إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مقارنةٌ ظالمةٌ فاقدةُ الحجّة

جورج كعدي - البناء

نسخة للطباعة 2013-10-24

إقرأ ايضاً


في معظم الحوارات السجاليّة التلفزيونيّة والإذاعيّة والصحافيّة وفي المقالات والآراء والمواقف المعلنة المصرّح بها أو المكتوبة يوضع هذا المحور مقابل ذاك في كفّتي الميزان السياسيّ كأنّهما متساويان ومتوازيان ومتماثلان فيما الحقيقة غير ذلك على الإطلاق. فحين يواجه الوطنيّون والقوميّون خصومهم من أهل الهوى الأميركيّ أو الفرنسيّ أو السعوديّ أو القطريّ أو التركيّ أو الإسلامويّ المتعنّت يجيئهم الردّ الفوريّ: أنتم في المحور السوريّ ـ الإيرانيّ ـ الروسيّ... إلخ. ويبدو هؤلاء الخصوم متيقّنين يقيناً تاماً من أنّ هذين المحورين المتواجهين في الحقيقة والواقع هما متساويان وأن تصدّي المحور الأميركيّ ـ الفرنسيّ ـ السعوديّ ـ التركيّ... لمحور «الشرّ» الإيرانيّ مشروع و«مقدّس» وواجب لأنّ إيران الشيعيّة تريد في ظنّهم الهيمنة على العالم الإسلاميّ السنّي وهي صاحبة «مشروع» ينطلق من «الهلال الشيعيّ» الذي يشمل العراق ولبنان عبر حزب الله لـ«تشييع» المنطقة بأسرها وانتظار «المهدي» لإتمام النبوءة والهدف والرسالة.

ليت أحداً من هؤلاء يشرح لنا كيف تتساوى الولايات المتحدة الأميركيّة داعمة «إسرائيل» في المطلق وحامية أمنها وحدها على حساب الآخرين جميعاً وتستقيم في الكفّة المقابلة والموازية لإيران التي تعتنق العداء للكيان الصهيونيّ عقيدة وتضع تحرير القدس وفلسطين في أولويّة أولويّاتها وتدعم سورية غير الموقّعة سلام استسلام وإذعان مع «إسرائيل» وغير المطبّعة وغير المساومة على أرض فلسطين وشعب فلسطين وتساند المقاومة في لبنان بلا حدود وتساعد العراق في النهوض واستعادة عافيته رغم الجروح والمآسي والموت اليومي...؟! كيف للولايات المتحدة الأميركيّة ومعها سائر حلفائها وفي مقدّمهم «إسرائيل» والسعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا كقوّة معتدية على الأمّة الجمعاء من فلسطين إلى العراق فسورية فلبنان بلوغاً إلى مصر الدولة الأكبر في المنطقة التي قادت ذات فترة الدفاع عن القضايا العربية وبخاصة قضية فلسطين أن تُساوى بإيران وسورية وروسيا وسائر قوى المحور الجديد المتّهم؟! التي لم تبادر يوماً إلى الاعتداء على أيّ من دول الجوار إن في الصحراء العربية أو في الخليج العربي أو في أيّ بقعة من الأمة السورية ولم تفتح حرباً إلاّ دفاعية حتى مع «إسرائيل» المعتدية على الدوام؟!

ألا يخجل هؤلاء من المقارنة الظالمة والمجحفة بين الولايات المتحدة الأميركيّة وإيران في حين تعلن الأولى ليلاً ونهاراً وفي كل ساعة دعمها اللامحدود لـ«إسرائيل» أمناً واقتصاداً وتطبّق التدمير المنهجيّ لسائر دول الجوار بدءاً بالعراق وصولاً إلى سورية مروراً بلبنان والأراضي المحتلّة في فلسطين في انحياز مفضوح معلن بلا خجل لمصالح «إسرائيل» مئة في المئة مقابل صفر في المئة للعرب أجمعين؟! فكيف والحال هذه يجيز هؤلاء «المتأمركون» وأهل الهوى الغربيّ أو السعوديّ لأنفسهم أن يضعوا أميركا وإيران على مستوى واحد من المفاضلة والمقارنة والموازنة؟! أليس في ذلك إمّا قمّة التبعية والعمالة عن وعيٍ وتصميمٍ وحقدٍ أعمى حيال الآخرين أو جهلٍ وتعصّبٍ غبيّ وانعدام وعي وتفضيل غريزيّ أعمى لكل ما هو افرنجي «برنجي» ورفض لكلّ ما هو عربيّ أو فارسيّ أو سوريّ حضاريّ؟ بمَ يحاجج هؤلاء وبم يتذرّعون وممّ يستقون الإثبات والبرهان؟!

