" أولوية إصلاح المجتمع تعني بناءً سليماً للدعوة والدعاة،ووجوب حسن الأسلـوب والتعامل مع "الآخـر"في الـوطن،واستخـدام التأثيـر الإيجابي في الناس من خلال العمل الثقافي والفكـري ، البعيـد عن الفئوية والانتماءات الضيقة والمصالح الخاصة "
بهـذه الخلاصة من الكلام الحكيم اختصر الدكتورصبحي غندورمدير " مـركـز الحوار العربي " في واشنطن تشخيص داء شعوب العالم العربي المزمن،وأشارالى الشفاء النافع في مقاله "شارع عربي.. لمشاريع أجنبية " في 31 كانون الأول 2015 ،وهذا يشير بلا شك الى أن بنية العالم العربي لم تكن سليمة، ولا روحية العروبة السائدة كانت واقعية صحيحة . ويتبين ان الدعوة الى اصلاح واقع العالم العربي المريض وبنائه بناءً سليماً كانت فيما مضى دعوة غير سليمة،وكذلك كان دعاتها غير ناضجين، ويمكن أن يكون بين الدعاة مشبوهون مشعوذون أساؤوا الى الدعوة ولم ينفعوها بشيء. فكيف يمكن للدعاة غير الناضجين أو المشبوهين المشعوذين أن يقوموا باصلاح المجتمع وبنائه بناء سليما اذا كانوا يستندون الى دعوة غير واقعية وغير صحيحة أسسها واطلق شعاراتها أناس غير ناضجين، وموّلها، وروّج لها، وجنّد جنودها أعداء العالم العربي وأعداء روح العروبة الواقعية السليمة ؟
وكيف يمكننا أن نثق ونطمئن لدعاة غير ناضجين أو مشعوذين يعملون لدعوة وهمية بأمرة أعدائنا الذين اخترعوا الدعوة الوهمية، ودرّبوا الدعاة ، وأعدوا برامج الدعاية والتضليل، وتشويه الحقائق ، والتروج للأباطيل ولكل ما يحرف الأمور عن مسارها الصحيح ، وبرمجوا الدعوة التضليلية من ألفها الى يائها ، وقرروا النتيجة التي تفتك بالعروبة الصحيحة وبالعالم العربي،وتخدم فقط منافع شخصية أو مصالح الأعداء الصهيوأميركيين الذين ورثوا روح التعدي عن أسلافهم الأوروبيين الانكليز والفرنسيين ؟
وكيف يمكن أن ننتظر من دعاة نفعيين شخصيين أو مأمورين خونة ممسوخين في ضمائرهم ووجداناتهم وأفكارهم غيرالأضرار والمآسي والكوارث التي حلّت بمجتمعات العالم العربي من خراب ودمار مادي وانحلال واهتراء خلقي ، وتشوّه ووباء نفسي ؟
المصائب نتيجة الثقافة الزائفة
يجب الاعتراف بوضوح وصراحة ان ما حصل في بلادنا لشعوبنا لم يكن الا نتيجة واقعية وطبيعية للثقافة الفكرية التي هيمنت على الدعاة دينيين وعلمانيين ومدنيين وملحدين الذين اختلفوا في نعوت الأسماء والاصطلاحات التي أطلقوها على أنفسهم ، واتفقوا تمام الاتفاق وتوحّدوا على مضمون الدعوة ومفاهيمها التي قامت أساساً، وخُطط لها أن تقوم على أساس لغوي عربي وديني اسلامي،دون الاخذ بعين الاعتبارالخصوصيات الدينية ، ومشاكل التكفير الطائفي ، والتهاتر المذهبي، والعداء الاثني، والتنافر الحزبي، والحقد القبلي والعشائري، والنزاع المناطقي والاقليمي،والعنجهية التزلمية والأنانية المريضة الشخصية وكل ما نخر بنية المجتمع ويساعد على نخره وتسوسه وسرطنة روحيته وعقليته ونفسيته .
هذه هي الحقيقة التي علينا أن نعيها ونعرفها ولا نبرر عدم وعينا لها ومعرفتها بالجهل والتجاهل،وبالغباء والتغابي،وبالهروب من التبعات والمسؤوليات. فلو كانت الدعوة في أساسها صحيحة، ولو كان الدعاة واعين مخلصين صادقين لكانت نتيجة ثقافة الدعوة ونتيجة عمل الدعاة غير ما شاهدناه من الترويج لكل ما هو ضار ومؤذي ومعادي للفكر السليم ، والمفاهيم الجيّدة النافعة ، وورشة الاصلاح الحقيقي والبناء المجتمعي السليم .
