فلسفة الجبان
قـال الجبـانُ: شجاعتي بـمذلّـتي
بالـذلِّ لا بالعـزِّ تَعـْـظُـمُ قـوتي
*
كـلُّ الكلامِ عن البطـولـةِ ساقـطٌ
ان كانَ في غيرِ الهـوانِ بُطولتي
*
دسْـتـورُ أعـمالي مُـراءاةٌ ، بهـا
تضليـلُ من عابـوا عليَّ عقيدتي
*
فعقيـدتي غِشٌ، وتـزويـرُ الحقائقِ
وحْـــدَهُ مُـتَـمَـكِّــنٌ بـثـقـافـتي
*
وثـقـافـتي إنْـتـاجُ كُـلِّ خَـديعةٍ
بسُمـومها عِـزِّي وسُـرُّ براءتي
*
الخـوفُ والـذلُّ المهـيـنُ مبادئي
والعـارُ والخـزيُّ المُحقـِّرُ غايتي
*
والـديـنُ إنْ لـمْ يَتْصفْ بسفالـةٍ
لا شــــأنَ في آيـاتـه لسـلامـتي
*
عِلْمُ التَـقَـوقعِ في الجهالةِ مَنْهجي
وفُـنـونُ آدابِ الهَـوانِ رسالتي
*
شِعْري الخنوعُ يثورُ في أوزانهِ
وحَـقيـرُ أعمالِ البغـاءِ صناعتي
*
دَنَّسْتُ إنتـاجَ الفـنـونِ بشَــرِّ مـا
اشتهرتْ ضروبُ معارفي وزراعتي
*
فبدأتُ تاريخَ الظلامِ بما ارتَضَيْتُ
مِـنَ الحـقــارةِ زاهـيـاً بخـيـانـتي
*
صُـرْتُ الذي خـانَ البـلادَ وعـقَّـها
ومضى يـبـيعُ تُـراثَهـا بسلامـةِ
*
ويَـفِـرُّ مَـغْـبـوطاً بـذلِّ هُـروبـهِ
مُـتَغَــطْـرِساً بخـيـانـةٍ وسَــفالـة ِ
*
بِعْـتُ الكـرامةَ بالأمـانِ وباعهـا
قـبـلي رجالُ حُكـومتي ودُوَيْـلَـتي
*
أبدعتُ في لحْنِ السُـفـولِ مُجَـدّداً
شَرْعَ السفولِ بما ابتكرتُ بخِسَّـتي
*
ما هَـمَّـني التاريخُ يلعـنُ مـوقـفي
فَهَـرَبْـتُ مـزهـواً ألـوذُ بهجرتي
*
شعبي يجـوعُ ومـوطني مُتَمَـزِّقٌ
بيـنَ الطُغـاةِ وهـذا سِـرُّ سعادتي
**
فلسفة البطل
فـتـبسَم البطـلُ العـزيـز مُـؤكِّـداً :
تَــبَّــاً لمَـنْ لـمْ يعـتـصـمْ بالعِـزَّةِ
*
صارَ اليهـودُ رعاتـنا وقضاتـنا
وملوكُهـمْ بَرزوا كأعـدل ِ قادة ِ
*
ذَبْحُ الرضيعِ كرامة ٌمن عدلهمْ
ودمـارُ أمـتـنـا صفـاءُ عـدالـة ِ
*
حكّامُنا الأنذالُ صارَ شعارهـمْ :
المـوتُ للـتحـريـرِ لا للـذلَّـة ِ
*
إنَّ البـطـولةَ كُـلُّها في عرفهمْ
ترديدُ مهـزلـةٍ ووهـمُ خرافـةِ
*
حَفِظَ الإلـهُ رعاتنا لضلوعهمْ
في كـلِّ ظُـلم ٍ جائـر ٍ بوقاحة ِ
*
قَهـَروا نفوسَ الشعبِ في أفعالهمْ
بـنـذالـة ٍ وحـقـارة ٍ ونـجـاسـة ِ
*
ما خابَ منهم في الحقيقة عاملٌ
في طمسِ أنوارِ الجمال ِ الحقّـة ِ
*
فـبـناءُ سـردابِ الهـزيمةِ هَـمُّهمْ
وغَـرامُهُـمْ ستـرُ الإبـاء بكـذبة ِ
*
أهواؤهُمْ حِممُ الضلال ِتفجرتْ
ونفوسُهُـمْ سَقطتْ بأحقـرِ وقعة ِ
*
قالَ الجبانُ ومُورستْ أقـوالهُ :
العِــزُّ بالـتـدلـيـسِ لا بالعِـفَّــة ِ
*
ماعادَ للإنسان في هذا الزمانِ
كـرامـةٌ غـيـر التي بـنـذالــة
ِ*
عَـبَثَ اليهودُ بكـلِّ شيءٍ عندنا
بعـقـولِـنا ونفـوسِـنا، بالنخـوَة ِ
*
بالأرضِ ، بالانسانِ، بالتاريخِ ،
بالأملِ العظيم، بكلِّ شهقةِ عِـزَّةِ
*
بمطامح الأجيالِ، بالآتي القريبِ
وبالبعيدِ فهل نـفـوزُ بصحوة ِ ؟!
