يوم يقف القوميون بثبات في وجه الشطط والميوعة والنزعة الفردية والانحرافات والمطامح والمطامع الشخصية متمسكين بمبادئ وعقيدة وضعها سعاده سلوكاً وإيماناً وطريقاً لحياة جديدة نقية متمتعة بزخم العطاء ونقاء البقاء، يوم يثبت القوميون إيمانهم بقضيتهم بعد استشهاد القائد الزعيم وذهابه جسداً منذ 65 عاماً حيث لم يبق لهم من قائد سوى ما قاله ورسمه وخططه وقال لهم هذا هو طريقكم طريق الحياة… «أنا أموت أما حزبي فباق…» وقالوا له يا زعيمي.. انت باق فينا فكراً، نظاماً، إيماناً، اخلاصاً. تسقط أجسادنا أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود، وسنبقى كما أردتنا وسنكون كما أردت ان نكون…
كنت اتصفّح كتابي «أنطون سعاده ماذا فعلت؟»، قرأت لمرة جديدة مقاطع من المقدّمة التي كتبها الرفيق زهير قتلان فوجدت في مقاطعها كلّ المعاني المعبّرة عن حقيقتنا، عمّن نحن.. هذا بعض ما كتبه تصويراً لما نحن ونقلاً عما تختزنه أنفسنا وأرواحنا وما تجسّده حقيقتنا..
«ماذا فعلت أنطون سعاده، صفحة من تاريخ أمة، صفحة هي واحدة من منارات طريق شقها سعاده للسير بسورية نحو قمة كلما بلغتها امتدّت أمامها قمم هي جديرة ببلوغها وارتقائها..
ماذا فعلت أنطون سعاده؟ إعادة بناء نفسيّ وروحيّ لشباب من شرائح اجتماعية متنوّعة وفئات عمرية متفاوتة فلم تعد هموم العيش واستمرارية الوجود ومستوياته هي همّهم كما هي لسواهم بل الحياة في كامل معطياتها تجسيداً روحياً ومناقبياً وسخاء في التضحية وخلوداً في الروح بعد فناء الجسد، يؤمنون بأنّ النقاء في سمة العطاء وانّ الوجود هو تسجيل وثبات في الإيمان، وانّ الحياة هي وقفة عز فوقفوها، أعطوا الدماء ولم يخافوا الحرب فخاضوها ولم يخافوا الفشل لأنهم آمنوا بقضية تساوي وجودهم، هذه القضية هي ما جعلوها طريقهم فساروا عليها وثبتوا ولم يسقطوا لأنك علّمتهم انّ طريقنا طويلة وشاقة ولا يثبت عليها إلا الأحياء، أما طالبو الموت فسيقطون على جانب الطريق… ماذا فعلت أنطون سعاده؟ فإن لم تفعل شيئاً سوى هذا فقد فعلت، فلتحيا في كلّ ما فعلت.
وأسجل هنا مقطعاً من مقال كتبه الأستاذ عبدالله المشنوق وهو لم يكن يوماً قومياً، بل كان على تباين مع الحزب وسعاده، لكنه بعد استشهاد الزعيم كتب مقالاً جاء فيه:
«انّ السوريين القوميين الاجتماعيين لم يموتوا بعد أنطون سعاده ولن يموتوا أبداً. ولعلهم اليوم أقوى منهم بالأمس، فالنهضة السورية القومية الاجتماعية قوية ترتكز الى قواعد متينة وأسس صحيحة ومبادئ معلنة ومهما حاولوا ان يطمسوها ستبقى الأقوى لأنها الحقيقة الراسخة في تاريخ سورية… اليوم نحن نتحسّر على أنطون سعاده ويا ليتنا آمنا بوجهة نظره لأنها الاصحّ…»
نقف اليوم ونحن نرى محاولات ورغبات فردية لرفع رايات الاستئثار والتفرّد وتملك النظام وإخضاعه للنزعات والرغبات فنقول لهؤلاء: العقيدة ليست النظام، النظام يؤطرها يحرسها يرسم محيطها ولكنها باقية متمترسة ولو تبدّد النظام، فالنظام منها وليست هي منه وكثيراً ما حلّ الحزب كنظام ولوحق وشرّد ولكنه صمد كعقيدة وانتصر كإيمان بهذه العقيدة… وانتصر معه النظام وسقط المنحرفون…
ماذا فعلت أنطون سعاده…؟
اشعرتنا بإنسانيتنا، اشعرتنا بمواطنيتنا، أشعرتنا برجولتنا وقوتنا، جعلت ديننا في وجداننا ورفعت إيماننا فكانت أمتنا هويتنا..
أنطون سعاده ماذا فعلت؟
آمنا بك زعيماً منقذاً معلماً مرشداً رسولاً لرسالة الحق والخير والجمال لأمتنا وعاهدناك على الإيمان بهذه الرسالة وأقسمنا لك بشرفنا وحقيقتنا ومعتقدنا على حمايتها والعمل لها بكلّ عزيمة وإخلاص وان نجعل مبادئها إيماناً لنا وشعاراً لسلوكنا وحياتنا وان لا نخون هذه العقيدة ولا الحزب وان نفعل واجباتنا نحو الحزب…
قدّمت لنا القدوة يوم قدّمت دماءك من أجل هذه العقيدة وهذا الحزب، وكذلك فعل المؤمنون فصعدوا شهداء وقدّموا الدماء مؤمنين انّ كلّ ما فينا هو من أمتنا وهو لها حتى الدماء التي تجري في عروقنا ومتى طلبتها وجدتها وقد وجدتها…
|