الثقافة الزائفة لا تنتج الا الكوارث
ولأن الدعوة التي قامت على الشعارات غير المنطقية والمعقولة لم تكن سليمة، ولأن أغلب الدعاة المهيمنين كانوا مشعوذين ويتلاعبون بعواطف البسطاء والسذج ويقودون الجماهير الى مهاوي الهلاك وسراديب الكوارث ، فان الأساليب التي استعملوها في تعاملهم مع أبناء شعوب العالم العربي لم تكن سيئة فقط بل كانت أحسن أساليب السوء وألطفها بمعنى أنها كانت منسجمة مع الدعوة المزيفة واخلاق الدعاة الزائفة، كما أن العمل الثقافي والفكري كان أيضاً عملاً فاعلاً ومؤثراً في الناس العاديين البسطاء ليس في البعد " عن الفئوية والانتماءات الضيقة والمصالح الخاصة" كما ورد في المقال القيّم للدكتور صبحي غندور، بل في تهييج كل الانفعالات الجاهلية، وحساسيات الأنانيات الشخصية ، وشهوات المطامع الفردية الحقيرة الناخرة لبنية المجتمعات من داخلها،والمسهلّـة لغزوات الجماعات العدوانية الهمجية من الخارج.
غياب القضية والخطة النظامية
قال مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده في خطابه التاسيسي في أول حزيران 1935 " لم تكن للشعب السوري قبل تكوين الحزب السوري القومي الاجتماعي قضية قومية بالمعنى الصحيح. كل ما كان هنالك تململ من حالات غير طبيعية لا يمكن الشعب السوري أن يأنس إليها أو يجد فيها سداً لحاجاته الحيوية.
وقد تزعم جماعةٌ تململَ الشعب وجعلوا همهم استثمار هذا التململ لينالوا مكانة يطمعون فيها، واستندوا في تزعمهم إلى بقية نفوذ عائلي مستمد من مبادئ زمن عتيق تجعل الشعب قطائع موقوفة على عائلات معينة تبذل مصالح الشعب في سبيل نفوذها. ورأى هؤلاء المتزعمون أن العائلة والبيت لا يكفيان في هذا العصر لدعم التزعم فلجأوا إلى كلمات محبوبة لدى الشعب، كلمات الحرية والاستقلال والمبادئ وتلاعبوا بهذه الألفاظ، المقدسة متى كانت تدل على مثال أعلى لأمة حية، الفاسدة متى كانت وسيلة من وسائل التزعم وستاراً تلعب وراءه الأهواء والأغراض، خصوصاً المبادئ، ففيها يجب أن تتجلى حيوية الأمة وحاجاتها الأساسية."
هذه هي الحال التي كان عليها مجتمعنا التي وصفها وشخّصها أنطون سعاده بأدق تفصيل ، وهذا هو الواقع الذي كنا عليه. واستناداً الى تلك الحالة وهذا الواقع ساد في التاريخ مبدا عام"هوأن مصيرسورية يقرر بالمساومات الخارجية دون أن يكون للأمة السورية شأن فعلي فيه، وعلى هذا المبدأ تعتمد الدول الكبرى في مزاحمتها لبسط نفوذها علينا " كما قال سعاده في خطابه المذكور . وقبل أن يقول سعاده ما قاله في خطابه التأسيسي قال ماهوأهم وماهوأخطرعلى وجودناماضياً وحاضراًومستقبلا في سنة 1925 هذا القول : " رغماً من أن الحركة الصهيونية غير دائرة على محور طبيعي ، تقدمت هذه الحركة تقدماً لا يستهان به . فإجراءاتها سائرة على خطة نظامية دقيقة ، وإذا لم تقم في وجهها خطة نظامية أخرى معاكسة لها كان نصيبها النجاح. ولا يكون ذلك غريباً بقدر ما يكون تخاذل السوريين كذلك إذا تركوا الصهيونيين ينفذون مآربهم ويملكون فلسطين".
مجتمع بدون قضية معرّض للخطر
هنا يظهرالخطر الكبير علينا من خلال تزاحم الدول الكبيرة وخططها لبسط نفوذها علينا، وتحويل شعبنا الى قطعان من البشرمسيَّرة بارادة من يسيطر علينا ، وكذلك تحويل بلادنا الى مزارع وأهراء ومناجم لتعزيز اقتصاد المسيطير . أما الأدهى من كل هذا فقد ظهر حين قرر المسيطر القضاء علينا عندما اقتنع بالخطة اليهودية الصهيونية التي أقنعه بها دعاتها فاقتنعت حكومات الولايات المتحدة الأميركية وحكومات انكلترا وفرنسا بأهميتها وتحالف الجميع على تنفيذها لتصبح خطة صهيو-اميركية غربية رهيبة أقل ما يقال فيها أنها مرحلية تبدأ بامتلاك جنوب سورية الغربي فلسطين لتكون قاعدة انطلاق باتجاه امتلاك كامل الوطن السوري لبلاد الشام والرافدين تمكّنها بعد ذلك من الاجهازعلى الشعب السوري بكامله وتدميره تطويعاً واستعباداً ، وقتلاً وتهجيراً ، واقتتالاً في ما بين عناصره ومكوناته ، وسحقأ للحضارة السورية التاريخية بالكامل، وزرع ثقافة يهودية صهيونية ومن ثم تحويل كامل بلاد الناطقين بالعربية الى حظائر صهيو-اميركية ، ومسخ شعوب بلاد العرب لتتحول الى قطعان بشرية همّها الأكل والشرب والجنس وانتاج نسلٍ جديد من المستخدمين والعبيد يخدمون أسيادهم الصهيو- اميركيين بطريقة عفوية لا ارادية في الداخل ، ويستخدمونهم قراصنة وانكشاريين وقتلة ومخربين في الخارج لتطويع الشعوب التي تتمرد على شهواتهم وأهوائهم وملذاتهم .
