من الرفقاء الذين عملوا في الصحافة والإعلام في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، وكان لهم حضورهم ونشاطهم، ويذكرهم الرعيل القومي الاجتماعي الذي نشط إعلامياً في تلك السنوات، أمثال الامناء انطون غريب، شوقي صوايا، محمود غزالي، والرفقاء وفاء نصر، حسين قطيش، الياس مقدسي الياس، ذو الفقار قبيسي وغيرهم، نذكر الرفيق فرنسوا غصن، ابن ضهور الشوير، الذي برع في الكثير من المؤسسات الاعلامية التي أنشأ او شارك فيها.
كنت قرأت في كتاب الامين محمود غزالي "من حواشي العمر" المقطع التالي عن الرفيق فرنسوا غصن: "في هذا الوقت أطل فرنسوا غصن بأسبوعيته "النهضة" ليسهم في نشر الفكر القومي الاجتماعي، ويرفق جريدته في كل مناسبة حزبية بصورة للزعيم هي بمثابة هدية "النهضة" الى قرائها".
وصدف منذ ايام ان كنت اراجع عدد مجلة "الصحافة اللبنانية"(1) الصادر في كانون الاول عام 2001، إذ لفتني مقالاً للامين محمود غزالي بعنوان :
" فرنسوا خليل غصن، صحافيون في رجل: وكالات انباء .. وصحف.. ودليل لـ بيروت ".
تعريفاً عن "الصحافيون" الرفيق فرنسوا غصن ننقل بالنص مقالة الامين محمود غزالي.
ل. ن.
*
تسلم فرنسوا خليل غصن عام 1946 مشعال الصداقة اللبنانية – المصرية من الشيخ بشارة الخوري في قصر القنطاري، بحضور رئيس جمعية الصداقة اللبنانية المصرية الرئيس صائب سلام، وسلّمه الى الملك فاروق الاول في قصر القبّة يوم الحادي عشر من شباط.
ويقول فرنسوا إن جمعية الصداقة اللبنانية المصرية حاولت ان تكون جسر التبادل بين حضارتين: حضارة بلاد الابجدية التي وزعت الحرف على العالم، وحضارة بلاد النيل التي أعطت ورق البردي.
في مصر تسلّم الملك فاروق الاول مشعال الصداقة من فرنسوا غصن، ومنحه وسام "نوط الجدارة" .
وفي العام 1996 (اي بعد خمسين سنة) قررّ فرنسوا ان يتمسك بمشعال الحضارة في بلاده، فأسس جمعية "سينار" الثقافية مع نفر من اصدقائه. وحين جاءه موظفان من مديرية الامن العام للاستفسار عن سرّ "سينار" ابلغهما انه اختار هذا الاسم، لانه أطلق على اول مدرسة في التاريخ، نشأت مع قيام الابجدية لتعلّم حملة الحرف كيف يقدّمونه الى العالم كأول وسيلة حضارية للتخاطب بين الامم.
وما بين هذين الحدثين كانت لفرنسوا غصن جولات في الصحافة والثقافة والعلاقات العامة، تمحورت جميعاً حول الحضارة التي كانت معلّمة البشرية.
ولد فرنسوا في الشوير سنة 1920، وتلقى دروسه الإبتدائية في مدرسة ضهور الشوير، ودروسه التكميلية في بعبدات ثم في سوق الغرب، والثانوية في المدرسة الإنجيلية السورية (الجامعة الاميركية) والمدرسة الفرنسية (Ecole Francaise) والتي اصبحت لاحقاً "الانترناشيونال كولدج" ثم في مدرسة عينطورة والمدرسة الجامعية في القاهرة، حيث درس سنة واحدة مادة الحقوق، عاد بعدها الى بيروت ليدرس الاقتصاد السياسي في جامعة القديس يوسف وينال إجازة بذلك.
نال فرنسوا الدكتوراه من كلّية العلوم التطبيقية في لندن تقديراً لعمل رائع جاء نتيجة دروس وتجارب طويلة إنتهت بإصدار كتابه الفريد من نوعه في العالم – آنذاك، "دليل بيروت للتسوّق والتجارة" في السنة 1962 واخذ فيما بعد اسم "دليل بيروت" .
اتقن فرنسوا العربية والفرنسية والانكليزية، وألم بنسب متفاوتة بالالمانية والإيطالية.
بدأ حياته المهنية ملحقاً صحافياً في السفارة البريطانية في بيروت بين 1942 و 1948، ومنذ 1949 بات الوكيل الوحيد لمحطة الشرق الادنى للاذاعة العربية ومدير مكتبها المركزي في بيروت. في هذا الوقت أنشأ اول مطبوعة إقتصادية – تجارية بالعربية اسماها "الاسواق التجارية"، استمرت في الصدور الى 1952 حين تسلّم مسؤولية المدير العام لشركة الإعلانات المتحدة، وأصدر أسبوعية "النهضة" السياسية ثلاث سنوات، كان خلالها ممثلاً لوكالة انباء رويتر في لبنان وسوريا والسعودية والكويت، ومشرفاً عليها في فروع الاردن والعراق ومصر. وإنتقل بعدها الى تسلّم إدارة القسم التجاري لرويتر في وكالة الانباء العربية .
