الجمل: خلال مجرى العملية العسكرية الأخيرة ضد قطاع غزة، انطلقت الصواريخ من جنوب لبنان مستهدفة شمال إسرائيل وذلك على النحو الذي استدعى للأذهان احتمالات تكرار سيناريو حرب صيف العام 2006م بما يؤدي إلى إعادة إنتاجه ضمن سيناريو حرب شتاء 2009. هذا، وبرغم توقف العملية العسكرية ضد قطاع غزة فإن الاحتمالات وإن كانت منخفضة من جهة إزاء قيام الآلة العسكرية الإسرائيلية بتنفيذ عملية عسكرية ضد جنوب لبنان فإنها مرتفعة من الجهة الأخرى إزاء قيام الآلة الدبلوماسية الإسرائيلية بتنفيذ عملية دبلوماسية ضد جنوب لبنان.
* المواجهة اللامتماثلة بين منصات الصواريخ ومنصات الدبلوماسية:
بعد انطلاق الصواريخ نفى حزب الله مسؤوليته عنها وتحدث الرئيس بيريز بأن معلومات تل أبيب تقول أن جماعة غير حزب الله هي التي أطلقت الصواريخ ولكن برغم تصريح الرئيس الإسرائيلي وتصريح رئيس الوزراء اللبناني القائل أن بيروت ستحقق في الأمر برزت الحقائق الآتية:
• إطلاق المدفعية الإسرائيلية نيرانها على مصدر إطلاق الصواريخ إضافة إلى تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق الأجواء اللبنانية.
• تصريحات رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة التي أشارت إلى أن إطلاق الصواريخ يشكل انتهاكاً للقرار الدولي 1701.
وعلى هذه الخلفية نلاحظ:
• أن السنيورة لم يشر إلى قرارات مجلس الأمن وإنما اختص بالإشارة قراراً واحداً.
• برزت بعض المصادر الإسرائيلية التي حاولت التأكيد لجهة أن حزب الله اللبناني قام بإطلاق الصواريخ وبأن إسرائيل تفادت رسمياً تأكيد ذلك لجهة أن لا مصلحة لها في فتح جبهة جديدة في الشمال اللبناني قبل الفراغ من جبهة غزة.
تصريح السنيورة انتقلت عدواه إلى الولايات المتحدة وتحديداً معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والتابع للوبي الإسرائيلي الذي بدوره أكمل السيناريو الذي بدأه السنيورة، أو بالأحرى ونفذ مشهده الأول.
تطرقت ورقة الرصد السياسي التي أصدرها المعهد فيما يتعلق بجنوب لبنان إلى النقاط الآتية:
• إن القرار الدولي رقم 1701 لم يتم حتى الآن تنفيذه بالكامل.
• إن حزب الله برغم وجود القوات الدولية في الجنوب ما يزال قادراً على تعزيز قدراته العسكرية بما يعزز قدرته على إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل.
• إن القوات الدولية ما تزال غير موجودة على امتداد خط الحدود السورية – اللبنانية.
• بجانب حزب اله فإن العديد من معسكرات الفصائل الفلسطينية المسلحة تنتشر على جانبي الحدود السورية – اللبنانية.
• حتى الآن، تعتبر الحدود السورية – اللبنانية واقعة خارج نطاق سيطرة القوات الدولية وقوات الجيش اللبناني.
• إضافة لإطلاق الصواريخ تم اكتشاف العديد من مخابئ الأسلحة في الجنوب.
• نفذ حزب الله مناورة كبرى استمرت ثلاثة أيام في الجنوب ورأى الحزب بعدم ضرورة التنسيق مع القوات الدولية طالما أن المناورة لا تتضمن وجود العناصر المسلحة.
كل هذه الحقائق والوقائع تشير إلى أن تل أبيب ستسعى إلى إطلاق عملية دبلوماسية ضد لبنان وبكلمات أخرى فإن الهدف المعلن للعملية الدبلوماسية الإسرائيلية هو لبنان أما هدفها غير المعلن فهو سوريا.
على الأغلب أن تكون تل أبيب قد أكملت التنسيق مع واشنطن إضافة إلى القاهرة ونجمها الصاعد أحمد أبو الغيط الذي يحاول الآن القيام بدور "جون بولتون" الجديد.
* هل من عملية إسرائيلية جديدة ضد حزب الله؟
نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية بعض التسريبات من مصدر امتنعت الصحيفة عن ذكر اسمه وأشارت هذه التسريبات إلى النقاط الآتية:
• كشف تبادل المعلومات الاستخبارية بين تل أبيب وبعض العواصم الأوروبية عن وجود مخطط لتنفيذ عملية كبرى ضد الأهداف الإسرائيلية.
• إن حزب الله هو الطرف المعني بالتخطيط والتنفيذ لهذه العملية.
• تعتقد التخمينات وتقديرات الموقف الاستخبارية الإسرائيلية بأن يوم 14 شباط 2009 القادم والموافق ليوم اغتيال عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله هو التاريخ المحدد لتنفيذ العملية.
• يعد تنفيذ هذه العملية الرد الانتقامي لاغتيال مغنية وسيسعى حزب الله لتنفيذ سلسلة من الهجمات ضد المصالح الإسرائيلية المنتشرة في العديد من أنحاء العالم.
• خلال العام الماضي خطط الحزب لاستهداف السفارة الإسرائيلية في أذربيجان ولكن المحاولة فشلت بسبب اكتشاف المخابرات الأذربيجانية للعملية قبل وقوعها.
• توجد وحدة تابعة للحزب تعمل داخل إسرائيل وهي تحمل اسم "الوحدة 1800" ومن المحتمل أن تقوم هذه الوحدة بالانخراط بنشاط في تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية داخل إسرائيل.
• أخبرت المخابرات المصرية الإسرائيليين بأنها قد فككت خلية تابعة للحزب كانت تتمركز في سيناء بقيادة اللبناني سامي شهاب ومعه بعض الفلسطينيين وكانت هذه الخلية تهدف لتنفيذ العمليات المسلحة داخل إسرائيل عن طريق التسلسل عبر الحدود المصرية – الإسرائيلية.
عموماً لا يستطيع أحد أن يثبت أو ينفي احتمالات قيام الحزب بتنفيذ العمليات ضد الإسرائيليين خاصة وأن حق الحزب في المقاومة والدفاع عن النفس ما زال قائماً:
• ما زالت إسرائيل تحتل مزارع شبعا ومناطق كفر شوبا.
• ما يزال للحزب حق الانتقام من إسرائيل لاغتيالها عماد مغنية برغم توقف إطلاق النار والقرارات الدولية وتمركز قوات اليونيفيل.
لكن برغم ذلك، يبقى السؤال الأساسي متمثلاً في هل سيقوم الحزب بتنفيذ المزيد من العمليات العسكرية ضد إسرائيل، أم أن إسرائيل تسعى إلى تنفيذ المزيد من العمليات السرية في الساحة الأوروبية وتحميل مسؤوليتها على عاتق حزب الله وذلك على النحو الذي يتيح لإسرائيل الظهور بمظهر "الضحية" أمام المجتمع الدولي وتحديداً المجتمع الأوروبي الذي أصبح أكثر انتقاداً وعداءً لإسرائيل بعد مجزرة غزة.
|