وهذا هو الأمر الخطير الذي جعل أنطون سعاده يستعجل في وضع الخطة النظامية الدقيقة المعاكسة التي تقوم على محور طبيعي حق في مواجهة الخطة الصهيونية التي تدور على محور غير طبيعي وباطل، لتشكل خطة العالم الاجتماعي السوري أنطون سعاده الخطة المعاكسة الأشد دقة عقيدةً ونظاماً وجنوداً في عالمٍ مسحورومبهوربخطة التكفير اليهودي لجميع أبناء الأرض الذين تجاذبتهم ووتتقاذفهم رياح الفتن وعواصف الأحقاد ، وضللتهم وتضللهم سموم الأوهام والخرافات، وشوهّت وتشوّه مفاهيمهم شرائع الغاب والتوحش والهمجية، فتجندت حكوماتهم لمساعدة المعتدي وتبرير اعتدآته ، والتسترعلى جرائمه، والدفاع عن باطله ، والقتال نيابة عنه اذا اقتضى الأمر.
العدوان الكبير غير المسبوق في التاريخ
وللأسف الكبير نقول أن الصهيو- اميركيين تمكنوا من حصار المجتمع السوري على أرض الشام والرافدين بكراهية عربية رسمية مقيتة واضحة عبّر عناها قرار جامعة الحكومات العربية بطردها للجمهورية العربية السورية من الجامعة وهي أولى الأعضاء المؤسسين . وكذلك تمكنوا من فرض حصار أبشع بحقد اسلامي دفين بغيض عبّر عنه دعاة من يسمون أنفسهم علماء مسلمين بفتاوي التضلبل والذبح والقتل وبقر البطون واستئصال الارحام وتقطيع الاطراف والمتاجرة بالأعضاء البشرية . وكذلك أيضاً كان الحصار الأشد والأكبر الذي قامت به دول وحكومات التعدي بأقفال سفارات الجمهورية العربية السورية وقنصلياتها وفرض العقوبات عليها وأجبار من لم يقتنع بمقاطعتها بقطع علاقاتها معها وتسليح المجرمين والمرتزقة وتمويلهم والعناية بهم وبعائلاتهم وبتشويه سمعة من يتعاون مع حكومة دمشق وكل ذلك لأن الحكومة في دمشق لم تستسلم لارادة المعتدين ولم توافق على تمليك فلسطين للكيان اليهودي الصهيوني تمليكاً كاملاً، ولم توافق على بند عدم عودة المهجّرين الى ديارهم وأرزاقهم ومدنهم وقراهم التي هُجِّروا منها ، ولم تقبل بالتعاون مع الأعداء بمحاصرة وملاحقة وضرب أشراف الأمة المقاومين الذين تخلوا عن كل مباهج الدنيا كرمى لفلسطين وحباً بحياة عزّ الأمة وعزّ أبنائها . العز الذي هو أثمن ما في الوجود .
