التاريخ لا يُكتب بالأقوال بل بالافعال , وشعوب التاريخ شعوب أفعال لا شعوب أقوال ، وأبطال أمم التاريخ أبطال حضارات تقوم على الحق والعدل فتفرض مصيرها العزيز في سفر الوجود، لا أبطال قطعان شعوب بشرية تعيش على الباطل والظلم وتتحرك تحرك العجماوات المتوحشة في انجرافها الى مقابر التاريخ .
وعلى كتابة التاريخ ،وبأفعال شعوب التاريخ وعباقرة أمم التاريخ يُصدر التاريخ حكمه العادل الأبدي على أمم الحضارة وأبطال تاريخها فيخلدها بأفعالها الرائدة ومنجزاتها الانسانية الخيّرة، وابداعاتها الموسّعة لآفاق الرؤية وأبعاد النظر وبدائع التصوّر لأرقى القيم وأسمى المُـثُـل فيكتسب أبطالها الذكرى الجميلة التي تكون للأجيال الصاعدة دليلاً لحياة أفضل .
ويصدر التاريخ حكمه العادل الابدي أيضاً على القطعان البشرية الجاهلية العجماوية ورجالها الحمقى مخلّداً لها همجياتها ووحشياتها لتكون دليلاً الى الوصول الى مزابل التاريخ ، ومخلداً رجالها الممروضين " بهوس جنون العظمة وعظمة الجنون" فيصبحون مع الزمان لعنة للأجيال ومكباً لشتائم أبناء الحياة .
وهذه هي حال الشعوب الحمقى والغبية ورجالاتها الموتورين الذين فهموا الحضارة همجية وفهموا معنى الانتصار توحشاً عندما جعلتهم الصدف على رأس الامبراطوريات الطغيانية العاتية المرسّخة للجرائم وممارسة العدوان وبث الفتن وتعميم الخراب كما ظهر ويظهر في هذه الأيام من سياسة ودبلوماسية وجرائم الأمبراطورية العدوانية الصهيواميركية وريثة النفسية العدوانية الشريرة من جميع امبراطوريات الشرور البائدة التي عرفها تاريخ بلاد الشام والرافدين ولم يبق منها الا ذكر مظالمها ومفاسدها وشرورها وانحطاط نفسيات رجالها الذين قادوها الى الابادة والتلاشي .
ان في استشهاد القائدين البطلين قاسم سليماني الايراني وابو مهدي المهنس ابن بلاد الشام والرافدين السوري اللذين عبّرا عن روحيتي وعقليتي ونفسيتي الأمتين الحضاريتين السورية العربية والايرانية الفارسية هو المثال الأرقى لمفهوم علاقات حياة جوار الأمم الحضاري الانساني في هذا الوجود .
ألم يقل الحديث الشريف بالنسبة لإيمان الانسان - الفرد الديني :
" والله لا يؤمن ، لا يؤمن ، والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " أي شروره .
وقد تعلمنا في مدرسة نهضتنا القومية الاجتماعية التي تقول وتعمل لاصلاح الانسان - المجتمع وتحقيق نهضة الأمة ورقيها أنه لن تكون أبداً نهضة حقيقية ان لم تكن نهضتها لصلاح جارها كما لصلاحها وصلاح غيرها من الأمم كما لصلاحها وصلاح جارها كأمم متعاونة على الصلاح ويكفي ان نذكر ما قاله باعث نهضتنا وشهيدها سعاده بهذا الخصوص حين قال : " " لتكن آلامنا عبرةً لا نكبة ، وإذا كانت نكبة فمن الخير أن تبقى فينا ومن الشر أن تنتقل الى غيرنا ".
فهنيأً لأمتينا السورية العربية والايرانية الفارسية بحياة وممات البطلين الشهيدين قاسم سليماني وابو مهدي المهنس اللذين ختما حياتهما بدمائهما لترسيخ المفهوم الراقي لعلاقات الامم الحضارية المتجاورة وتعاونها فيما بينها فاستحقا الذكرى الطيبة على ألسنة ابناء الأمتنين في هذا الوجود ،ورضى الله ورحمته في عالم الآخرة
|