شكّلت الكلمة التي ألقاها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين حنّا الناشف، في العيد الـ 85 لتأسيس الحزب، رؤية شاملة لما ستكون عليه سياسة الحزب، وذلك باعتبار السياسة هي فنّ تحقيق الأغراض القومية. كما أكّدت الكلمة على المبادئ التي بنى أنطون سعاده حزبه عليها، وهي بعث نهضة تُعيد إلى الأمّة حيويّتها والسعي لإنشاء جبهة عربية.
بهذا المعنى جاءت كلمة رئيس الحزب، وهي ترديد رمزيّ وتجدّد للاحتفال بولادة الفكر القومي الاجتماعي مجسّداً بصاحبه الحزب السوري القومي الاجتماعي.
وإذا كان الكثير من الكتاب والمحلّلين، من القوميين والحلفاء والأصدقاء والخصوم، سيركّز على النقاط الأساسية التي جاءت في كلمة رئيس الحزب، من خلال تأكيده على ثوابت الحزب في نهضة المجتمع ووحدته ومنع التقسيم والتأكيد على علمانيّته، وباعتبار أنّ القضية الفلسطينية ستبقى بوصلة توجّهنا، فإنّه أشار إلى الهجمة التي تتعرّض لها أمّتنا في مدى الهلال السوري الخصيب، وقد شدّد على مواجهة كلّ أنواع الإرهاب الذي لا يزال يتعرّض له شعبنا وفصائلنا المقاومة، وقد خصّ نسور الزوبعة بكلمة قومية ستشكّل دافعاً وجدانياً قوياً لأبطالنا الذين يواجهون إلى جانب الجيش السوري وحزب الله قوى التكفير في كلّ ساحة تتطلّب وجودهم الماديّ والروحيّ، وجاء تحرير واستعادة البوكمال أمس ليعزّز محور المقاومة في وجه التحالف الأميركي الصهيوني الخليجي.
إذن، أهميّة دور «نسور الزوبعة» في هذه المعارك ضدّ القوى التكفيريّة هي أنّهم قوة عسكرية تتجاوز الطوائف والأعراق، من خلال كونهم الجناح العسكري للحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو لذلك شكّل مثالاً في المدن والقرى التي دخلها، من حيث اعتباره أحد أكثر البدائل شعبيّةً عند المواطنين السوريّين الذين يعيشون تحت وطأة الإعلام الوهابي الطائفي الأسود الخليجي والتركي والغربي . وقد جاء تكريم وزارة الدفاع الروسية لأبطال نسور الزوبعة بتقليدهم وسام «التميّز العسكري»، تقديراً «لبطولاتهم وشجاعتهم وإخلاصهم في أداء المهام القتالية في كافّة الظروف، واضطلاعهم بمهمّات خاصة نوعيّة، أثبتوا فيها إقدامهم ومهاراتهم القتالية العالية والمتميّزة».
وبالتأكيد لا نزال نتذكّر المعارك التي خاضها نسور الزوبعة إلى جانب الجيش وحزب الله، كمعركة صيدنايا، ومعلولا، والسويداء، والقنيطرة، وغوطة دمشق، وصدد، والزارة، والحصن، وحمص ومحردة، وقرى في ريف حماة كالسلمية، وتحرير القريتين، وتدمر، وريف اللاذقية ـ كسب وكنسبّا، ومحافظة إدلب، ومحافظة دير الزور، وريف الرقة، بالإضافة إلى عشرات القرى والدساكر، وأخيراً ها هي طلائع هذه النسور على مشارف تحرير الحدود السوريّة العراقيّة من بعض جيوب «داعش» وملحقاتها تستعدّ لمعركتَي تحرير إدلب، واستعادة الرقة بدخول الجيش السوري إليها.
ولعلّ تصاعد شعبيّة نسور الزوبعة في المناطق التي شاركوا في استعادتها مع الجيش وحزب الله، جاءت نتيجة لمجموعة من العوامل، بما في ذلك ارتفاع وتيرة النغمات الطائفية للحرب، وهو ما يؤكّده جوشوا لانديس مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما ، الذي وصف الحزب السوري القومي الاجتماعي بمتنفّسٍ للأقليّات في المنطقة ممّن يعتبرون أنّ حلم العروبة قد باء بالفشل وعفا عليه الزمن، كما أكّدته الـ فورين بوليسي بالقول: القومي يكتسب شعبية متزايدة على أرض الواقع .
لغير نسور الزوبعة أن يحملوا أفكاراً وشعارات مستوردة، ولغيرهم أن يطالب بحرية متفلّتة وديمقراطية جوفاء، أو أن يرفع شعارات حقوق الإنسان وحقّ تقرير المصير، التي يستخدمها الغرب لدغدغة عواطف الجماعات الإثنيّة والمذهبيّة ضدّ وحدة شعبنا، ومن أجل سلخ الإنسان عن أرضه ومن انتمائه.
هي دبلوماسية النسور في مواجهة دبلوماسية التكفير، ولننتظر الدور الذي ستفعله دبلوماسية النسور هذه بعد نهاية قوى الإرهاب ودحر المشاريع الأميركية الصهيونية الوهابية.
لا سلامَ للنسور مع التكفيريّين، بل حرب هي مستمرّة… ونحن نعرف أنّ الحرية صراع، ونصارع في سبيل بلوغ الحرية لنكون أحراراً من أمّة حرة… ليس هناك من عاقل يدغدغ ريش النسور.
ولكن يجب أن لا نستهين بدبلوماسية التكفير، فهي تعرف كيف تلعب. هي كالثعلب، بل كالثعبان تنفخ في الرؤوس اقلقوا من إيران ولا تقلقوا من إسرائيل ، إنّها… شقيقتكم .
«إنّ أنطون سعاده يأتي إلى العالم مرة كلّ ألف سنة» يقول فارس الخوري، رئيس وزراء سورية الأسبق.
|