هل ذهبت الغفوة وعادت الصحوة ؟
ان السؤال الكبير والمهم هو : هل انتهت الغفلة عند المثقفين في العالم العربي الناطقين بالضاد وعادت لهم الصحوة ليراجعواالخطة النظامية الدقيقة التي وضعها أنطون سعاده وحاربوه للقضاء عليه وعليها منذ ثلاثينات القرن الماضي؟
أم أنهم مازالوا بعيدين عن التفكير الواقعي ومستسلمين الى غفوتهم ولاهين عما يُرسم لهم من الخطط دون أن تظهرعليهم علامات التنبه واليقظة ؟
واذا كانوا غير مقتنعين بالخطة التي وضعها أنطون سعاده واستشهد من أجلها لايمانه بأن في تحقيقها نهوض شعوبنا العربية وخلاصهم من شرور أمراض الداخل واعتدآت الخارج فلماذا لا يضعون الخطة البديلة ويقطعون علاقاتهم بتاريخ الهزائم والنكبات والويلات ؟
ولماذا يستمرون على اجترارالخواطر والأفكار،والنظريات والمفاهيم التي ما جرّت علينا الا الكوارث ، ولا تلوّح لنا الا بالمصير المرعب القاتم ، ولا تقودنا الا الى مقابر التاريخ ؟
لقد أثبتت الأحداث أن قلة من أبناء شعبنا في فلسطين فعلوا ويفعلون في مواجهة الاغتصاب الصهيو-أميركي الغربي ما لم تستطع ملايين العرب مجتمعين من فعل واحد بالألف مما فعلوه ، وأثبتت الوقائع والأحداث أيضاً أن عدداً قليلاً من المقاومين وأبناء المقاومة في لبنان أنجزوا من الانتصارات من أجل فلسطين ومقدسات الاسلام المسيحي والمحمدي ما فضح هزائم ملياراتهم المنتشرة في شتى مناحي بقاع العالم .
ان عدونا عرف ويعرف ما يريد وهو يريد القضاء علينا وامتلاك بلادنا وليس في نيته ما يشير الى التراجع عن هذا الهدف ، فلماذ لم نعرف حتى الآن ماذا نريد ؟ وما هو هدفنا في الحياة ؟ وهل يجوز أن نتنازل عن حياتنا وكرامتنا ومثلنا العليا في الحياة لنخدم بتنازلنا عن قيمنا أعداءنا الذين يريدون القضاء علينا ؟
لقد صدق الدكتور صبحي غندور وأصاب في قوله : " إنّ ما جرى في السودان مع مطلع العام 2011 لا ينفصل عمّا جرى في شمال العراق بعد احتلاله في العام 2003، ولا عن محاولة فصل جنوب اليمن عن شماله، ولا عن تصاعد العنف ضدّ المسيحيين العرب، ولا عن إثارة الغرائز الانقسامية بين المذاهب الإسلامية. بل إنّ كلّ ذلك يؤكّد جدّية المشروع الإسرائيلي/الأجنبي الساعي لتفتيت ما هو أصلاً مقسّمٌ عربياً، ولإقامة دويلات دينية وإثنية "فيدرالية" ترث "النظام العربي المريض" كما ورثت اتفاقيةُ (سايكس/البريطاني وبيكو/الفرنسي) مطلع القرن الماضي "الدولة العثمانية التركية المريضة ".
يمكننا ان نضيف الى ما قاله الدكتور صبحي غندور انه غير مسموح لنا انشاء حتى دويلات هزيلة دينية وطائفية واثنية لأنه لا مكان في هذا العصر لوجود مثل هذه الحثالات المضرّة لنفسها وللآخرين ، ولذلك فان الحل الوحيد هو رميها في مكب النفايات وطحنها والتخلص منها بشكل نهائي . ورغبة أعدائنا الوحيدة هي أن أن نقتل أنفسنا بأنفسنا أو أن نموت بتخاذلنا وجبننا غير ماسوفٍ علينا .
هل يراجع المخطئون أخطاءهم ؟
أما آن الأوان للبقية الباقية من المثقفين المتنورين في العالم العربي أن يعيدوا النظر وأن يراجعوا سيَرَهم ومسيراتهم الماضية ليقفوا على نقاط الصواب ونقاط الخطأ . فما كان صواباً يتمسكون به ويعززونه ، وما كان خطأً يصلحونه ويتخلصون منه وينفضونه عن أنفسهم مرة واحدة والى الأبد ؟
أما حان الوقت وحصل النضج ليفهم المثقفون الناطقون باللغة العربية أن اللغة مع أهميتها في تسهيل التواصل والتفاهم لاتقوم مقام الانسان، ولا يُستغنى بها عن الانسان وأن لا وجود لها بدون الانسان ؟
ألم يكتشف المثقفون وكتاب وشعراء اللغة العربية ودعاة الوحدة العربية حتى الآن أن اللغة مهما قرّبت بين الشعوب ليس بامكانها أن تلغي ماهيات وحقائق وخصائص وميّزات الشعوب ؟
واذا كانت تلغي حقيقة المجتمعات فلماذا لا تجعل من الناطقين بالانكليزية مجتمعاً واحداً ؟ ومن الناطقين باللغة الفرنسية مجتمعاً واحداً ؟ ومن الناطقين باللغة الاسبانية أمة واحدة ؟
