عرفتُ الأمين موسى مطلق ابراهيم جيداً بعد أن كان خرج مع العفو، ثم كانت لي معه علاقة مُميّزة طيلة السنوات التي تلت، بدأت مع أول مكتب لمركز الحزب بعد العفو(1) الذي كان يداوم فيه الأمين كامل حسان(2) بصفته رئيساً لمجلس العمد - عميداً للداخلية، الأمين خليل ذياب(3) عميداً للدفاع، الرفيق نبيل رياشي(4) الناموس المكلف في عمدة الدفاع، الأمين لبيب ناصيف رئيساً لمكتب عبر الحدود، وأُم صلاح(5) للخدمات، وكان الامين موسى مطلق يقوم بمهمة ناموس الاعمال المركزية.
كنتُ نشرت أكثر من مرة عن الأمين موسى مطلق(6) انما، مهما كتبت عنه، لا اعطيه حقه، شاعراً وباحثاً وقومياً اجتماعياً مُشعاً بأخلاق النهضة ومُجسّداً لفضائلها.
في كتابه "سراديب النور" يورد الأمين شوقي خيرالله في الصفحتين 140-141 الافادة التي كان ادلى بها الامين موسى في المحكمة العسكرية، بعد انتهائه، حسبما روى لي الأمين ميشال خوري(7) وقف الأمين عبدالله سعاده وسط قفص المحكمة وتوجّهَ إلى الأمين موسى محيياً إياه على الكلمة فيما جميع الرفقاء يصفقون في قلوبهم فرحاً واعتزازاً.
الذين رافقوا مآثر الرفقاء الأسرى في المعتقلات، في ثكنة الامير بشير، في المحكمة العسكرية، في أقبية سجن الرمل(8)، في سجنيّ "القبة" في طرابلس، وفي "القلعة" في بيروت - يدركون عظمة هذا الحزب، وكيف هو تمكن دائما من الوقوف بعد كل عثرة، ومن النمو والانتشار بعد كل ضربة توجّه إليه في لبنان أو الشام.
ل.ن
*
إفادة الرفيق موسى مطلق:
حضرة الرئيس والمستشارين والنائب العام المحترمين،
أنا قومي اجتماعي، أُومن بأُمتي ومُعتقدي، ومُلتزم بقسمي. لذلك أنا، بثقة المؤمن، أتحمّل مسؤوليتي لاشتراكي في العملية الانقلابية ليل: 31/12/1961-1/1/1962.
قرار الاتهام كتب معرّفاً بهويتي وبين قوسين (فلسطيني). قصد القرار أن يصم الحزب بأن فيه عناصر غير لبنانية وأنه طوّعهم لتخريب لبنان. فيكون العمل الانقلابي شغلة مرتزقة.
ضرب إله من أُمتي مثلا فيما هو يعلّم الناس أصول المواطنية الصالحة قال:
"كان لاويّ مسافراً من أريحا إلى أورشليم فصادفه قطّاع طرق فضربوه وجرّحوه وطرحوه أرضاً وسلبوه وانصرفوا وتركوه بين حيّ وميت، فمرّ به لاويّ ثم مرّ به فريسي ثم مرّ به صدّوقي فكان كل ينظر إليهِ ثم يتابع طريقه بغير أن يمسّه. فظل الجريح ينازع ويتألم منتظراً الرحمة من محسن أو الموت. أخيراً مرّ به سامريّ فانحنى عليه وعطف على مأساته وصبّ على جراحه زيتاً وخمراً، وحمله على دابته ومشى به الى فندق وأوصى به خيراً، ودفع مصاريف العلاج والمداواة سلفاً. وختم الأله الذي من أمتي متسائلاً إزاء سامعيه: أي هؤلاء أقرب قرابة إلى الجريح المسلوب وأيُّهم أحبَّ إلى الله؟؟ فأُرتج على اليهود السامعين وعرفوا أن الإله يقصدّ تأنيبهم لأنّهم بغير رحمة ولا وفاء.
أيُّها السادة،
عندما بلغ من كفر بعض اللبنانيين بلبنان حدّ تخريبه ونسفه وتسليمه للطامعين به، كنت أنا الغريب الفلسطيني أحمل سلاحي للدفاع عن لبنان. وقد استشهد أخي بجانبي وهو يؤدي المهمة إياها. فأنا وأخي الشهيد كنا ندافع عن لبنان ضد المُخربين الذين صاروا اليوم يحاكموننا ويُحالفون العسس ضدّنا؟
اسألوا الجريح المطعون، لبنان، أينا أقرب إلى روحه وقلبه وأينا أقرب إلى مصلحة الأمة العليا، وأينا عدوّ لاسرائيل واليهود.
بعد الشهادة الأُلهية من عيسى بن مريم، منذ 2000 سنة، ليس يضير الحزبّ ولا يضيرني أنا أن أكون سامرياً من فلسطين طالما الحزب والعقيدة والقسم تجعلني مواطناً مُدركاً وصالحاً.
إن وجودي في لبنان، وضمن الحزب هذا، هو حدب على جراح لبنان المدمّى، وهو سكب زيت وخمر على الجروح والقروح، فيما أعمال أدعياء اللبننة الكاذبين هي أعمال اللصوص الذين اعتدوا على المسافر المنفرد.
أيُّها السادة، إليكم أجوبتي على اسئلتكم:
نعم أنا من الحزب، ونعم اشتركت في الأعمال التي طُلب منّي تنفيذها. ونعم استحق أن أُعاقب طالما قد فشلنا في استنقاذ لبنان من هول المصير الصهيوني الذي يرتقبه. نحنُ الفلسطينيين السابقون وأنتم اللاحقون، إلا إذا استنقذتكم النهضة القومية الاجتماعية السورية.
وشكراً.
هوامش:
(1) شغل مركز الحزب شقة في منطقة الزلقا
(2) كامل حسان: مراجعة النبذة المعممة عنه في قسم "من تاريخنا" على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
(3) خليل دياب: كما آنفا.
(4) نبيل رياشي: كان انتمى في الجامعة اليسوعية، تولى مسؤولية مدرب فيها ونشط حزبياً، ثم توقف. شقيقه الأمين شوقي رياشي.
(5) أم صلاح: والدة الرفيق صلاح قهوجي الذي كان شارك في الثورة الانقلابية. خرج مع العفو، ثم غادر إلى مدينة ديترويت، واستقر فيها إلى أن وافته المنية.
(6) موسى مطلق ابراهيم: مراجعة قسم من تاريخنا على الموقع المذكور آنفاً.
(7) ميشال خوري: من الجنوب السوري، شارك في عملية الافراج عن الامين شوقي خيرالله الموقوف في ثكنة الفياضة، وشارك معه في العملية الرفقاء: اوغست حاماتي، جوزف "يوسف" عقل الياس، وعادل اندراوس.
(8) تمّ نقل الأمناء والرفقاء المحكومون بالإعدام إلى أقبية سجن الرمل، ولم ينقلوا منها إلا بعد احتجاجات كثيرة واضرابات عن الطعام.
|