" من سومر الى اوغاريت، ومن سورية الى العالم.
" من الدولاب الى العالم.
" الوجود السوري المنتشر في بلاد الله الواسعة.
" الاغتراب ودور المغتربين. الهجرة وعواملها: أسبابها ونتائجها.
" التشعّب في اصقاع الأرض.
" اسطورة المغتربين.
" تواجدهم ضمن المجتمعات المضيفة.
" فقدانهم للغتهم القومية وضعف روابط الولاء.
" اهمال الحكومات المركزية وعدم اهتمامها بالجاليات المهاجرة.
" تأثر المغتربين بالتيارات الفكرية الغربية ممّا يسبب ضياعهم.
" ابتعادهم عن الوطن الذي منه كانوا.
" الاثم الكنعاني وفعله فيهم.
" تأطيرهم والاستفادة من إمكانياتهم العلمية والإقتصادية والمالية وربطهم بالوطن الأم .
" المغتربون يحملون قيمنا الحضارية ومثلنا العليا وثقافتنا العميقة .
" يجب توثيق الروابط بينهم وبين وطنهم الأم لأنهم يمثلون مصالح إقتصادية وسياسية واجتماعية . " على الدولة المركزية العمل على صيانة هذه المصالح وتنسيقها والإستفادة منها .
" هذه المصالح لا تثبت ولا تنمو ولا تستمر إلا بقدر ما تكون الدولة راقية وقوية وباذلة الجهد لتعميق مفهوم الترابط الدائم بين جناحي الأمة، المغترب والمقيم، لأنه، في عدم الإقدام على ذلك، تنكّر للقيم الحضارية التي يحملونها إلى مغترباتهم ويعيدونها وزنات إقتصادية وعلمية ومالية وافرة، تستفيد منها الأمة أيما استفادة.
*
تتصارع الأمم الجبّارة الخلاقة الكائنة في` معطيات تطوّرها التاريخي وحيويتها الداخلية، فتصدّر فائض القوة فيها إلى الدول المجاورة حاملة معها كنوزها الدفينة لتشركها في قيمها ومثلها كي تصبح، تلك الفضائل الذاتية، جامعاً مشتركاً قومياً وإنسانياً وعلى وسع العالم كلّه.
لقد عرفت سورية، عبر تاريخها، غزوات وفتوحات، كان أغلبُها تدميرياً وتخريبياً، على عكس ما كانته سورية في فتوحاتها العظيمة التي حملت معها حضارات لم يعرفها العالم قبل ذاك، فكانت تلك الفتوحات راقية بامتياز تذخر بالعلوم والمعرفة والفكر والفن والفلسفة.
وإذا نظرنا إلى واقع سورية اليوم، نظرة واقعية واعية مسؤولة، على ضوء الأحداث التي تعصف بها مدمّرة حاضرها ومستقبلها ومصيرها، ووجودها على خريطة العالم، تجرّها من هاوية إلى هاوية ومن كبوة إلى كبوة، وتهجّر بالتالي ثرواتها البشرية العلمية إلى أصقاع الأرض، لرأيناها تعيش على سوية الغرائز والأحقاد والضغائن، يغذّيها عامل خارجي، وتنفّذها أياد داخلية، سورية التي أعطت الشرائع الأولى على حمورابي والشرع الأول مع كنعان والأبجدية على قدموس، سورية التي كانت جوهرة الشرقين والغرب ودرة العالمين، نراها شلواً مثخناً بين الذئاب الكاسرة المتوحّشة !!!.
فأين هو شعب سورية، من مسرى الأحداث فعله في تغييرها بدل الإنصياع لها وقبولها كأنها القضاء والقدر ؟؟؟.
وعلى ضوء ذلك يشهد العالم كله، وعلى لسان مؤرّخيه، أن الإنسان له وطنان: البلاد التي وُلِد فيها وسورية !!! سورية التي علّمت الإنسان المجتمعي على الإرادة الحرّة وعلى العزيمة الصادقة فكانت له مواقف عزّ في المجابهة والتحدي.
فالهجرات التي أبحرت من شواطىء سورية إلى العالم المعلوم والمجهول، حملت معها وزنات غنية بالعلم والمعرفة، فعمّر السوريون الأمصار التي نزلوها، كما انخرطوا انخراطاً كلياً بالمجتمعات المضيفة، وتبوّأ العديد منهم مراكز متقدّمة على مستوى رئاسات الجمهورية وعضوية مجالس الشيوخ والنواب والوظائف العليا وفي مؤسسات العلوم الفضائية، ولا ننسى نشاطاتهم ونجاحاتهم المميّزة في التجارة والصناعة والإختراعات، وغير ذلك.