ولماذا يحق ويصح للناطقين باللغة العربية أن يكونوا أمة عربية واحدة وليس أمماً ، ولا يحق ولايصح للناطقين بالانكليزية والفرنسية والاسبانية أن يكونوا أمة انكليزية أو أمة فرنسية او أمة اسبانية بل عالماً ثقافيا انكليزياً ، وعالماً ثقافياً فرنسياً ، وعالماً ثقافياً اسبانياُ ؟
أليس الأحق والأصح والأصوب أن تكون الثقافة الحضارية الراقية هي الرابطة المثلى للعالم العربي الى جانب المصالح الحيوية المتعددة الأخرى التي تزيد من متانة الروابط بين المجتمعات العربية ؟
ألم يعي مثقفو ومفكرو ومتنورو العالم العربي أن الدين أيضاً ثقافة بشرية عامة ولا يقتصر على أمة واحدة من الأمم ولا يمكنه أن يقضي على حقيقة الشعوب والأمم ؟ واذا كان الدين يمكنه أن يلغي حقيقة تعدد الأمم فما موقفهم من القرآن الكريم في آيته التي تقول :"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى ، وجعلناكم قبائل وشعوباً لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ؟
ولماذا بعد ألفي سنة لم يصبح المسلمون المسيحيون أمة مسيحية واحدة ؟ ولم يصبح المسلمون المحمديون أمة محمدية واحدة وهل هناك أي شك في نص القرآن المتقدم الذكر ؟
لقد نطق القرآن الكريم بالحق وأعلن بالوضوح الذي لا لبس فيه أن الناس مجتمعات وليسوا مجتمعاً واحداً ، وان أمر الله العظيم لهم هو أن يتعارفوا ويتحاببوا ويتعاونوا من أجل سعادتهم ، وان أحبهم وأكرمهم عند الله أتقاهم وأحسنهم عملا . وهذه هي رسالة السيد المسيح نفسها تأمر الناس بممارسة المحبة فيما بينهم وأن يحبوا لغيرهم ما يحبونه لأنفسهم فلماذا هذا التعصب للجنس العربي دون سائر الأجناس وطمس هوياتهم الوطنية والقومية والاتنية مع علمنا بكلام الرسول العظيم " لا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى ". ألم يقل النبي محمد " ان العربية لسان وليست جنس؟ " ولماذا يريد دعاة "الأمة العربية والوطن العربي" الغاء أوطان ومجتمعات الناطقين باللغة العربية مع أنهم كانوا قبل ظهور الاسلام مجتمعات لها هوياتها القومية وأوطانها في منطقة المغرب العربي ، وفي وادي النيل ،وفي سورية بلاد الرافدين والشام ، وفي شبه الجزيرة العربية ؟
واذا كان الله هو الخالق الذي أوجد هذه البيئات الطبيعية وخلق الناس فيها شعوباً فكيف يحق لبعض المهووسين الحالمين أن يزدروا بارادة الله، وأن يمحوا هذه الأوطان وهذه الشعوب بشطحة هوس ووهم ويكذّبون القول الحكيم : " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى ، وجعلناكم قبائل وشعوباً لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ؟
العالم العربي مجتمعات وليس مجتمعاً واحداً
ان العالم العربي كان مجتمعات قومية ولا يزال مجتمعات قومية وليس مجتمعاً قومياً واحداً ، كما أن العالم الاسلامي هو مجتمعات تدين بالاسلام وليس مجتمعاً واحداً ، وان العالم المسيحي هو أيضاً مجتمعات وليس مجتمعاً واحداً. واذا اردنا التعمّق أكثر ، فان العروبة تلونت بألون المجتمعات ، والاسلام تلون أيضاً بالوان المجتمعات التي تدين به ، وان المسيحية هي كذلك تلوّنت بألوان المجتمعات التي اعتنقنتها مع العلم ان رسالة الاسلام المسيحي التي انتشرت في كثير من المجتمعات ، ورسالة الاسلام المحمدي التي انتشرت في مجتمعات كثيرة أخرى، ورسالة العروبة اللغوية الثقافية التي انحصر انتشارها في أربع مجتمعات فقط هي سورية ووادي النيل والمغرب وشبه الجزيرة ،كان انطلاق كل هذه الرسالات من نقطة انطلاق واحدة هي دمشق .
الرسالات تلونت بألوان المجتمعات
واذا أردنا التوسع أكثر وأكثر وأكثر فان كل هذه الرسالات انطبعت بطابع المجتمع القومي الذي تقبَّلها فتأمركت المسيحية في الولايات المتحدة، وتفرنست في فرنسا، وتجرمنت في ألمانيا، وتسكسنت في انكلترا . وكذلك تأفغن الاسلام في أفغانستان ، وتترك في تركيا ، وتعجمن في بلاد العجم ، وتسرين في سورية ، وتمصر في مصر. وكذلك أيضاً كان مفهوم العروبة متنوعاً في البيئات الطبيعية الأربع: سورية الطبيعية ، ووادي النيل ، وشبه الجزيرة ، والمغرب العربي الكبير.دون ان يعني ذلك انتقاصاً من قيمة اسلام المسيحية أو اسلام المحمدية أو عروبة الثقافة اللغوية الحضارية.
