إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هل يبقى أمن لبنان تحت السيطرة؟

العميد د. أمين محمد حطيط - البناء

نسخة للطباعة 2013-12-27

إقرأ ايضاً


بعد جملة من الأعمال الإرهابية والاختراقات المتنوعة للأمن اللبناني تصاعدت التساؤلات والمخاوف حول مستقبل الأمن في لبنان بخاصة في ظل تنامي حالة التعطيل والفراغ والإفراغ التي تشل المؤسسات الدستورية اللبنانية فضلاً عن المواقع الرسمية الحساسة على أكثر من صعيد أمني أو سياسي.

ويضاف هذا إلى تعاظم حجم الانخراط اللبناني في الازمة السورية ميدانياً والاشتراك المباشر في المواجهة العسكرية هناك سواء تحت عنوان «نصرة الشعب السوري» كما يدعي من يعادي القيادة السورية أو تحت عنوان «الدفاع عن النفس وعن محور المقاومة» كما يفسر حزب الله قتاله الدفاعي في بعض المناطق السورية.

والسؤال المطروح الآن وبشدة يتمثل بالقول: هل بات لبنان على عتبة الانفجار الأمني والإلتحاق كلياً بدول الحريق العربي الست التي سبقته خصوصاً بعد إطلاق أحد التنظيمات الإرهابية- جبهة النصرة - التابعة لتنظيم القاعدة والعاملة في سورية إطلاقها بيانها الأول الذي أعلنت فيه اعتبار لبنان ميدان جهاد لها مع ما يعني بدء العمليات الإرهابية على الساحة اللبنانية بشكل متواصل وما سيفرضه من ردّ دفاعي بالأساليب المناسبة سواء منها العمل الاستباقي الاحترازي أو أعمال المدافعة المباشرة.

وهنا لا بد من لفت النظر إلى أن ما حصل من خروقات أمنية خلال السنوات الثلاث الماضية وبتحديد أكثر خلال الأشهر العشرة الماضية يشكل بذاته اهتزازاً للأمن لكنه يبقى أمراً محدوداً خصوصاً وأن القوى الرسمية اللبنانية وبكلام أكثر دقة الجيش اللبناني استطاع أن يستوعب تلك الخروقات ويعالجها بما يناسب الوضع اللبناني وبالحكمة الملائمة ومن ثم كان يعيد الأمر إلى أفضل حال ممكن ضمن ما تتيحه الظروف القائمة وأفضل مثل على هذا الأمر ما حصل في الصيف الماضي في صيدا حيث تمت معالجة ظاهرة الأسير بشكل أراح المدينة وأعاد إليها أمنها وسكينتها إلى حد بعيد.

اما الخشية اليوم والتي يهمس البعض بها أو يسرّبها البعض الآخر إما على سبيل التحذير أو الاستدراج أو حتى الحرب النفسية فمردّها إلى مخاوف من قطع طرق وعزل مناطق بعد إغلاقها ورسم خطوط تماس تفصل بين متحاربين وهي أمور تترافق عادة مع عجز القوى الرسمية عن معالجتها في مرحلة أولى ثم تصدّع تلك القوى في مرحلة ثانية وهنا تكون السقطة الأمنية الكبرى والخطر الذي يُخشى منه فهل أن هذه الأمور قابلة للتحقق؟

بعيداً عن المغالاة والتمنيات وبشكل علمي نرى أن وقوع ما يُخشى منه على الأمن وبالصيغ أوالنماذج التي ذكرت أمر مستبعد راهناً او شديد الصعوبة حتى لا نقول إنه أمر مستحيل وذلك للأسباب التالية:

1 على صعيد القوة العسكرية والأمنية ومن معرفتنا بطبيعة هذه القوى وتنظيمها وبشكل خاص الجيش اللبناني نرى أن تماسكها واستمرارها قابضة على الزناد من أجل تنفيذ المهام الأمنية المطلوبة منها هوالأمر المرجّح ذلك تحقق الغطاء السياسي الكامل أم استمر الوهن والفراغ في السلطة التنفيذية وجُلّ ما في الأمر قد يكون هناك تفاوت في مدى التنفيذ وفعاليته والثمن الذي قد يدفع من أجل النجاح.

