اليوم ينطوي 87 عاماً على حياة الحزب السوري القومي الاجتماعي.. ويبدأ عام جديد، ونكرّر ما قاله سعاده في مثل هذا اليوم ومثل هذه المناسبة منذ 87 عاماً عندما خاطب القوميين قائلاً:
إننا فخورون بجراحنا لأنها جراح أعزاء لا جراح أذلاء. وإننا فخورون بانكساراتنا لأنها كانت انكسارات مغلوبين غير مقهورين، وإننا فخورون بانتصاراتنا لأنها انتصارات غالبين غير شامتين!
إننا فخورون لأنّ مناقبنا كانت أقوى من شؤم الانكسار، ولأنّ إرادتنا كانت أغلب من صروف الزمان!
وإيماننا أشدّ رسوخاً منه قبل ما مرّ علينا من التجارب ويقيننا بالنصر الأخير أعظم منه في أيّ زمان مضى. فنحن نعلم والعالم يعلم اليوم أنّ السوريين القوميين شعب حيّ مؤمن بحقه وعدل قضيته فلا الشدائد تميته ولا الأهوال تزعزع إيمانه ولا يوجد قوة على وجه البسيطة، روحية أو مادية، تقدر أن تردّه عن غايته.
إني أخاطبكم اليوم والوقت ليس وقت فرجٍ، والصعوبات لما تزل من طريقنا. وقد تكون الصعوبات المقبلة أكبر من الصعوبات التي اجتزناها. ولكن كلّ هذا كان منتظراً عندي قبل مجيئه. فإذا تذكرتم كلامي الذي خاطبتكم به في أيام الكورة سنة 1937 وجدتم أني حسبت كلّ الشدائد التي ستأتي ونبّهتكم إليها.
في أحد خطبي في الكورة قلت لكم: «إنّ العراك بيننا وبين القوات الرجعية والإرادات الأجنبية لم ينته ولا بدّ من أن يستمرّ. فكلما ازددنا نمواً وتقدّماً ازداد الضغط واشتدّ العراك. ولن تكون للقوميين راحة حتى يتمّ النصر».
وقد قلت لكم، في خطابي المذكور آنفاً: «إنّ طريقنا طويلة لأنها طريق الحياة. إنها الطريق التي لا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة. أما الأموات وطالبو الموت فيسقطون على جوانبها!»
وفي هذه المراحل الطويلة التي اجتزناها أسفنا ونأسف لسقوط عدد من الذين انضمّوا الى صفوفنا الحيّة على جوانب الطريق، فقد أحطناهم بقلوبنا وأفكارنا، وهم معنا، وساعدناهم في كلّ موقف ضعف ظهر منهم. ولكنهم لم يتمكّنوا، مع كلّ ذلك، من التغلب على التجارب والثبات على طريقنا فسقطوا، وأكثرهم تدهور إلى حضيض البلبلة اللاقومية. فأسفت وأعتقد أنكم جميعكم تشاركوني الأسف لسقوطهم وفقدهم.
ولكن القضية القومية المقدّسة تنمو وتتقدّم متغلبة على جميع هذه الصعوبات. فلا استمرار الحرب، ولا توالي المحن، ولا سقوط الفاشلين، يزعزع مقدار ذرة من إيماننا بالنصر.
وفي هذا الزمن العصيب لنا وللعالم أهنّئكم باجتياز المراحل الصعبة الماضية وحفظ وحدة صفوفنا والتغلب على جميع العراقيل التي وُضعت في طريقنا. إني مغتبط بهذه النتيجة التي تمكنني من القول للعالم: إنّ قيمة المبادئ وقوّة المناقب ليست أكثر سوخاً في أية أمة من أمم العالم منهما في الحركة السورية القومية.
اننا قد اجتزنا مصاعب جمة ولكننا لا نزال في حومة الجهاد لننال غايتنا الاخيرة. وتأسيس حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والروحية على قواعد مبادئنا القومية. ولنصل الى هذه الغاية يجب علينا ان نحقق غرضين أوليين اعلنتهما لكم منذ بدء العمل القومي وهما: استئصال الفوضى الداخلية ودفع المطامع الخارجية.
