إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

نفتقدك في المحنة وزمن الخطر على المصير

جورج كعدي - البناء

نسخة للطباعة 2013-03-01

إقرأ ايضاً


نفتقدك أنطون سعاده في اللحظات المصيرية من حياة الأمّة السورية، في زمن الظلمة والظلاميين، في حمأة الجهل والجهّال وفاقدي العقل والدين، في المرحلة الأشدّ خطراً على المصير، في خضمّ المواجهة القاسية ضد الإجرام الهمجيّ المدفوع والمأجور، ضدّ التعصّب والعمى الطائفي الذي لطالما حذّرت منه ونبّهت إليه آفةً تزعزع أركان الأمّة وتنخر جسدها الذي يقوى بالمعرفة والوعي والإرادة ويضعف بالجهل والطائفية والاستسلام.

ذكرى ولادتك لحظة مشعّة في حياة الأمّة، المريضة والضعيفة اليوم إذ كثرت عليها المؤامرات وتراكمت المصائب. الأمّة تعبة، متألّمة، مهانة، منتهكة الكرأمّة والعزّة، منهوبة الآثار والتاريخ، مدمّرة مستنزفة مستهدفة، مطعونة بخناجر عربان الصحراء وغربانها، مصابة بسهام الجار والأخ والصديق قبل العدو، محرومة من قوّتها الطبيعية التي دللت عليها، مكشوفة لعدو «إسرائيليّ» مزهوّ حتى الشماتة وهو يتفرّج بفرح لا يوصف على سكاكين «الأشقاء» و»الخلاّن» تُغرز في صدر سورية، وعلى السوريين يحترقون بنار الإرهاب، وعلى مدن الحضارة والتاريخ تُدمّر وتُنهب وتُحرق وتصير ركاماً وأطلالاً. عار علينا شماتة العدو، وويل لنا من شماتة التاريخ. بيننا خونة وعملاء، صغار النفوس والعقول، فاقدو الضمير والكرأمّة والانتماء، وضعوا أنفسهم في خدمة المشروع الاستعماري الأميركي ـ الصهيوني الجديد، وقبضوا الثمن أموالاً نفطية قذرة سوداء بلون الخيانة، وقبلوا رشى من الغرب الأميركي والأوروبي المتآمر نقداً وتقديمات ووعداً بالسلطة فمشت النفوس الضعيفة في الخطّة وباعت الوطن.

نفتقدك يا رجل الفكر النهضويّ والعقيدة القومية الراسخة والإرادة والريادة والرؤيا والبطولة والشجاعة. ليتك اليوم مع مريديك الكثر، المهتدين بفكرك وعزمك وإرادتك وشجاعتك وبطولتك، كي تشدّ من أزرهم وتقوّيهم وتزيدهم إيماناً فوق إيمان بآتي الأمّة المشعّ في آخر النفق المظلم الذي نجتازه معاً على هدي من فكرك وتعاليمك. فلا خلاص لهذه الأمّة، المحتلّ بعضُها، والمريض بالطائفية بعضها الآخر، والمنشغل بصدّ المؤامرة الكونية عليه بعضها الثالث، إلاّ بالعودة الدائمة والمتكرّرة إلى ما كرزت به حول أمّة فوق مساحة الهلال الخصيب، منيعة القدرات، عظيمة التاريخ، مشرقة المصير، عزيزة الكرأمّة، فائقة القوة، متباهية بنفسها وبتاريخها بين سائر الأمم. فأنت القائل يوماً كلمة الحق والحقيقة والمدوّنها، وأنت الصانع لهذه الأمّة مجدها بالعقيدة والسعي والتنظيم، وأنت المعطي كل سوري في أمّته أملاً وهدفاً نبيلاً وأفقاً مشرقاً، وأنت الذي لا مفرّ من العودة إلى فكرك ورؤياك كلّما اشتدّت المحن وكثرت المآسي، فبك نستردّ الأمل عند كل مفصل تاريخيّ، وبذكرك يُبعث الرجاء في النفوس وتلوح بشائر النصر قادمة من بعيد.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2025