هل يأتي يوم يقتنع فيه دعاة نشوء الأمة على أساس اللغة والدين أنه لو انتشرت اللغة العربية وعمّت العالم كله لن يصبح العالم أمة عربية واحدة الا اذا أصبحت الكرة الأرضية مسطحة ؟ وأنه لو عمّ الاسلام المحمدي أو الاسلام المسيحي أو أي دين آخر الدنيا بأجمعها وأصبح الناس جميعاً مسلمين محمديين أو مسلمين مسيحيين أو أتباع أي دين لن تصبح الدنيا أمة واحدة الا اذا أصبحت الكرة الأرضية بساطاً مربعاَ أو مستطيلاً أو مدوّرا وهذا لا يحصل الا بأردة من أوجد الكواكب والأجرام ؟ ألم يشر القرآن الجليل الى وحيّ الله: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى،وجعلناكم قبائل وشعوباً لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم...ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة "؟ فهل أعطى الله تفويضاً لأحد بأن يقوم مقامه وينطق باسمه ويكتب ما يشاء ، ويمحو ما يشاء ، ويخلق ما يشاء ؟
ولماذا هذه العقلية الالغائية للآخر التي تسربت اليهم من استعلائية تكفريةِ حاخامات اليهود الذين شوهوا موسوية النبي موسى القائمة على الوصايا العشرواستبدلوها بيهوديتهم التكفيرية محتكرين لنفسهم اسم "شعب الله المختار"وسرّبت هذه الجرثومة الخبيثة الى المسيحييين وليس الى المسيحية ، والى المحمديين وليس الى المحمدية ، والى العروبيين وليس الى العروبة فتنابذوا وتباغضوا وتقاتلوا وكفّروا بعضهم بعضاً ،واقتتلوا وما زالوا يقتتلون بهدف الغاء بعضهم بعضاً .
لقد وضع الدكتور صبحي غندور اسبعه في الجرح النازف بقوله : " اما الانتفاضات الشعبية العربية الأخرى، فقد انحرفت عن مصالح أوطانها وأهدافها . وها هي المنطقة الآن ساحة تنافس وصراع مصالح بين قوى إقليمية ودولية ، بينما يغيب تماماً أيُّ "مشروع" وطني واحد أو " مشروع " عربي مشترك ، وفي ظلِّ حضور "مشاريع" غير العرب!." وهذا ما جعل الدكتور غندور يصل الى النتيجة المؤسفة التالية : " إنه الآن "زمنٌ إسرائيلي"، حيث العربي فيه يقتل أخاه العربي... وإسرائيل تتفرّج!!. هو "زمنٌ إسرائيليٌّ" حينما يسقط عشرات الألوف من المواطنين العرب الأبرياء ضحيّة صراعاتٍ عربية داخلية، بعضها بأشكال طائفية ومذهبية ممّا يخدم مشروع " الدويلات "... وهو " زمنٌ إسرائيلي " حينما لا يجوز الحديث عن المشاريع الإسرائيلية والأجنبية من أجل تقسيم الأوطان العربية، بحجّة أنّ هذا الحديث يخدم أنظمةً حاكمة!.
" نعم ان الفوضى الخلاقة التي تحدثت عنها حكومة الولايات المتحدة الصهيو- اميركية هي بالفعل ثورة . ولا يخفى أنه يوجد صلة بين لفظة ثور ولفظة ثورة . ولذلك فان الثورة يمكن أن تكون ثورة ثيران عندما تهوج بها البهائم وتقضي على بعضها بعضاً . أما ثورة الأنسان الذي وهبه الله العقل فيستحيل أن تكون الا ثورة وعيّ وفكر من أجل هدفٍ ينسجم مع ابداع الخالق الذي خلق الانسان في أحسن تقويم . انها فعلاً ثورة همجية صهيو-اميركية، وقيادتها قيادة متوحشة صهيو-اميركية، ومكاسبها لن تكون الى لخدمة الصهيو-اميركيين ، ولولا بقية باقية من شرفاء أمتنا الأصيلة ومقاوميها الاعزاء الشرفاء الذين أحبوا الموت والاستشهاد من أجل عزة وطنهم وأمتهم حبهم للحياة العزيزة لكان مجتمعنا اليوم في بلاد الشام والرافدين ، ولكانت جميع الشعوب العربية تقبع في مواخير واسطبلات الصهاينة والأميركيين المتصهينين تنتظر لقمة العيش من فضلاتهم ، و ارواء العطش من بقايا مراحيضهم .
