إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

أيّاً تكن وجهات النظر «داعش» صناعة أميركيّة ـ سعوديّة

جورج كعدي - البناء

نسخة للطباعة 2014-06-19

إقرأ ايضاً


يكفي رصد تغطية محطّة مملكة القهر السعوديّة «العربيّة»، الناطقة بالعبريّة والأميركيّة وبلغة الحقد المذهبيّ الوهابيّ الظلاميّ البغيض، لحوادث العراق، ومثلها والأنحس منها «الجزيرة» القطريّة، محطة التآمر والسمّ الطائفيّ والعمالة المكشوفة لـ»إسرائيل» ولسيّدة الشرّ العالميّ الولايات المتحدة الأميركيّة… يكفي إذن مشاهدة ما تبثّه هاتان المحطّتان الصهيونيّتان بامتياز وما تلهجان به من حقد مذهبيّ سنّي؟! وما علاقتهما بالسنّة وأتقيائها وأنقيائها وبمحمّد خاتم الرسل والأنبياء؟! كي نعي بالبرهان واليقين مَنْ هي الأطراف التي تقف وراء «داعش» تحريكاً وتمويلاً وتوظيفاً في السياسة والميدان، وكي نطرح من أذهاننا أيّ احتمال أن تكون الجهة الداعمة هي غير مملكة القهر السعوديّة وسيّدتها وآمرتها وناهبة خيراتها، الويلات المتحدة الأميركية «الويلات» ليست خطأ مطبعياً إنّما توصيف متعمّد ، التي تؤدّي هذه الأيّام عبر مسؤوليها المهرّجين، الموظّفين لدى كارتيلات النفط والسلاح واللوبي الصهيونيّ المسيطر، أدواراً تمثيليّة فاشلة بزعمها أنّ «داعش» تمثّل خطراً إقليميّاً وعالميّاً، وأنّ الإدارة الأميركيّة البارعة في أمر واحد، الكذب والخداع تدرس احتمالات التدخّل العسكريّ، أو هي في طريقها إلى التفاوض مع إيران حول هذه المسألة! فماذا إن كنّا تعوّدنا ألاّ نصدّق حرفاً واحداً ممّا يقوله الأميركيّون؟!