كيف تكون الولايات المتحدة مع «إسرائيل» مئة في المئة وزيادة من دون نقصان ويكونون هم مع الولايات المتحدة؟! أليست صحيحة معادلة صديق عدويّ عدويّ؟! فكيف إذا كان صديق العدوّ هذا حبيباً له وحامياً وحاضناً وداعماً ومموّلاً ومسلّحاً وشريكاً وباذلاً له الغالي رخيصاً كي يبقى ويثبت ويزداد قوة وبطشاً ضدّ أعدائه! أعميان أهل الهوى الأميركيّ والغربيّ والسعوديّ عندنا أم عملاء أم كلا الأمرين معاً عملاء عميان؟! ماذا يطلبون من أدلّة أكثر وضوحاً من الدلال الذي تُنعِم به الولايات المتحدة على ربيبتها وقاعدتها المتقدّمة في الشرق الأوسط أو ثكنتها العسكرية المدجّجة بالأسلحة الأكثر تطوّراً وفتكاً وتدميراً وبالممنوع منها والمحرّم دولياً كالقنابل النووية والعنقودية؟! إلاّ إذا كانوا يريدون أن يكونوا مع عربان النفط والفسق والدعارة والفجور والتآمر والوهّابية الظلاميّة لاحظوا التناقضات كلّها في سلّة واحدة تدعى «السعودية» في خندق واحد مع الولايات المتحدة و«إسرائيل» لشرق أوسط جديد هندسه أمثال بيريز وباركه المحافظون الجدد الممسكون بالقرار الأميركيّ.

هذه أفعال الولايات المتحدة و«إسرائيل» والسعودية وقطر وتركيا والأردن تحت الشمس في وَضَح النهار مكشوفة المخطّطات والمشاريع والأهداف والمؤامرات إلى حدّ الإعلان الجليّ عنها في الإعلام والموقف السياسيّ معاً ولا حاجة بنا إلى مزيد من الأدّلة والبراهين فالحكم في شأن هؤلاء هو على الأفعال لا على النوايا. على عكس مع يفعل أتباعهم من أهل الهوى الأميركيّ والسعوديّ و«الإسرائيليّ» حكماً بالقرينة والاستنتاج إذ لا يملكون دليلاً فعليّاً واقعيّاً ملموساً عمّا تفعله إيران وتضمره للمنطقة سوى الحكم على النوايا والشكّ والظنّ والزعم أن إيران الفارسيّة بعد تهمة «الشيعيّة» تبغي «فرسنة» المنطقة إن جاز التعبير لا «تشييعها» فحسب وفي ذلك قمّة التهافت وبهتان الحجّة وضعفها وسقوطها إذ لا يسع الإنسان مهما ارتفع شأنه وبلغ «ذكاؤه» أو «فطنته» أن يقوّم سياسات دولة كبيرة على أساس النوايا لا الأفعال فليدلّنا أولئك الجهابذة المتأمركون ببلاهة وعمالة حتى النخاع على أدلّتهم وبراهينهم الموازية لبراهين الطرف الآخر ضدّهم وهي كثيرة حول الإساءة التي تتسبّب بها لشعوبنا وأوطاننا وأمّتنا فمتى تآمرت إيران ومتى حاربت ومتى اعتدت ومتى أذت إن الأقربين أو الأبعدين وماذا «ارتكبت» غير المساندة والمساعدة السياسيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة والعسكريّة للقوى المقاومة والممانعة والمتصديّة لـ«إسرائيل» في لبنان وفلسطين وسورية والعراق... فأين «الجريمة» الإيرانية وأين «الأذى» الإيرانيّ؟ لا حاجة لأن ندلّ على جرائم الولايات المتحدة و«إسرائيل» العينيّة والموثّقة والمؤرّخة التي لا تحصى ولا لأن ندلّ على المؤامرة السعوديّة القطريّة الوهابيّة المجرمة ضدّ سورية وطناً وشعباً فالتاريخ لن يحفظ لفاسقي النفط والغاز إلاّ اللعنة لهم ولأتباعهم الذين يقتاتون من فتات نعمهم وركلة النعال النفطية في رقابهم.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024