إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لبنان على عتبة الأخطار... فما هو الحل الذي يمنعها؟

العميد د. أمين محمد حطيط - البناء

نسخة للطباعة 2015-09-03

إقرأ ايضاً


يقترب لبنان رويداً رويداً من الدخول في الحريق العربي الذي طالما تغنى البعض بالنأي بالنفس عنه أو تجنبه أو الطمأنينة إلى الضمانات الأجنبية التي تبقيه خارج دائرته. وقد كان في الاهتمام الإعلامي الدولي بالحركة الاحتجاجية اللبنانية ضد فساد الطبقة السياسية وما أفرزته من نفايات عضوية في الشوارع تحاكي طبيعتها التي أسميت بحق «نفايات سياسية» ثم الحديث عن مبادرة لمجلس الأمن لبحث هذه الحركة، كان في كل ذلك مؤشر لشيء كبير يتحضر للبنان، خصوصاً أننا نعلم أن مجلس الأمن لا يتدخل لمصلحة الشعوب المظلومة بل جل تدخله يكون عادة لخدمة المنظومة الدولية التي تمسك بالقرار الدولي خدمة لمصالحها على حساب الشعوب.

ومع هذا الخطر الداهم نرى أنه لا يزال أمام للبنان فرصة تكاد تكون وحيدة لتلافي الانفجار الذي يلحقه بالحريق العربي، فرصة يمكن استغلالها للخروج من المأزق الداخلي بما يقطع الطريق على التدخل الخارجي، نقول هذا على رغم قناعتنا بأن اللبنانيين أو لنقل أن من هم في السلطة في لبنان لا يملك جلهم قراره وهو خاضع في قراراته للإملاءات الخارجية، وعلى رغم ذلك نرى أنه وتحت الضغط الشعبي الذي بدأ يتشكل في الشارع، وتحت وطأة الخوف على المصالح، نرى أن هناك فرصة وإن كانت محدودة لقطع الطريق على المخاطر الآتية فكيف نستفيد منها؟

بداية يجب أن نسلم بأن الحل الذي يخرجنا من الخطر هو الحل الذي يشارك فيه الجميع، وإن لم يكن إجماع فعلى الأقل أوسع تمثيل للأطراف والطبقات الشعبية التي تؤيدها، حل يراعي الشرعية الدستورية والقانونية ويأخذ بالشرعية الواقعية في الآن ذاته فينطلق من الواقع لصنع شرعية تطابق النص.

فإذا أخذنا بهذه المبادئ فأننا نصل إلى اعتبار المؤسسات الدستورية الحالية أداة إطلاق حل يمكن استعمالها كرافعة للخروج من حالة الطعن بشرعيتها ودستوريتها والانطلاق منها لإعادة تشكيل السلطة بما يضمن العودة للشعب الذي هو مصدر السلطات.

وعليه فإننا ومع عدم إقرارانا بشرعية التمديد الذي حصل لمجلس النواب لانتفاء السند القانوني الصحيح، حيث أن الوكيل لا يجوز له العمل خارج حدود الوكالة ولا يجوز له تمديد وكالته، كما أن نظرية استمرار العمل بالمرفق العام أو قاعدة الضرورات تبيح لمحظورات لا تتوافر شروط أعمالهما ومع ذلك وبما أن التمديد حصل والمجلس موجود واقعياً فإنه يمكن اللجوء إليه في أمر وحيد هو فتح الطريق للعودة للشعب بانتخابات تجرى على أساس قانون انتخاب جديد عصري يضعه هذا المجلس فيتيح عدالة التمثيل والمساواة بين المواطنين، وإن كان ذلك متعذراً فيمكن للمجلس هذا أن يتخلى عن صلاحيته التشريعية للحكومة الحاضرة التي تقوم هي بالشأن.

وانطلاقاً من ذلك وأخذاً في الاعتبار نصوص الدستور وتعقيدات الواقع فإننا نرى أن الصلاحية الوحيدة الممكن القبول بها لمجلس النواب الممدد لنفسه هي إقرار قانون انتخاب وليس أي عمل آخر حتى لا نفاقم حالة الطعن بالشرعية وإن الواجب الرئيسي للحكومة القائمة هي إجراء الانتخابات وبأسرع وقت ممكن وتسيير أعمال الناس حتى تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات ولأجل ذلك فإننا نطرح الحل الذي نراه ملائماً للخروج من الأزمة ونستبق به مخاطر التدخل الأجنبي الذي بات يلوح في الأفق حل يمكن أن تعتمد له صيغة مما يلي:

الصيغة الأولى: تنطلق من الاحتفاظ بالمجلس والحكومة لمهمة محددة هي إعادة تشكيل السلطة بالعودة إلى الشعب مع إحياء مجلس الشيوخ وينفذ ذلك خلال ستة أشهر عبر ما يلي:

ـ قيام مجلس النواب بإقرار قانون انتخاب على أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي.