تبلغ القحة بإعلام السعوديّة وقطر العميل والطائفيّ والمأجور حدّ وصف ما يحصل في العراق على يد «داعش» بـ»الثورة الشعبيّة» أو بـ»انتفاضة الشعب المظلوم» أو بـ»ثوّار العشائر»، وهي ترمي بالطبع إلى بيئة طائفيّة حاضنة، سنّية تحديداً، تودّ استعادة هيبةً وسلطة وحضوراً منذ القضاء على نظام صدّام حسين بواسطة الاحتلال الأميركيّ المجرم الذي كلّف العراق مئات ألوف القتلى والجرحى ودماراً هائلاً في مقوّمات الوطن وجيشه، إلى ما هنالك. أيّ أنّ ثمّة إلماعاً خبيثاً إلى كون سنّة العراق، وتحديداً سنّة نظام البعث العراقيّ وأتباع صدّام، هم طليعة هذه «الثورة» وليست «داعش» سوى داعم ومستجيب. والحقيقة الفعليّة أن «داعش» المحرَّكة بخيوط الدمية من الاستخبارات الأميركية والسعودية وغرفة العمليات السوداء المشتركة، هي التي تتولّى كلّ شيء، ميدانيّاً وإعلاميّاً، مستفيدة من واقع الانقسام والتشرذم في المجتمع العراقيّ وعدم نجاح صيغة وطنية جامعة، حتى بات هذا الجزء الحضاريّ العريق من الأمة السورية، المعذّب والمفتّت، في حالة «حارة كل من إيدو إلو»، فيعوّض الشيعة عبر الإمساك بناصية السلطة زمناً من القمع والحرمان، وينقضّ الأكراد مثلهم تحت الذريعة عينها على كلّ ما تطوله أيديهم من مناطق نفوذ وسيطرة نفطيّة يحسبونها حقّّاً مكتسباً لهم، وتبقى بعض المدن والمحافظات ذات الغالبيّة السنّية، التائهة في ما تفعل وسط حلبة الصراع الطائفيّ والمذهبيّ المقيت، فيصوّرها الإعلام السعوديّ القطريّ والأميركيّ المشارك في الجريمة بكونها هي الفئة «الثائرة» أو «المنتفضة» أو «الشعبيّة» أو «العشائريّة»، إلى ما هنالك من تزييف للواقع الذي يؤكد أنّ «داعش» وحدها على ساحة القتل والمجازر مثل مجزرة طلاّب الكلّية الجوّية الرهيبة وحُرّكت بكبسة زرّ من غرفة الشرّ والتآمر والظلام الأميركيّة ـ السعوديّة، ضمن لعبة شدّ الحبال وعضّ الأصابع الأمميّة، الممتدّة من ساحة الأمويّين إلى ساحة كييف مروراً بالساحات اللبنانية والعراقية واليمنية وسواها، فما يحصل لا يتعدّى كونه ردّاً على الردّ، وكباشاً مع القطبيّات الجديدة، العظمى منها والصغرى، إذ باتت اللكمات بين اللاعبين تحت الحزام، حيث تؤلم، لا فوقه تبعاً لأصول الملاكمة وقوانينها. فحيثما تجد الولايات المتحدة ثغرة تنفذ منها لإيلام روسيا وإقلاقها، أو لترهيب إيران وتهديدها، لا تتردّد، بل تسدّد الضربة مباشرة و»تحت الزنّار». لا نغفل واقع أنّ أميركا هي منذ مدّة في وضع هستيريّ، مثل التنّين المصاب بجرح بالغ ولم يسقط بعد، هُزم في سورية وأوكرانيا وفي أكثر من منطقة في الإقليم والعالم، ففقد رشده وتوازنه وضاعف سعوره وتحريكه الإرهاب السلفيّ الوحشيّ المجرم الذي خلقه منذ محاربة النفوذ السوفياتيّ في أفغانستان، عبر أسامة بن لادن و»قاعدته» التي انقلبت ضدّ خالقها لو صدّقنا هذا الافتراض الممكن وتناسلت وأنجبت وحوشاً «قاعديّة» متعدّدة ومتفرّقة، على خلفيّات سلفيّة ظلاميّة «جهاديّة» متخلّفة، بلهاء، حمقاء، مجرمة، وحشيّة، جاهلة، قابعة هنيئاً في ظلام الردّة والعقيدة… وبقيت خطوط تحريكها في أيدي الأميركيّين توظيفاً، والسعوديين تغطية وتمويلاً وتسليحاً، علماً أنّ السعوديّة تريد إبقاء هذه التنظيمات دوماً خارج ساحتها، موظّفة ومستثمرة في ساحات «الأعداء» الآخرين مثل سورية والعراق ولبنان واليمن وإيران إذا أمكن، لكن أبداً على الساحة الفلسطينية أو ضدّ «إسرائيل» إذ نكون دخلنا هنا نطاق الأصدقاء لا الأعداء! ولو أخطأ أيّ تنظيم سلفيّ «جهاديّ» إرهابيّ وارتدّ نحو السعوديّة فإنّه يتحوّل في لحظة واحدة إلى تنظيم غير مرغوب فيه تنبغي محاربته وتصفيته، ومن هنا بعض التناقض الظاهريّ، التكتيكيّ فحسب، دعماً أو محاربة لتلك التنظيمات الإرهابيّة الممسوخة… والممسوكة!

مهمّ جداً، حيال الواقع العراقيّ الراهن، رغم خطورته ومأسويّته، عدم إضاعة البوصلة وتحديد الجهة والأهداف من وراء «داعش» وحركتها المفاجئة في هذه اللحظة الحرجة والمفصليّة من لعبة الأمم، والتيقّن بلا أي شك أو تردّد أو سؤال، من أنّ لا أحد مستفيداً من تمزيق الأمّة، وتسعير صراعاتها المذهبيّة والإتنيّة، وإبقاء نيران جحيمها مشتعلة، وموتها اليوميّ متعاظماً، وعدم استقرارها مستمرّاً، وتخلّفها مستديماً، أكثر من الولايات المتحدة و»إسرائيل» وتركيا وعربان الربع الخالي الحاقدين وحكّام الغرب المتصهينين، فالمطلوب حرق المنطقة وتدمير طاقاتها وتاريخها وإمكاناتها وشعوبها، لتسييد «إسرائيل» على مَن يبقى فوق أطلالها من سلفيّين ظلاميّين، وطائفيّين متحاربين إلى الأبد… فعلى هذا النحو ترى أميركا البائسة والواهمة أنّ مشروعها يتحقّّق ويبلغ خواتيمه… لكن بئس الوهم وبئس المصير في صراعها مع أمّتنا الصامدة بشرفائها وشهدائها وأنقيائها، وفي تصدّيها لبني «داعش» وأمثالهم، فهم ومحرّكهم أميركا وخلفها السعودية وأحلامهم وأوهامهم جميعاً إلى الجحيم.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2025