تزايدت التساؤلات المحلية والإقليمية والدولية حول مستقبل تحالف قوى 14 آذار اللبنانية الحليفة لإسرائيل والغرب بعد الهزيمة الثقيلة العيار التي تعرضت لها مؤخراً على يد المعارضة الوطنية اللبنانية.
* قوى 14 آذار: الأداء السياسي النوعي "غير المسبوق":
شهدت الساحة العربية خلال الفترة الممتدة من نكسة حزيران 1967م وحتى لحظة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري الكثير من حالات ظهور الأطراف العربية التي قبلت التعامل والتعاون مع إسرائيل، وبرغم ذلك فقد ظلت هذه الأطراف تمارس الكثير من التكتم والسرية المطلقة على "الطابو" الذي قامت بانتهاكه، إلا قوى 14 آذار وحكومة السنيورة التي حاولت أن تجعل من العمالة لإسرائيل برنامجاً سياسياً – اقتصادياً – اجتماعياً، يعزز من قدرة الحضور الإسرائيلي في الساحة السياسية اللبنانية والشرق أوسطية.
الأداء السياسي كما تشير معطيات الأداء السلوكي حاولت من خلاله قوى 14 آذار المجاهرة بما هو محرم وغير أخلاقي في السياسة العربية، ولم يعد سراً أو حتى شيئاً مخجلاً لزعماء قوى 14 آذار تناول أجهزة الإعلام العربية والإسرائيلية العالمية لعلاقاتهم وروابطهم ليس بالزعماء السياسيين الإسرائيليين فقط وإنما بأجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية.
* ما هو مصير قوى 14 آذار في ظل توازن القوى الجديد؟
عندما تنتهي المعارك الرئيسية ويتم حسم الصراع فإن تداعيات نتائج المعارك تبدأ وتمارس حضورها المتواتر في الساحة السياسية وعادة ما يكون وقعها "ثقيل الوطأة" على رأس الأطراف المهزومة.
يتكون تحالف قوى 14 آذار من الأطراف التالية:
• تيار المستقبل: زعيمه سعد الحريري، سني الانتماء، وله 34 نائباً.
• الحزب التقدمي الاشتراكي: زعيمه وليد جنبلاط، درزي الانتماء، وله 15 نائباً.
• القوات اللبنانية: زعيمها سمير جعجع، مارونية الانتماء، لها 5 نواب.
• تجمع «قرنة شهوان»: لها 6 نواب ويغلب عليها الانتماء المسيحي الماروني و يضم:
* حزب الكتائب – أمين الجميل.
* حزب الوطنيين الأحرار – داني شمعون.
* حركة الاستقلال (نائبين).
* المستقلون (4 نواب).
• التكتل الطرابلسي: له 4 نواب (3 مسلمين وواحد مسيحي).
• التجديد الديمقراطي: له نائب واحد مسلم.
• اليسار الديمقراطي: له نائب واحد مسيحي.
• حزب رامغافار: له نائب واحد أرمني.
• حزب هونخاكيان الاشتراكي الديمقراطي: له نائب واحد أرمني.
• التكتل الوطني اللبناني.
• الحركة الشيعية الحرة.
وبإلقاء نظرة على هذه الخارطة نلاحظ أنها تتكون من كيانين رئيسيين هما تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، أما بقية الكيانات فهي إما صغيرة الوزن والحجم السياسي كالقوات اللبنانية وكتلة طرابلس وحزب الكتائب، أو أنها شراذم تعاني من انعدام الوزن السياسي لولا "الضجة والهالة" التي نسجتها حولها أجهزة الإعلام اللبناني ا.
هذه الخارطة غير المتوازنة التي تمت لملمتها على عجل عن طريق المحافظين الجدد وتحديداً الفريق اليهودي – الأمريكي الذي كان موجوداً في لبنان خلال اندلاع المظاهرات التي أعقبت اغتيال الحريري، والذي تقول المعلومات والتسريبات الواردة عنه بأنه:
• وصل لبنان من أوكرانيا حيث كان يشرف على إدارة تفاعلات ما عرف بـ"الثورة البرتقالية".