2 أما بالنسبة لإغلاق الطرق وقطع شرايين التواصل بين المناطق الأساسية من بيروت باتجاه الجنوب والبقاع من أجل حصار المقاومة فإننا لا نستبعد إقدام هذا الطرف أو ذاك على عملية من هذا القبيل. لكن السؤال الذي يطرح هنا يدور حول مقدرة من يقطع طريقاً ما على الاستمرار في وضع القاطع لها. وفي ظل موازين القوى القائمة نجد أن هذا التخوف ليس في محله بشكل موضوعي حيث يمكن أن نرى أو نسمع بإغلاق هذا الطريق أو ذاك لكننا نرجّح معالجة الأمور وبالطريقة المناسبة سواء كان الأمر باتصالات وحل غير عسكري أم بحلول بالقوة ينفذها الجيش اللبناني أو الجهات المتضررة من قطع الطرق.

3 ويبقى البحث في إغلاق المناطق أو عزلها وإقامة خطوط تماس بينها على غرار ما هو قائم اليوم حول بعل محسن في طرابلس الحيّ الذي تحاصره ميليشيات محلية مطعمة بإرهابيين من الخارج. في هذا الشأن نرى أن الواقع اللبناني يظهر أن هناك إمكانية ما لاغلاق مناطق بوجه غير سكانها من لون طائفي معين لكن رسم خطوط تماس ثم إشعالها بنار تلتهم الجانبين أمر مستبعد لاكثر من اعتبار منها ما هو متعلق بوجود الجيش اللبناني ومنها ما له علاقة بالتفاوت في القدرات وموازين القوى القائمة بين الأطراف.

4 وأخيراً لا بد من إعادة التذكير بالقاعدة الذهبية التي تحكم الصراع الداخلي في لبنان اليوم والتي تتضمن القول بأن القادر على الحرب والقتال المحقق لأهداف يمكن ترجمتها على غير صعيد إن هذا المستطيع للحرب لا يريدها وهو لم يعدّ قوته أصلاً لنزاع داخلي وجلّ ما يفعله في الداخل هو الدفاع عن نفسه ان استُهدف باعتداء ثم العودة الى الوضع الطبيعي بعد دفع الخطر تماماً كما فعل في اليوم الوطني المجيد في 7 أيار 2008 أما الفريق الذي يريد أن يزج لبنان في آتون نار تحرق المقاومة وتشغلها عن مهامها الاستراتيجية التي من أجلها أنشئت فإنه يستطيع البدء والاستدراج إلى معارك هنا أو هناك لكنه لا يستطيع ان يبقي الميدان مفتوحا من أجل استنزاف المقاومة لأن المقاومة لن تمسح بهذا الاستنزاف والإشغال وهي قادرة وبكل ثقة على التفلت منه.

5 أما ما يقال عن قرار دولي خارجي مفاده المحافظة على الاستقرار في لبنان وأكثر تحديداً القرار الغربي الاميركي بهذا الشأن فإننا نرى أن القرار كان نتيجة ولم يكن سبباً إذ أن أميركا لوكانت مطمئنة الى نتائج اي انهيار امني في لبنان بشكل يؤذي المقاومة ويحفظ المصالح الأميركية لما ترددت لحظة واحدة في الدفع إلى هذا الانهيار ولكن أميركا تعلم أن مثل هذا الانهيار سيؤدي إلى المس العميق بمصالحها وقد يزعج المقاومة من دون أن يمس جذرياً بقوتها ولذلك ترى أن المجازفة بمثل هذا الأمر عمل أخرق يكون الأفضل لها تجنبه.

لذلك كله لا نرى أن الساحة اللبنانية مقبلة على انهيار أو انفجار أمني واسع لكن هذا لا يعني أنها مكتملة الأمان والاستقرار لأننا نرى أن الفريق الذي يريد إشغال المقاومة وإرهاق الجيش اللبناني لن يتوانى عن عمل إرهابي هنا أوعمل إجرامي هناك من قبيل محاولة اغتيال أو محاولة تفجير لذلك تكون التدابير الاحترازية والوقائية أمراً ضرورياً من أجل الحد من مفاعيل مشاريع الجرائم تلك. هذا من جهة ومن جهة أخرى يكون أمراً ضرورياً أيضاً أن يتفادى أي سياسي يعتبر نفسه وطنياً مسؤولاً القيام بأي تدبير من شأنه توتير الأجواء والدفع نحو مواجهة ما ستكون سبباً لخسائر معينة رغم أنها تبقى تحت السقف الذي ذكرنا. وعليه ننصح بالاحجام عن اي قرار استفزازي ومن أي طبيعة كانت.. وبهذا يُفهم ما نصح به السيد حسن نصرالله الآخرين قائلاً «لا تلعبوا معنا» وإن اللبيب من الإشارة يفهم.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024