قانا… من ثرانا، من هوانا، من أقدس قرانا، رمز العلا في سمانا،
بماذا أناجيك، بماذا أناديك. أأنعي باكياً واجثو شاكيا؟ أأخور نادباً؟
بماذا بماذا؟ البكاء والدموع لا تغسل جريمة الأوغاد ولا تعيد الروح الى أجساد الأولاد..
وأطفال قانا لا يودّعون بالدموع ولا بشقّ الصدور ولا بلطم الخدود…
ضحايا قانا يودعون برشق الزهور. بالاهازيج والاناشيد
ضحايا قانا لا يودّعون بتراتيل القداديس، وتكبير المآذن.
ضحايا قانا أطفال، نساء، رجال يودّعون بالدبكة وبالرقص
وبالغبطة، من أجلهم تقام أقواس النصر، لتمرّ من تحتها
نعوشهم، فهم قوافل العز تنقل جثمانين شهداء أبرار شقوا
بدمائهم طريق المجد لشعبهم وأمتهم. أطفال قانا بذور الحياة في
تربتنا. ونسمات الخير في سماء بلادنا. شهداء قانا حراس حريتنا
ورأس الحربة في صدور المعتدين على ترابنا، شهداء قانا هم
صخور تحمي حدودنا، صخور حفرت عليها وبها ومنها ملاحم
مستقبلنا، شهداء قانا هم عصارة شهداء الجنوب الصامد
وجه لبنان الجميل يحمله رأس شامخ، شهداؤنا رمز الحياة فينا،
شهداؤنا يمثلون انتصاراتنا الكبرى.
شهداء قانا هم رمز لكلّ لبنان. في كلّ مزرعة وقرية ومدينة،
نبض الحياة يبشر بالخلود. فنحن أمة أبت أن يكون قبر التاريخ
مكاناً لها في الحياة.
قانا يا رمز جنوبنا الحي، وشمالنا الأبي، وبقاعنا العتي، وجبالنا الشماء،
قانا يا قرية وادعة ربطت الأرض بالسماء في جسر من أرواح براعم غضة من فلذات قلوبنا،
جسر نادانا أطفال قانا قائلين:
«هذا جسر من أجسادنا فاعبروا الى المجد يا أهلنا… نودع الأرض التي أحببناها نسقيها بدمائنا. فلا دموع بعد اليوم…»
ونقول لأهل قانا: الحياة وقفة عز فقط وقد وقفتموها.
لن تضيرنا ضربات الغدر ولا نكبات الزمن، فليس عار علينا ان ننكب بل العار ان تحوّلنا النكبات من أمة قوية إلى أمة ضعيفة.
فيا أهل قانا، انّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ. اذا لم نكن أحراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار علينا. ماذا يفيدنا ربح العالم وخسارة أنفسنا. لا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل.
لقد غدر بكم العدو وانتصرتم على غدره بوقفة العز هذه. ولا يؤسفنا غدر الزمان فطالما رقصت على جثث الأسود كلاب ولا تحسبنّ برقصها تعلو على أسيادها. تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلابا.
لقد انتصرتم وما أروع انتصاركم.
|