كل حدث له سببه
أن ما حدث وما يحدث ليس الا نتيجة طبيعية للجبن الذي اعترى حكامنا في استسلامهم لمعاهدة سايكس/بيكو. وليس الا نتيجة لشعوذة المثقفين العملاء الأغبياء الأنانيين . وليس الا نتيجة طبيعية لاضطهاد وملاحقة وقتل وسجن وتهجير المخلصين الصادقين للأمة والوطن. وليس الا نتيجة لتقاعس الأدباء والشعراء والفنانين والمفكرين عن القيام بواجبهم والالتحاق بحركة نهضة امتهم والنهوض بها لتتمكن من القيام بدورها وتساهم في النهوض بالعالم العربي والعروبة والعرب .
وهكذا ضاعت الجهود وفشل أدباء وشعراء ومفكرو وفنانو ومبدعو كل مجتمع من مجتمعات العالم العربي ولم ينهضوا لا بمجتمعهم ولا بالعروبة بل أضروا بمجتمعاتهم وأضروا بالعروبة . فلم ينهض مثقفو سورية بمجتمعهم السوري في بلاد الشام والرافدين لتنهض سورية بعالمها العربي . ولم ينهض مثقفو وادي النيل بمجتمعهم في مصر والسودان ليساعد مجتمعه الناهض في تحقيق نهوض المجتمعات العربية . ولم ينهض مثقفو المغرب العربي بمغربهم العربي الكبيرمن تونس الى ليبيا الى الجزائر الى المغرب الى بقية الشعوب العربية في القارة الافريقية ليعاونوا في حركة نهوض العالم العربي . ولم نجد دوراً تقدمياً ناهضا فاعلاً في شبه الجزيرة العربية للمثقفين الصادقين للنهوض بأنفسهم وبمتحداتهم ليكونوا قوة لها وزنها في قيامة العالم العربي السيّد العزيز الراقي .
والشيء المهم الذي يجب لفت النظر اليه هو ان اي تلاقي أو تقارب او تفاهم أو تعاون أو تنسيق في أي أمر صغير بين كيانين في البيئة الواحدة من بيئات العالم العربي الطبيعية كالتنسيق مثلاً بين الكيان اللبناني والشامي ، أو بين الشامي والعراقي في بيئة الهلال السوري الخصيب هو ممنوع ومحارب داخلياً وخارجياً بذريعة انه تقارب ضد العروبة . وكذلك أي تقارب بين مصر والسودان في وادي النيل هو أيضاً مرفوض ومحارب في الداخل والخارج . وكذلك يحرّم اي تعاون وتقارب بين الجزائر وليبيا وتونس والمغرب في المغرب العربي . ولا يشذ الأمر عن هذا السياق في شبه الجزيرة العربية الا حين يوافق الارادات الاستعمارية وخاصة الصهيو-أميركية ويخدم مصالحها .
أليس لافتاً أيضاً أن نجد أن كل تقارب بين كيانات العالم العربي مسموح به ومبارك حتى ولو كان بين الكيانات المتباعدة حين يخدم المصالح الصهيو-اميركية الغربية ، وكل تقارب وتفاهم بين أي كيانين متقاربين في البيئة الطبيعية الواحدة هو تقارب مرفوض ومشيطن ومحارب لأنه لا يخدم مصالح الصهيونيين ؟
هل آن الأوان لتغيير ما بنفوسنا للأقوم ؟
فهل آن الأوان لاعادة الاعتبار لشرفاء الأمة وأكارمها والصادقين في الدفاع عن حقوقها ؟
وهل آن الأوان لالغاء معاهدة سايكس/بيكو في بلاد الشام والرافدين واعادة لحمة الوطن الممزق ولحمة الشعب المفتت في سورية ؟ والغاء كل المواثيق والمعاهدات التي جزأت المغرب العربي وجعلته كيانات متخاصمة ؟ وجزأت وادي النيل حتى أصبح اليوم ثلاث دويلات كيانية متنابذة ؟ وجزأت شبه الجزيرة العربية وجعلت الدماء انهاراً بين الحجاز واليمن ؟
وهل آن الأواون لوضع حد للأنانيين المشعوذين والفتنويين والخونة والجواسيس الذين سرّبوا الى داخل مجتمعاتنا اللصوص والمجرمين والاعداء ؟
وهل يعي المثقفون الصادقون المخلصون من أبناء الشعوب العربية أن من لا يستطيع النهوض بنفسه وبجتمعه هو أعجز من أن ينهض بالعالم العربي ويرفع من شأن العروبة الواقعية الصحيحة التي هي عروبة المجتمعات العربية الطبيعية الدائمة وليست عروبة الافراد الراحلين الزائلين ؟
النهوض العربي بنهوض الأمم العربية
وهل يراجع المتنورون من ابناء الشعوب العربية انفسهم ويحللون بجدية واهتمام ما ورد في كتاب الأسلام في رسالته للعالم الاجتماعي والفيلسوف أنطون سعاده حيث قال في الصفحة 225 من الطبعة الثانية - دمشق :
" العروبة التي تهمل المباديء الجغرافية والاقليمية والسلالية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية الاجتماعية ، أي جميع العوامل التي توجد الواقع الاجتماعي ، وتتكفل بحفظه ولا تستند الا الى الدين والى اللغة بمقدار هي عروبة زائفة لا نتيجة لها غير عرقلة سير المباديء القومية الاجتماعية الصحيحة في سورية والأقطار العربية عامة ، وإعطاء الدول الأجنبية كل فرصة للتسلط على أمم العالم العربي والتغرير بها وإذلالها . هي عروبة زائفة لأنها لا ترمي الى نهوض أمم العالم العربي ، بل الى ايقاد نار الفتنة الدينية والحرب الداخلية في كل أمة مؤلفة من أكثر من ملة المحمديين . إن أصحاب هذه العروبة هم أعداء العرب الحقيقيون لأنهم أعداء نشوء القومية الصحيحة في كل أمة من أمم العالم العربي وأعداء نهوض كل من هذه الأمم كرجل واحد لنيل سيادتها وحقوقها والارتقاء نحو مطالبها العليا المكونة من نسيج شعورها وآمالها ومطامحها وأشواقها الأصيلة في نفس كل أمة ومزاجها ."