في السنة 1956 عمل مديراً عاماً لشركة الاعلانات الشرقية ثم رئيساً لتحرير "الهدف" الاسبوعي الإقتصادي، وتولى وظيفة مراسل "الدايلي اكسبرس" اللندنية، ثم مراسل "الدايلي ميل" في لبنان ومراسل "الفاينانشال تايمز" في بيروت وضابط إرتباط صحافي في سفارة المانيا الغربية، ثم مستشاراً شرقياً في السفارة المذكورة، ومراسل شركة "انترافيا" في الشرق الاوسط ومديراً للعلاقات العامة في شركة "لوفتهانزا" في الشرقين الاوسط والاقصى.
وإضافة الى إصداره "النهضة" و "الاسواق التجارية" و "دليل بيروت"، اصدر فرنسوا غصن "وكالة انباء بيروت" ومجلة "السائح" بالعربية والفرنسية والإنكليزية والالمانية.
وأنشأ "شركة إعلانات بيروت" واسس على هامش عمله الثقافي شركة النقل الجوي الداخلي (هليكوبتر)، وشركة "ف.خ. غصن وشركاه"، وشركة "مجموعة غصن العالمية".
عمل مراقباً للجرائد الاجنبية في السنتين 1957 – 1958، وقبل ان يتوفاه الله بسنة واحدة أنشأ جمعية "سينار الثقافية – الاجتماعية " سنة 1996.
التعريف بلبنان
في كتابه "دليل بيروت للتسوّق والتجارة" (اصدره سنوياً بين 1962 و 1975) برع غصن في التعريف بلبنان. فبعد ان تولى في كتابه الاول (350 صفحة) التعريف ببيروت وشوارعها التي أعاد رسمها شارعاً شارعاً، اتقن مهمة التعريف بالمؤسسات التي تقع في كل من هذه الشوارع، وقدم دليلاً بالعناوين والهواتف لهذه المؤسسات، ثم قدّم للقارىء عناوين المؤسسات الضرورية (مستشفيات، طوارىء، صليب أحمر، شرطة، مصارف، سفارات، جامعات، مؤسسات سياحية)، ثم نماذج التخاطب بين اللغات الاجنبية واللغة المحكية في لبنان، إضافة الى المكاييل والمقاييس وما يشابهها في لبنان، واجور السيارات الى المناطق، وقدم عرضاً للأمكان السياحية في الشتاء والأخرى في فصل الصيف، وأضاف المأكولات الخاصة (الكبّة، التبّولة، والمغلي، والمعمول، والحمص، والمرقوق).
كما قدم لمحة عن لبنان في التاريخ من أيام الكنعانيين الى الرومان واليونان والبيزنطيين والعرب والاتراك والانتداب الاوروبي الى الاستقلال واستشهد بالمواقع والحواضر التراثية مثل بعلبك وجبيل وصور وسواها.
وأفرد بضع صفحات عن "لبنان الاقتصادي" وميزاته في الحرية المصرفية والسرية المصرفية وابرز بنود الضمانات التي يوفرها القانون للرساميل الأجنبية المستثمرة في الشركات والمصارف على إختلافها، واعطى لمحة عن مطار بيروت الدولي والمرافىء اللبنانية.
والى المرافق الاقتصادية، عرض الكاتب للمرافق السياحية على تنوّعها في الساحل والجبل والبقاع، وتحدث عن ميزات كل منها، وأعطى بيروت حيّزاً كبيراً، فقدم لائحة باسماء المستشفيات والمصارف والسفارات ثم المطاعم الاوروبية والمطاعم الشرقية والملاهي ووكالات السفر والطيران.
وشرح الهندسة المعمارية في لبنان، وخصص منها هندسة بناء الفنادق والمؤسسات السياحية والإقتصادية.
وفي السنوات 1970 – 1975، أضاف فرنسوا غصن أقساماً جديدة الى كتابه السنوي، فضمنّه لمحة عن ابو ظبي، البحرين، قبرص، دبي، العراق، الكويت، قطر، العربية السعودية، سوريا، جمهورية مصر العربية" .
*
من مرويات الرفيق رفيق سليم حمزة انه انتمى الى الحزب عام 1943 في مديرية المنارة في بيروت، قبل ذلك كان يدعى لحضور حلقات ثقافية تقيمها منفذية بيروت، ويحاضر فيها الرفيق فرنسوا غصن.
|