد الطين بلّة إنشاء عمدات للاهتمام ببعض الكيانات: عمدة شؤون فلسطين مثالاً. كل ذلك خلافاً للمادة الخامسة من الدستور الأساسي: المركزية.
• عدم العمل لتاريخه بمراسيم للزعامة: الشُعب السياسية، لجنة النقد العقائدي، المحكمة المركزية وقانون الندوة الثقافية.
• عدم وضع سلسلة الرتب على الصعيدين الاجتماعي والسياسي!؟
• عدم أصدار تشريع عن المجلس الأعلى بالضريبة المركزية وتحديدها وفقاً لمتطلبات الحالة الحزبية والقومية العامة.
• لم تجرِ لتاريخه صياغة قوانين داخلية للمصالح العامة الرئيسية (العمدات) وفقاً للمادة الأخيرة من المرسوم الأول للزعامة.
• إلغاء مؤسسة "المؤتمر العام" لإنتاج سلطة تشريعية بطريقة مخالفة لكل معايير الكفاءة والاختصاص، والديمقراطية الجديدة.
• التعديل الذي أقدم عليه المجلس الأعلى عام 2016 ليتسنى لرئيس الحزب التمديد لفترة رئاسية ثالثة. وصدور قرار عن المحكمة الحزبية بإبطال هذا التعديل، مما أدى إلى إقالة أعضاء المحكمة... بعدما كان قرار المحكمة قد لاقى ارتياحاً شعبياً، وصدرت أصداء إعجاب وإكبار بالقرار من قبل المثقفين على مختلف اتجاهاتهم السياسية والحزبية، كما لاقى ترحيباً من قبل قيادات حزبية.
إن هذا التعديل وما تلاه، أتى بعد سلسلة تعديلات شكلت طعنة نجلاء لفكر سعاده الدستوري وأثار عاصفة هوجاء لدى السوريين القوميين الاجتماعيين. لكنهم سرعان ما استكانوا وسكتوا "بحكم النظام"...!؟
• خلو الحزب من الكوادر المثقفة والمدربة نتيجة تهجير الطاقات والإمكانيات في ظل ظروف صعبة على الصعيدين الحزبي والقومي العام، نتيجة التسلط على الإدارة الحزبية، من قبل فئة غير كفوءة، تعمل على استبدال مسؤول بآخر، لا يملك مؤهلات سوى أنه "تابع" لهذه الفئة الفاسدة التي أطاحت بكل القيم والتقاليد الحزبية الصارمة التي أتى سعاده لترسيخها حياة جديدة في علاقاتنا وحياتنا الحزبية أولاً والقومية ثانياً قد غابت في متاهات المصالح الأنانية والمفاسد الانتخابية و...
• لم يجرِ بناء كوادر مؤهلة لمختلف الإدارات الحزبية ليتمكن الحزب من القيام بدوره الشعبي والقومي العام. وبالتالي غياب المعاهد الحزبية...
• لا مراكز أبحاث ودراسات، ودوائر خاصة بوضع الاستراتيجيات الإدارية والاقتصادية والقومية خلافاً لما هو قائم في الكيان اليهودي المغتصب حيث يوجد مراكز للفكر تخطط للسياسات العامة... ولا تخطيط لمؤسسات جديدة صالحة لبناء متحدات وفقاً لنظرة سعاده إلى الاجتماع. ولا بناء لمهارات حديثة للتفكير والتخطيط النقدي لرفع مستوى الأداء ومجاراة العالم المتغير والمتطور عبر عمليات تدريب للموارد البشرية وتطوير قدراتها واستعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطوير قدرات التفكير لرفع المستوى الإبداعي والإنتاجي لتجديد المؤسسات الحزبية وتطوير أعمالها للإحاطة بكافة الشؤون الإستراتيجية ليكون الحزب هذه المنظمة القومية التي يتهافت عليها المبدعون والمنتجون في مختلف الميادين العلمية والتقنيات الحديثة.
التعديلات المخالفة:
هذا الدستور صاغه سعاده، ليكون قاعدة أساسية يُبنى عليها لبناء دستور للدولة السورية الجديدة. عملنا فيه تعديلاً مخالفاً منذ أول تعديل عام 1951. هذه التعديلات التي كانت بمثابة تعديات على دستور سعاده، وكلها مخالفة ومناقضة لفكر سعاده الدستوري وللديمقراطية التعبيرية الجديدة التي لم نُحسن تطبيقها، وبالتالي لم نُحسن تقديمها للبشرية كما شاء سعاده. مما يستدعي تنظيف جسم الأمناء، وإلغاء بدعة لجنة منح رتبة الأمانة. وإنتقاء الأعضاء المؤهلون للرتبة وفقاً للشروط الخمسة الواردة في المرسوم السابع. وهكذا نصل إلى قيادة موثوقة وصالحة تقتدي بسعاده فكراً وعملاً، عندها يصبح لدينا رجال دولة جديرون بالإحترام والتقدير.
هذه التعديلات التي تعبر عن فساد الإدارات الحزبية المتعاقبة التي طاولت الدستور الأساسي من قسم العضوية إلى صلاحيات المجلس الأعلى والرئاسة و... مما شكَّل طعنة نجلاء لمسألة التعاقد... كل ذلك أدى إلى خلخلة الحياة الحزبية الواحدة، ومسيرتنا منذ استشهاد سعاده ولتاريخه خير دليل على وضعنا الداخلي الفاسد.
• كل ذلك أبقى الحزب في حالة غياب عن دوره القومي، بسبب غياب فكرة مأسسة الحزب – الدولة، وتبوأ مسؤولية القيادة أشخاصاً غير مؤهلين، مما يستدعي مراجعة نقدية صارمة من ذوي الإستقامة العقلانية.
• إن سعاده، منذ يقظته الفكرية، ونتيجة رصدِهِ الأنشطة الحركة الصهيونية في عشرينيات القرن الماضي أيقن من نجاح خطتها إذا لم تواجهها حركة منظمة كحركتنا. وكان قد أعلن بعد إعلان نشوء الدولة اليهودية أنه فيلم يُعاد تمثيله ومشاهدته بالنسبة له. بسبب مخالفة خطته من قبل القيادة الخائنة خلال فترة غيابه القسرية... وأعتقد أننا ما زلنا لتاريخه في زمن غياب سعاده "القسري" عن الحزب وعن الأمة.
|