إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

موريتانيا والعلاقة مع إسرائيل

محمد خليفة

نسخة للطباعة 2008-03-04

إقرأ ايضاً


كشف مصدر أمني موريتاني كبير عن وجود خلية من الموساد الإسرائيلي في سفارة إسرائيل بنواكشوط تعمل على خلق الفتنة في المجتمع الموريتاني من خلال إعداد مناشير موجهة "للحرَّاطين" تدعوهم فيها إلى الثورة للإطاحة بما تسميه إقطاعية "البيضان" العرب ونظام "الأبارتهيد" الذي يتبعونه في موريتانيا . والحراطون يشكلون نحو 15 في المئة من سكان موريتانيا وهم من أصول غير عربية ، ولكنهم يعتبرون ضمن مجموعة قبائل "البيضان" ، وهم مختلفون عن الأفارقة الزنوج الذين يغلبون على الجزء الجنوبي من البلاد الواقع شمال نهر السنغال ، ويقدرون بنحو 20 في المئة من المواطنين . والمشروع الإسرائيلي الحالي يرمي إلى فصل الحراطين عن العرب ودفعهم إلى التحالف مع الزنوج في الجنوب من أجل القضاء على الحكم العربي في موريتانيا ، بل وطرد العرب من الأرض الموريتانية بدعوى أنهم جاؤوا غزاة إليها . ورغم علم السلطات الموريتانية بأمر هذه المناشير التي كانت تلصق على جدران الأبنية في العاصمة نواكشوط في الليل ، لكن هذه السلطات لم تحرّك ساكناً وكأن الأمر لا يعنيها بشيء ولا يعني أمن واستقرار الدولة الموريتانية . وكان من المفترض أن تتحرك الحكومة الموريتانية وأن تعلن شجبها على الأقل ، لما تقوم به سفارة إسرائيل في نواكشوط . لكن حتى بيانات الشجب لم تخرج من أفواه المسؤولين الموريتانيين وكأنهم ألقموا جميعهم أحجاراً فسكتوا رغماً عنهم . ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ، لماذا تتمسك الدولة الموريتانية بالعلاقات مع إسرائيل ، ولماذا تخاف من قطعها ؟. الواقع أن ثمة شيئاً خفياً يغيب خلف تلك العلاقات ، وهذا الشيء هو عبارة عن ثمن قبضته الحكومة الموريتانية لقاء الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات معها . فمن غير المعقول أن تكون الحكومة الموريتانية قد اقتنعت من تلقاء نفسها بضرورة إقامة هذه العلاقات ، لأن موريتانيا دولة عربية والعرب في كل مكان يرفضون الاعتراف بهذا الكيان الغاصب الذي اسمه "إسرائيل" الموجود في أرض فلسطين العربية . وبالتالي ، فلا شك أن الحكومة الموريتانية قد تعرّضت لإغراءات مالية من قِبل حلفاء إسرائيل في الغرب ولاسيما الولايات المتحدة . ولم تستطع هذه الحكومة مقاومة هذه الإغراءات فأقدمت على الفور إلى فتح سفارة لإسرائيل في نواكشوط ، وسفارة لموريتانيا في تل أبيب ، رغم رفض الشعب العربي الموريتاني لذلك رفضاً قاطعاً . ولعل الإغراءات المالية تشمل قروضاً طويلة الأجل مقدمة من البنك الدولي لدعم الاقتصاد الموريتاني . وكذلك ضمّ موريتانيا ، وهي الدولة النامية إلى منظمة التجارة العالمية التي تعجز الكثير من الدول في العالم عن الدخول إليها بسبب وجود رفض غربي وأمريكي لها . ومنظمة التجارة هي أداة العولمة الأمريكية ، ودخول دولة ما إليها ، يعني أن هذه الدولة دخلت في نسيج الاقتصاد العالمي الذي ترعاه الولايات المتحدة . وكانت إسرائيل منذ نشأتها المشؤومة عام 1948 تعمل على خلق النزاعات والحروب في الدول العربية من أجل تفتيت هذه الدول وتدمير الأمة العربية . وقد وجّهت اهتمامها نحو موريتانيا لأنها دولة عربية كبيرة من حيث المساحة التي تبلغ نحو مليون ونصف كيلومتر مربع . وهي ذات موقع استراتيجي مهمّ على المحيط الأطلسي ونهر السنغال ، وتشكّل عمقاً لهذه الأمة في قلب أفريقيا السوداء . كما أن بها ثروات طبيعية مهمة ، وخاصة معدن الحديد الذي يتواجد فيها بكثافة . وبعد أن أقام نظام معاوية ولد الطايع الموريتاني علاقات معها ، بات بإمكانها تنفيذ أهدافها التخريبية . وتشكّل المناشير المعدّة من قِبل الموساد الإسرائيلي والموجهة إلى الحرَّاطين الموريتانيين دليلاً على تلك النيّة الإسرائيلية المبيتة لتخريب موريتانيا . ويبقى السؤال هو ، هل ستقوم الحكومة الموريتانية بعد علمها بمصدر هذه المناشير ، بقطع العلاقات مع إسرائيل ، أم أن يدها في هذا الأمر ، ستبقى مغلولة إلى الأبد.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2025