يبتدع الخبراء اليهود الأمريكيون كل يوم وسيلة جديدة لاستهداف سوريا وعلى وجه الخصوص ذوو التوجهات الليكودية، وقد تفاقمت هذه الظاهرة إلى المستوى الذي يرتقي لمرتبة "المرض العقلي" الفاصل.
*سوريا الكبرى: تحليل اليهودي ديفيد عيشيل:
نشر الموقع الإلكتروني الخاص بمجلة «ديفينس أبديت» التابع لوزارة الدفاع الأمريكية تحليلاً حاول فيه الربط بين ملف الجولان وملف سوريا الكبرى، وحاول أن يؤكد على أطروحة مثيرة للغرابة تحاول التأكيد على أن سوريا تسعى لاستعادة مرتفعات الجولان من أجل استخدامها كمنصة للانطلاق من أجل تنفيذ مشروع سوريا الكبرى.
هذا، وقد تضمن تحليل عيشيل النقاط الآتية:
• يعاني رئيس الوزراء إيهود أولمرت من حالة ضعف كبيرة بسبب الفضيحة المالية التي تورط فيها وحالياً يحاول استخدام ملف السلام مع سوريا من أجل التغطية على هذه الفضيحة.
• تسعى سوريا لاستغلال ضعف أولمرت من أجل استعادة الجولان.
• يعاني التحالف السوري – الإيراني من التصدعات بسبب:
* المحادثات غير المباشرة السورية – الإسرائيلية.
* عدم إشراك السوريين للإيرانيين في الأنشطة النووية السورية.
• تحالف سوريا – إيران يعزز المصالح السورية وذلك:
* لجهة التداعيات الاستراتيجية.
* لجهة المنافع الاقتصادية.
• إذا سعت سوريا من أجل الحصول على الدولارات الأمريكية على غرار النموذج المصري في مرحلة ما بعد اتفاقية كامب ديفيد فإن على سوريا أن تدفع ثمناً غالياً أقله علاقاتها مع إيران.
• حددت إسرائيل محادثاتها مع سوريا أولاً وقبل كل شيء من أجل إبعاد دمشق عن كل من طهران وموسكو.
وبعد هذه النقاط تساءل عيشيل قائلاً هل تسعى سوريا حقيقةً باتجاه التخلص من "الدب الشيعي" المتشبث بها؟ ويحاول الإجابة على ذلك بأن سوريا تقوم بالمناورة من أجل إحداث التبديل في الطموحات الوطنية في استراتيجية سوريا الطويلة الأجل.
* سيناريو ديفيد عيشيل المفترض:
يقول تحليل عيشيل مفترضاً: إذا نجح أولمرت في إنجاز ما هو مستحيل ووافقت إسرائيل على الانسحاب من الجولان فإن مئات آلاف السوريين سيتم فوراً توطينهم في الجولان وستقوم سوريا بتحفيز مواطنيها الذين ينتقلون إلى الجولان. ويضيف عيشيل بأنه بمجرد أن يصبح الجولان تحت سيطرة دمشق، فإن الخطوة التي تلي ذلك ستتمثل في العمل على تحقيق الطموحات القومية بدءاً بإنشاء مقاومة مسلحة ضد إسرائيل وستمارس هذه المقاومة المسلحة عملياتها ضد أجزاء إسرائيل الشمالية وستتملص دمشق من أي مسؤولية عن العمليات التي ستقوم بها هذه المقاومة المسلحة في داخل إسرائيل على غرار المقاومة المسلحة التي كانت تحدث في الشمال الإسرائيلي وكان السوريون يقولون بأنهم غير مسؤولين عنها طالما أنها تتحرك من لبنان.
* ديفيد عيشيل ومحاولة المماثلة بين النماذج التاريخية:
يحاول عيشيل تصور وجود نموذج جيو-سياسي سوري ستحاول دمشق التحول والانتقال إليه عن طريق تبديل استراتيجيتها الكلية واستراتيجيتها الجزئية في منطقة الشرق الأوسط.
استعرض عيشيل نموذج بلاد الشام ونموذج سوريا الكبرى واستبعد النموذج الأول مركزاً على الثاني وأشار إلى أن القوميين السوريين رفضوا خلال فترة الحكم الاستعماري الفرنسي الاعتراف بالتقسيم الذي أدى إلى فصل لبنان وفلسطين والأردن عن سوريا، ويضيف قائلاً بأن القوميين السوريين كانوا يطلقون على هذه المناطق اسم الجزء الغربي من سوريا الكبرى.
ويحاول عيشيل تأكيد وجهة نظره بالقول أن القوات السورية في حرب عام 1948م كانت تسعى من أجل فرض سيطرتها على الأجزاء الشمالية من فلسطين بمجرد انسحاب البريطانيين منها لضمها إلى سوريا وليس لإعادتها لفلسطين.
يخلص عيشيل في نهاية تحليله زاعماً أن دمشق تسعة لاستعادة الجولان –مثلث الجليل حسب تسمية عيشيل- عن طريق الوسائل السلمية، ومن ثم تهدف دمشق إلى استخدام مرتفعات الجولان بما يعزز القدرة الجيو-سياسية العسكرية السورية لأن من يسيطر على هذا المثلث يستطيع السيطرة على الأراضي الفلسطينية ولبنان والأردن. كذلك يشير عيشيل إلى مرتفعات الجولان تمثل المنطقة الاستراتيجية الأكثر أهمية في نقطة تقاطع والتقاء القارات الثلاثة.
عموماً، حاولت جماعة المحافظين الجدد وغيرهم من عناصر جماعات نخبة اليهود الأمريكيين التسويق لمشروع الشرق الأوسط الكبير ثم تحولوا إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد بافتراض أن أمريكا ستشرف على إعادة ترسيم خارطة المنطقة بافتراض أن نتائج الصراعات العالمية يترتب عليها دائماً إعادة ترسيم الخرائط مثلما فعلت الحرب العالمية الأولى والثانية بمناطق الشرقين الأدنى والأوسط وأوروبا، ويقوم افتراض جماعة المحافظين الجدد على أن انتصار أمريكا في الحرب الباردة لابد أن يترتب عليه إعادة تقسيم الشرق الأوسط باعتبارها إحدى النتائج الضرورية لحسم الحرب والصراع. ولكن، تحت وطأة الإحساس بالفشل أو الإدراك بدنو أجل إدارة بوش وجماعة المحافظين الجدد فقد بدأت معطيات نظرية المؤامرة تتحرك في الاتجاه الآخر داخل أذهان هذه الجماعة ولم يعودوا يتحدثون عن مشروع أمريكي يستهدف المنطقة وإنما أصبحوا يتهمون الأطراف الأخرى بالسعي لتنفيذ مشروعها في المنطقة
|