*
ونغيّرُ التاريخَ بالوعيِّ المُعـَبـِّر
عن حقيقةِ يقـظـةٍ وحضارةِ ؟!
*
يا سـادة الاصـلاحِ ، يا أحيـاءُ
يا ثـوارُ، با أحـرارَ اعظمِ أمـة ِ
*
أينَ الإبـاءُ وأينَ أينَ كرامةٌ ؟
ما قيمةُ الأحياءِ دون كرامةِ ؟
*
إنَّ الكرامةَ بالشجاعةِ صونُها
لا تَحفـظُ الأوطانَ غير كرامة ِ
*
كَذِبَ الطغاة ُالمجرمونَ بحقنا
والظالمـونَ شعـوبـنا بجبانـة ِ
*
والبائعـونَ تُـراثـنا للأجنبيِّ
بخِسَّـة ٍ وضحالــة ٍ ودنـاءة ِ
*
ماكانَ ظلمُ المجرمين مُدمِّـراً
لو ظـلَّ فيـنا خافـقٌ بشـهامة ِ
*
نحنُ الهروبُ ونحنُ نحنُ القانعونَ
جـميعـنا بشــرورِ أسـوأ حالـة ِ
*
لنْ يسلمَ الوطنُ الجميـلُ لشعبنا
حتى نُغـيِّـرَ ما بـنـا بصـراحـة ِ
*
ونشقُّ بالعلـمِ المفيـد ِ طريقـنا
فالنصرُ معـرفة ٌ وحـزمُ إرادة ِ
*
وتمسُّكٌ بعـدالةِ الحقِّ المقدَّسِ
في الوجـودِ بجـرأة ٍ وبـقـوّة ِ
*
إنَّ المـصـيـرَ إرادة ٌ خلاّقـة ٌ
إنْ أبدعتْ فازتْ بنورِ ألوهَـة ِ
*
لا حقَّ للأمواتِ في دنيا الحياةِ
فـإنهـمْ بـاتـوا بـدونِ إرادةِ
*
وعقيدة ُالأحياءِ تطويرُالحضارةِ
كُـلَّـمـا وصلـتْ لأعـلى قِـمَّـةِ
*
لا سقفَ للإنســانِ في ابـداعـهِ
فـمـداهُ يكمنُ في شعاعِ بصيـرة ِ
*
إنَّ البصيرةَ بعضُ بعضِ سلاحنا
فهل انطلقـنا بالهُـدى والحكمةِ ؟
*
في وضـعِ حـدٍ للهــوانِ وذلّـهِ
والسير في نهجِ النهوضِ بأمة ِ؟
*
لتعيشَ في هذا الوجودِ كريمة ً
تهدي الشعوبَ الى الرفاهِ بنهضة ِ
*
فيـكـون سيـرُ العالمينَ جميعهـمْ
نحـوَ السـماءِ الى كمالِ القـدرة ِ
*
وتســودُ أحـكـامُ الإخــاءِ بكـلِّ
حبٍ خالصٍ ومشعشعٍ بالرحمةِ
*
إنَّ الحـيـاةَ جَـمـيـلـة ٌوجـمالُـهـا
مِنْ صنعِ مَنْ خَلقَ الوجودَ برحمةِ
*
ما كانَ في التكـويـنِ ظُلـمُ مُكوِّن ٍ
فَمِنَ الضَلالـةِ أن نَسيـرَ بظلمـةِ
*
لا يقبـلُ الاذلالَ شعـبٌ ناهـضٌ
فالناسُ أحـرارٌ بنـورِ الفـطـرة
*
والغيُّ في جهلِ الحقائـقِ ثابـتٌ
والرُشدُ في غيرالهُدى لم يثبتِ
*
فقط البطولـةُ وحدها للمهتـدين
طـريـقُهـم للسيـرِ نحوَ القـمّـة
*
عَـَبـثـاً بأبـناءِ الجبانةِ والعمى
مَـجــدٌ يُـعـادُ لأمـةٍ بخـرافــةِ
*
فالمجدُ يُصنع بالبطولة والهُدى
ويُـعـادُ إنْ عُشِق الفدى ببطولةِ
*
لا شيْ يمتحنُ العقائدَ والنفوسَ
سوى الصراعِ بحكمةٍ وعزيمةِ
*
بيـنَ الجبـانـةِ والبطـولـةِ لمعـة ٌ
تُعمي الذليـلَ فيستحيـلُ لجيفةِ
*
وتثيرُ أمواج البطولة في العزيزِ
زوابعـاً تُحيِّ النـفـوسَ بنسمةِ
*
إنَّ الحـيـاةَ بطـولـة ٌ وزوابـعٌ
والمـوتُ جبنٌ هاجـعٌ بـمَـذَلَّة ِ
*
نهجان في هذا الوجود: بطولة ٌ
وجبانة ٌ نحـوَ السُدى والـرفعة ِ
*
فمن ارتضى نهجَ البطولةِ قد علا
ومن ابتغى الجُبنَ ابتلى بالخيـبةِ
|