نداء الحياة
أيها المثقفون المتنورون الصادقون المخلصون من أبناء شعوب العالم العربي .عالمكم واقعه الاجتماعي واقع أمم وليس أمة واحدة . والحكمة تقول ويصدّقها العقل أن لا يخلط العاقل المتنور بين حقيقة الواقع الاجتماعي وحقيقة اللغة وحقيقة الدين . فمن فهم حقيقة الواقع الاجتماعي وفهم حقيقة اللغة وحقيقة الدين وعمل على أساس فهمه الصحيح أصاب وارتقى بواقعه الاجتماعي وارتقى بلغته وارتقى بدينه . أما من خلط بين هذه الحقائق ولم يميّز بين معنى كل منها ، ويعطي كل منها ما يستحقه من المكانة والدور أخطأ طريق الرقيّ فتخلف واقعه الاجتماعي وتخلفت لغته وتخلف دينه وفشل في مسعاه.
ان العروبة الصحيحة التي تنهض بالأمم العربية وتنهض بالعالم العربي ليست عروبة لغوية ولا عروبة دينية ولا عروبة رأسمالية نفعية ولا عروبة سياسية مرائية ولا عروبة اثنية ولاعروبة طائفية، ولا عروبة جاهية قبلية وعشائرية ، ولا عروبة عدوانية تكفيرية الغائية داخل المجتمع ، ولا عروبة استعلائية تغطرسية تبخس الأمم الأخرى حقوقها وتزدري بمطامحها ، ولا عروبة وهمية استذواقية لا يجني صاحبها سوى السراب .
لقد أجمع أصحاب مفهوم نظرية نشوء "الأمة العربية الواحدة " على أساس اللغة والدين في كل أقطار العالم العربي، ووافقهم حكام تلك الأقطار على ذلك، وتوفرت لهم كل أسباب الدعم المادي والمعنوي ولكنهم عجزوا عجزاً كاملاً عن بناء (المجتمع العربي الواحد) السليم الذي كانوا يطمحون الى بنائه ويحلمون ، وسبب ذلك هو أنهم أغفلوا الواقع الاجتماعي الطبيعي وأهملوا "المباديء الجغرافية والاقليمية والسلالية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية الاجتماعية "*
ان العروبة الواقعية الصحيحة هي العروبة السورية القومية الاجتماعية التي لا تجهل ولا تتجاهل الواقع الاجتماعي للعالم العربي الذي هو واقع أمم . وكل أمة لها شخصيتها القومية . ولها تاريخها الذي يعود الى بداية الوجود وليس الى فترة وحددة ،وسوف يستمر ما دام الوجود مستمراً . وكل أمة لها حاجاتها ومصالحها وآمالهها وأمانيها وأهدافها ومُثُلها العليا . والعروبة الواقعية الحقيقية الصحيحة هي العروبة المُثلية لخير العالم العربي كله التي تنهض بالعرب أجمعين، وتحسِّن مستوى حياتهم، وتساهم في تقدم البشرية ورقيها.
فالى العروبة الواقعية الحقيقية الصحيحة أيها المخلصون الصادقون اعملوا يكن النصر للعالم العربي كله بنهوض مجتمعاته لابدمارها لأن لا قيام لعروبة حيَّة الا بحياة شعوبها. ولا سلامة لعالم عربي الا بسلام مكوناته ، ولا عزة للعرب الا بعزة أممهم ، ولا مكانة ولا دور لهم في العالم الا بخروجهم من عهود الأوهام والخرفات والخوارق الى عصر العلوم والوقائع والحقائق .
|