• يتكون من خبراء في مجال تحريك و"تنظيم الاحتجاجات المدنية" الهادفة إلى ربط مستقبل الدول بالمشروع الأمريكي – الإسرائيلي.
• تمت استضافته في أحد المباني التابعة لتيار المستقبل الموجودة في العاصمة بيروت.
* أبرز التساؤلات حول مستقبل قوى 14 آذار:
ما هو تأثير الهزيمة على مستقبل قوى 14 آذار؟ وما هو تأثيرها على العلاقات بين الكيانات المنضوية تحت لواء قوى 14 آذار؟ وما هو تأثيرها على العلاقة بين أنصار وزعماء هذه القوى؟ وهل سيستمر زعماء قوى 14 آذار في برنامجهم "غير الاقتصادي" و"غير السياسي"، القائم فقط على استخدام الإعلام في تسويق العداء ضد سوريا وإيران واتهام حزب الله وفصائل المقاومة الوطنية اللبنانية بأنهم تابعين لسورياوايران؟
بالطبع عندما تحدث الهزائم لا بد من النقد والنقد الذاتي. فهل سيتواضع غرور "الشيخ سعد" و"وليد بيك" في تقديم النقد الذاتي ومحاولة التعرف على عوامل الضعف التي أدخلتهم في نفق الهزيمة السياسية؟
تقول المعلومات والتسريبات بأن علاقات زعماء قوى 14 آذار قد شهد على خلفية هزيمة 9 أيار ما يلي:
• تحالف سعد الحريري – فؤاد السنيورة في كيل الاتهامات ضد حليفهم الرئيسي وليد جنبلاط.
• إعلان زعيم «القوات اللبنانية» انتقاداته العلنية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي.
• محاولةامين الجميل زعيم حزب الكتائب تبني خياراً وسطاً يقوم على المطالبة بالحوار والتهدئة مع الأطراف الأخرى.
• غياب صوت "الشراذم الصغيرة" التي كانت تنضوي تحت لواء قوى 14 آذار وكأن الأمر لا يعنيها والتفسير الوحيد لهذا الصمت هو رغبتها النأي بنفسها عن المسؤولية والهزيمة وترك الحريري والسنيورة وجعجع وجنبلاط يتمرغان في وحلها.
أزمة هزيمة 9 أيار سيترتب عليها الكثير من التداعيات التي ظهر منها حتى الآن:
• صعود تيارات سنية تعمل من أجل الحلول محل تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري.
• عزلة «القوات اللبنانية» وزعيمها سمير جعجع بعد مشاهدة اللبنانيين لقناصة سمير جعجع وهم يهرولون هلعاً من أسطح البنايات التي تمركزوا فيها وسط بيروت.
• تزايد الانشقاق والانقسام في منطقة جبل لبنان وبرغم انحسار احتمالات تصاعد المواجهات المسلحة بين أطراف الصراع في الجبل فإن الفصيل الأساسي في الحزب التقدمي الاشتراكي سيجد نفسه في مواجهة معركة سياسية واسعة مع الأطراف الأخرى الرافضة لزعامة جنبلاط ولتوجهاته السياسية
ليس هناك من سبيل أمام زعماء قوى 14 آذار سوى العمل من أجل تجديد برامجها السياسية، ومشكلة المشاكل التي سيواجهونها في هذه العملية هي التخلي عن العداء لسوريا وحزب الله وإيران، وفي هذه الحالة ستتخلى عنهم بالمقابل أمريكا وإسرائيل أو الاستمرار في العداء لسوريا وحزب الله وإيران، وهو الطريق الذي دفع الشعب اللبناني إلى أن يتخلى عنهم، أو التخلي عن التحالف مع أمريكا وإسرائيل وفي هذه الحالة سيكون أمامهم مواجهة حقيقة أنه في لبنان لابد من سويا والمقاومة وإن طال السفر.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
|