ـ تشكيل مجلس الشيوخ على أساس طائفي وإصدار القانون المناسب لذلك وفقاً لأحكام الدستور ومنح المكونات فيه حق الفيتو.

ـ إجراء انتخابات للمجلسين نواب وشيوخ في عملية اقتراع واحد في يوم واحد لكل لبنان.

ـ انتخاب رئيس الجمهورية فور تشكيل مجلس النواب بعد الانتخابات ويعطى مجلس الشيوخ في شكل استثنائي واتفاقي حق ترشيح 4 أشخاص لمنصب رئيس الجمهورية يختار مجلس النواب واحداً منهم رئيساً.

ـ تشكيل حكومة يختار رئيسها بالأكثرية المطلقة في كل من مجلسي النواب والشيوخ. وتنال الثقة بالأكثرية المطلقة من كل من المجلسين.

الصيغة الثانية: تشبه الأولى ولكن من غير مجلس الشيوخ ابتداء ويعمل بها كالتالي:

إقرار قانون انتخاب نسبي ولبنان دائرة واحدة مع المحافظة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين.

إجراء انتخابات عامة بمهلة شهرين من إقرار القانون.

انتخاب رئيس الجمهورية من قبل مجلس النواب المنتخب فور تشكيل مكتب المجلس.

تشكيل حكومة يختار رئيسها وتمنح الثقة بالأكثرية المطلقة من أعضاء مجلس النواب.

الصيغة الثالثة: وهي الأكثر دستورية وعدالة ولكنها كما نعتقد هي الأكثر رفضاً من الطبقة السياسية القائمة لذلك نطرحها مع عدم التعويل كثيراً على الأخذ بها وتقوم على ما يلي:

ممارسة الحكومة لصلاحية رئيس الجمهورية في تشكيل حكومة جديدة وتكليف رئيس حكومة انتقالية في لبنان لا يكون من الطبقة السياسية التي مارست السلطة منذ 1992.

تشكيل حكومة من 10 وزراء من الخبراء ورجال القانون والسياسة والاقتصاد مع عسكريين وأمنيين.

بعد نيل الثقة تمنح الحكومة صلاحية التشريع لمدة سنة في كامل المجالات.

يحل مجلس النواب الحالي مباشرة بعد منح الحكومة الثقة ومنحها صلاحية التشريع.

تتولى الحكومة وضع قانون انتخاب على أساس النسبية ولبنان دائرة واحدة.

تدعو الحكومة إلى انتخاب مجلس النواب بمهلة ستة أشهر من تاريخ وضع قانون انتخاب.

فور انتخاب مجلس النواب يتم انتخاب رئيس جمهورية بأكثرية الـ 2 3 وفي حال عجزه عن ذلك بمهلة شهر من تاريخ الدعوة الأولى يلجأ إلى الانتخاب المباشر من الشعب ويتحقق المجلس الدستوري من استيفاء شروط الترشيح بعد أن يتقدم صاحب العلاقة بترشيح حسب الأصول إلى مكتب مجلس النواب.

فور انتخاب رئيس الجمهورية بأي من الصيغتين تشكل حكومة جديدة تتولى إعادة النظر بالدستور وتطرحه على مجلس النواب باتجاه إقامة دولة المواطن القادرة والعادلة.

بعد تعديل الدستور بمهلة لا تتجاوز السنتين من تاريخ انتخاب مجلس النواب يصار إلى انتخابات جديدة على ضوء الدستور الجديد.

إن لبنان في أمنه ووجوده بدأ يهتز ونخشى أن نكون على عتبة 1975 جديدة أو 2004 أخرى، ونتوجه لمن سيلتقون في الحوار المفترض انعقاده في الأسبوع المقبل لنقول لهم سارعوا إلى الحل قبل أن يأتي الحل على حساب الوطن ولا حاجة لجدول أعمال فضفاض فيكفي أن تتفقوا على قانون انتخاب يعاد تشكيل السلطة بموجبه فتنقذوا لبنان.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024