كشف خبراء فلسطينيون في مجال المياه ، معلومات تفصيلية عن الوضع المائي في الأراضي الفلسطينية الذي ينذر بوقوع كارثة حقيقية . وأقرّ كل من المدير التنفيذي لمجموعة الهيدرولوجيين د.أيمن الرابي ، ومسؤول وحدة دعم المفاوضات في منظمة التحرير د.شداد العتيلي ، بأن اتفاق أوسلو أعطى السلطة أحواضاً مائية شبه فارغة ، في حين عمدت إسرائيل إلى تأجيل قضية المياه للاستفادة بأكبر قدر ممكن من الأحواض المائية التي تسيطر عليها في الضفة الغربية . ووفقاً لما أعلنه المسؤولان ، فإن الفلسطينيين في الطريق إلى صيف قائظ ، وإن السبب الرئيسي للأزمة يتمثل في العوائق والنهب الإسرائيلي لمصادر المياه . وتكمل كارثة المياه هذه مسلسل الكوارث الذي ما فتئ يحلّ بالشعب الفلسطيني منذ اغتصاب فلسطين من قِبل الصهاينة فيما يسمى قيام دولة إسرائيل عام 1948 . لكن هذه الكارثة تأتي في وقت يدعي فيه قادة إسرائيل رغبتهم في تحقيق السلام مع الشعب الفلسطيني وخاصة مع السلطة الفلسطينية التي التزمت بالوعود الإسرائيلية أملاً منها في أن يتحقق الحلم بدولة فلسطينية مستقلة . لكن كيف يمكن لإسرائيل أن تفي بوعودها وهي التي تسير على هدى أساطير الأولين القائلة بأن أرض فلسطين هي أرض اليهود منذ فجر التاريخ . ومع أن هذه الأرض لم تكن يوماً لليهود ، بل كانت مع جميع بلاد سوريا ، أرض الكنعانيين . وقد زيّف اليهود الحقائق واختلقوا مفهوم "الوعد الإلهي" لسلالة النبي إبراهيم من النبي إسحاق بإعطائهم أرض الكنعانيين . وركبوا خرافة أدرجوها في سفر التكوين تقول :"إن النبي نوح شرب خمراً فتعرّى داخل خبائه ، فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجاً ، فأخذ سام ويافث الرداء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء ، فلم يبصرا عورة أبيهما ، فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل به ابنه الصغير حام فقال ، ملعون كنعان" . ومع أن حاماً كان له أربعة أولاد هم "كوش ، ومصر ، وفوط ، وكنعان" . لكن نوحاً لم يلعن حاماً وهو كان أجدر باللعن على مبدأ "لا تذروا زرة وزر أخرى" ، كما أنه لم يلعن كوشاً ، أو مصراً ، أو فوطاً ، بل لعن كنعاناً أصغر أولاد حام . وهذا اللعن غير منطقي ومحال أن يخرج من نبي الله نوح ، بيد أن اليهود أبوا إلاّ أن يلعنوا كنعاناً ، بهدف تركيب تلك الخرافة التي تسوّغ لهم أخذ أرضه في فلسطين ميراثاً لهم . وقد دأب الصهاينة حتى قبل اغتصاب فلسطين على العمل على سرقة ماضي وحاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني من خلال إعادة إحياء اللغة العبرية الميتة ، وإعادة إحياء طقوس الديانة اليهودية ، وتسمية المستعمرات الصهيونية بأسماء عفى عليها الزمن تعود بالعقل البشري إلى عصور ما قبل التاريخ . ومن ثم بعد اغتصاب فلسطين بدأ الصهاينة في سياسة التطهير العرقي ضد الشعب العربي الفلسطيني ، فتم تهجير مئات الآلاف من هذا الشعب من مدنهم وقراهم ، وبنيت على أنقاض بيوتهم ومزارعهم وحوانيتهم وتجارتهم دولة إسرائيل . ولم يزل الصهاينة يتبعون سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين وخاصة في الضفة الغربية بهدف دفعهم أو دفع أغلبهم إلى الهجرة إلى الدول العربية المجاورة ، وتحويل من يبقى منهم إلى أقلية عرقية تعيش وسط مجتمع صهيوني كبير . ولا شك أن تعطيش الشعب الفلسطيني في مدن وقرى الضفة ، هو في صلب تلك السياسة الإسرائيلية . ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ، إلى متى ستبقى السلطة الفلسطينية منخدعة بكذبة المفاوضات ، وإلى متى ستبقى وفودها المفاوضة تلتقي مع الوفود الإسرائيلية ؟. ألم يحن الوقت لكي تدرك هذه السلطة أن إسرائيل القائمة على الخرافة التوراتية لن تقبل أن تعود إلى المنطق والواقع ، ولن تقبل بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في فلسطين ؟.
|