وبالرغم من تلك النجاحات هناك، فإن المغتربين السوريين لم يتنازلوا عن ولائهم للوطن الذي منه كانوا، والذي له عليهم حقّ الوفاء وواجب التضحية والفداء، وذلك لأن "الإثم الكنعاني" كان ولا يزال فاعلاً في نفوسهم وعقولهم ومشاعرهم، في أدبياتهم وعلمهم وفلسفتهم، فلم يتنكّروا لوطنهم الأم ولم يتنازلوا عن هويّتهم التاريخية، ولئن شاب ذلك بعض من وهن، ظهر في عدّة نتوءات هنا وهناك.
أمّا الهجرات القسرية التي عاصرت سورية، نتيجة الغزوات التدميرية القاتلة، وخصوصاً زمن عصر الإنحطاط 1516 – 1916، وهجرة الأدمغة والمتعلمين والأطباء والصحافيين والأدباء والشعراء، فلم تُبعد هؤلاء عن أمتهم – أمهم، ولئن فصلتهم عنها المسافات والأبعاد والمحيطات، فلأنهم نقلوا معهم ثرواتهم الفكرية إلى حيث هاجروا، فأسّسوا الصحف في أرض الكنانة، كما أنشأوا الجمعيات الفكرية الناشطة كجمعية "أهل القلم" في نيويورك "والعروة الوثقى" في البرازيل، وطبعوا العديد من الصحف العربية في كافة الأرجاء.
لكن النزوح القسري الذي طرأ في الفترة الأخيرة (2011)، كان غيره عمّا سبق، حيث جاء نتيجة مخطّط تدميري موصوف، يُفضي إلى تفريغ سورية وتفقيرها وإركاعها للإستسلام والإستعباد وإنشاء دويلات مذهبية متناحرة متقاتلة، إلى ما شاء الله، لا تقوم معها للدولة المركزية أية قيامة نهضوية تليق بها الحياة الحرّة الجيّدة العزيزة ...
ومهما يكن، فإن دور الحكومة المركزية أساسي في تعزيز الترابط الضروري، بين جناحي الوطن: المقيم والمغترب، وهو كامن في إعادة ثقة المغتربين بحكومات بلادهم الأصلية كي يشتركوا، بثرواتهم الهائلة، في إعادة إعمار ما خرّبته الوحوش البربرية والحركات الهمجية المدمّرة.
وعلى البعثات الدبلوماسية السورية في الخارج، إعادة لم شمل المغتربين ودعوتهم الى تسجيل الولادات والوفيات في السجلات الرسمية، وإعطاء الجنسية لمواطنيها الذين يستحقون، وإنشاء مراكز ثقافية، وتعيين قناصل للجاليات السورية حيث لا توجد بعثات دبلوماسية، وإذا لم تفعل إرادتنا نحن، بحريّتنا نحن، لبناء نظام طليعي يكون على مستوى تحدّيات المرحلة، مستنداً إلى العلم والإختصاص والشهادات العليا ليعيد للأمة حيويتها وقوتها ويسير بها نحو الفعل الخالق وسبيل الإبداع لتحقيق الذات، بعيداً عن المحاصصات الطائفية المذهبية التي يعمل عليها ويغذّيها أعداء سورية، فعبثاً يحاول أولئك الذين يستغلون شعارات برّاقة ويعملون على تطبيق عكسها.
إننا ندعو مغتربينا، إلى الإنخراط الفاعل ضمن نشاطات مختلفة في المجتمعات المضيفة: إنسانياً (الصليب الأحمر – الهلال الأحمر)، رياضياً (النوادي والفرق الرياضية)، أدبياً وشعرياً وفلسفياً في كافة النشاطات المماثلة بغية إغناء المجتمعات المضيفة بما يحمله مغتربونا من فضائل وحضارة وعلوم وفن وفلسفة.
على هؤلاء المغتربين، العمل على إنشاء نوادٍ تجمعهم مع أهل البلاد الأصليين كي لا يتولّد عندهم شعور في أن المغتربين طفيليون وطارئون ودخيلون، يأخذون خيراتهم ويتمتعون بثرواتهم، بينما هم يعانون من الفقر والعوز والحرمان والجوع والجهل والتخلّف بما لا يطاق...
المغتربون السوريون، هم أوكسجين حياة الأمة، يردف رئة الوطن بالمكوّنات المنشّطة النافعة، فلتعمل حكوماتنا على الإستفادة من هذه الكنوز وتحوّلها إلى إمكانية فاعلة للأفضل والأحسن والأكمل.
وفي الخلاصة، ونحن أمام لوحة المطلق، حيث تسبح النجوم، وتسرح الكواكب، وتتحرّك الأجرام السماوية، تُظلّل سورية، وتبقى سورية، شمساً ناصعة تشعّ وتنير ...
|