منذ الساعة التي عقدنا فيها القلوب والقبضات على الوقوف معاً والسير معاً في سبيل تحقيق المطلب المعلن في مبادئ الحزب السوري القومي وفي غايته وضعنا أيدينا على المحراث ووجهنا نظرنا الى الأمام الى المثال الأعلى وصرنا جماعة واحدة وامة حية تريد الحياة الحرة الجميلة، أمة تحب الحياة لأنها تحب الحرية، وتحب الموت متى كان الموت طريقاً للحياة. لم يكن للشعب السوري قبل تكوين الحزب السوري القومي قضية قومية بالمعنى الصحيح، كلّ ما كان هنالك تململ من حالات غير طبيعية لا يمكن الشعب السوري ان يأنس أو يجد فيها سداً لحاجاته الحيوية.
الحقيقة أيها الرفقاء أننا قد ترابطنا في هذا الحزب لأجل عمل خطير جداً، هو إنشاء دولتنا وليكون كلّ واحد منا رعية دولته المستقلة والعمل وكلّ شيء شاق فهل نعجز عنه؟
انّ هذه القوى النظامية ستغيّر وجه التاريخ في الشرق الأدنى ولقد شاهد أجدادنا الفاتحين السابقين ومشوا على بقاياهم اما نحن فسنضع حداً للفتوحات».
يا رفقاءنا في الوطن وعبر الحدود..
احييكم تحية قومية اجتماعية في عيد مولد النهضة وبزوغ نور الأمة في المبادئ التي وضعها الزعيم سعاده الذي كان الأول من آذار بداية إشراقة نوره الذي عبره عرفنا طريقنا وسرنا عليه عارفين من نحن ومن سنكون. وجاءت العقيدة والحزب الذي يحرسها لتزيدنا إيماناً. فتح لنا باب الحياة فصار الخلود اساسه وفرضت حقيقتنا نفسها على هذا الوجود..
نحن جنود عقيدة ونظام وإيمان بما علمنا إياه سعاده. بالمبادئ التي جعلها دستور حياتنا بوركتم في عيد التأسيس 87 واذكروا نداء الزعيم:
اننا قد اجتزنا مصاعب جمّة ولكننا لا نزال في حومة الجهاد لننال غايتنا الأخيرة هي إنشاء دولتنا المستقلة وتأسيس حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والروحية على قواعد مبادئنا القومية. ولنصل الى هذه الغاية يجب علينا ان نحقق غرضين أوليين اعلنتهما لكم منذ بدء العمل القومي وهما: استئصال الفوضى الداخلية ودفع المطامع الخارجية.
فثقوا بقضيتكم وحزبكم وبأنفسكم ولا تأبهوا لثرثرة المستهزئين فهؤلاء يُقهرون ولا يُغلبون، ويُذلون ولا يُجرحون! يودّون ان تكونوا مثلهم لكي لا يكون لهم رفعة عليهم فذرؤوهم في سخريتهم ولا تجعلوا مجالسكم معهم، لأنكم لستم منهم وليسوا منكم.
في هذا الزمن العصيب لنا وللعالم أهنئكم باجتياز المراحل الصعبة الماضية وحفظ وحدة صفوفنا والتغلب على جميع العراقيل التي وُضعت في طريقنا. اني مغتبط بهذه النتيجة التي تمكنني من القول للعالم: إنّ قيمة المبادئ وقوة المناقب ليست أكثر رسوخاً في أية أمة من أمم العالم منهما في الحركة السورية القومية.
عندما نذكر رفقاءنا ومناقبيتهم نذكر دائماً الزعيم الذي قال ماذا يعني وجودي غيركم أنتم أيها القوميون الاجتماعيون غير عزّ هذه الأمة وكرامتها.
لم آتكم مؤمناً بالخوارق بل اتيتكم مؤمناً بالحقائق الراهنة التي هي أنتم..
|